مفهوم انتقال الحرارة بالحمل الحراري عند مؤيد الدين الطغرائي (القرن 6هـ/12م) |
1041
11:45 صباحاً
التاريخ: 2023-04-20
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-25
939
التاريخ: 2023-05-02
987
التاريخ: 2023-04-30
760
التاريخ: 2023-04-29
1343
|
لاحظ الكيميائي مؤيد الدين الطغرائي (تُوفّي 513هـ / 1119م) حدوث ظاهرة الحمل الحراري في أثناء تصعيده للمواد، فإذا كانت لدينا مادةٌ مُرَكَّبة من مادتين إحداهما كثيفة والأخرى خفيفة، وتم تعريضه لحرارة خارجية، فإننا أمام ثلاث حالات:
(1) الأولى: المادة الخفيفة أقل من الكثيفة؛ حيث ترتفع المادة الخفيفة للأعلى بسرعة بتأثير الحرارة، وتبقى الكثيفة في الأسفل.
(2) الثانية: المادة الخفيفة تُساوي الكثيفة، فإنَّ الحرارة تجمع أجزاء المادة في قعر الإناء من خلال إذابته وتركيزه في الوسط، ومع زيادة التسخين فإنَّ المادة الخفيفة تبدأ بالتفكك والصعود، وتبدأ المادة الكثيفة بالهبوط، ويبدآن بالحركة في الوسط وبشكلٍ مستدير.
(3) الثالثة: المادة الخفيفة أكثر من الكثيفة، عندها يتصعد المركَّب كله.
أي إن الحمل الحراري لا يحدث إلا في حال تساوي الأجزاء الكثيفة للمادة المركبة مع الخفيفة. وهذا تقدم ملحوظ في فهم ظاهرة الحمل الحراري بشكل علمي ودقيق. رُبَّما يكون الطغرائي قد لاحظ ذلك بشكل أفضل من غيره كونه كيميائيا تجريبيا، والكيميائيون يستخدمون دوارقَ زُجاجية شفّافة تُبيَّن ما يحدث داخل الدورق؛ الأمر الذي يُسَهِّل وضع فرضية تفسّر هذه الحركة.
قال الطغرائي: «اعلم أنَّ حقيقة التَّصعيد عند الحكيم عبارة عن تهيئة اللطيف لقبول الحركة المستقيمة من السفل إلى العلو، ولذلك أسباب مادية وفاعلية وصورية وغائية، ومجموع تلك الأسباب إذا اجتمعت كانت عِلَّةً تامة للتصعيد؛ أي لا يتخلف وجوده عنها أصلًا؛ فأمَّا مواده وهي الأجزاء التي يتركَّب منها فهي كل جوهر لطيف قابل للحرارة وذلك لأنَّ التصعيد لما كان حركة والحركة لا تكون إلا عن الحرارة كان كلما كان أكثر قبولًا للحرارة أسرع صعودًا من غيره، ويُعلم ذلك من الخفة والثقل واللطافة والكثافة فإنَّ الخفة من الحرارة وغلبة أحد العنصرين الحارين، والثقل من البرودة، وغلبة أحد العنصرين الباردين، وكذلك اللطافة والكثافة، فكلما كان أخف كان أقبل للحرارة، وأسرع صعودًا؛ حتى إنا إذا وضعنا شيئين على الحرارة، وكان أحدهما ألطف فإنَّه يقبل الحرارة أولًا، وتغلب حرارة طبيعته على ظاهره، وتتحرك تلك الحرارة إلى خارج؛ طلبًا لحيّزها فإن كانت هوائية فإلى حيز الهواء، أو نارية فإلى كرة الأثير ما لم يمنع من ذلك مانع كالإناء وغيره، وإذا وضعنا أيضًا على الحرارة مُرَكَّبًا مؤلفًا من جزأين؛ أحدهما لطيف حار، والآخر لطيف بارد كان الأوّل أقرب لقبول الحرارة فيصعد إلى العلو، ويبقى الجزء الآخر راسبا؛ هذا إذا كان متميزًا كالزئبق والكبريت، وأما إذا كان مؤلفا تأليفا طبيعيًّا، فإنه لا يخلو إما أن يكون الجزء اللطيف الذي فيه أقل من الكثيف أو مساويًا له أو أكثر منه، فهذه ثلاثة أقسام لا يخلو عنها مركَّب أصلا؛ فأما القسم الأول: فإنه إذا رفع على الحرارة الخارجية العنصرية، فإن الحرارة تتسارع إلى لطيفة، فيصعد جميع ذلك اللطيف ويخلّف كثيفه باقيًا بجملته؛ لأنَّ اللطيف لقلته لم يستطع أن يصعد معه لكثرة الكثيف، فضابط هذا القسم وهو ما كان لطيفه أقل من كثيفه فإنه إذا أُريد تصعيده ورفع على الحرارة العنصرية، فإنَّ ما فيه من اللطيف يصعد ويُخَلِّف الكثيف لا يصعد منه شيء أبدًا. وأما القسم الثاني: وهو ما يكون لطيفه مساويًا لكثيفه، فإنه لا قدرة للحرارة فيه على أكثر من جمع أجزائه في قعر الإناء بالإذابة وجمعه في وسطه حتى تجتمع أجزاؤه في وسط معتدل، فإذا صار على تلك الصفة وقويت عليه الحرارة من الجهتين – أي من جهة الطبيعة؛ أعني الحرارة المكتسبة منها الكائنة في أجزائه منذ تولد في معدنه، ومن جهة الحرارة العنصرية المسلطة على قعر الإناء – فإنَّ ما فيه من اللطيف وهو روحه يتداعى إلى الانفكاك والذهاب والصعود والتخلُّص من الكثيف بما فيه من القُوَّة اللطيفة الروحانية، ويتداعى الكثيفُ إلى الاستقرار والهبوط، ويتجاذبان فيتحيران فيتحركان على الوسط والاستدارة؛ ولذلك تحققنا أنَّ جوهر الذهب معتدل لأنه عند تسليط الحرارة العنصرية على جوهره يذوب، فإذا ذاب واشتدَّت عليه دار على الوسط وتحرك حركة دورية بحيثُ لا ينقص من حرمه شيء له قَدْرُ محسوس، ولا تفعل فيه النار زائدا على ذلك، فما كان من هذا القسم فقد علمتَ أنَّه لا يُمكن تصعيده ما دام كذلك إلا بحيلة كما سيأتي. وأما القسم الثالث من أقسام السبب المادي للتصعيد وهو ما كان لطيفه أكثر من كثيفه؛ فحكم هذا أنه إذا رفع على نار التصعيد، فإنه يصعد جميعه، ومن هذا القسم الكبريت ومثل الكبريت في ذلك الزئبق.»34
النصُّ السابق الذي قاله الطغرائي سنجده مقتبسًا تماما عند سعد بن منصور بن كمونة مع بعض التعديل في الصياغة. 35
______________________________
هوامش
34- الطغرائي، مخطوطة مفاتيح الرَّحمة وأسرار الحِكْمة، ج 2، مكتبة الكونغرس، CALL NUMBERS (LC Class No.): QD25.T847 1700z ص 74و - 75ظ.
35- ابن كمونة الجديد في الحكمة، ص 285 - 286.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|