المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



ابن العميد  
  
10157   04:10 مساءً   التاريخ: 4-10-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن ومذاهبه في النثر العربي
الجزء والصفحة : ص205-207
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015 4026
التاريخ: 12-08-2015 3493
التاريخ: 13-08-2015 2764
التاريخ: 28-12-2015 12895

هو، أبو الفضل محمد بن الحسين، وهو فارسي من مدينة قم(1)، وهي مدينة شيعية، ولذلك لا نعجب إذا رأيناه شيعيًا على مذهب الإمامية، وقد نشأ في بيت أدب وكتابة، إذ كان أبوه كاتبًا لما كان بين كاكي، ولما قتله السامانيون في بعض مواقعهم معه، أخذوا كاتبه أبا عبد الله الحسين بن محمد، المعروف بكلة، والد صاحب الترجمة أسيرًا معهم، ثم أفرجوا عنه وأكرموه، ورتبوه في الدار السلطانية، وسرعان ما تقلد ديوان الرسائل للملك نوح بن نصر، ولقب الشيخ كالعادة فيمن يلي ذلك الديوان كما لقب بالعميد، ويقول أبو إسحاق الصابي في كتابه التاجي: إن رسائل العميد لا تقصر في البلاغة عن رسائل ابنه أبي الفضل ابن العميد(2)، ويظهر أن العميد لم يأخذ ابنه معه إلى بلاط السامانيين، بل تركه في رحال البويهيين، ويقول صاحب اليتيمة: ولم يزل أبو الفضل في حياة أبيه، وبعد وفاته بالري وكور الحبل، وفارس يتدرج إلى المعالي، ويزداد على الأيام فضلًا، وبراعة حتى بلغ ما بلغ، واستقر في الذروة العليا من وزارة ركن الدولة ورياسة الجبل(3)، وكان تقلده هذه الوزارة عام 328 هـ، وظل يتقلدها إلى وفاته عام 360هـ.

ولسنا نعرف شيئًا ذا قيمة عن أساتذة ابن العميد سوى ما عرفناه عن أبيه، ثم ما ذكره صاحب الفهرست، عن أستاذ له يسمى محمد بن علي بن سعيد المعروف باسم سمكة(4)، وقد سماه صاحب اليتيمة ابن سمكة(5)، ويقول صاحب الفهرست: إن له كتابًا في أخبار العباسيين(6)، على كل حال ليس بين أيدينا ما يدل دلالة واضحة على المنابع الثقافية، التي نهل منها ابن العميد، غير أننا لا نتابعه في آثاره، وفي حياته أثناء وزارته حتى نجده يلم بجميع ضروب الثقافة لعصره، ولعله من أجل ذلك سمي باسم الجاحظ الثاني(7)، وألمع مسكويه قيم دار كتبه في كتابه تجارب الأمم إلى ثقافته فقال:
إنه أكتب أهل عصره وأجمعهم لآلات الكتابة حفظا للغة والغريب، وتوسعا في النحو والعروض، واهتداء إلى الاشتقاق والاستعارات، وحفظًا للدواوين من شعراء الجاهلية والإسلام، فأما القرآن وحفظ مشكله ومتشابهه، والمعرفة باختلاف فقهاء الأمصار، فكان منه في أرفع درجة وأعلى رتبة، ويقول مسكويه: أما المنطق وعلوم الفلسفة والإلهيات منها خاصة، فما جسر أحد في زمانه أن يدعيها بحضرته إلا أن يكون مستفيدًا، أو قاصدًا قصد التعلم.
ويروي مسكويه أن أبا الحسن العماري الفيلسوف النيسابوري قصد إليه، وقرأ عليه عدة كتب مستغلقة من كتب الفلسفة، وليس هذا كل ما ذكره مسكويه عن ثقافة ابن العميد، بل إنه يقول أيضًا: كان ابن العميد يختص بغرائب من العلوم الغامضة، التي لا يدعها أحد كعلوم الحيل الميكانيكا، التي يحتاج فيها أواخر علوم الهندسة والطبيعة، والحركات الغريبة، وجر الثقيل، ومعرفة مركز الأثقال، وإخراج كثير مما امتنع على القدماء من القوة إلى الفعل(8).
وأكبر الظن أن هذا الاتساع في الثقافة الفلسفية، وما يتصل بها من علوم الطبيعة والهندسة، والحيل هي التي جعلت الرازي يتقدم إليه بتفسيره للمقالة العاشرة في أصول الهندسة من كتاب إقليدس بعد أن نسقها وجودها(9)، وأكبر الشعراء في ابن العميد هذا الجانب، كما أكبروا فيه بلاغته وفصاحته، وقد عبر عن ذلك المتنبي تعبيرًا بديعًا في قصيدته الرائية، والدالية، ومن قوله الأولى:
من مبلغ الأعراب أني بعدهم ... شاهدت رسطاليس والإسكندرا
وسمعت بطليموس دارس كتبه ... متملكًا مبتديًا، متحضرا
ولقيت كل الفاضلين كأنما ... رد الإله نفوسهم والأعصرا
ويقول في الثانية:
عربي لسانه، فلسفي رأيه، فارسية أعياده ... خلق الله أفصح الناس طرا في بلاد أعرابه أكراده
وهذا كله يؤكد أن ابن العميد أتاح لنفسه ثقافة واسعة، وكما عمل علي تثقيف نفسه عمل أيضًا كل ما يستطيع في خدمة ركن الدولة، ثم ابنه عضد الدولة، كان يقود الجيوش بنفسه، واستطاع بمقدرته أن ينشر نفوذ عضد الدولة على بغداد والعراق، وقد خرج في أواخر حياته على رأس جيش لقتال الزعيم الكردي حسنويه، ولكنه توفي في الطريق في صفر عام 360هـ(10)، وقد نيف عمره على ستين سنة(11).
 
 
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

1-انظر فيها معجم البلدان لياقوت.

2- اليتيمة طبع الصاوي 3/ 138.
 3- اليتيمة 3/ 139.
4- الفهرست لابن النديم "طبع مصر" ص200.
5- اليتيمة 3/ 143.
6- الفهرست ص200.
7-وفيات الأعيان 2/ 57. 

8- انظر في هذه النصوص فصلًا طويلًا كتبه مسكويه عن ابين العميد في كتابه تجارب الأمم، الجزء الثاني من ص271-282.
9-الفهرست ص372.
10-انظر ترجمة ابن العميد في دائرة المعارف الإسلامية المترجمة، المجلد الأول ص244.
11- تاريخ ابن الأثير "طبع أوربا" 8/ 446.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.