المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الطفل واكتساب صفات المجتمع  
  
1420   01:04 صباحاً   التاريخ: 2023-04-21
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص240 ــ 244
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-12-2022 1562
التاريخ: 25-7-2016 1912
التاريخ: 18-11-2021 2884
التاريخ: 3-2-2018 2188

إن للطفل استعداداً لتعلم أية لغة أو لهجة، فأينما يولد ويترعرع ويختلط بمجتمع ذلك المحيط ، يتقن لغته بكل خصائصها ويتكلم باللهجة المتعارف عليها في ذلك المجتمع .

وللطفل أيضاً استعداد لاكتساب أي خلق حسناً كان أم سيئاً ، فهو يتحلى بصفات المجتمع الذي يربى فيه ، ومهما كانت الأخلاق السائدة في مجتمعه فإنها ستترك آثارها على نفسية الطفل لا محالة ، ويصبح في النهاية متحلياً بنفس أخلاق مجتمعه ، مكتسباً عاداته .

التعصب الأعمى :

إن الطفل الذي يترعرع وسط مجتمع يسود التعصب الأعمى والعادات السيئة أفراده، تراهم يتعصبون ويستبدون في آرائهم ومواقفهم، والتي تجرهم أحياناً إلى القتل وسفك الدماء، لا يمكن إلا ان يكون متعصباً ومستبداً. أما الطفل الذي يترعرع وسط مجتمع يعتبر حب الضيافة وكرمها سنة وطنية، ويعتبر كل أفراد ذلك المجتمع استضافة الضيف من الواجبات، لا يمكن إلا أن يتحلى بالسخاء والكرم وحب الضيافة .

المخاصمة :

«كل طفل يولد وسط قبيلة مخاصمة لا تعتمد غير القتال لتأمين احتياجاتها ومتطلباتها، يصبح واحداً من أفرادها، ويتعلم بمقتضى المحيط السائد في تلك القبيلة العنف والمخاصمة. وعندما يصبح قادراً على مشاركة القبيلة قتالها ، ينهال عليه المديح والثناء ويصبح فرداً له أهميته ومكانته بين أفراد القبيلة ، أما إذا تجنب المخاصمة فإن أفراد قبيلته سيستهزئون به وينبذونه. وطبيعي أن يفسح المجال لمثل هذا الفرد في هكذا محيط لاستعراض ميوله وعواطفه المخاصمة والعدائية والتي تطغى على سائر عواطفه وميوله الاخرى، وبذلك ينحصر فكره كلياً بشؤون القتال ليصبح خير خلف لمجتمعه)(1).

تكوين الشخصية :

«إن تأثير المحيط في تكوين شخصية الإنسان مهم جداً ، فلو كان أحدنا قد ولد وسط قبيلة من قبائل الأسكيمو لاختلفت شخصيته كلياً عما هو عليه الآن ، ولم يكن هذا الاختلاف ينحصر في نوعية الملابس أو المنازل أو طريقة الكلام أو تناول الطعام فقط ، بل لتعدى ذلك ليشمل حتى تصورنا للعالم ولمكانتنا في هذا العالم. وقد اكد الباحثون في علم معرفة الأقوام والملل حقيقة اهمية العامل الثقافي والاجتماعي في تكوين الشخصية»(2).

إن العقل الباطن للطفل يختزن كل ما يتعلمه من تربية حسنة كانت أم سيئة من قبل أسرته أو محيطه الاجتماعي ، لتصبح فيما بعد القاعدة الأساس لشخصيته الأخلاقية والإنسانية ، وآثار ذلك تظهر على سلوكه وتصرفاته بعد أن يجتاز مرحلة البلوغ ليصبح عنصراً من عناصر المجتمع .

قال جل وعلا: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84].

إن سوء الأخلاق والصفات الذي يبتلى به الأطفال نتيجة سوء تربية الآباء والأمهات لهم أو بسبب فساد المحيط الاجتماعي، يعتبر من أهم المصائب التي يعاني منها الفرد والمجتمع. لأن المبتلى بسوء الأخلاق والصفات يبقى يتعذب في حياته منذ بلوغه وحتى نهاية عمره، ويشكل أيضاً مصدر عذاب للآخرين.

الانحرافات الأخلاقية:

(يجب أن نعلم أن الآلام الجسمية ربما كانت إزالتها أسرع من الآلام النفسية التي يمكن أن تلازم الإنسان إلى الأبد، وإرادة الإنسان هي وحدها القادرة على إنقاذه من آلامه. فالأفراد الذين انحرفت أفكارهم وطباعهم ونفسياتهم نتيجة سوء التربية الأسروية والاجتماعية ، هم أنفسهم لا يعرفون ماذا يعيبهم ولم لا يستطيعون أن يكونوا سعداء هانئين في حياتهم. إن الضرر الذي يلحق بنفسية الطفل وفكره خلال فترة الطفولة يجعله ذا أخلاق وسلوك غير طبيعيين في الكبر)(3).

تعديل الميول الى الحرية

إن الطفل يرغب بالفطرة في أن يكون حراً في تصرفاته، يفعل ما يحلو له، لكن هذه الحرية المطلقة ليست في صالحه. وهنا يتوجب على الآباء والأمهات الواعين السعي بكل جد ورغبة إلى تعديل ميول أطفالهم، وبذل ما بوسعهم من خلال التربية لطرد الرغبات السيئة وغير المباحة عنهم، ومنعهم من الانحراف وعمل السوء الذي لا يجلب لهم غير الشقاء والتعاسة.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) من كلف بالأدب قلت مساوئه(4).

وعنه (عليه السلام) : من لم يجهد نفسه في صغره لم ينبل في كبره(5). 

تغذية الجسم والروح:

ينمو جسم الطفل وروحه بموازاة بعضهما البعض . فكما ينمو جسم الطفل بسرعة ويكتسب قوة وصلابة نتيجة التغذية السليمة والرقابة الصحية ، يمكن لروحه أيضاً أن تتغذى وتزداد قوة وسلامة وتصل إلى الكمال الذي يليق بها بفضل التربية والتعليم الصحيحين.

تدعيم أسس السعادة :

وهنا يتوجب على الآباء والأمهات انتهاز فرصة طفولة أبنائهم لتدعيم أسس السعادة الأبدية لهم.

«إن معرفة الزمان الفزيولوجي (علم وظائف الأعضاء) تعطينا معلومات ثمينة تساعد على تربية وتنمية الأفراد ، وتفهمنا كيف ومتى يمكن لهذا العمل أن يكون مؤثراً» .

«ويتشكل البعد الزماني للإنسان في فترة الطفولة التي يكون نشاطه فيها دؤوباً وأكثر فاعلية . ففي هذه الفترة التي تتزايد فيها النشاطات العضوية يوماً بعد يوم ، والتي يمكن من خلالها تربية الطفل بالشكل المطلوب، ينبغي تكريس الاهتمام حول تنمية جسم الطفل وروحه في آن واحد. على كل حال، يجب الأخذ بعين الاعتبار في التربية الجسمية والفكرية والأخلاقية ، طبيعة أعمارنا والبعد الزماني الخاص بنا»(6).

______________________________  

(1) نفس المصدر، ص 19.

(2) مبادئ علم نفسنا، ص 156.

(3) النمو والحياة ، ص 15.

(4) غرر الحكم، ص645.

(5) نفس المصدر ، ص 645.

(6) الإنسان ذلك المجهول، ص181. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.