أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-26
1448
التاريخ: 18-10-2015
3406
التاريخ: 29-07-2015
3725
التاريخ: 29-07-2015
4525
|
استشهاد الإمام الهادي ( عليه السّلام )
ظلّ الإمام الهادي ( عليه السّلام ) يعاني من ظلم الحكّام وجورهم حتّى دسّ إليه السمّ كما حدث لآبائه الطّاهرين ، وقد قال الإمام الحسن ( عليه السّلام ) : ما منّا إلّا مقتول أو مسموم[1].
قال الطبرسي وابن الصباغ المالكي : في آخر ملكه ( أي المعتز ) ، استشهد وليّ اللّه علي بن محمد ( عليهما السّلام )[2].
وقال ابن بابويه : وسمّه المعتمد[3].
وقال المسعودي : وقيل إنّه مات مسموما[4] ؛ ويؤيد ذلك ما جاء في الدّعاء الوارد في شهر رمضان : وضاعف العذاب على من شرك في دمه[5].
وقال سراج الدين الرفاعي في صحاح الأخبار : « وتوفي شهيدا بالسم في خلافة المعتز العباسي . . . » .
وقال محمد عبد الغفار الحنفي في كتابه أئمة الهدى : فلما ذاعت شهرته ( عليه السّلام ) استدعاه الملك المتوكل من المدينة المنوّرة حيث خاف على ملكه وزوال دولته . . وأخيرا دسّ إليه السمّ . . . »[6].
والصحيح أن المعتز هو الذي دسّ إليه السمّ وقتله به .
ويظهر أنّه اعتلّ من أثر السمّ الذي سقي كما جاء في رواية محمّد بن الفرج عن أبي دعامة ، حيث قال : أتيت عليّ بن محمد ( عليه السّلام ) عائدا في علّته التي كانت وفاته منها ، فلمّا هممت بالانصراف قال لي : يا أبا دعامة قد وجب عليّ حقّك ، ألا احدّثك بحديث تسرّ به ؟ قال : فقلت له : ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول اللّه .
قال حدّثني أبي محمد بن عليّ ، قال : حدثّني أبي عليّ بن موسى ، قال : حدثّني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني أبي علي ابن أبي طالب ( عليهم السّلام ) ، قال : قال لي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : يا عليّ اكتب : فقلت : وما أكتب ؟
فقال : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم الإيمان ما وقرته القلوب وصدّقته الأعمال ، والإسلام ما جرى على اللّسان ، وحلّت به المناكحة .
قال أبو دعامة : فقلت : يا ابن رسول اللّه ، واللّه ما أدري أيّهما أحسن ؟
الحديث أم الإسناد ! فقال : إنّها لصحيفة بخطّ علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) وإملاء رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) نتوارثها صاغرا عن كابر[7].
قال المسعودي : واعتلّ أبو الحسن ( عليه السّلام ) علّته التي مضى فيها فأحضر أبا محمّد ابنه ( عليه السّلام ) فسلّم إليه النّور والحكمة ومواريث الأنبياء والسّلاح[8] .
ونصّ عليه وأوصى إليه بمشهد من ثقات أصحابه ومضى ( عليه السّلام ) وله أربعون سنة[9].
تجهيزه وحضور الخاصّة والعامّة لتشييعه
ولما قضى نحبه تولّى تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ولده الإمام أبو محمّد الحسن العسكري ( عليه السّلام ) وذلك لأنّ الإمام لا يتولّى أمره إلّا الإمام .
وما انتشر خبر رحيله إلى الرفيق الأعلى حتّى هرعت الجماهير من العامّة والخاصّة إلى دار الإمام ( عليه السّلام ) وخيّم على سامراء جو من الحزن والحداد .
قال المسعودي : وحدّثنا جماعة كل واحد منهم يحكي أنّه دخل الدار وقد اجتمع فيها جملة بني هاشم من الطالبيين والعبّاسيين ( والقوّاد وغيرهم ) ، واجتمع خلق من الشّيعة ، ولم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمد ( عليه السّلام ) ولا عرف خبرهم ، إلا الثّقاه الذين نصّ أبو الحسن ( عليه السّلام ) ( عندهم ) عليه ، فحكوا أنهم كانوا في مصيبة وحيرة ، فهم في ذلك إذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر يارياش خذ هذه الرقعة وامض بها إلى دار أمير المؤمنين وادفعها إلى فلان ، وقل له : هذه رقعة الحسن بن علي . فاستشرف النّاس لذلك . ثم فتح من صدر الرّواق باب وخرج خادم أسود ، ثم خرج بعده أبو محمد ( عليه السّلام ) حاسرا مكشوف الرأس مشقوق الثياب وعليه مبطنة ( ملحمة ) بيضاء .
وكان ( عليه السّلام ) وجهه وجه أبيه ( عليه السّلام ) لا يخطئ منه شيئا ، وكان في الدّار أولاد المتوكّل وبعضهم ولاة العهود ، فلم يبق أحد إلّا قام على رجله ووثب إليه أبو أحمد [ محمّد ] الموفّق ، فقصده أبو محمّد ( عليه السّلام ) فعانقه ، ثم قال له : مرحبا بابن العمّ وجلس بين بابي الرّواق ، والناس كلهم بين يديه ، وكانت الدار كالسّوق بالأحاديث ، فلما خرج ( عليه السّلام ) وجلس أمسك الناس ، فما كنّا نسمع شيئا إلّا العطسة والسعلة ، وخرجت جارية تندب أبا الحسن ( عليه السّلام ) ، فقال أبو محمد :
ما هاهنا من يكفينا مؤونة هذه الجاهلة ، فبادر الشيعة إليها فدخلت الدار .
ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمّد فنهض ( عليه السّلام ) ، وأخرجت الجنازة ، وخرج يمشي حتى اخرج بها إلى الشارع الذي بإزاء دار موسى بن بغا ، وقد كان أبو محمد ( عليه السّلام ) صلّى عليه قبل أن يخرج إلى النّاس ، وصلّى عليه لمّا اخرج المعتمد .
قال المسعودي : وسمعت في جنازته جارية سوداء وهي تقول : ماذا لقينا في يوم الاثنين ( قديما وحديثا )[10].
ودفن في داره بسرّ من رأى ، وكان مقامه ( عليه السّلام ) ( بسرّ من رأى ) إلى أن توفّي عشرين سنة وأشهرا[11].
قال المسعودي : واشتدّ الحرّ على أبي محمد ( عليه السّلام ) وضغطه النّاس في طريقه ومنصرفه من الشارع بعد الصلاة عليه ، فسار في طريقه إلى دكّان لبقّال رآه مرشوشا فسلّم واستأذنه في الجلوس فأذن له ، وجلس ووقف الناس حوله .
فبينا نحن كذلك إذ أتاه شاب حسن الوجه نظيف الكسوة على بغلة شهباء على سرج ببرذون أبيض قد نزل عنه ، فسأله أن يركبه فركب حتّى أتى الدار ونزل ، وخرج في تلك العشيّة إلى الناس ما كان يخرج عن أبي الحسن ( عليه السّلام ) حتّى لم يفقدوا منه إلّا الشّخص[12].
لماذا دفن الإمام ( عليه السّلام ) في بيته ؟
لقد جرت العادة عند العامة والخاصة أنّه إذا توفي أحد أن يدفن في المكان المعدّ للموتى المسمّى - بالمقبرة أو الجبّانة - كما هو المتعارف في هذا العصر أيضا ، ولا يختلف هذا الأمر بالنسبة لأي شخص مهما كان له من المكانة والمنزلة ، فقد كان ولا يزال في المدينة المحل المعدّ للدّفن - البقيع - حيث أنّه مثوى لأئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وزوجات النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وأولاده ، وكبار الصحابة والتابعين وغيرهم ، كما وأن مدفن الإمامين الجوادين ( عليهما السّلام ) في مقابر قريش .
وأما السبب في دفن الإمام الهادي ( عليه السّلام ) داخل بيته ، يعود إلى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده ( عليه السّلام ) وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط على السلطة والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام إلى الخليفة لتضلّعه في قتله .
وللشارع الذي أخرجت جنازة الإمام ( عليه السّلام ) إليه الأثر الكبير ، حيث كان محلا لتواجد معظم الموالين لآل البيت ( عليهم السّلام ) إذ ورد في وصفه :
الشارع الثّاني يعرف بأبي أحمد . . أول هذا الشارع من المشرق دار بختيشوع المتطبّب التي بناها المتوكل ، ثم قطائع قواد خراسان وأسبابهم من العرب ، ومن أهل قم ، وإصبهان ، وقزوين ، والجبل ، وآذربيجان ، يمنة في الجنوب ممّا يلي القبلة[13].
ويشير إلى تواجد أتباع مدرسة أهل البيت في سامراء المظفري في تاريخه إذ يقول : فكم كان بين الجند ، والقواد ، والامراء ، والكتّاب ، من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت ( عليهم السّلام )[14].
كلّ هذا أدّى إلى اتّخاذ السلطة القرار بدفنه ( عليه السّلام ) في بيته ، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح ، إلا أنه يفهم ممّا تطرق إليه اليعقوبي في تاريخه عند ذكره حوادث عام ( 254 ه ) ووفاة الإمام الهادي ( عليه السّلام ) حيث يقول :
وبعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكّل فصلّى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره ، فدفن فيها . . .[15]
وتمكّنوا بذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء على نقمة الجماهير الغاضبة ، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على وجود التحرّك الشيعي رغم الظروف القاسية التي كان يعاني منها أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) وشيعتهم من سلطة الخلافة الغاشمة .
انتشار خبر استشهاد الإمام الهادي ( عليه السّلام ) في البلاد
روى الحسين بن حمدان الحضيني في كتاب الهداية في الفضائل : عن أحمد ابن داود القميّ ، ومحمّد بن عبد اللّه الطلحي قالا : حملنا مالا اجتمع من خمس ونذور من بين ورق وجوهر وحليّ وثياب من بلاد قم ومايليها ، وخرجنا نريد سيّدنا أبا الحسن علي بن محمد ( عليهما السّلام ) بها ، فلما صرنا إلى دسكرة الملك[16] تلقّانا رجل راكب على جمل ، ونحن في قافلة عظيمة ، فقصدنا ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بجمله حتى وصل الينا ، فقال : يا أحمد ابن داود ومحمّد بن عبد اللّه الطلحي معي رسالة إليكم ، فأقبلنا إليه فقلنا له : ممّن يرحمك اللّه فقال : من سيّدكما أبي الحسن عليّ بن محمّد ( عليهما السّلام ) يقول لكما : أنا راحل إلى اللّه في هذه الليلة ، فأقيما مكانكما حتى يأتيكما أمر ابني أبي محمد الحسن ، فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وأخفينا ذلك ، ولم نظهره ، ونزلنا بدسكرة الملك واستأجرنا منزلا وأحرزنا ما حملناه فيه ، وأصبحنا والخبر شائع في الدّسكرة بوفاة مولانا أبي الحسن ( عليه السّلام ) ، فقلنا : لا إله إلّا اللّه أترى الرّسول الذي جاء برسالته أشاع الخبر في الناس ؟
فلمّا أن تعالى النّهار رأينا قوما من الشّيعة على أشدّ قلق ممّا نحن فيه ، فأخفينا أمر الرسالة ولم نظهره[17].
تاريخ استشهاده ( عليه السّلام )
اختلف المؤرّخون في يوم استشهاده ( عليه السّلام ) ، كما اختلفوا في من دسّ إليه السمّ .
والتحقيق أنّه ( عليه السّلام ) استشهد في أواخر ملك المعتزّ كما نصّ عليه غير واحد من المؤرّخين ، وبما أنّ أمره كان يهمّ حاكم الوقت ، وهو الذي يتولّى تدبير هذه الأمور كما هو الشأن ، فإنّ المعتزّ أمر بذلك ، ويمكن أنّه استعان بالمعتمد في دسّ السمّ إليه .
وأمّا يوم شهادته ( عليه السّلام ) فقد قال ابن طلحة في مطالب السؤول : أنه مات في جمادى الآخرة لخمس ليال بقين منه ووافقه ابن خشّاب[18]، وقال الكليني في الكافي :
مضى صلوات اللّه عليه لأربع بقين من جمادى الآخرة[19]؛ ووافقه المسعودي[20].
وأما المفيد في الإرشاد ، والإربلي في كشف الغمّة ، والطبرسي في إعلام الورى ، فقالوا : قبض ( عليه السّلام ) في رجب ، ولم يحدّدوا يومه[21].
وقال أبو جعفر الطوسي في مصابيحه ، وابن عيّاش ، وصاحب الدّروس :
إنّه قبض بسرّ من رأى يوم الاثنين ثالث رجب[22] ؛ ووافقهم الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين حيث قال : توفّي ( عليه السّلام ) ب ( سرّ من رأى ) لثلاث ليال خلون نصف النّهار من رجب[23] ؛ وللزرندي قول : بأنّه توفي يوم الاثنين الثالث عشر من رجب[24].
ولكن الكلّ متّفقون على أنّه استشهد في سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة[25].
وعن الحضيني أنه قال : حدّثني أبو الحسن عليّ بن بلال وجماعة من إخواننا أنّه لما كان اليوم الرابع من وفاة سيّدنا أبي الحسن ( عليه السّلام ) أمر المعتزّ بأن ينفذ إلى أبي محمد ( عليه السّلام ) من يستركبه إليه ليعزّيه ويسأله ، فركب أبو محمد ( عليه السّلام ) إلى المعتزّ فلمّا دخل عليه رحّب به وقرّبه وعزّاه وأمر أن يثبت في مرتبة أبيه ( عليهما السّلام ) . وأثبت له رزقه وأن يدفعه فكان الذي يراه لا يشكّ أنه في صورة أبيه ( عليهما السّلام ) .
واجتمعت الشيعة كلّها من المهتدين على أبي محمد بعد أبيه إلّا أصحاب فارس بن حاتم بن ماهويه فإنّهم قالوا بإمامة أبي جعفر محمد بن أبي الحسن صاحب العسكر[26].
إن ما صدر من المعتزّ هذا كان من باب التمويه والخداع لكي يغطّي على جريمته التي ارتكبها بحق أبيه ، وهذا كان ديدن من تقدّمه من الطواغيت تجاه أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام )[27].
[1] بحار الأنوار : 27 / 216 ، ح 18 .
[2] إعلام الورى : 339 - الفصول المهمة : 283 .
[3] بحار الأنوار : 50 / 206 ، ح 18 ، المناقب : 4 / 401 .
[4] مروج الذهب : 4 / 195 .
[5] بحار الأنوار : 50 / 206 ح 19 .
[6] راجع : الإمام الهادي من المهد إلى اللحد : 509 - 510 .
[7] بحار الأنوار : 50 / 208 ، مروج الذهب : 4 / 194 .
[8] إثبات الوصيّة : 257 .
[9] بحار الأنوار : 50 / 210 .
[10] بحار الأنوار : 50 / 207 ح 22 ، مروج الذهب 4 / 193 .
[11] إعلام الورى : 339 .
[12] اثبات الوصية : 257 ، الدمعة الساكبة : 8 / 222 .
[13] موسوعة العتبات المقدسة : 12 / 82 .
[14] تاريخ الشيعة : 101 .
[15] تاريخ اليعقوبي : 2 / 503 .
[16] الدسكرة : قرية في طريق خراسان قريبة من شهرابان ( وهي قرية كبيرة ذات نخل وبساتين من نواحي الخالص شرقي بغداد ) ، وهي دسكرة الملك ( معجم البلدان : 2 / 455 و 3 / 375 ) .
[17] الدمعة الساكبة : 8 / 223 .
[18] الدمعة الساكبة : 8 / 225 و 227 .
[19] الكافي : 1 / 497 .
[20] مروج الذهب : 4 / 193 .
[21] الدمعة الساكبة : 8 / 226 و 227 ، إعلام الورى : 339 ، كشف الغمة 2 : 376 .
[22] الدمعة الساكبة : 8 / 225 ، بحار الأنوار : 50 / 206 ، ح 17 .
[23] روضة الواعظين : 1 / 246 .
[24] الدمعة الساكبة : 8 / 226 .
[25] راجع : لمحات من حياة الإمام الهادي ( عليه السّلام ) : 112 - 120 محمد رضا سيبويه .
[26] الدمعة الساكبة : 8 / 225 .
[27] لمحة من حياة الإمام الهادي ( عليه السّلام ) : 121 - 122 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|