أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2017
1491
التاريخ: 25-10-2017
1448
التاريخ: 30-7-2017
1620
التاريخ: 27-12-2016
1615
|
المعلّى بن خنيس (1):
قد اختلفت فيه أنظار الرجاليّين فقال النجاشي: إنّه ضعيف جداً لا يعول عليه (2)، وقال ابن الغضائري: كان أول أمره مغيريّاً ثم دعا إلى محمد بن عبد الله وفي هذه الظنة أخذه داود بن علي فقتله، والغلاة يضيفون إليه كثيراً، ولا أرى الاعتماد على شيء من حديثه (3).
ولكن يظهر من الشيخ في كتاب الغيبة جلالة قدره حيث قال: إنّه كان من قوّام أبي عبد الله (عليه السلام) وإنّما قتله داود بن علي بسببه وكان محموداً عنده ومضى على منهاجه وأمره مشهور (4).
وهذا ما ذهب إليه جمع من أعلام المحقّقين منهم المحدّث النوري (5) والسيد الأستاذ (6) والمحقق التستري (7)، واستند السيد الأستاذ في ذلك إلى (أنّ الروايات متضافرة في مدحه على أنّ جملة منها صحاح).
(أقول): عدد الروايات التي أوردها (قدس سره) في مدح المعلى ثلاث عشرة، يتبين عند التمحيص:
أولاً: أنّ سبعاً منها لا تدل على مدح المعلى بما يقتضي الاعتماد على روايته، وهي الرواية الثانية والثالثة والسابعة والثامنة والحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة (8).
وثانياً: أنّ الروايات الستة الباقية ترجع في أصولها إلى خمس روايات لاتحاد روايتي إسماعيل بن جابر وهما الرواية الأولى والسادسة (9).
وثالثاً: أنّ اثنتين من الروايات المادحة هما من مرويات إسماعيل بن جابر (10) واثنتين منها من مرويات الوليد بن صبيح (11) وهي معتبرة الأسانيد والرواية الخامسة لأبي بصير (12) وهي مخدوشة السند، فكيف تصح دعوى تضافر الروايات في مدحه؟!
ورابعاً: أنّ بعض الروايات المادحة إنّما تدل على حسن حاله بعد مقتله وهي صحيحة إسماعيل بن جابر المتضمنة لشهادة الإمام عليه السلام أنه قد دخل الجنة عند سماعه نبأ مقتله، وصحيحة الوليد بن صبيح التي قال فيها الإمام عليه السلام إني أريد أن أبرد عليه جلده ـ بقضاء دينه ـ الذي كان بارداً، ورواية أبي بصير أنه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال منه داود بن علي، وهذه الروايات لا تنافي ما يدل على مخالفته لأمر الإمام (عليه السلام) في حياته وإذاعته لأسراره وغلوه في شأنه بقوله: (إنّ الأوصياء أنبياء) أي يوحى إليهم كما في بعض الروايات المعتبرة (13)، إذ لعل الله سبحانه وتعالى غفر له بعد مقتله ظلماً بأيدي داود بن علي وجلاوزته ما ارتكبه من الخطايا والذنوب ولو بدعاء الإمام (عليه السلام) لما كان يبرزه لأهل البيت (عليهم السلام) من محبة صادقة ونصرة واضحة وتجاهره بعداء بني العباس وغصبهم للخلافة الإسلاميّة.
ويشهد لذلك ما ورد في رواية المفضل بن عمر من ترحم الإمام (عليه السلام) عليه عند سماعه نبأ مقتله مع قوله: (قد كنت أتوقع ذلك لأنّه أذاع سرّنا وليس الناصب لنا حرباً بأعظم موبقة علينا من المذيع علينا سّرنا، فمن أذاع سرنا إلى غير أهله لم يفارق الدنيا حتى يعضه السلاح أو يموت بخبل) (14).
تبقّى من الروايات المادحة ما ظاهره حسن حاله قبل موته وهي روايتان..
1 ــ صحيحة إسماعيل بن جابر من قوله (عليه السلام) لداود عند مواجهته:
((قتلت رجلاً من أهل الجنة)) (15).
2 ــ صحيحة الوليد بن صبيح من قوله بعد ترحمه على المعلى: (أف للدنيا إنما الدنيا دار بلاء يسلط الله فيها عدوه على وليه) (16).
ولكن الرواية الثانية غير صريحة في أنّ المراد بقوله: (وليه) هو المعلى بن خنيس، بل يحتمل أنه أراد به نفسه (عليه السلام) مشيراً إلى أن المعلى كان من مواليه وقوامه وأن قتله بيد داود كان إضراراً به.
وأمّا الرواية الأولى فلا يمكن الاعتماد عليها كثيراً لأن ما حكي فيها من محاورة الإمام (عليه السلام) مع داود لا يخلو عن غرابة، ولعل ما ورد في رواية المسمعي (17) بشأن هذه المحاورة أقرب إلى الواقع، مضافاً إلى أن مقتضاها أنه عليه السلام كان حين مقتل المعلى في مكة ولم يبلغ بالخبر إلا بعد رجوعه إلى المدينة، في حين أن مقتضى الرواية الأخرى لإسماعيل بن جابر (18) أنّه استقصى أخبار المعلى وهو بمكة المكرمة عن طريق إسماعيل وقد أخبره بمقتله وهذا تهافت ظاهر.
وكيف كان فلو تمت الروايات المادحة ولم يناقش فيها بما تقدم فمن الصعب أيضاً الأخذ بمفادها بعد تصريح النجاشي وابن الغضائري بضعف الرجل وعدم الاعتماد على شيء من حديثه، فإن هذه الأحاديث كانت بمرأى ومسمع منهما ولا يحتمل عدم اطلاعهما عليها، فلا بد أنهما اطلعا على مصادر موثوقة أخرى عن سيرة المعلى تحكي خلاف ما ورد في هذه الروايات فحملا صدورها عن الإمام (عليه السلام) على أنه كان اقتضاءً لبعض المصالح اللازمة المراعاة، كما هو الحال في بعض ما صدر منهم (عليهم السلام) من القدح والمدح بشأن الرواة.
وأما ما احتمله السيد الأستاذ والمحقق التستري (19) من أن يكون منشأ تضعيف النجاشي له هو نسبة الغلو إليه من قبل الغلاة وعلماء العامة الذين يريدون الإزراء بأصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) فهو مما لا ينسجم مع ما عرف عنهما ــ ولا سيما النجاشي ــ من دقة بالغة وسعة في الاطلاع، مضافاً إلى أنه مجرد احتمال لا شاهد عليه.
وناقش المحقق التستري فيما ذكره ابن الغضائري بأن قوله: (كان أول أمره مغيرياً ثم دعا إلى محمد بن عبد الله) فيه أنّ المغيريّة كانوا داعين إلى محمد ذاك كما في فرق النوبختي، فلعلّ كلمة (ثم) من زيادات النسّاخ فيكون مغزى كلامه أنه كان في أول أمره مغيرياً داعياً إلى محمد وصار إمامياً أخيراً، وأما قوله: (والغلاة يضيفون إليه كثيراً) فهو صحيح إلا أنه لا ذنب له في ذلك (20).
ويلاحظ على ما أفاده:
أولاً: بأنّ المغيرة بن سعيد زعيم المغيرية وإن كان قد خرج في الكوفة داعياً إلى محمد بن عبدالله بن الحسن بعد أن رفض مطالبه كل من الإمام الباقر (عليه السلام) وعبدالله بن محمد بن الحنفية ــ في ما حكاه ابن أبي الحديد (21) ــ إلا أنه ترقى في الأمر بعد ذلك حتى زعم أنه رسول نبي وأن جبرائيل يأتيه بالوحي من عند الله، فأخذه خالد بن عبدالله القسري عامل الكوفة عام (119 هـ) فسأله عن ذلك فأقرّ به ودعا خالداً إليه، فاستتابه فأبى أن يرجع عن ذلك، فقتله وصلبه، وكان يدعي بأنه يحيي الموتى ويقول بالتناسخ، وكذلك قول أصحابه إلى اليوم، كما جاء في كلام سعد بن عبدالله الأشعري المتوفى عام (301 هـ) (22)، فالمغيريّة قوم من الغلاة الخارجين عن الإسلام وإن تبنوا إمامة محمد بن عبدالله بن الحسن في مدة محدودة، وأما دعوة محمد بن عبدالله فبقيت إلى أن خرج عام (145 هـ) وقتل على يد عيسى بن موسى (23)، فلا منافاة بين أن يكون المعلى بن خنيس مغيرياً في بداية أمره ثم تخلى من بعده عن ذلك النمط من الغلو ودعا إلى محمد بن عبدالله بن الحسن، علماً أن داود بن علي قاتل المعلى قد مات في سنة (133 هـ) (24) فلو كان مقتل المعلى في عام وفاته ــ كما تدل عليه بعض النصوص (25) ــ فهو قد مات قبل خروج محمد بن عبد الله باثنتي عشرة سنة.
ومنه يظهر عدم تمامية ما أفاده المحدث النوري في الردّ على ابن الغضائري من أنه لو كان المعلى من دعاة محمد بن عبد الله فلماذا لم يذكره أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين مع أنه استقصى فيه كل من كان مع محمد قتل أو لم يقتل ولا يمكن عادة اطلاع ابن الغضائري عليه وخفاؤه عن مثل أبي الفرج المتقدم عليه (26).
وأما استغراب المحدّث النوري (27) أن يكون المعلى من دعاة محمد بن عبد الله مع كونه من خدم أبي عبد الله الصادق وقوامه وعداوة بني الحسن للصادق (عليه السلام) وروايته عدة أحاديث عنه (عليه السلام) في عدم مشروعية دعوة محمد بن عبد الله فهو استغراب في غير محله، فإن ما وقع ويقع من نظائر ذلك سابقاً ولاحقاً شيء كثير لا يبقى بالنظر إليها مجال للاستغراب والاستبعاد.
ويلاحظ على ما أفاده المحقق التستري ثانياً: بأن قوله: (والغلاة يضيفون إليه كثيراً) يحتمل وجهين:
1 ــ أن يكون مسوقاً للقدح فيه بأن يراد من الإضافة مجرد الإسناد ويكون المعنى أن الغلاة يروون عنه أشياء كثيرة من الغلو ويستبعد أن يكون كل ذلك خلافاً للواقع وإلا لما اختص به وبعض آخر من أصحاب الإمام (عليه السلام).
2 ــ أن يكون مسوقاً للطعن في الأحاديث المروية عنه بأن يكون المعنى أن الغلاة قد دسّوا في الكتب الكثير من الأحاديث منسوبة إلى المعلى بن خنيس نظير ما فعله المغيرة بن سعيد وأبو الخطاب في جملة من كتب أصحاب الصادقين (عليهما السلام) كما حدث بذلك يونس بن عبد الرحمن وهشام بن الحكم (28). ولذلك لا يعتمد على شيء من الحديث المروي عنه لعدم تيسر تمييز المدسوس عن غيره.
وكلا الوجهين معقول ومقبول.
والحاصل: أنّ أمر المعلّى بن خنيس ملتبس جداً، وإن كان لا شكّ في كونه من محبّي أهل البيت والداعين لهم، ويبدو أنّه كان له دور مميز في هذا المجال كما يشهد له المحاورة التي حكاها ابن سعد في الطبقات بين فضيل بن مرزوق وعمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فلاحظ (29).
كما لا شك في أنّه كان من المناهضين لدولة بني العباس المتجاهرين بعدائهم وقد أدى ذلك في نهاية الأمر إلى مقتله، وأمّا مدى إمكان الاعتماد على أحاديثه فهو أمر آخر، ويصعب بهذا الصدد ردّ ما صرّح به النجاشي وأكد عليه من كونه ضعيفاً جداً، وما ذكره ابن الغضائري من أنّه لا يعوّل على شيء من حديثه، وهما إماما هذا الفن ولا يلقيان الكلام على عواهنه.
تبقى الإشارة إلى أنّ بعضهم عدّ من أمارات وثاقة المعلى رواية ابن أبي عمير عنه كما في موضعين: أحدهما ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد وهو ابن أبي عمير عن المعلى بن خنيس قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام).. إلخ (30)، وثانيهما ما رواه الكشي بإسناده عن ابن أبي عمير أن ابن أبي يعفور والمعلى بن خنيس كانا بالنيل على عهد أبي عبد الله (عليه السلام) فاختلفا في ذبائح اليهود.. إلخ (31).
والجواب عن المورد الأول بأنّه لا يمكن التصديق برواية ابن أبي عمير عن المعلى بلا واسطة؛ لأنّ المعلّى قتل كما سبق عام (133 هـ) وابن أبي عمير توفي عام (217 هـ) (32)، فبين وفاتيهما (84) سنة، فلو كان من مشايخه لكان قد تجاوز المائة عام وهو مستبعد تماماً إذ لم يُعدّ من المعمرين ولا شاهد آخر على ذلك، فالرواية المذكورة مرسلة أو أن المعلى بن خنيس في سندها غير المعلى المعروف كما احتمل ذلك السيد الأستاذ (قدس سره) في سند رواية أخرى مروية عن المعلى بن خنيس عن أبي الحسن الماضي (33).
ومنه يظهر حال المورد الثاني، مضافاً إلى أنه لا دلالة فيه على أن ابن أبي عمير روى عن المعلى مباشرة ولا عن ابن أبي يعفور كذلك، بل لا تصح روايته عن هذا الأخير أيضاً؛ لأنّ ابن أبي يعفور مات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) (34) وهو لم يدرك عهده (عليه السلام).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|