الاثار المترتبة على قرار عدم الثقة بأحد الوزراء
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص167-168
2025-12-17
34
بعد مراعاة الإجراءات المذكورة يتخذ المجلس قراره في موضوع الطلب والذي لا يتعدى أن يكون أما رفضا للاقتراح بسحب الثقة ، وقد يصحب ذلك توجيه الشكر للوزير الذي قدم طرح الثقة فيه من باب التدعيم لمركزه وإزاحة اثر الاقتراح عنه(1). وأما أن يكون قبولا للاقتراح بسحب الثقة من الوزير، ويترتب على هذا القرار الاخير اثار خطرة لا تقتصر على مركز الوزير السياسي فحسب وأنما قد تتسع لتشمل الحكومة بأكملها اذا قررت التضامن معه . لذا سنتناول تلك الاثار على النحو الاتي:
اولا : اعتبار الوزير معتزلا منصبه :- نصت المادة (101) من الدستور على انه " ... اذا قرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء اعتبر معتزلا للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة ويقدم استقالته فورا ..."(2). أي يترتب على سحب الثقة من الوزير اعتباره معتزلا لمنصبه فور صدور قرار عدم الثقة ويجب عليه أن يقدم استقالته على الفور وليس من تاريخ الاستقالة مهما تراخى هذا التاريخ(3). لان تقديم تلك الاستقالة ما هو الا استيفاء للشكل الدستوري فقط ، والتي تعتبر مقبولة حكما أي أنها مجرد اجراء شكلي لا غير(4). ويترتب على ذلك انه اذا كان الوزير الذي سحبت منه الثقة عضوا في مجلس الأمة بحكم وظيفته (أي انه اكتسب العضوية في المجلس نتيجة لتوليه المنصب الوزاري) فأنه يفقد العضوية لأنها تبعية لمنصبه الوزاري(5). واذا كان الوزير الذي سحبت الثقة منه عضوا منتخبا في مجلس الأمة ولكن تم استيزاره فأنه يعود الى عضويته في المجلس(6).
ثانيا : في حالة صدور القرار بسحب الثقة من الوزير فيعتبر كل تصرف يصدره من يوم موافقة المجلس على ذلك القرار باطلا ولا قيمة له :- الوزير الذي صدر قرار من مجلس الأمة بسحب الثقة منه أصبح غير اهلا لشغل المنصب الوزاري نتيجة لفقدانه لثقة ممثلي الشعب من لحظة صدور قرار عدم الثقة ، ولا يجوز له اتخاذ أي قرار يتعلق بشؤون وزارته بحجة تصريف العاجل من شؤون وزارته لحين تعيين وزير جديد(7). ولاستثناء الوزير الذي سحبت منه الثقة من حكم المادة (103) من الدستور ما يبرره ، إذ لا يعقل أن يظل في الوزارة من طرحت الثقة به لأن معنى ذلك بقاء من فقد الصلاحية لتأدية أعمال تتوجب توافر هذه الصلاحية , بخلاف تقرير مسؤولية رئيس مجلس الوزراء إذ يترتب على اعفائه من منصبه بقائه (وبالتالي الوزراء) في مناصبهم لتصريف العاجل من الامور لحين تشكيل حكومة جديدة حتى لا يحدث هناك فراغ دستوري(8). ونظرا لما ينتج عن قرار المجلس بطرح الثقة بأحد الوزراء من اثار خطيرة سواء على الوزير ذاته ام على الحكومة بكامل هيئتها ، فإن الحكومة غالبا ما تعمل جاهدة على تجنب صدور مثل هذا القرار ، وذلك في حالات متعددة ، فقد تطلب من الوزير تقديم استقالته قبل التصويت على الثقة به(9). أو تقوم بالتضامن مع الوزير المراد سحب الثقة منه من اجل الضغط على المجلس لإيقاف طرح مسألة الثقة ، ومن ثم تحويل المسؤولية السياسية من شكلها الفردي المتعلق بالوزير الى شكلها التضامني المتعلق بالحكومة بأكملها(10). وقد يأخذ هذا التضامن صورة اخرى عندما تقدم الحكومة استقالتها ، ثم يعاد تشكيلها مع اسناد منصب وزاري أخر للوزير الموجه اليه الاستجواب . وهو ما يعرف " بالتدوير الوزاري "(11). وهو أحد الوسائل الحكومية لمنع الاستجواب من ترتيب اثاره والتي من اهمها طرح مسألة الثقة بالوزير. والرأي الراجح يذهب الى أن التدوير الوزاري يعد التفافا على نصوص الدستور التي ترتب على التصويت على الثقة بالوزير اعتزاله منصبه فورا ، ولا يصح أن تسند اليه وزارة اخرى لأن الامر يتصل بأهليته لشغل المنصب الوزاري بغض النظر عن الحقيبة الوزارية التي يشغلها ، وخير دليل على ذلك أن الحكومة لا تلجأ الى هذا التدوير الا اذا تأكد لديها أن الوزير فاقد للثقة لا محالة(12).
___________________
1- كتجديد الثقة بوزير الداخلية (جابر الخالد الصباح) حيث جاءت نتيجة التصويت بموافقة (18) عضوا على سحبها وعدم موافقة (26) عضوا و(5) ممتنع . ينظر مضبطة الجلسة رقم (1236/خاصة) المؤرخة في 17 ديسمبر 2009.
2- د. عثمان خليل عثمان أثناء اجتماعات المجلس التأسيسي ذهب الى ضرورة اعتبار الوزير مستقيلا بحكم القانون من تاريخ عدم الثقة ولكن اصر الأعضاء الاخرين على اضافة عبارة " ويقدم استقالته فورا " والتي لم يوافق عليها لأنها تجعل صياغة المادة تبدو ضعيفة وقال " واذا لم يستقيل ما الحل ؟ واذا اتخذ في هذه الاثناء اجراءات وامضى مثلا اوراقا خطيرة ثم قدم استقالته بعد ذلك ! " . محاضر اجتماعات المجلس التأسيسي ، محضر الجلسة رقم (15) المؤرخة في 30/6/1962 ، ص 264.
3- وهذا ما اكدت عليه المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي بقولها " فإن صدر القرار – أي قرار عدم الثقة – اعتبر الوزير معتزلا منصبه من تاريخ قرار عدم الثقة ، وقدم استقالته وجوبا الى رئيس الدولة استيفاء للشكل القانوني ، ولذلك لا يبقى الوزير في منصبه ولو ارتأى رئيس الدولة حل مجلس الأمة والرجوع الى رأي الشعب " .
4- د. علي السيد الباز ، السلطات العامة في النظام الدستوري الكويتي ، مجلس النشر العلمي ، جامعة الكويت ، الكويت ، 2006 ، ص 343.
5- د. يحيى الجمل ، النظام الدستوري في الكويت مع مقدمة في دراسة المبادئ الدستورية العامة ، مطبوعات جامعة الكويت ، كلية الحقوق والشريعة ، 1970-1971 ، ص 385.
6- د. عادل الطبطبائي ، النظام الدستوري في الكويت (دراسة مقارنة) ، مؤسسة دار العلوم ، الكويت ، 1985.ص 825.
7- وهذا ما اكدت عليه المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي في تعليقها على المادة (101) من الدستور بقولها " ومقتضى ذلك أن أي تصرف يصدر من الوزير المذكور بعد صدور قرار عدم الثقة يعتبر بقوة الدستور باطلا وكأن لم يكن ، دون أن يطبق في هذه الحالة الحكم الوارد بالمادة 103 من الدستور القاضي باستمرار الوزير في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تعيين خلفه ، وبذلك يعين فورا وزير بدلا منه أو يعهد بوزارته مؤقتا الى وزير أخر لحين تعيين الوزير الجديد ".
8- د. عادل الطبطبائي ، اختصاصات الحكومة المستقيلة (دراسة مقارنة) مراجعة وتقديم د. طعيمة الجرف ، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، الكويت ، 1986 ، ص 122 .
9- كقيام وزير النفط (علي الجراح الصباح) بتقديم استقالته في 22/5/2007 وذلك قبل الجلسة المحددة في 9/6/2007 للتصويت على طرح مسألة الثقة به وصدر مرسوم أميري بقبول الاستقالة في 30/6/2007 ، الفصل التشريعي (11) ، دور الانعقاد (3) ، تاريخ الاستجوابات في الكويت .
10- كتضامن الحكومة مع وزير الاعلام (سعود ناصر الصباح) في 10/3/1998 . وتقديم استقالتها قبل يوم وأحد من الجلسة المحددة لطرح الثقة بالوزير ، ينظر الفصل التشريعي (8) ، دور الانعقاد (2).
11- كعدم مناقشة الاستجواب المقدم لوزير المالية (بدر مشاري الحميضي) في 22/10/2007 لصدور المرسوم الاميري المرقم (330) لسنة 2007 بأجراء تعديل وزاري ، حيث تم تدوير الوزير أعلاه وزيرا للنفط بدلا من وزير المالية ، ينظر الفصل التشريعي (11) ، دور الانعقاد (3) ، المصدر السابق نفسه .
12- د. جابر جاد نصار ، الاستجواب كوسيلة للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في مصر والكويت ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1999 ، ص 143. وكذلك د. محمد عبد المحسن المقاطع ، الاستجواب البرلماني للوزراء في الكويت (دراسة تحليلية نقدية في ضوء أحكام الدستور الكويتي والسوابق البرلمانية) ، اصدار مجلة الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة الكويت ، السنة (26) ، ملحق العدد (3) ، 2002 ، ص116 وما بعدها .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة