المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

المناعة الخلطية Humoral Immunity
17-8-2018
متعلّق الأوامر والنواهي
9-8-2016
التزام الوسيط التجاري بالقيام بالعمل المكلف به بنفسه
14-3-2016
أحتجاج السيدة الصديقة على سالبي الخلافة
10-4-2016
الحكومات الجائرة
15-02-2015
تسميد السمسم
27-2-2017


عناصر تعسف الأغلبية المساهمة في الشركة  
  
1424   01:54 صباحاً   التاريخ: 2023-03-07
المؤلف : عباس عبادي نعمة فاضل القرغولي
الكتاب أو المصدر : حماية اقلية المساهمين في الشركات المساهمة وفق قانون الشركات العراقي
الجزء والصفحة : ص59-68
القسم : القانون / القانون الخاص / المجموعة التجارية / قانون الشركات /

استقرت الاتجاهات الفقهية والقضائية عموماً على ان تعسف الأغلبية المساهمة قائم على ركنين اساسين اولهما مادي والذي يتمثل في الحاق الضرر سواء بالشركة او بمساهمي الأقلية وثانيهما معنوي يتجسد في توافر سوء نية الأغلبية مصدرة القرار التعسفي بتجاهل مصالح الأقلية . ونبين مفهوم كل من هذين العنصرين بالتتابع على فرعين وكما يأتي :

الفرع الأول

العنصر المادي ( الحاق الضرر بمساهمي الأقلية )

يتجسد العنصر المادي للتعسف بالضرر الناشئ من القرار الذي اصدرته الأغلبية المساهمة في الشركة ولا شك ان العنصر المادي للتعسف يثير مشاكل عديدة ، اذ ان قانون الأغلبية يعني ان الأغلبية هي صاحبة الاختصاص في تقدير مصلحة الشركة ومن ثم يجب ان يمثل الضرر الذي لحق بالأقلية نوعاً من الدلالة على ان الأغلبية المساهمة قد انحرفت في طريق التصرف باسم الشركة ولحسابها  ولا يشترط في نشوء الضرر لزوم نشأته فوراً عن القرار التعسفي بل يكفي ان يكون الضرر مقدراً أي ممكناً ولو لم يظهر الا فيما بعد (1) وعليه فان صدور القرار بتخويل المدير المفوض اجراء عملية لحساب الشركة يثبت فيما بعد انها ضارة وذلك كأن يتمخض عن اجراء هذه العملية الاتي :

1. امتناع المدير المفوض في الشركة من اطلاع شركائه في الادارة على كل العمليات التي يجريها باعتباره طرفاً ثانياً مع الشركة حتى لا تقوم مظنة استغلال صلته بالشركة .

2.     تحقيق مصلحة مباشرة او غير مباشرة ، جراء العملية التي عقدت لحساب الشركة ، وهذا ما نص عليه المشرع العراقي في المادة (119) من قانون الشركات النافذ (2) فلا يعد القرار في مثل هذه الحالة اقل تعسفاً من القرارات التي تمس مصالح الشركة ولذلك بإمكان القضاء ان يضف التعسف على القرار الصادر من الأغلبية استناداً الى وقائع لاحقة على القرار متى ما توافرت علاقة السببية بين الفعل والضرر الناشئ عنه  والضرر المتحقق من الأغلبية المتعسفة قد يقع في حالة من احدى الحالتين :

الحالة الأولى : الاضرار التي تلحق بمجموع المساهمين دون تميز بين اغلبية وأقلية: اذا ما اتخذت الأغلبية قرارات تعسفية تلحق ضرراً بالمصلحة العامة للشركة دون تميز بين فئة اغلبية المساهمين او اقليتهم فالقرار يؤدي الى الحاق اضرار بالشركة ذاتها وليس فقط الحاق الضرر بفئة مساهمي الأقلية ، فضلاً عن الاضرار بمصالح حاملي السندات والعاملين في الشركة والمتعاملين معها من المستثمرين  (3).

لذا فأن الرقابة على قرارات الأغلبية تجد سندها في حماية كافة المصالح التي يمثلها المشروع على الاطلاق ، ومن ثم يعد تعسفاً قرار الأغلبية الذي يضر بمصلحة الشركة نفسها (4).

وهذا ما اكده المشرع المصري في نص المادة (76/ ثانياً) من قانون الشركات النافذ والتي اجازت ابطال كل قرار يصدر لصالح فئة معينة من المساهمين او للأضرار بهم او لجلب نفع خاص لا عضاء مجلس الادارة او غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة ووفقاً لهذا النص فان التعسف هو كل قرار يصدر لصالح فئة معينة من المساهمين او الاضرار بهم دون نظر لمصلحة الشركة ومن ثم يخرج عن نطاق التعسف القرار الذي يمكن اعتباره ضاراً بالشراكة كلها(5) وقد نص قانون الشركات الانكليزي (65) المعدل سنة (1980) في مادته (75) على ان:( كل عضو في الشركة يمكن رفع دعواه للمحكمة اذا وجد اضراراً بمصلحة احد الشركاء الاعضاء وللمحكمة ان تأمر احد الشركاء او الشركة بشراء أسهم الشريك المتعسف ضده)  (6).  ومفاد ذلك ان القرار الذي يصدر لصالح فئة معينة من المساهمين يعد قراراً باطلاً باعتباره قراراً تعسفياً يبغي مصلحة طائفة دون طائفة اخرى.

يتضح مما تقدم ان مصلحة الشركاء لم تعد هي المصلحة الوحيدة التي يجب ان تكون محل نظر بل مصلحة المشروع الذي قامت من اجله الشركة هي الأولى بالاهتمام في حال البحث عن اطار واسع يعمل على حماية أقلية المساهمين في الشركة .

ومن الجدير بالقول ان تحديد العنصر المادي للتعسف في اطار الاضرار بمصلحة الشركة يواجه عقبات عديدة في الواقع العملي حيث ان فكرة مصالح الشركة هي فكرة واسعة حيث يرى البعض بان هدف مخالفة المصلحة العامة عند تعسف الأغلبية هو تحقيق القرار المتخذ للهدف الوحيد الذي هو تفضيل مصلحة الأغلبية على حساب الأقلية ومن ثم لا وجود لفكرة المصلحة العامة بقدر كافِ يمكن الاعتماد عليها كمعيار لتقدير تعسف الأغلبية بشأن القرار المتخذ(7) كما يرى البعض الاخر بمعيار مصلحة الشركة في تحديد تعسف الأغلبية المصدر للقرار تثير نتائج خطيرة فيما يتعلق برقابة القضاء على ادارة الشركة :

اولاً: لأنه اذا سلمنا بما للقاضي من سلطة تقديرية في نشوء الالتزام صحيحاً والتثبت من تحقق الرضا ومن مشروعية المحل والسبب الا ان هذا التسليم في الرقابة على كيفية ادارة الشركات هو امر محل نظر وخلاف على اساس ان بحث وتقيم السياسة الاقتصادية والمالية للشركة هي من اختصاص اغلبية المساهمين في الشركة فلا يمكن للقاضي ان يضع نفسه مكان الأغلبية عند تقدير مصلحة الشركة ومدى تطابق هذه القرارات مع هذه المصلحة لان القاضي يجهل شؤون الشركة واسرارها (8).

ثانياً: كما ان من شأن السماح للقضاء بالتدخل في دور المراقب على نشاط الشركة الى حد تقويم سياسة الأغلبية ومدى سلامتها من بواعث الغش والتحايل من شأنه المساس بروح المبادرة لدى القائمين على ادارة الشركة المساهمة وهذا ما يشكل تعارضاً مع طبيعة العمل التجاري القائم على اساس من الثقة والائتمان فضلاً عن ان الشركة ككيان اقتصادي يعمل في فضاء المنافسات التجارية والمضاربة المالية  عوامل تأبى تدخل القضاء  (9).

الا ان مثل هذه النتائج ما كان لها ان تصمد امام المادتين ( 99/100) من قانون (13/تموز/1967) الفرنسي اللتان تتيحان للقاضي سلطة واسعة في ان يطبق على المدير في الشركة قواعد الافلاس ليتحمل جزء او كل ديون الشركة وذلك متى ما ارتكب عمل من الاعمال الاتية :

1. اذا قام المدير تحت عباءة الشخص المعنوي باتخاذه قناعاً لأعمال التجارية ولمصلحته الشخصية .

2. اذا تصرف بتعسف لمصلحته الشخصية باستثمار ناقص يؤدي الى توقف الشركة عن سداد ديونها  (10).

كما نصت المادة (16/ثانياً) من قانون الشركات التجارية النموذجي الامريكي على اعطاء المحكمة سلطة تقديرية واسعة للتدخل في ادارة الشركة كتلك التي نصت عليها المادة (75) من قانون الشركات الانكليزي لسنة (1985)م حين يسيطر المديرون على الشركة ويتخذون اجراءات تعسفية اضراراً بأحد المساهمين (11) ولاشك ان موقف المشرعين الفرنسي والامريكي قد منحا القضاء حق تقدير مصلحة الشركة وتقيم سلوك الأغلبية ومدى مطابقة هذا السلوك لمصلحة الشركة ، وقد جاء في حكم محكمة (Douai) الفرنسية لسنة 1971 ابطال قراراً للهيئة العامة في الشركة بسبب تعسف الأغلبية المساهمة حيث جاء فيه : ( بما انه يجب ان لا تحل المحاكم محل الهيئات العامة في مراقبة ادارة الشركة مع ذلك فان عليها مراقبة القرارات التي تتخذ من قبلها بحيث يجب عليها عدم ارتكاب اخطاء تصب في مصلحة بعض المساهمين لان القواعد العامة تقضي بحماية مصالح الجميع والمحافظة عليها  ويستطيع القاضي اجراء كشف خاص للتأكد من وجود دلائل واضحة ومن ثم يستطيع القضاء متابعة الدعوى وملائمة الوضع حسب رأي المشرع )(12).

ويمكن القول فكرة مصلحة الشركة العامة ، هي فكرة واسعة الا انه لا ينبغي التمييز بين مصلحة الشركة ومصلحة المساهمين الى حد اجازة صدور قرارات تلحق الضرر بمصلحة الشركة لان هذا الامر يتعارض مع المفهوم القانوني للشركة باعتباره مشروعاً هادفاً لتحقيق مصالح مشتركة ويقوم على اساس نية المشاركة التي تتجسد بالتعاون الايجابي بين الشركاء المساهمين لتحقيق هذه المصالح . واذا كانت نظرة القضاء قاصرة عن معرفة مصلحة الشركة وآلية ادارتها الا انه لا يمكن استبعاد هذه الرقابة نهائياً ولا بد الاقرار بتدخل القضاء في كافة الامور والمسائل التي يتعارض فيها قرار الأغلبية تعارضاً بيناً مع مصلحة الشركة كما لا يمكن اعتبار قرار الأغلبية قراراً صحيحاً ولو كان قد اضر بسمعة الشركة  وذلك لان مثل هذه القرارات تلحق ضرراً مطلقاً متى ما انعكست اثارها على مصالح مجموع المساهمين في الشركة .

الحالة الثانية : الاخلال بمبدأ المساواة بين المساهمين : مصلحة الشركة  المحور الاساس الذي يدور حوله اصل اشتراك مجموع المساهمين في المشروع الاقتصادي  بالرغم من ان ارادات بعض المساهمين خارج ارادة الأغلبية الا انها حتماً ملزمة بالامتثال لقراراتها بما يحقق تلك المصلحة الا ان القضاء والفقه لم يعد يبحث فيما اذا كان قرار الأغلبية قراراً يتفق ومصلحة الشركة من عدمه خصوصاً في حال الجدل العميق والمعقد حول تفسير معنى المصلحة العامة في الشركة  (13).

لذا يرى البعض ان الحل الافضل لمثل هذه المسألة يتمثل في اللجوء للبحث عن مدى الاخلال بمبدأ المساواة بين المساهمين أي انه يجب لوصف القرار بأنه تعسفياً في هذه الحالة فيجب ان يتضمن تحقيقاً لمصالح الأغلبية من ناحية والاضرار بالأقلية من ناحية اخرى (14) وبناءً على ما تقدم نرى بان القرار التعسفي طبقاً لهذه الصورة له وجهان : افضلية تتحقق للأغلبية وهذا يتطلب ان تتثبت المحكمة من اختلال في مبدأ المساواة بين المساهمين وضرر متعمد تعسفاً يلحق بفئة الأقلية ومن ثم يجب البحث عن عملية توازن موضوعي بين المصلحتين في الشركة بحيث لا يختل الميزان لصالح فئة على حساب الاخرى ، وبخلافه فان القرار يكون مشوباً بتعسف الأغلبية .

ومن الامثلة على هذه القرارات :

1. القرار الذي تتخذه الأغلبية لمصلحة شركة منافسة تمتلك فيها هذه الأغلبية معظم أسهمها.

2. القرار الذي يمنح اتعاباً مبالغاً فيها لمديري الشركة ، مما يؤدي الى تخفيض الارباح المتوقعة لجميع المساهمين بشكل كبير.

3. القرار المنطوي اساساً على تعديل نظام الشركة على نحو يمنع المساهم من ممارسة حقه في التفرغ عن أسهمه(15).

 

بينما قد تستفيد الأغلبية من القرار باعتبارها من الاغيار وليس كشركاء في الشركة وتتحقق هذه الصورة عندما يصدر قرار الهيئة العامة في الشركة بأغلبية المساهمين بإدماج الشركة مع اخرى بشروط مجحفة بالشركة المندمجة وفي هذه الحالة يشترك جميع المساهمين في الشركة [أقلية واغلبية] في تحمل الضرر أي ان الأغلبية تضار هنا باعتبارها من الشركاء في الشركة كالأقلية تماماً الا انه سيتفيدون من مزايا القرار في الشركة الاخرى بصفتهم من الغير ومن ثم يتضمن قرار الدمج تحقيقاً لمصالح الأغلبية واضرار بمصالح الأقلية في الشركة .

كذلك فان الأغلبية قد تلحق ضرراً بالشركة مقابل تحقيق مصالحها الخاصة في شركة اخرى وذلك من خلال تملكها اغلبية الأسهم في شركة انتاج سلعة معينة وتستغل سلطتها في ابرام عقد بين الشركتين تتولى فيه شركة انتاج السلعة توريد انتاجها مقابل سعر يقل عن ثمن التكلفة للشركة الاخرى مما يؤدي الى وقوع شركة انتاج السلعة الأولى في مشاكل مالية قد تؤدي الى انهيارها كاملاً الا ان الأغلبية وان لحقها ضرر شأنها شأن الأقلية الا ان هذا الضرر تقابله مزايا كبيرة حققتها الشركة الاخرى ومن ثم تكون الأقلية هي الخاسرة وحدها . ومن هنا نجد انه لا يكفي لاعتبار القرار الصادر عن اغلبية المساهمين في الشركة تعسفياً ان يحقق الاخلال بمبدأ المساواة بين المساهمين فقط ، وذلك لان ليس كل اخلال بالمساواة بين المساهمين يعد تعسفاً بناءً على ذلك يكون الاخلال مشروط بشرط تحقيق المصلحة الخاصة لمساهمي الأغلبية في الشركة على حساب الأقلية .

 

الفرع الثاني

العنصر المعنوي للتعسف (نية قصد الاضرار)

لا يتحقق التعسف بتحقق العنصر المادي فقط الذي يتحقق بتحقق الاخلال بالمساواة بين المساهمين وتفضيل مصلحة طرف من المساهمين على مصلحة الشركة او الاضرار بها ما لم يتحقق العنصر المعنوي والذي لا يكون له ادنى قيمة ما لم يتحقق العنصر المادي لان المشرع لا يضع جزاء على مجرد البواعث الكامنة في النفوس او الدوافع التي تكنها ما لم تظهر في صورة ضرر مادي ومن ثم نشوء علاقة السببية بين العنصرين المادي والمعنوي .

واذا كان العنصر المادي من السهل ملاحظته وتحديده طبقاً لصورة ، فان الامر لا يكون كذلك بالنسبة للعنصر المعنوي الذي يمثل نيه سيئة تتجسد في الحاق الضرر بمساهمي الأقلية (16) لذا اختلف الفقه والقضاء حول تحقق العنصر المعنوي للتعسف ، فهناك من يذهب الى انه يجب للقول بوجود تعسف من الأغلبية البحث ليس فقط عن مدى وجود الاخلال بمبدأ المساواة وانما يجب البحث عن النوايا والبواعث التي حركت الأغلبية لاتخاذ قراراها الذي تسبب في الحاق الضرر بفئة الأقلية المساهمة (17) عليه ينقضي وصف التعسف ولو قصدت الأغلبية تحقيق مصالح شخصية لها ما دامت لم تقصد الحاق الضرر بالأقلية (18).

وفي ذلك قضت محكمة استئناف باريس بتاريخ (13/نيسان/1983) ببطلان قرار الهيئة العامة القاضي بترحيل الارباح وعدم توزيعها على المساهمين لتكوين احتياطي اختياري لما انطوى عليه القرار من تعسف من جانب الأغلبية اذ ان الشركة ما كانت بحاجة الى هذه الاموال كما ان هناك نية من جانب الأغلبية للأضرار ببعض المساهمين في الشركة (19) وهذا الحكم يوضح دعم القضاء الفرنسي واخذه بالمعيار الشخصي في تفسير تعسف الأغلبية في الشركة الا ان هذا الرأي وحسبما نرى لا يصلح في تحديد العنصر المعنوي للتعسف على اساس ان المبالغة والتشديد في وجوب الاضرار بمساهمي الأقلية يضيق كثير من نطاق القرارات التعسفية كما انه من جهة ثانية يمكن للأغلبية من اصدار العديد من القرارات التي تحقق مصالحها الخاصة دون ان تقصد مباشرة الاضرار بالأقلية كما وان قرار الأغلبية القاضي وعلى مرات متتالية توزيع جزء ضئيل من الارباح على المساهمين وترحيل الباقي الى السنوات اللاحقة بغية تخصيصها لتوسع اعمال الشركة ينفي توفر نية الاضرار بمساهمي الأقلية على الرغم من الاضرار التي تصيب مصلحة المساهمين الخاصة عن طريق جمود اسعار أسهمهم او عدم ارتفاعها كفايةً باعتباره ان الميزانية تظهر ضآلة الارباح الموزعة على ان القرار في مثل هذه الحالة يصب في مصلحة الشركة بصفة كلية .

في حين ان هناك من يذهب الى عدم اشتراط نية الاضرار بالأقلية لوصف القرار بانه تعسفياً وانما يكفي كي يكون القرار تعسفياً ان يهدف الى تحقيق مصالح شخصية للأغلبية دون اشتراط ان يكون تحقق هذا المصالح قد تم بقصد الاضرار بالأقلية وانما تكون هذه الاخيرة نتيجة عارضه جراء تحقق مصالح الأغلبية الشخصية وهذا ما يسمى بالمعيار الموضوعي والذي يكون بموجبه القرار قراراً تعسفياً متى ما صدر مضراً بمصالح الأقلية تحقيقاً لمصالح خاصة للأغلبية(20) وقد انتقد هذا الرأي على اساس انه يساوي بين القرار الصادر عن نوايا سيئة وبين ذلك القرار الصادر عن رعونة واهمال وعدم تبصر فالنية هي التي تساعد على التميز بينهما فلا يمكن قبول قرار يحقق مزايا شخصية للأغلبية وقرار يحقق ضرر بالأقلية نتيجة خطأ مادي على الرغم من ان كلاهما يحقق نتائج ضارة بالأقلية  (21).

ويذهب جانب من الفقه الى ان التعسف يتحقق بتوافر العنصر المادي فقط ، حيث يقوم هذا الاتجاه على استبعاد العنصر المعنوي للتعسف ويكفي بالأخلال بمبدأ المساواة بين المساهمين وما يرتبه هذا القرار من اثار جانبيه تلحق الضرر بمساهمي الأقلية ، ومن الملاحظ ان هذا الاتجاه وان كان من عمله التسير على القضاء الا انه اثبات العنصر المادي هو امر يسير خلافاً للبواعث التي يعصب استنتاجها ، الا ان هذا الاتجاه سيؤدي الى هدم التفرقة بين القرارات التعسفية وبين القرارات الصادرة عن اهمال او عدم تبصر مع الفارق الواضح بين هذه القرارات(22)، الامر الذي يدعوا الى الاخذ بمعيار وسط غير متشدد او متساهل الا وهو تحقيق مصالح شخصية للأغلبية دون توفر قصد الاضرار بالأقلية على اساس القواعد العامة التي تحكم عقد الشركة والتي تقوم على نية المشاركة. عليه فان اغفال هذه الاخيرة من جانب المساهم يتناقض مع التزامه الاساس قبل الشركة باعتباره عضو شريك فيها ، يسعى لتحقيق الصالح العام في الشركة في المرتبة الأولى .

وتجدر الاشارة الى ان قانون الشركات العراقي النافذ لم يتضمن أي اشارة الى مفهوم تعسف الأغلبية في الشركة المساهمة الا ان هذا الامر لا يمنع من الاستعانة بقواعد التعسف باستعمال الحق خصوصاً ان القانون المدني يقرر ثلاث معاير مهمة تسمح بالإقرار بوجود التعسف ، فضلاً عن ان نظرية التعسف في مادة الشركات المساهمة يمكن اعتبارها تطبيقاً لمبدأ حسن النية الذي يجب ان يسود العلاقات بين المساهمين ففي الاحوال التي يلحق فيها القرار التعسفي الضرر بمصلحة الشركة  يمكن تأسيس التعسف على اساس عدم مشروعية المصالح التي يهدف القرار الى تحقيقها وهناك من يرى بان القرار التعسفي الذي يلحق الضرر بأقلية المساهمين وتحقيق مصالح الأغلبية فانه من الممكن تأسيسه على استعمال الحق استعمالاً مضراً بالغير بما يعني انحراف الأغلبية عن الغايات التي قرر من اجلها السلطة وهي العمل على تحقيق المصالح للمساهمين مع عدم الاضرار بالأقلية وفي كلتا الحالتين يعد تصرف الأغلبية خطأ موجباً للمسؤولية بشرط اثبات اركانها  (23).

اما بالنسبة للمشرع المصري فقد كان موقفه واضحاً من هذه المسألة وذلك عندما نصت المادة (76/2) من قانون الشركات النافذ على جواز ابطال كل قرار يصدر لصالح فئة معينة من المساهمين او للأضرار بهم او لجلب نفع خاص لا عضاء مجلس الادارة او غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة .

وبمقابل نص المادة (5) من القانون المدني المصري نجد ان المشرع قد خلط بين نظريتي التعسف باستعمال الحق ، وتجاوز حدود السلطة وهذا الخلط ناتج عن عدم القدرة على حصر مفهوم تعسف الأغلبية بأحد المفهومين كما ان القضاء المصري ذهب في ظل نفاذ القانون رقم (26) لسنة (1954) الملغي على الرغم من عدم تنظيم هذا القانون لمفهوم التعسف الا ان للمساهم حق طلب بطلان قرارات الهيئة العامة التي تنطوي على سوء استخدام الحق ويتأسس طلب البطلان طبقاً للقواعد العامة (24).

اما بالنسبة لقانون الشركات الفرنسي لعام (1966) لم يتضمن نصوصاً صريحة بصدد تعسف الأغلبية الا ان هذا لم يمنع الفقه والقضاء من ارساء هذا المفهوم وبصدور قرار محكمة النقض الفرنسية في (18/نيسان/1961) اصبح موقف القضاء الفرنسي مستقراً في ذلك .

خلاصة القول: ان تدخل المشرع لوضع تعريف تعسف الأغلبية في قانون الشركات يكون فيه نوع من الالزام بالنسبة للمحاكم المختصة ، نحو اتجاه محدد ومن ثم هدم كل فرصة توصل الى صياغة حلول عادلة تستجيب لطابع تعسف الأغلبية .

______________  

1- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، حماية الاقلية من القرارات التعسفية في قانون الشركات العراقي ، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية تصدرها كلية القانون ، جامعة بغداد ، المجلد السادس والعشرون ، العدد الاول ، سنة 2010م ، ص112

2- المادة (119) من قانون الشركات العراقي النافذ ( أولاً: لا يسمح لرئيس مجلس ادارة الشركة او لأي عضو من اعضاء المجلس بالانتفاع من مصالح له مباشرة كانت او غير مباشرة في صفقات او عقود تبرم مع الشركة) يقابلها نص المادة (100) من قانون الشركات المصري النافذ والمادة (101) من قانون التجارة الفرنسي الجديد رقم (912) لسنة 2000م      

3- د. عبد الفضيل محمد احمد ، حماية الاقلية من القرارات التعسفية الصادرة من الجمعية العامة للمساهمين، دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي ، بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية ، تصدرها كلية القانون ، جامعة المنصورة ، العدد الاول ، سنة 1986م  ، ص45

4- د. نادر محمد منصور ، حماية حقوق المساهمين حال دمج الشركات ، دراسة مقارنة ، المنشورات الحقوقية ، مطبعة صادر ناشرون ، بيروت –لبنان ، دون ذكر سنة طبع  ، ص 103

5- د. عبد الفضيل محمد احمد ، حماية الأقلية من القرارات التعسفية الصادرة عن الجمعية العامة للمساهمين  المصدر السابق ، ص51

6- د. حسن محمد هند ، النظام القانوني للشركات متعددة الجنسية ، دار الكتب القانونية، مطابع شتات ، مصر ، سنة 2009م  ، ص146-147 

7- د. نادر محمد منصور ، المصدر السابق ، ص 102

8- د. عبد الفضيل محمد احمد ، حماية الأقلية من القرارات التعسفية الصادرة عن الجمعية العامة للمساهمين  المصدر السابق ، ص56-57 

9- د. نادر محمد منصور ، المصدر السابق ، ص57 وما بعدها

10- ثم صدر قانون 25 كانون الثاني 1985 الفرنسي نصاً في مادتيه (180 و 182) على ذات الحكم المتقدم اعلاه وزاد عنه بامتداد الافلاس لمديري الشركات سواء كان مديراً واقعياً او قانونياً.

11- د. حسن محمد هند ، المصدر السابق ، ص 147

12-  Douai23 fe v.1971 . Rev. Trim . Dr. com , 1972 , p.928

اشار اليه د. فؤاد سعدون عبد الله ، ادارة الشركات المساهمة ( المغفلة ) بين حقوق المساهمين القانونية وهيمنة مجلس الادارة ، الواقع والحلول ، دراسة مقارنة ، دار ام الكتاب ، بيروت – لبنان ، الطبعة الاولى ، سنة 1996م  ، ص244 

13-  د. نادر محمد منصور ، المصدر السابق ، ص102

14- د. محمد السيد اليماني ، حماية حقوق مساهمي الأقلية في الشركات التابعة لشركة قابضة، دراسة مقارنة  دون ذكر سنة طبع او دار نشر ، 1986م ، ص 109

15- الاستاذ راني جوزيف صادر والاستاذ نجيب عبد النور وجورسلين زيدان ، صادر بين التشريع والاجتهاد ( الشركات التجارية ) المنشورات الحقوقية لمكتبة صادر ناشرون ، مطبعة صادر ، دون ذكر سنة طبع  ، ص 198، 297 ، 299 وما بعدها

16- د. علي فوزي ابراهيم الموسوي ، حماية الأقلية من القرارات التعسفية في قانون الشركات العراقي المصدر السابق ، ص 116

17- د. محمد السيد اليماني ، حماية حقوق مساهمي الأقلية في الشركات التابعة لشركة قابضة ، دراسة مقارنة ، دون ذكر طبعة ، او دار نشر ، 1986 ، ص112 

18- د. عماد محمد امين السيد رمضان ، حماية المساهم في الشركة المساهمة ، دراسة مقارنة ، دار الكتب القانونية ودار شتتات للنشر والبرمجيات ، مصر ، سنة 2008م  ، ص762 ، ود.  فؤاد سعدون ، المصدر السابق ، ص245

19- قرار صادر عن محكمة استئناف باريس بتاريخ (13/ نيسان/1983) ، منشور في المجلة الفصلية للقانون التجاري [Rev. Trim .com ] لسنة 1984 ، ص 102 ، 103

20- د. عماد محمد امين السيد رمضان ، المصدر السابق ، ص 760

21- د. عبد الفضيل محمد احمد، حماية الأقلية من القرارات التعسفية الصادرة عن الجمعية العامة للمساهمين  المصدر السابق ، ص72 

22- د. عماد محمد امين السيد رمضان ، المصدر السابق ، ص 765

23- فاروق ابراهيم جاسم ، حقوق المساهم في الشركة المساهمة ، الطبعة الاولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت – لبنان ، 2008م  ، ص256

24-  محكمة الاسكندرية للأمور المستعجلة الحكم منشور في مجلة التشريع والقضاء التي تصدر عن دار النشر للجامعات المصرية السنة السابعة ، العدد الأول ، سنة 1954 ، ص100




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .