أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2020
1355
التاريخ: 2023-03-18
791
التاريخ: 2023-08-08
729
التاريخ: 15-2-2017
1175
|
كيف يمكنك إخفاء أحد أبعاد الفضاء؟ هناك طريقتان لعمل ذلك؛ الطريقة الأولى اقترحها عالم الفيزياء السويدي أوسكار كلاين في عشرينيات القرن العشرين، وكانت فكرته بسيطة للغاية: تخيل أنك ترى خرطومًا لري الحديقة من بعد سيبدو لك وقتها مثل الخط الملتوي. لكن إذا فحصته عن قرب فسيتضح لك أن هذا الخط هو سطح ثنائي الأبعاد مطوي على شكل أنبوب رفيع (انظر الشكل 2-9). إن ما بدا لك في البداية مجرد نقطة على الخط، هو في الحقيقة دائرة صغيرة تدور حول محيط الأنبوب. وبنفس الصورة، ربما يكون ما نعتقد أنه نقط في الفضاء ثلاثي الأبعاد هي في حقيقتها دوائر صغيرة ملتفة حول بعد رابع. وإذا كان محيط هذه الدوائر أصغر بكثير عن حجم الذرة فلن نلحظ وجود البعد الفضائي الإضافي من واقع ملاحظاتنا العادية، وسينكشف فقط بالتجريب الدقيق على المستوى دون الذري.
ليس هناك حد أقصى لعدد الأبعاد التي يمكن طيها - أو «دمجها» إذا استخدمنا المصطلح الرسمي - بهذه الكيفية. لكن مع وجود أكثر من بعد آخر إضافي هناك طرق متزايدة لدمج هذه الأبعاد. على سبيل المثال، يمكن أن يلتف بعدان إضافيان حول نفسيهما بشكل منفصل مثل خرطوم الري المذكور، لكن يمكن أيضًا أن يجتمع أحدهما مع الآخر - أو ينطوي أحدهما على الآخر - على صورة كرة دقيقة. يشير علماء الرياضيات إلى هذه الأشكال البديلة بأن لها طوبولوجيا متباينة. إن عدد الأشكال الممكنة يرتفع بدرجة كبيرة كلما أضفنا المزيد من الأبعاد ولهذا، عند مناقشة شكل الفضاء علينا أن نحدد ليس فقط عدد الأبعاد الموجودة إجمالا، بل أيضًا أي الأبعاد كبيرة (مثل الأبعاد الثلاثة التي نراها) وأيها مدمجة (ومن ثم غير مرئية. إضافة إلى ذلك علينا تحديد هندسة وطوبولوجيا الأبعاد المدمجة أيضًا. سنرى فيما بعد أن أبعاد الفضاء المدمجة تلعب دورًا في نظرية الأوتار وغيرها من المحاولات التي تهدف لبناء نظرية موحدة للفيزياء.
هناك طريقة ثانية يمكن بها إخفاء الأبعاد الإضافية عن النظر؛ ماذا لو كنا بطريقة ما أسرى، على غرار الأرض المسطحة في الفضاء ثلاثي الأبعاد الذي نراه؟ بمعنى أن جزيئات أجسامنا، وجميع الأشياء الموجودة حولنا، «تعيش» في فضاء ثلاثي الأبعاد، وليست حرة للتحرك في أي بعد إضافي من البديهي أن يؤثر هذا الأسر على الضوء بدوره، وإلا لكنا رأينا هذا البعد الرابع حتى لو لم نكن نستطيع التحرك فيه.
شكل 2-9: كيف نخفي أحد أبعاد الفضاء؟ من بعد، يبدو خرطوم ري الحديقة مثل الخط الملتوي أحادي البعد، لكن عن قرب نجد أنه في الحقيقة أنبوب رفيع. إن النقطة ن هي في حقيقتها دائرة صغيرة ملتفة حول البعد الثاني الإضافي يمكن أن يكون الفضاء بنفس الشكل؛ فربما نكتشف أن كل نقطة في الفضاء، إذا كبرناها بالحجم المناسب، هي دائرة صغيرة ملتفة حول بعد رابع للفضاء.
إن فكرة الأسر هذه لم تثر لهذا الغرض تحديدًا؛ بل نراها تظهر بشكل طبيعي في بعض نظريات الفيزياء الأساسية والمعروفة باسم نظريات الغشاء» theories BRANE، التي تُستخدم في تسميتها كلمة brane كتشبيه بكلمة membrane (التي تعني الغلاف ثنائي الأبعاد المدمج في الفضاء ثلاثي الأبعاد. وفق هذه النظريات فإن كوننا ثلاثي الأبعاد) يمكن أن يكون غشاء ثلاثي الأبعاد مدمجا في فضاء رباعي الأبعاد لنظريات الغشاء قدر من الشعبية في بعض الأوساط، وهي تقدم تنبؤات محددة قابلة للاختبار بشأن طبيعة الجاذبية ومسلك الجسيمات دون الذرية. لكن حتى الآن لا يوجد دليل تجريبي على أننا نعيش في غشاء ثلاثي الأبعاد هناك فقط قدر كبير من النظريات الرياضية المثيرة للاهتمام.18
إن احتمال وجود عدد كبير من الأبعاد في الفضاء يثير تساؤلا مهما عن اختيار الطبيعة ثلاثة منها فقط. هل هناك مغزى معين للرقم ثلاثة؟ في الخمسينيات أوضح الرياضي الإنجليزي جيرالد ويترو 19 أنه لو كان للفضاء أربعة أبعاد، فإن قوانين الجاذبية والكهرومغناطيسية ستظل بلا تغيير لكننا سنواجه متاعب جمة؛ فقانون التربيع العكسي سيتحول إلى قانون تكعيب عكسي، وبقليل من التفكير سنجد أن مدارات الكواكب هكذا لن تكون مستقرة، وسرعان ما تدور الأرض بشكل حلزوني إلى أن تغوص في الشمس.
أيضًا ستبتلى الذرات بمشاكل مشابهة تضرب استقرارها. وإذا كان بالفضاء خمسة أبعاد فستكون المشاكل أكبر. أما لو كان هناك بعدان فقط فستواجه الموجات مشكلة في الانتشار والانعكاس ما يؤدي إلى آثار معقدة قد تؤثر على قدرة النظم المعقدة على التصرف بطريقة مترابطة منطقيّة. لهذا استنتج ويترو أن الحياة ستكون مستحيلة في أي فضاء يوجد به غير ثلاثة أبعاد فالبعدان أقل من اللازم، والأربعة أكثر من اللازم، لكن الأبعاد الثلاثة مناسبة للغاية؛ تمامًا كما في قصة جولديلوكس. وهكذا تقابلنا سمة أخرى من سمات الكون الداعمة للحياة تحتاج لتفسير.
هوامش
(18) See, for example, Lisa Randall, Warped Passages (New York: Harper-Collins, 2005).
(19) Gerald Whitrow, “Why Space Has Three Dimensions,” British Journal for the Philosophy of Science, vol. 6, no. 21 (1955), p. 1.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|