الرقابة شبه القضائية ( نظام مراقب الحسابات في الشركة المساهمة ) |
1902
01:38 صباحاً
التاريخ: 2023-04-10
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-3-2020
4491
التاريخ: 2024-04-07
666
التاريخ: 9-10-2017
3657
التاريخ:
2958
|
الأصل ان الهيئة العامة هي التي تنتخب مجلس الإدارة ، الذي يقوم بتصريف اعمال الشركة لحسابها وتحت اشرافها ورقابتها ، إلا أن هذه الهيئة عملياً لا تستطيع القيام بمهمة الرقابة بصورة فعالة ومستمرة ، لكثرة عدد المساهمين بحيث لا يتصور ان يسمح لكل واحد منهم الاشراف والرقابة على اعمال الشركة (1) كما ان اكثرهم لا يمتلك الخبرة الفنية والقدرة المحاسبية في كيفية مراقبة اعمال مجلس الإدارة او تدقيق الحسابات التي يعدها المجلس ويعرضها على الهيئة العامة للمصادقة عليها ، واتخاذ القرارات بشأنها (2) فضلاً عما يحدث للشركة من افشاء اسرارها ومن ثم تصدع سمعتها التجارية وانهيار مركزها المالي (3) لذلك رأى المشرع العراقي كغيره من المشرعين ، ان يتولى وظيفة المراقبة المالية على حسابات الشركة وبياناتها الخاصة نيابةً عن المساهمين شخص او مجموعة من الاشخاص المؤهلين لهذه المهنة ، كي يتولوا مراقبة الإدارة المالية للشركة ومدى انسجامها مع القانون وغايات الشركة ونظامها الأساسي ، وبهذا فقد فرق القانون بين الشركات المختلطة وشركات القطاع الحكومي والتي تخضع لرقابة وتدقيق ديوان الرقابة المالية ، بينما تخضع الشركات التجارية الخاصة الى رقابة مراقب الحسابات (4) والذي يقصد به هو : كل شخص طبيعي او معنوي مجاز له ممارسة هذه المهنة بموجب النظام (5) ويعرف بانه شخص طبيعي او اكثر تعينه الهيئة العامة للمساهمين في الشركة لمباشرة عملية التدقيق المالي والمحاسبي بنفسه او بواسطة اشخاص من ذو الاختصاص يعملون تحت اشرافه وتوجيهه (6) وتتولى الهيئة العامة للمساهمين انتخاب مراقب حسابات او اكثر للشركة من بين مدققي الحسابات المرخص لهم بمزاولة المهنة ، كقاعدة عامة ، وهو ما نصت عليه المادة (223) من قانون الشركات الفرنسي لسنة 1966 والمادة (103) من قانون الشركات المصري النافذ ، كذلك اقره المشرع العراقي في المادة (33/أولاً) من قانون الشركات النافذ التي نصت صراحةً على: (ان مراقبي الحسابات تعينهم الهيئة العامة للشركة ...)(7) . عليه لا يمكن لمجلس الإدارة ان يفوض او يعين مراقباً لحسابات الشركة ولو بصفة مؤقتة وان كان له بتوجيه لجنة التدقيق المالي ترشيح مراقب او اكثر للعمل لدى الشركة (8) الا ان هذه القاعدة العامة لا تجري على اطلاقها ، حيث وردت عليها استثناءات عدة: أولهما : تعين مراقب الحسابات في نظام الشركة المساهمة ذات الاكتتاب المغلق اذ ان من شروط تأسيس هذه الشركة اذ لا وجود لجمعية تأسيسية ، بل يوجد نظام اساسي يبين فيه اسماء اول مديرها ، واعضاء مجلس المراقبة ثم اسماء مراقبي حسابات (9) ثانيهما : تعين مراقب الحسابات بواسطة الجمعية التأسيسية للشركة المساهمة ذات الاكتتاب العام ، ويشترط لصحة هذا التعين ان تتوافر الشروط الخاصة لصحة انعقاد الجمعية التأسيسية (10). ثالثاً: يجوز تعيين مراقب الحسابات بأمر على عريضة صادرة عن رئيس المحكمة التجارية التي يقع ضمن دائرتها مركز الشركة الرئيسي بناء على طلب المساهم او المساهمين ، ولا يتقرر هذا الحق للمساهمين وحدهم دون الاشخاص الآخرين من أصحاب المصالح الاخرى . رابعاً: اذا لم تعين الهيئة العامة مراقب حسابات او لم تبادر الى تعين بديل اذا اصبح مراقبها عاجزاً عن العمل جاز لوزارة التجارة والصناعة بناءً على طلب الشركة الذي تقدمه خلال اسبوع من تاريخ شغر وظيفة المراقبة ، ان تعين مراقباً او اكثر لمباشرة مهام المراقبة في الشركة (11) وان كان الاجدر بالشركة تقديم طلبها خلال اليوم الاول من شغل الوظيفة .
وينبغي القول ان المشرع العراقي لا يعرف هذه الاستثناءات المتقدمة التي قررها المشرع الفرنسي خلافاً للمشرع المصري الذي يجيز استثناء واحد فقط لمؤسس الشركة ان يعينوا اول مراقب حسابات سواء اكانت الشركة ذات اكتتاب عام او مغلق لحين انتخاب اول هيئة عامة في الشركة والتساؤل الذي يثار هنا هو في حالة تخلف الهيئة العامة عن انتخاب مراقب الحسابات او تعذر المراقب الذي انتخبته الهيئة العامة أو امتنع عن العمل لأي سبب من الاسباب من عجزه عن العمل أو وفاته ؟ أو عزله عن اداء مهامه جزاءً تأديبياً ؟ او لم تكن الهيئة العامة قد عملت مسبقاً على تعين مراقب حسابات احتياطي ؟ الامر الذي يترتب عليه بقاء الشركة دون مراقب حسابات مدة قد تطول مما لا يتفق والحكمة التي يهدف اليها المشرع من تعين المراقب (12) الأمر الذي يجعل من المشرع العراقي مدعوا للعمل بمثل هذه الاستثناءات ، فضلاً عن النص بإجازة تعين مراقب احتياطي يحل محل المراقب الذي يتم عزله مباشرةً ، لما في ذلك من تدعيم واستكمال اكيد لدور مراقب الحسابات كضمانة تشريعية مهمة في حماية اقلية المساهمين في الشركة المساهمة من اعمال مجلس الإدارة غير القانونية .
الا ان حرية تعين وعزل مراقب الحسابات من قبل الهيئة العامة امر منتقد كونه يضعف من شرط استقلالية المراقب (13) وهو يدلي برأيه حول حسابات الشركة المعين من قبل هيئتها العامة ، من خلال وضعه تحت تبعية المديرين قادة الهيئة العامة في ممارسة السلطة في الشركة(14) بدليل نص المادة (117/ثامناً) من قانون الشركات العراقي النافذ التي تجعل من مهام مراقب الحسابات والكشف عن فعاليتها خاضعة لرقابة لجنة التدقيق المالي التابعة لمجلس الإدارة ذاته بأنَّها اللجنة المسؤولة قانوناً عن مشروعية البيانات المالية في الشركة من خلال مراجعة خطط التدقيق ونتائج التدقيق الداخلي والخارجي (15) الا ان الفقه اختلف في تحديد معيار شرط استقلالية مراقبي الحسابات في الشركة حيث ان هناك من يرى حسب:
الاتجاه الأول: ان تعين مراقب الحسابات من الهيئة العامة بترشيح من مجلس الإدارة وبتوجيه من لجنة التدقيق بما يؤثر في ضمان استقلالية مشكلة عالمية لا حل لها على أساس انه من غير المقبول ان يفرض على الهيئة العامة مراقبة حسابات غير مرغوب فيه من قبلها (16).
الاتجاه الثاني : يلتمس هذا الاتجاه في القانون العراقي حلاً لمشكلة استقلالية مراقب الحسابات على أساس إحاطته احترازياً بالتجرد من اية مصلحة مع الشركة ، وهذا ما يسمى بمعيار التجرد من المصلحة الخاصة ، حسبما يستشف من تعليمات النظام المحاسبي الموحد رقم (1) لسنة (1985) التي جاء فيها: ( ان لا يكون له أو لا اقرباء لحد الدرجة الثالثة اية مصلحة مادية جوهرية أو علامة تعاقدية أو غير تعاقدية مع الشركة أو أعضاء مجلس الإدارة او المدير المفوض او من بحكمه)(17). وبالرجوع الى نص المادة (46/ثانياً) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة (2004) التي تنص على: ( في حالة اكتساب مراجع الحسابات أي مصلحة من هذا القبيل في المصرف اثناء سير عملية تعينه ، تنهى خدمات مراجع الحسابات ، ويعين البنك المركزي العراقي مراجعاً بديلاً مؤقتاً للحسابات الى ان يعين المصرف مراجعاً جديداً للحسابات ) وبهذا نجد ان المشرع العراقي قد اعتمد معيار التجرد من المصلحة الخاصة ، ولضمان فعالية معيار التجرد كان الاجد بالمشرع العراقي ان يرد حضر التجرد لأقرباء مراقب الحسابات حتى الدرجة الرابعة .
ويمكن الإشارة إلى المشرع قد وضع القواعد الرقابية التي تساعد على تطبيق قواعد الحوكمة في الجهاز المصرفي على ضوء القواعد الأساسية التي أقرتها لجنة بازل (18).
الاتجاه الثالث: الذي جاء بمعيار الزمن يرى ان المدة التي يحددها المشرع على انتهاء علاقة المراقب مع الشركة يجب ان تكون كافية لتصفية مصلحته مع الشركة أو شركائها ، لذا منع قانون المصارف العراقي النافذ ، المصرف من تعين مراقب الحسابات نفسه باستمرار لمدة تتجاوز (5) سنوات ، مع مراعاة الاستثناء الممنوح للبنك المركزي العراقي (19) يتضح من هذا ان المشرع العراقي قد اعتمد معياراً آخر لضمان شرط استقلالية مراقب الحسابات في الشركة . الا وهو معيار الزمن ، الامر الذي يجعل من موقفه ذا مرونة ومقبولية في الاطار التنظيمي لمراقب الحسابات والذي يأخذ دونما شك بتأيدنا لموافقة في ذلك .
وينبغي الاشارة الى ان تفعيل مهنة مراقب الحسابات يعد من اهم صور ضمان تطبيق مبادئ الحوكمة في الشركات التي يمكن التعويل عليها في ضمان شرط استقلالية مراقب الحسابات من خلال الالتزام بمجموعة المعاير والقواعد الحاكمية والصادرة عن الجهات ذات العلاقة والتي تستهدف رفع كفاءة وفاعلية الاداء المهني لمراقب الحسابات ولعل اهم هذه المعاير...
أولاً: الاستقلالية : الذي يؤكد على ان يكون مراقب الحسابات مستقلاً عن ادارتها الداخلية ولا تربطه علاقة بها وان يتم ترشحه من لجنة التدقيق مع الاستناد الى مجموعة من المعاير التي تتعلق بالخبرة والكفاءة والسمعة ، وهذا ما نصت عليه المادة (10/ثالثاً) من ضوابط حوكمة الشركات المساهمة العامة ومعاير الانضباط المؤسسي الإماراتي رقم (32/ر) لسنة (2007) يجب ان يكون مدقق الحسابات الخارجي مستقلاً عن الشركة ومجلس ادارتها ولا تربطه بالشركة او احد اعضاء مجلس الإدارة أي علاقة من أي نوع سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة (20).
ثانياً: الحياد والموضوعية: وفيه يكون المراقب ملزماً بان يبدي رايه مع عدم التحيز لأي طرف من الاطراف الداخلية والخارجية بعيداً عن تحكم مجلس الإدارة ، وبهذين المعيارين تتحقق الرقابة المستقلة التي تعمل على تحقيق الحماية اللازمة لمساهم الأقلية في الشركة المساهمة .
وتعد التشريعات المقارنة شرط كفاءة مهنية مراقب الحسابات شرطاً جوهرياً وذلك لما يقوم به من اعمال محاسبية ذات طبيعة فنية ، وعلى الرغم من معالجة المشرع العراقي مسألة الرقابة المالية في الفصل الثاني من الباب الخامس من قانون الشركات النافذ الا انه لم يبين الشروط التي يجب ان تتوفر في الشخص الذي يكون مراقباً لحسابات الشركة المساهمة بقدر ما نص عليها في المادة (7) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات لسنة (1999) على :(ان يكون مراقب الحسابات حاصلاً على مؤهلاً علمياً يمكنه من تولي منصب المراقبة في الشركة . وكما يجب ان يكون متدرباً مدة لا تقل عن سنتين في ديوان الرقابة المالية او تحت شخص مجاز)(21).
كما أوجبت المادة (117/ثامناً) على مراقب الحسابات ان يعد تقريره عن مراجعة البيانات المالية للشركة طبقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها في المحاسبة(22) وقد وضعت تعليمات النظام المحاسبي الموحد للشركات رقم (1) لسنة (1985) شرط ان لا تكون لمراقب الحسابات او لا قرباءه حتى الدرجة الثالثة مصلحة مع الشركة او توابعها .
يتضح مما تقدم ان المشرع العراقي لم يوحد الشروط التي يجب ان تتوافر في المراقب في نصاً قانونياً فضلاً عن انها مبعثرة على اكثر من قانون لذا كان الاجدر بالمشرع العراقي من توحيد الشروط في نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات كما ندعوه إلى ضرورة ادخال تعديل تشريعي على تعليمات النظام المحاسبي الموحد وذلك بشمول منع اقرباء المراقب حتى الدرجة الرابعة من حصولهم على مصلحة عند تعاملهم مع الشركة.
اما بالنسبة للمشرع المصري فقد نظم شروط الكفاءة المهنية لمراقب الحسابات في قانون تنظيم المحاسبة والمراجعة رقم (133) لسنة (1951) وهي قد تكون على قدر من الاختلاف بحسب نوع السجل الذي يتم تقيد المراقب فيه وهي ثلاث سجلات جدول المحاسبين والمراجعين تحت التمرين بشروطه ، وجدول المحاسبين والمراجعين بشروطه ، وجدول مساعدي المحاسبين والمراجعين بشروطه وأكدت المادة (1/ثانياً) من القسم السابع من القواعد التنفيذية لحوكمة الشركات غير المقيدة في البورصة المصرية ، على شرط الكفاءة المهنية وأضافت بأنه لا يجوز تعين مراقب الحسابات الا من سجل مراقبي الحسابات الموجود لدى الهيئة العامة لسوق المال .
وتتلخص مهمة مراقب الحسابات بشكل عام في مراجعة حسابات الشركة وفحص ميزانيتها ، وحساب الارباح والخسائر التي منيت بها ، وملاحظة تطبيق القانون ونظام الشركة ، وتقديم تقرير سنوي كنتيجة لدورة الرقابي إلى الهيئة العامة للمساهمين (23) فضلاً عن ابداء رأيه بكل حياد وموضوعية عما قام به من فحص لحسابات الشركة المالية .
ومن الملاحظ ان مراقبي الحسابات ما هم في الحقيقة الا جزء من اولوية قانونية نظمها القانون الا انهم غير مكلفين القيام بأعمال قانونية ولا يقومون الا بمهام تدقيقية محاسبية وفق معاير المحاسبة الدولية (24) التي تعد مهام مادية لا قانونية بحسب طبيعتها فضلاً عن هذا فان مراقب الحسابات يتمتع باستقلالية وحيادية تامة سعت التشريعات المختلفة الى تأمينها بالقدر الممكن كما ان مراقب الحسابات لا يقوم بأعماله الوظيفية باسم ولحساب الجهة الخاضعة للتدقيق والمحاسبة ، ولا يمكن لها عزل مراقبي الحسابات كحق يتمتع به الموكل تجاه موكله بموجب احكام عقد الوكالة في القواعد العامة ، كل هذا ينفي صفة الوكيل بالنسبة لمراقب الحسابات ويجعل منه جزء من الهيكل الإداري للشركة ويستمد كافة سلطاته وصلاحياته من القانون ومن ثم فإنَّ الاخطاء التي تنسب إليه تعد من قبيل الاخلال الموجب للمسؤولية القانونية المدنية والجزائية وبهذا فان المسؤولية المدنية بصورة عامة قد تكون عقدية مصدرها إخلال بالتزام عقدي ، وقد تكون مسؤولية تقصيرية مصدرها الإخلال بقاعدة قانونية ملزمة (25) ولهذه المسؤولية اركانها الخطأ الذي يقاس بمعيار مادي يتعلق بمستوى الخطأ ذاته او نسبته الذي يستوجب مسؤولية المدقق ( وهو الخطأ الجسيم ) (26) أو بمعيار موضوعي وهو ما بذله المدقق ( أثناء قيامه بمهامه المحاسبية مستعيناً في ذلك بالمعاير المحاسبية المنصوص عليها قانوناً والمتعارف عليها دولياً)(27) من عناية مهنية على اساس ان التزامه التزاماً بوسيلة لا التزام بتحقيق نتيجة (28) فإهمال المدقق وعدم بذل العناية المهنية اللازمة يؤثر على صحة البيانات المالية ومن ثم الحاق الضرر ادبياً كان او مادياً بالمساهمين في الشركة ، وبهذا يتحقق الركن الثاني للمسؤولية ، فمتى ما اثبت مساهم الأقلية ان الضرر نتيجة مباشرة للخطأ المهني ، كان الامر موجباً للمسؤولية المدنية وهذا هو ركن العلاقة السببية ، والتي يرتبط تحديدها بتحديد المركز القانوني للمراقب في الشركة المساهمة ، والذي هو ، وكيلاً عن الشركة في مراجعة وتدقيق حساباتها المالية بتأكيد نص المادة (137) من قانون الشركات العراقي النافذ التي نصت على: ( يسأل مراقب الحسابات عن صحة البيانات الواردة في تقريره بوصفه ، وكيلاً عن الشركة في مراقبة وتدقيق حساباتها ) (29). وبهذا يخضع مراقب الحسابات تجاه الشركة والذي يرتبط بها برابطة عقد الوكالة لإحكام المسؤولية العقدية عن كافة الأخطاء التي يرتكبها أثناء قيامه بمهنته في مراقبة إدارة الشركة وتدقيق حساباتها.
ويسأل مراقب الحسابات وفقاً لنص المادة (109) من قانون الشركات المصري عن تعويض الضرر الذي يلحق المساهم وفي حالة تعدد المراقبين تكون مسؤوليتهم تضامنية، وبالرجوع إلى الفقرة ( سابعاً من المادة 106) من ذات القانون يتضح لنا ان المشرع المصري خلافاً للعراقي قد عد مراقب الحسابات وكيلاً عن مجموعة المساهمين في الشركة (30)وقد ذهب البعض الى ان يسأل مراقب الحسابات مسؤولية عقدية امام الشركة لأخطائه الجسيمة او لإهماله لواجباته، في حين تكون مسؤولية امام المساهمين او الغير حسن النية مسؤولية تقصيرية اذ لا وجود لصلة عقدية فيما بين المراقب والمساهم او الغير (31).
إلا أنَّ هناك من يرى مراقب الحسابات ما هو الا عضواً في الشركة يتولى مهمة مراقبة حساباتها وتدقيقها حسابياً ، وان سلطاته وصلاحياته يستمدها من القانون لذا فان الأخطاء التي تبدو منه تعد أخلالاً بالتزامات قانونية ومن ثم فأن مسؤوليته المدنية تتحدد في ضوء قواعد المسؤولية التقصيرية (32)ولوجاهة هذا الرأي وما يستند عليه من حجج منطقية فهو جدير بالتأييد ونرى ان المشرع العراقي قد عالج مسؤولية مراقب الحسابات المدنية على اساس فكرة عقد الوكالة إلا إن ذلك قد يتعارض واتجاه المشرع في ضمان شرط استقلالية مراقبة الحسابات وحيادتيه عند اداءة لمهامه الوظيفية الذي يعد من أهم ما توصل إليه المشرع في تطبيق معاير حوكمة الشركة لضمان رقابة مستقلة على الشركة لذا ينبغي على المشرع العراقي أعادة النظر في نص المادة (137) من قانون الشركات ونقترح أن يكون النص بالمضمون الآتي: ( يسأل مراقب الحسابات عن مدى صحة البيانات الواردة في تقريره الذي عده عن الشركة عند مراجعته وتدقيقه لحساباتها المالية).
ونجد أنَّ المشرع الفرنسي قد ألزم مراقب الحسابات بممارسة وظيفة الرقابية على وثائق الشركة وسجلاتها بصفة يومية ومستمرة طوال السنة المالية ليتم تحديد مركزها المالي بشكل دقيق(33) وبحسب نص المادة (457/ ثانياً) من قانون الشركات الفرنسي يمكن تطبيق المادة (368) من قانون العقوبات الفرنسي على مراقب الحسابات الخاصة بجريمة إفشاء سر المهنة وهذا ما ذهبت إليه محكمة استئناف باريس بتاريخ (16/تشرين الأول/1979) في حكم يتعلق بمدى استمرارية الرقابة التي يمارسها مراقب الحسابات والمنصوص عليها في المادتين (228/229) من قانون الشركات الفرنسي في قضية تتلخص وقائعها في اختلاس محاسب الشركة التي يعمل فيها ففرضت عليه العقوبة المقررة لجريمة خيانة الامانة ، وطلب مدير الشركة الزام مراقب الحسابات بتعويض الشركة عما لحقها من اضرار على اساس أنه لم يمارس دوره بشكل مستمر اذ ثبت ان الاختلاس قد بدأ في تموز صيف 1973 وان المراقب لم يبلغ الشركة بالعراقيل التي وضعها المحاسب المختلس التي تحول من دون الحصول المعلومات اللازمة عن الشركة الا في نيسان 1974م ، فمراقب الحسابات انتظر حتى نهاية السنة المالية ليبدأ في فحص دفاتر الشركة ويراجع حساباتها مما كلف الشركة خمسة ملايين فرنك ، وقد استجابت محكمة اول درجة الى طلب مدير الشركة والزمت مراقب الحسابات بدفع مليوني فرنك تعويضاً للشركة وايدت محكمة باريس هذا الحكم (34).
وكما يسأل مراقب الحسابات مسؤولية مدنية ، فانه يمكن مسألة جزائياً كلما ارتكب فعلاً معاقباً عليه قانوناً كالنصب والغش والاحتيال والتزوير او أي محاولة من محاولات التضليل الاخرى (35).
ومن الجدير بالقول ان مسؤولية مراقب الحسابات لن تتوقف عند حد المسؤولية المدنية أو الجزائية بل تتعداها الى المسؤولية التأديبية التي تنهض مع مخالفة قواعد السلوك المهني سواء تلك التي تضمنتها القوانين المنظمة لمزاولة مهنة المراقبة وتدقيق الحسابات ، أم تلك التي تضعها الجهة المهنية التي ينتمي اليها المراقب او تلك الصادرة عن نقابة المحاسبين والمدققين العراقيين بموجب نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات رقم (7) لسنة 1984م .
ويتمثل الجزاء التأديبي بفرض احدى العقوبات الآتية : على مراقب الحسابات بقرار يصدر عن لجنة الانضباط بالأغلبية وتخضع قرارات اللجنة لمصادقة المجلس ويكون قرارها باتاً:
أولاً: الانذار ويكون بكتاب تحريري يتضمن اسباب العقوبة وتوجيهه بعدم تكرار المخالفة المنسوبة الى مراقب الحسابات وإلا طبقت بحقه العقوبات الانضباطية الاخرى .
ثانياً: الحرمان من ممارسة المهنة مدة لا تقل (180) مائة وثمانين يوماً ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات .
ثالثاً: إلغاء الإجازة وترقين اسم المراقب من سجل المراقبين الحسابين (36).
يلاحظ من كل ما تقدم ان مراقبي الحسابات في الشركة يلعبون دوراً بارزاً ليس في حماية مصالحها فحسب بل وحماية مصالح مساهميها أغلبية كانوا ام اقلية واتضح لنا من خلال مقارنة احكام التشريعات ببعضها في هذا المضمار ان المشرع المصري قد سجل موقفاً متقدماً على غيره من خلال تركيزه على كافة التفاصيل المنظمة لمهنة مراقب الحسابات بالشكل الذي ساعد في حفظ وحماية حقوق المساهمين في الشركة ، وعلى خلاف المشرع العراقي الذي قصر من وظيفة المراقب على مجرد التثبت من البيانات والحسابات المالية للشركة والتحقق من وقوع المخالفات لأحكام القانون او عقد الشركة الأساس على وجه يؤثر في نشاطها او مركزها المالي مع بيان ما اذا كانت هذه المخالفات تقوم عند تدقيق الحسابات الختامية الأمر الذي نجد معه انعدام حقيقي لدور مراقب الحسابات في الشركة لذلك كان الأجدر بالمشرع العراقي ان يعمل على تنظيم احكام مهنة مراقب الحسابات في نصوص خاصة ويوسع من نطاق دائرة اختصاصه والعمل على اعطاءه دوراً في إدارة الشركة وتغير القرارات التعسفية الصادرة عن أغلبية الهيئة العامة للمساهمين بما يجعل منه ضمانة أكيدة تعمل على حماية مصالح الشركة ومساهميها ولاسيما الأقلية منهم مراعاة قواعد حوكمة الشركات ، بما تتضمنه من أحكام ومعاير عالمية ومؤثرة بهذا الشأن .
___________
1- د. عزيز العكيلي ، الوسيط في الشركات التجارية ، دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان الطبعة الأولى ، سنة 2008 ، ص324
2- د. فوزي محمد سامي ، الشركات التجارية ، الاحكام العامة والخاصة ، دراسة مقارنة ، الطبعة الاولى ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، سنة 2008م ، ص524
3- د. عبد الفضيل محمد احمد ، الشركات ، جامعة المنصورة ، كلية الحقوق ، دار الفكر القانوني للنشر والتوزيع ، مصر ، سنة 2011م ، ص362
4- المادة (33/أولاً) من قانون الشركات العراقي النافذ رقم (21) لسنة (1997) المعدل .
5- المادة (1) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات رقم (3) لسنة 1999م .
6- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، مراقب الحسابات في الشركات التجارية ، مجلة رسالة الحقوق ، كلية القانون، جامعة كربلاء ، السنة الثانية ، العدد الثاني ، 2010م ، ص118
7- المادة (384) من قانون الشركات الانكليزي الصادر سنة 1985 اشار اليها د. فؤاد سعدون عبد الله ، ادارة الشركات المساهمة ( المغفلة ) بين حقوق المساهمين القانونية وهيمنة مجلس الادارة ، الواقع والحلول ، دراسة مقارنة ، دار ام الكتاب ، بيروت – لبنان ، الطبعة الاولى ، سنة 1996م ، ص402 وما بعدها
8- المادة (117/ ثامناً) من قانون الشركات العراقي النافذ رقم (21) لسنة (1997)م .
9- المادة (88) من قانون الشركات الفرنسي لسنة 1966 . لم يعرف قانون الشركات العراقي فكرة الاكتتاب المغلق الذي بموجبه يكون الاكتتاب في رأس مال الشركة مقتصراً على المؤسسين دون غيرهم . ينظر في تفصيل ذلك د. عباس مرزوك فليح العبيدي ، الأكتتاب في رأس مال الشركة المساهمة ، دراسة قانونية علمية ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، سنة 1998م ، ص29.
10- المادة (79) من قانون الشركات الفرنسي لسنة 1966 المعدلة بالقانون المرقم (1/83) في تاريخ (13/1/1983) والجمعية التأسيسية : هي هيئة عامة تنعقد لاول مرة في حياة الشركة بعد إتمام الإجراءات اللازمة لتأسيس الشركة المساهمة بدعوة المؤسسين لإقرار إجراءات التأسيس بعد التأكد من مطابقتها لأحكام القانون وتنتهي بانتهاء اجراءات التأسيس، ينظر المادة (87/أولاً) من قانون الشركات العراقي النافذ والمادة (26) من قانون الشركات المصري النافذ ، وينظر د. لطيف جبر كوماني ، الشركات التجارية ، ص223 ود. فوزي محمد سامي ، شرح القانون التجاري ، الجزء الرابع ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1997 ص300
11- المادة (384) من قانون الشركات الانكليزي الصادر سنة 1985 ، للتوسع حول تعين مراقب الحسابات في التشريعين الانكليزي والامريكي ، ينظر د. فؤاد سعدون عبد الله ، ادارة الشركات المساهمة ( المغفلة ) بين حقوق المساهمين القانونية وهيمنة مجلس الادارة ، الواقع والحلول ، دراسة مقارنة ، دار ام الكتاب ، بيروت – لبنان ، الطبعة الاولى ، سنة 1996م ، ص402 وما بعدها
12- د. عزيز العكيلي ، الوسيط في الشركات التجارية ، دراسة مقارنة ، الطبعة الاولى ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، سنة 2009م ، ص325
13- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، مراقب الحسابات في الشركات التجارية بحث منشور في مجلة رسالة الحقوق تصدرها كلية القانون ، جامعة كربلاء ، المجلد الثاني ، العدد الثاني ، سنة 2010م ، ص119
14- د. لطيف جبر كوماني ، الشركات التجارية ، دراسة مقارنة ، كلية القانون ، الجامعة المستنصرية ، مكتبة السنهوري بالتعاون مع مكتبة داليا ، بغداد ، سنة 2011م ، ص256
15- ملحق رقم (3) من ميثاق إدارة وتنظيم شركات المساهمة العامة الصادرة عن الهيئة العامة لسوق المال العماني بالتعميم رقم (11/2002) بتاريخ (3/حزيران/2002) وتعديلاته الصادر بالتعميم رقم (1/2003) المؤرخ (11/كانون الثاني/2003) الذي بين مهام لجنة التدقيق المالي كذلك ينظر د. مها محمود رمزي ريحاوي، الشركات المساهمة ما بين الحوكمة والقوانين والتعليمات ، حالة دراسة لشركات مساهمة العامة العمانية ، بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية ، المجلد (24) العدد الاول ، سنة 2008 ، ص113 وما بعدها
16- د. لطيف جبر كوماني ، الشركات التجارية ، المصدر السابق ، ص256
17- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، مراقب الحسابات في الشركات التجارية ، المصدر السابق ، ص119
18- زيارة ميدانية الى البنك المركزي العراقي بتاريخ (22/ايلول/2013).
19- د. عمار حبيب جهلول ، النظام القانوني لحوكمة الشركات ، الطبعة الاولى ، منشورات زين الحقوقية ، العراق ، سنة 2011م ، ص209/210
20- رافد عبيد النواس ، اثر حوكمة الشركات على جودة اداء مراقب الحسابات ، بحث منشور في مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية ، المجلد الرابع عشر ، 2008 ، ص257
21- المادة (7) من نظام ممارسة مهنة وتدقيق الحسابات لسنة 1999 في العراق وكذلك المادة (46/أولاً) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة (2004) والمادة (48/أولاً) من قانون البنك المركزي العراقي رقم (56) لسنة (2004 ).
22- المادة (6/ج/2) من القسم الثالث من القانون المؤقت لاسواق الاوراق المالية العراقي رقم (74) لسنة (2004) ، اصدر مجمع المحاسبين القانونيين الامريكي (AICPA) في عام 1939 تسعة معايير للتدقيق واضافة اليها معياراً عاشراً في عام 1995 وتعرف هذه المعايير باسم معيار التدقيق المقبولة قبولاً عاماً …وتعد هذه المعاير المعبر الأساسي عن الصفات الشخصية والمهنية التي يجب ان تتوافر في مراقب الحسابات وهي المصدر الرئيس الذي توخت عليه مهنة تدقيق الحسابات في اغلب دول العالم ولعل ما يعنينا منها المعايير العامة او الشخصية التي تتعلق بشخص المراقب من ناحية تأهيلية علمياً وعملياً ، وتتضمن التعليم التدريب ، اكتساب الخبرة ، واستقلالية المراقب عند ممارسته لعمله فضلاً عن تأكيدها على التزام المراقب ببذل العناية اللازمة عند أدائة لمهامه والتقيد بالسرية المهنية .
23- د. مصطفى كمال طه ، اساسيات القانون التجاري ، الطبعة الاولى ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت – لبنان سنة 2006م ، ص384 ود. احمد إبراهيم البسام ، الشركات التجارية في القانون العراقي ، الطبعة الثانية ، مطبعة العاني ، بغداد ، سنة 1967 ،ص176
24- ج. ريبير– ر. روبلو ، المصدر السابق ، ص655
25- د. عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، مصادر الالتزام ، الجزء الأول ، دار النشر للجامعات المصرية ، القاهرة ، 1952 ، ص748
26- هدى خليل الحسيني ، مسؤولية مراقب الحسابات ، بحث منشور في مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة ، العدد الثامن والعشرون ، سنة 2011 ، ص294
27- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، مراقب الحسابات في الشركة التجارية ، المصدر السابق ، ص122
28- د. ج/ريبير – ر. روبلو/ ميشال فرحان ، المطول في القانون التجاري ، الجزء الأول ، الشركات التجارية ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، دون ذكر سنة طبع ، ص847 ، بند [أفضلية ، إلغاء ] بند [1937/1] ، ص681
29- المادة (137) من قانون الشركات العراقي النافذ .
30- المادة (106/سابعاً) من قانون الشركات المصري .
31- د. علي حسن يونس ، الشركات التجارية ، النظرية العامة للشركة ، بلا دار نشر ، 1963 ، ص124 ود. احمد ابراهيم البسام، مبادئ القانون التجاري ، بغداد ، 1961 ، ص405
32- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، مراقب الحسابات في الشركات التجارية بحث منشور في مجلة رسالة الحقوق تصدرها كلية القانون ، جامعة كربلاء ، المجلد الثاني ، العدد الثاني ، سنة 2010م ص121
33- المادة (229) من قانون الشركات الفرنسي .
34- Paris 16 ,oct , 1979 , Rev . Soc .1980 .
أشار إليه د. محمد تنوير محمد الرفاعي ، دور الهيئة العامة لسوق المال في حماية اقلية المساهمين في الشركات المساهمة ، دراسة مقارنة ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، سنة 2006 ، ص (222) ، هامش رقم (4).
35- ينظر المادة (218) من قانون الشركات العراقي والمادة (57) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة (1938) والمواد (163و162/سادساً) من قانون الشركات المصري والمادة (229) من قانون الشركات الفرنسي الصادر في 24 تموز 1966.
36- المادة (14/ و– ز– ح) من نظام ممارسة مراقبة وتدقيق الحسابات رقم (3) لسنة (1999).
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|