أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
2018
التاريخ: 16-4-2022
2038
التاريخ: 5-1-2023
1270
التاريخ: 26-1-2023
1410
|
لقد أختلف الفقهاء فيما بينهم حول مفهوم الخيانة العظمى ، لذلك تعددت التعريفات التي تتناول الخيانة العظمى ، إذ عرفه الفقيه الفرنسي ( موریس دوفرجيه ) بانه جرم سیاسي ينطوي على إساءة استعمال الرئيس لوظيفته لتحقيق عمل ضد الدستور أو المصالح العليا للبلاد "
في حين يرى الفقيه فيليب فويلارد ( Philippe Foillard ) بأنه الخيانة العظمى يمكن تفهم على أنها تقصير خطير من أداء الرئيس لالتزاماته، ويمكن أن يتصور ذلك إذا لم يتحرك الرئيس لمواجهة وضع الأزمة التي تضع استقلال الوطن أو وحدة أراضيه في خطر "
أما الاستاذ فيدال G VEDEL فيرى بان الخيانة العظمى تعني : " الأهمال الخطير في إدارة المهام الملقاة على عاتق الرئيس " .
ويرى الفقيه بيير ديسموتس Pierre Desmottes أن الخيانة العظمى هي :" كل تقصير من جانب رئيس الجمهورية في أداء الواجبات المكلف بها ، يمكن اعتبارها مكونا لجريمة الخيانة العظمى (1).
وأمام هذه الخلافات و الصعوبات في وضع تعريف فقهي محدد للخيانة العظمى فقد ذهب بعض الفقه إلى تعداد الأفعال التي تشكل جريمة الخيانة العظمى فقد تقدم المسيو باسكل دوبراPascal Dupra في عام 1878 بمشروع قانون في فرنسا يحتوي على خمس حالات في وصف الخيانة العظمى وهي :
أولا : إذا قام الرئيس بوضع عقبة أمام السلطة التشريعية بصورة غير مشروعة ، بحيث تحول بينها و بین مباشرتها لوظيفتها التشريعية ، كاللجوء الى حل البرلمان بدون عذر مشروع ، أو عدم اتخاذ تدابير اللازمة لحماية البرلمان عند الاعتداء عليها ، أو عرقلة الوسائل التي اتخذها البرلمان لحماية نفسه من الاعتداء
ثانيا : الدخول في حروب دون موافقة البرلمان .
ثالثا : إذا سمح الرئيس بدخول جيوش خارجية إلى اراضي إقليم الدولة
رابعا : إذا ارتكب الرئيس جريمة جنائية تمس أمن الدولة، نص عليها قانون العقوبات .
خامسا : إذا قام الرئيس بأعمال أو محاولات ترمي لإيقاف العمل بالدستور أو هدمه .
الا ان هذا المشروع لم يلاق القبول من البرلمان (2)
أما في الفقه العربي فقد ذهب جانب من الفقه الى تعريف الخيانة العظمى بأنها : " جريمة سياسية خاصة تنشا ككل الجرائم السياسية عن اعمال وافعال موجهة ضد الدولة ومؤسساتها الدستورية ، لكن على عكس الجرائم الاخرى ، كمحاولة تغيير شكل الدولة او الكشف عن أسرار الدفاع الوطني أو التجسس ، فالخيانة العظمى مخصصة بأشخاص معنيين غالبا ما تكون بيدهم أعلى مقاليد السلطة في الدولة كرئيس الجمهورية أو الوزراء أو بعض الموظفين أو اعضاء المجالس النيابية "(3).
وقد تضمنت معظم الدساتير المصرية النص على جريمة الخيانة العظمى ، كأحد الأفعال التي تؤدي الى مساءلة رئيس الدولة جنائيا ، الا أن هذا الفعل قد انتابه الغموض و عدم التحديد و تار حوله العديد من الخلافات ، فقد سكت المشرع عن تحديد الافعال التي يمكن أن تندرج تحت أسم جريمة (الخيانة العظمى) ، مما فتح الجدال حول الاجتهادات الفقهية والقانونية حول تحديد و تعريف هذا المصطلح (4).
وبالنظر لعدم تعريف الخيانة العظمى في الدستور ، ولذلك لجأ البعض إلى القانون الخاص بمحاكمة رئيس الجمهورية رقم 247 لسنة 1956 ، الا أن هذا القانون عرف جريمة عدم الولاء للجمهورية ولم يتطرق الى تعريف جريمة الخيانة العظمى ، واتجه البعض الأخر الى القانون الخاص بمحاكمة الوزراء رقم 79 لسنة 1958م (5) ، حيث ان هذا القانون حدد جريمة الخيانة العظمى و عرفها بانها " كل جريمة تمس سلامة الدولة أو أمنها الخارجي أو الداخلي أو نظام الحكم الجمهوري و يكون منصوصاً عليها في القوانين المصرية أو السورية " ، وحدد عقوبة الخيانة العظمى بالإعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو السجن المؤبد أو المؤقت (6).
وقد نصت دستور جمهورية العراق لعام 2005 في المادة (61 / سادسا ) في البند (أ) على " مساءلة رئيس الدولة بناء على طلب مسبب بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب " .
أما البند (ب) من الفقرة نفسها فقد نص على " اعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب ، بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في احدى الحالات الاتية : 1- الحنت باليمين الدستورية -2- انتهاك الدستور -3- الخيانة العظمى "
يلاحظ من نص البندين في المادة أعلاه من الدستور ما يأتي :
أولا : وفقا لهذا النص فان الرئيس لا يتمتع بأية حصانة . ، و بالتالي يمكن أن يكون ملاحقا بسبب أعماله في أثناء ممارسته لوظيفته الرئاسية أثناء مدة ولايته ، بل وحتى عن الاعمال الخارجة عن نطاق وظيفته الدستورية متى كانت تشكل خيانة عظمى و هذا المنهج يختلف عما ذهب اليه الدستور الفرنسي حينما اشترط في المادة (68) منه قيام صلة بين أفعال الرئيس التي تشكل الخيانة العظمی و بین ممارسته لمهام وظيفته الرئاسية
ثانيا : أشار النص الى الخيانة العظمى وجعلها من بين الحالات التي توجب مساءلة رئيس الدولة ، إلا أن النص عليه جاء بشكل متلازم مع حالتي انتهاك الدستور و الحنت باليمين الدستورية للدلالة على معنى هاتين الحالتين يختلف عن معنى الخيانة العظمى (7) ، فقد ذهب بعض من الفقه الى أن مفهوم انتهاك الدستور أكثر شمولا واتساعا من مفهوم الخيانة العظمى فحسب رايهم تتطلب وجود نية سيئة و مضرة تقوم بالعمل على عرقلة عمل المؤسسات الدستورية أو تعمل على منع تطبيق الدستور ، فرئيس الدولة لو أهمل واجبه و التزاماته في الحفاظ على سلامة الدولة و وحدة أراضيها ، مثلا لا يكون قد ارتكب انتهاكاً للدستور وانما ارتكب ايضا خيانة العظمى والحنت باليمين الدستورية .
ويذهب رأي أخر الى أن انتهاك الدستور هو أحد الأفعال التي تتكون منها الخيانة العظمى ، ولذلك لا تنص عليه معظم الدساتير على عكس ذلك فان غالبية الدساتير تنص على حالة الخيانة العظمى (8).
أما الدستور الفرنسي فقد حدد في الفقرة الثانية من المادة (68) من الدستور معنى الخيانة العظمى حيث نصت على " يعد خيانة عظمى كل إجراء صادر من رئيس الجمهورية بحل الجمعية الوطنية ، أو تأجيل دورات انعقادها ، أو بوضع عقبات تعوق ممارسة عملها النيابي
فمن خلال تحليل هذا النص الدستوري يتضح لنا أن المشرع الفرنسي قد تبنى المعنى الضيق للخيانة العظمى ، حيث كما يتبين إنه قصرها فقط على الافعال التي تصدر من الرئيس ، وينتج عنها مساسا و بصورة غير مشروعة بمؤسسة الجمعية الوطنية ، والأفعال التي نص عليها الدستور و التي تندرج ضمن مفهوم الخيانة العظمى هي كما يأتي :
أولا : حل الجمعية الوطنية .
ثانيا : تأجيل دورات اجتماعات الجمعية .
ثالثا : وضع العقبات من قبل رئيس الدولة والتي تحول دون استمرار عمل الجمعية الوطنية (9) وكما اختلف الفقه بشأن تحديد تعريف معنى الخيانة العظمى ، فقد امتد هذا الخلاف الى الفقه الدستوري في تحديد طبيعة الخيانة العظمى، هل هي ذات طبيعة جنائية أم سياسية أم ذات طبيعة مختلطة ؟
ذهب كل من الفقيه الفرنسي بارتلمي (Bartlemy ) و سيرجي الن (Sergey Allen ) و الفقيه جين كلاود Jane Cloud ) ، الى أن جريمة الخيانة العظمى ذات طبيعة جنائية ، وكانت حجتهم في ذلك أن الجزاء المفروض على هذه الجريمة ذو طبيعة جنائية يصيب رئيس الدولة في حريته و ماله فضلا عن ابعاده عن المنصب الرئاسي الذي يشغله ، بالاضافة الى أن كل خطأ سياسي جسيم يشكل جنحة أو جناية وفق قانون العقوبات يمكن أن يشكل خيانة عظمى .
وبعكس هذا الرأي ذهب الفقيه فيدال Vidal و الفقيه مارسيل بريلو (Marcel Brillo ) و أندريه هوریو ( Andre Horio ) ، إلى أن جريمة الخيانة العظمى هي جريمة ذات طبيعة سياسية تهدد المؤسسات ومصالح البلاد العليا ، وأن هذه الجريمة لا تندرج تحت أي من الجرائم التي نصت عليها قانون العقوبات ، وبذات الاتجاه يذهب الفقيه لافيرير (Laverer ) ، إذ يرى أن المحكمة التي يتحاكم أمامها رئيس الدولة ونظام الاتهام يكون بواسطة البرلمان ، ولا يتم وفقا لقانون العقوبات والإجراءات المحددة لمحاكة الأفراد العاديين .
أما الرأي التالت ، فيذهب الى أن جريمة الخيانة العظمى ذات طبيعة مختلطة جنائية – سياسية ، أو أنها سياسية بصفة أصلية . ، و جنائية بصفة تبعية أو هي سياسية وإن اتخذت طابعا جنائيا (10).
ونحن و بعد أن عرضنا جميع الآراء التي طرحت ، نرى أن الراي الأقرب لنا ، ، و الذي نؤيده .أن جريمة الخيانة العظمى هي جريمة سياسية ، لأن أي من الدساتير و القوانين العقابية لم تشر إلى تعريف و عقوبة جريمة الخيانة العظمى في نصوصها و أحكامها ، وهذا يرفع عنها طابعها الجنائي ، كما أن العقوبة التي يحكم بها الرئيس المدان بها هي الإقالة و العزل من المنصب الرئاسي ، وهي عقوبة سياسية .
______________
1- حيدر محمد حسن الاسدي ، عزل رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العضمى ، دراسة مقارنة ، ط1 دار الصفا للنشر و التوزيع عمان ، مؤسسة دار الصادق الثقافية الحلة 2012 ، ص 46 - 47
2- محمد مرسي علي غنيم ، المسؤولية السياسية و الجنائية لرئيس الدولة دراس- مقارنة ، ط 1 ، مكتبة وفاء القانونية ، الاسكندرية 2013 ، ص 470 - 471
3- د . زواقري الطاهر ، اسباب عزل السلطة في القانون الدستوري و المقارن ، ط 1 ، دار الحامد للنشر و التوزيع ، الاردن ، عمان ، 2013 ، ص 88.
4- د. محمد عدنان ناجي ، تاثير البرلمان على رئيس الدولة بين النص القانوني و الواقع العملي على ضوء اهم التعديلات الدستورية المستحدثة ، الكتاب الثاني ، ص 259
5- صدر هذا القانون في عهد الوحدة بين مصر و سوريا .
6- فيصل عبد الكريم دندل ، مسؤولية رئيس الدولة عن احكام انتهاك الدستور ط1 المركز العرابي للنشر والتوزيع والطبع ، القاهرة 2018 ،ص 137 .
7- حيدر محمد حسن الاسدي ، مصدر سابق، ص 60 .
8- فيصل عبد الكريم دندل ، مصدر سابق ، ص 207 - 208 .
9- د. رافع خضر صالح شبر ، الخيانة العظمى ، ط ا ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص 24 .
10- د . علي يوسف الشكري، المحكمة الاتحادية العليا في العراق بين عهدين ، ط 1 ، الذاكرة للنشر و التوزيع ، بغداد ، 2016 ، ص 375 - 376 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|