أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2016
3382
التاريخ: 21-06-2015
2547
التاريخ: 10-04-2015
1814
التاريخ: 29-12-2015
3122
|
عديّ بن زيد بن حماد بن أيوب من العباد، وهم نصارى الحيرة. وكانت أسرة
عدي مقرّبة إلى البلاط الفارسي للخدمات التي كانت تؤدّيها للفرس في بلاط المناذرة.
وكان حماد جدّ عدي أول من تعلم الكتابة من أفراد تلك الأسرة ثم أصبح كاتبا للنعمان
الأكبر الاعور. وكان زيد والد عدي يتولى بعض أقسام البريد لكسرى أنوشروان. ثم أصبح
عديّ نفسه كاتبا في ديوان كسرى. وبعد مقتل عدي دخل ابنه زيد أيضا في خدمة الفرس.
ولد عدي في الحيرة، وفيها نشأ وتعلم العربية والفارسية. وفي عام 579 م
(53 ق. ه.) بعثه كسرى أنوشروان رسولا إلى طيباريوس الثاني ملك الروم (578-582 م).
ويبدو أن عديا زار في أثناء رجوعه من القسطنطينية مدينة دمشق.
وأدرك النعمان الثالث أبو قابوس (585-607 م) أن أعمال عديّ بن زيد كانت
في مصلحة الفرس أكثر مما كانت في مصلحة العرب، بل أكثر مما كانت في مصلحة المناذرة
أنفسهم، فحبسه ثم قتله في السجن عام 604 م، قبل ظهور الاسلام بست سنوات. وكان مقتل
عدي سببا من أسباب النفور بين الفرس والمناذرة، بل سببا في سقوط دولة المناذرة على
يد الفرس.
لم يكن عدي بن زيد من فحول الشعراء لأنه كان قرويا (من أهل المدن)؛ والتقدم
في الشعر كان دائما لأهل البادية. ثم ان عديا سكن الحيرة والمدائن وبلاد فارس نفسها
فثقل لسانه وغلبت عليه اللكنة «فكان العلماء لا يرون شعره حجّة». أما شعره فقريب المعاني
غير متين التركيب، وأكثره يدور حول الزهد في أمور الدنيا وحول التزهيد فيها. وله
شيء في الخمر أحسن أسلوبا وأرق ديباجة من شعره في الزهد.
- المختار من شعره:
قال عديّ في الحكمة والزهد والتزهيد في الدنيا:
أعاذل، إن الجهل من لذّة الفتى... وإنّ المنايا للرجال بمرصد
أعاذل، ما أدنى الرشاد من الفتى... وأبعده
منه إذا لم يسدّد
أعاذل، ما يدريك أن منيّتي... إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد
كفى زاجرا للمرء أيام دهره... تروح له بالواعظات وتغتدي
ومر عدي بن زيد مع النعمان على بعض المقابر، فقال للنعمان: أ تدري ما تقول
هذه القبور؟ فقال النعمان: لا. قال عدي: انها تقول:
من رآنا فليحدّث نفسه... انه أوفى على قرن (1) زوال
ربّ قوم قد أناخوا عندنا... يشربون الخمر بالماء الزلال
ثم أضحوا عصف الدهر بهم... وكذاك الدهر يودي (2) بالرجال
وقال عديّ أيضا:
ايها الشامت المعيّر بالدهـ... ـر، أ أنت المبرّأ الموفور (3)
ام لديك العهد الوثيق من الـ... أيّام؟ بل أنت جاهل مغرور
من رأيت المنون خلّدن، أم من... ذا عليه من ان يضام خفير(4)
أين كسرى كسرى الملوك انوشر... وان، أم اين قبله سابور
وبنو الاصفر (5) الكرام ملوك الـ... ـروم لم يبق منهم مذكور
وتذكّر ربّ الخورنق (6) إذ أشـ... ـرف يوما وللهدى تفكير
سرّه ماله وكثرة ما يملك... والبحر معرضا والسدير (7)
فارعوى قلبه فقال وما غبـ...ـطة حيّ إلى الممات يصير (8)
ثم بعد الفلاح والملك والإمّة... (9) وارتهم هناك القبور
ثم صاروا كأنهم ورق جف ف فألوت
به الصبا والدبور (10)
_____________________
1) قرن زوال: طرف حياته-سيموت.
2) يهلك.
3) المبرأ:
الذي لا يصيبه المرض أو الموت. الموفور: المحفوظ (لا يموت) .
4) المنون:
الموت. خلدن: تركن حيا. من ان يضام خفير: من يحميه من الضيم و الذل و تقلب الأيام.
5) ملوك
الروم.
6) الخورنق:
قصر.
7) البحر
معرضا. يظهر النهر أمامه واسعا. السدير قصر.
8) ومع
ذلك فقد اعتبر وعلم أن الحياة لا قيمة لها ما دام مصير الانسان إلى الموت.
9) الامة
(بكسر الهمزة): النعمة.
10)
الصبا والدبور (بفتح الصاد والدال واهمال الباءين): ريح الشرق وريح الجنوب (بفتح الجيم).
ألوي به: أهلكه.