أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-09
1300
التاريخ: 5-1-2022
2472
التاريخ: 1-2-2016
5623
التاريخ: 10-5-2017
3109
|
لاشك أن السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية تشكل أهمية كبيرة في نطاق قواعد القانون الجنائي الشكلي، إذ إن الهدف الأساس الذي يسعى إليه هذا القانون يتمثل في التطبيق الفعال للقانون الجنائي الموضوعي للوصول بالنتيجة إلى مكافحة الظواهر الإجرامية في المجتمع من خلال كفالة فاعلية الإجراءات الجزائية، وضمان الحقوق والحريات الأساسية للإنسان، فمن خلال هذين المحورين نستطيع قياس مدى نجاح القانون الجنائي الإجرائي في أي دولة من دول العالم، فالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية المتلاحقة أفرزت نتائج عديدة من أهمها في نطاق القانون الجنائي الإجرائي هو عدم القدرة على تحقيق التوازن بين هذين المحورين، فكان لا بد من التطلع إلى تصور جديد للعدالة الجنائية، يحمل في طياته عنصرين أساسيين هما: التحول من العدالة القهرية إلى العدالة الرضائية، والإسراع في الإجراءات الجنائية وتهيئة سبل تسييرها، مما يسهم في المحافظة على فعالية الإجراءات وتقويتها، ولتحقيق هذه الأغراض لا بد من تحقيق التوازن بين فاعلية الإجراءات وحقوق الإنسان الأساسية، حيث يجب احترام هذه الحقوق وعدم اعتبارها عقبة في سبيل فاعلية وسرعة الإجراءات بل يجب اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الإجراء الجنائي الفعال (1).
ومن الأمور التي لا تثير جدلاً في هذا المجال، أن أغراض العقوبة تتمثل في الردع العام والردع الخاص وتحقيق العدالة الجنائية، ولتحقيق هذه الأغراض لا بد من السرعة في توقيع الجزاء المقرر على المذنبين حتى يسود الشعور لدى العامة بوجود تلازم فوري بين الخطيئة وجزائها على وجه السرعة، والحكم ببراءة المتهم إن لم يكن مذنباً، والحفاظ على كرامته بعدم إبقائه مدة طويلة ومصيره ه معلق (2).
فالبطء في تحقيق العدالة نوع من الظلم على عكس السرعة في إنجاز إجراءات الدعوى الجزائية، حيث يسهم مساهمة فاعلة في تحقيق العدالة الجنائية، ومصلحة أطراف الدعوى الجزائية(3)، فالتدقيق والتمحيص أو ما يعرف بعدالة الحكماء) يجب تكريسها للجرائم الخطيرة على المجتمع وضرورة البحث عن حلول سريعة للجرائم البسيطة، فالإجراءات النافذة في الدول العربية عاجزة عن مكافحة الظواهر الإجرامية، فملفات التحقيق تملأ مراكز الشرطة والقضاء يئن من وطأة العبء الملقى على عاتقه، و السجون تكتظ بالنزلاء القابعين خلف قضبانها. (4) فضلاً عما تقدم فان المشكلة التي يمر بها القانون الجنائي الموضوعي تلقي بضلالها على القانون الجنائي الشكلي (قانون الإجراءات)، فالأخير يقوم بتطبيق نصوص الأول، وأي خلل يصيب القانون الأول ينعكس على قانون الإجراءات الذي يمثل أداة التطبيق (5).
والسرعة تفرضها ضرورات القناعة الوجدانية أكثر مما تفرضها اعتبارات أخرى، فالسياسات الجنائية للدول تهدف إلى مواجهة الظاهرة الإجرامية، إلا أن الكثير منها أخفقت في ذلك نتيجة البطء في الإجراءات المتبعة أمام المحاكم الجزائية، وهو ما أدى بالنتيجة إلى ارتفاع حجم هذه الظاهرة، مما حدا ببعضهم إلى القول بأن هنالك أزمة في السياسة الجنائية في الوقت الحاضر، وفي الواقع إن السياسة الجنائية في أزمة حقيقية نتيجة عدم الاعتماد على الأسس العلمية التي تراعي الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتحقيق السرعة في حسم القضايا وكل ذلك يرجع إلى النظم الإجرائية المتبعة التي أصبحت غير فعالة في مكافحة الإجرام نتيجة لما يشوبها من تعقيد في الإجراءات وزيادة في الشكليات ووحدة السلاح الإجرائي المستخدم مما جعل العدالة الجنائية تفقد فعاليتها بسبب غياب سرعة الإجراءات (6).
لذا فقد أكدت التوصيات الدولية، على ضرورة اللجوء إلى بدائل واتخاذ سياسة جنائية فعالة، فقد قدم المجلس الأوربي توصية تم تبنيها من قبل لجنة وزراء المجلس عام (1983)، والتي تضمنت توصية حكومات الدول الأعضاء بتشجيع مساهمة المجتمع في تحضير وتطبيق سياسة جنائية تتجه إلى منع الإجرام، واللجوء إلى بدائل العقوبات السالبة للحرية والعمل على ضمان مساعدة المجني عليه) (7).
صفوة القول أن أهم أغراض السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية تتمثل في: تحقيق التضامن بين الجهات الرسمية وغير الرسمية كافة، لتحقيق العدالة الجنائية، فالعدالة ليست هدفاً للجهات الرسمية فحسب، فالدولة وان كان يقع عليها العبء الأكبر من خلال إدارتها مرفق العدل، إلا أن أفراد المجتمع يتقاسمون المسؤولية معها، وهوما يعود عليهم بمردود ايجابي نتيجة هذه المساهمة وهذا هو مفهوم السياسة الجنائية المعاصرة الهادفة إلى تحقيق مساهمة الأفراد كافة مساهمة فاعلة لإقامة العدالة الجنائية وتأهيل المجرمين، فضلاً عن ذلك فهي تهدف إلى ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية، لاسيما أصل البراءة وتحقيق مصالح المتهم والضحية والمجتمع .
____________
1- د. عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997 ، ص 7 وما بعدها.
2- د. رمسيس بهنام، الإجراءات الجنائية تأصيلا وتحليلا، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1977، ص 147 وما بعدها.
3 - د. غنام محمد غنام حق المتهم في محاكمة سريعة ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1993 ، ص 23 وما بعدها.
4- د. أحمد فتحي سرور، الشرعية الدستورية، طا ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995، ص 15.
5- د. عمر سالم المرجع السابق، ص 25 وما بعدها.
6 - د. أحمد البراك أزمة العدالة الجنائية الأسباب وسبل العلاج، بحث منشور على شبكة المعلومات الدولية:
http://ahmad barak.com/article view.aspx?articled=41.
7- د. عبد التواب معوض الشوربي، التجنيح القضائي، القاهرة، 1995 ، ص 3 ، نقلا عن د. عمر سالم، المرجع السابق، ص 13.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|