المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الاحتياجات المهمة للأطفال / الحاجة الى التقدير والثناء  
  
1808   03:32 مساءً   التاريخ: 31-12-2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص203ــ214
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

احدى الاحتياجات المهمة والاساسية للإنسان وخاصة الاطفال هي الحاجة الى التقدير والاستحسان. وجميع الافراد يعيشون هذا الأمل بأن يكونوا في وضع أو موقف ينالون بموجبه استحسان الاخرين وتقديرهم وليحققوا من خلال ذلك أمنيتهم ويشبعوا غرورهم، وبالمقابل يكتشفوا سبيل حياتهم المستقبلية.

يقوم الطفل بإنجاز عمل ما في البيت وهو لا يعلم مدى حسنه أو قبحه. ويريد أن يعرف هل ان ما أنجزه مقبول أم لا؟ ان استحسان والديه لما يؤديه من عمل يؤكد له وجوب الاستمرار ومواصلة هذا الطريق، وان العمل الذي انجزه مقبول ومناسب، كما انه يلجأ أحياناً الى اداء اعمال شاقة ومجهدة يعجز أقرانه عن القيام بها. فلو تم تقدير عمله هذا، فان الشعور بالتعب والارهاق يزول عنه تماماً ويشجع على مواصلة ذلك.

ان الاستحسان والتقدير حاجة نفسية داخلية، ويرغب الطفل في الحصول عليها من قبل الوالدين والمربين. ويعتقد بعض علماء النفس ان لهذه الحاجة أساس نفسي؛ ودليلهم على ذلك الجهود والمساعي التي يبذلها الطفل من اجل الحصول على ذلك.

تمني ذلك في الافراد:

قلنا ان العلماء يرون بأن هذه الحاجة ذات طابع فطري داخلي، ولهذا السبب فإنها تلاحظ لدى الطفل منذ مرحلة طفولته، ويتم تبرير الكثير من اعمال الاطفال بناءً على هذا الاساس.

ان الطفل يريد من الآخرين ان يدركوا قيمة عمله، وان واجهه أمر ما يحول دون تحقق ذلك سينزعج بشدة.

ان الاطفال يشعرون بالارتياح جراء الاستحسان والتمجيد والتقدير أيضاً، ومن هذا المنطلق يبذلون ما بوسعهم لتهيئة موجبات ذلك لأنفسهم . ان جزء مهماً من النشاطات، والفعاليات والقيام بأداء الاعمال الشاقة، وقراءة الشعر والاناشيد من قبل الاطفال انما يكون لغرض صرف الانظار اليهم انه وبسبب قلة خبرته من الممكن أحيانا ان يقدم على اعمال مضحكة.

ضرورة ذلك واهميته :

من الضروري ان يحظى هذا الأمر باهتمام ورعاية الوالدين والمربين سواء من الناحية التربوية أو من زاوية تسيير الامور وتبسيط السلوك. إذ يجب ان لا ننظر الى المحسن والمسيء بالمساواة (ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء) .

وما اكثر الخصال التي تظهر لدى الافراد في ظل هذه السلوك وتترسخ لديهم وما اكثر مشاعر الارتياح والمحبة والدفىء في العلاقات التي تتجلى في الاطفال فيظل هذا السلوك أيضاً. كما يعتبر هذا الامر ضروري للطفل لأنه ينبغي ان يقف الطفل على نتيجة اعماله أو ان يتولد لديه الشوق لكي يكرر الاقدام على انجاز اعماله برغبته ورضاه الباطنيين.

ان عملية الاستحسان تؤدي بالطفل الى عدم الحيرة والوقوف على مفترق الطرق، واظهار ردود الفعل تجاه أمر معين ويبذلون ما بوسعهم نحو التطور والرقي. ونعلم ان احساس الطفل يشكل جزءً مهماً من عالمه ويعد التقدير والاستحسان عاملين مناسبين لتقوية أحاسيسه ونشاطه .

ومن اجل هذه المسألة المهمة يوصي الاسلام الوالدين والمربين ومسؤولي المجتمع أيضاً بتقدير المرؤوسين ومن هم في رعيتنا وتثمين الجهود التي يبذلونها لكي نهيئ الارضية اللازمة لإيجاد الرغبة الذاتية لدى الآخرين أيضاً فضلاً عن مشاعر الاعتزاز والفخر لدى العامل بهذا الاسلوب.

اضرار فقدانه :

لقد اظهرت الدراسات التي قام بها علماء النفس التربويون انه في حالة عدم اشباع هذه الحاجة عند الاطفال بشكل لائق فان ذلك سيؤدي الى خلق الاجواء المناسبة للقيام بأعمال وتصرفات غير مناسبة وخاطئة لا يمكن ان تحظى بموافقتنا مما يؤدي بالتالي الى ان يقدم الطفل على سلوك معين يلفت به انظار الآخرين وينال اعجابهم، ويمهد الارضية لكسب استحسانهم له.

كما اظهرت الدراسات الأخرى ان عدم مراعاة هذا الامر يعتبر من العوامل التي تبطل تأثير هذا العمل وتعيق الطفل عن مواصلة وتكرار ذلك مثل هذه الاعمال.

وللأسف فان تكبر وتفرعن بعض الاولياء والمربين يصبح سبباً لحرمان الاطفال من هذه النعمة، واتصافهم بسلوك راكد وجامد. وحتى لو أقروا بان الطفل يستحق الاستحسان والتقدير فانهم يتهربون من القيام بذلك لكي لا يصبح اطفالهم متملقون حسب زعمهم وان لا يقلل ذلك من كبرياء الأب أو الأم وقداستهم في نظر الطفل!

وتتفاقم هذه الخسارة عندما يرى الطفل عدم تقدير واستحسان اعماله المقبولة ولكي بمجرد ان يصدر عنه خطأ ما يتعرض للمؤاخذة واللوم. وان بعض الآباء والأمهات يتصفون بقابلية كبيرة على اللوم والطعن ويرتفع صوتهم لأتفه الاسباب ويبدون انزعاجهم ولهذا السبب فان حياة الطفل في مثل هذه الاجواء تشبه حياة الاسر.

ويشعر الطفل تجاه هذه المعاملة السيئة بأنه غير محترم ومحتقر ومهان. وهؤلاء الاطفال يتهمون والديهم أحياناً بالاجحاف ويفقدون ثقتهم بهم، وفي هذه الحالة يتضح لنا ان الطفل سيكون بعيداً عن تربيتهم له.

فوائد الثناء والتقدير:

ان الجواب واضح بشأن التساؤل عن فائدة الاستحسان والتقدير تجاه الطفل وآثار ذلك عليه. ويمكن التعرف على بعض تلك الفوائد من خلال دراسة ضرورة هذا العمل واهميته والبعض الآخر سنستعرضه باختصار فيما يلي :

١- السبب في مواصلة العمل :

ان تقدير الطفل وتشجيعه يصبح سبباً لمواصلة العمل المراد انجازه وباعثاً على شعور الطفل بان عمله مهم، وذا قيمة، وينبغي ان يؤديه باستمرار.

2- الشعور بالأهمية:

ان هذا الامر يصبح سبباً لشعور الطفل بالأهمية ويرى لنفسه قيمة. وفي هذه الحالة يرى نفسه بسيطاً وغير ذا أهمية ولا يلجأ الى الاساليب السيئة والملتوية ليشعر بأنه مهم وذو قيمة.

٣- خلق الثقة بالنفس والاعتماد عليها :

مثل هذا الطفل يثق بنفسه ويشعر بشيء من الاطمئنان تجاه عمله. وهذا الأمر يصبح السبب في ان يبدي حزماً اكثر جدية في اتخاذ القرار وتنفيذه.

٤- الاتزان في نمو الشخصية :

ان التقدير يصبح السبب في نمو الشعور بالاستقلال لدى الطفل وان يدرك انه بإمكانه الاعتماد على نفسه في الجانب النفسي والعقلي، وان تحصل لديه حالة التوازن في جميع ابعاده وكيانه.

٥- الشعور بالزهو والانبساط :

ان مسألة تأمين الاحتياجات الفطرية للإنسان تعد بحد ذاتها سبباً للشعور بالزهو والانبساط وطيب الخاطر. إذ يتم احياء شخصيته من خلال ذلك وينجو من الشعور باليأس والتشاؤم.

٦- اصلاح الطباع:

ما اكثر الطباع والاخلاقيات التي تحتاج الى الاصلاح واعادة النظر فيها، ان انبساط الطفل من الاعمال التي أداها، ومعاملته بالتقدير والثناء على ذلك يصبح باعثاً لكي يقوم بإصلاح سلبياته ونواقصه أيضاً.

٧- تطور القدرة على التعلم:

واخيراً فان الانبساط الناجم عن التقدير والثناء سيصبح سبباً لكي تتطور مسألة القدرة على التعلم لدى الطفل، وتتحفز قدرته على الابتكار في هذا المجال. ان سماع كلمات الاستحسان والثناء من المعلم يعد بحد ذاته حافزاً للاندفاع نحو الامام.

ومن الفوائد الأخرى أيضا انه يصبح سببا للتخلص من المطبات النفسية، وتأمين الحالة النفسية، وسبباً للسعي الى الوصول الى حالة ووضع مناسب، واداء الاعمال بطاقة اكبر، ومحركاً للعمل والتطور، وسبباً للتكامل والنمو. ويتسبب هذا الأمر أحياناً في ايجاد تغييرات عجيبة واستثنائية في حياة الانسان بل وتغيير سيرة حياته أيضاً.

انواع الثناء والتقدير :

يمكن ان يحصل الثناء والتقدير بصورة متعددة :

* فأحيانا يكون لفظياً إذ يقوم الوالدان والمربون في ذلك بذكر العبارات المعمول بها في المجتمعات المختلفة ، والتي تقسم على الثناء وتقدير اعماله.

* وأحياناً اخرى يكون عملياً. وبهذه الطريقة يقوم الوالدان بضم الطفل واحتضانه ومداعبته أو يأخذون الطفل الى الاماكن التي يحبها.

* وأحياناً يمكن ان يتحقق الثناء والتقدير من خلال اعطاء الجائزة والهدية، إذ تبرز هنا اهمية اثر الجائزة وليس ثمنها. وسنسعى في هذا المجال ان نأخذ بنظر الاعتبار المراحل السنية والجنسية.

ان الاطفال الصغار يستأثرون بالنصيب الأوفر من اللذات قياساً مع الاشياء الأخرى، في حين من الممكن ان تتمثل جوائز الافراد الحديثي البلوغ بتوفير الادوات والوسائل وحتى الملابس وادوات القرطاسية.

مخاطر الافراط في ذلك:

لابد من مراعاة الحدود المنطقية في ابراز الثناء والتقدير بحيث نبقي اولاً مجالا للتقدير والثناء، في حالة اداء عمل افضل واكثر، وثانيا لا يؤدي هذا الامر الى ايجاد حالة الغرور والابتعاد عن الذات. وتجدر الاشارة الى ان معرفة حدود ذلك ومقداره يعد بحد ذاته خطوة مهمة في هذا المجال.

يقول الامام امير المؤمنين عليه السلام: (الثناء المفرط نوع من التملق والتقصير عن الاستحقاق غيّ أو حسد - نهج البلاغة).

ان الثناء والتقدير اكثر عن اللازم يولد الخسران لدى الطفل، ويجعل عمل المربي صعب للغاية. ويقضي على اعتبار الثناء واهميته، ويتسبب في ايجاد عادات سلبية لدى الافراد. وعندما يرد هؤلاء الافراد الى المجتمع لن يكون بوسعهم الانسجام مع ضوابطه. ان تولد مشاعر التشاؤم وخلق اجواء العداء والحقد والخصومة من قبل الطفل ينجم أحياناً بسبب الثناء عليه في موقف معين وعدم استعباره في مكان آخر.

طريقة اجراء ذلك :

ان الاساس في الثناء على الطفل وتقديره هو ان نعمل بالشكل الذي نقوده الى معرفة واجبة وتكليفه وتحمله المسؤولية. وان نقضي بنحو أو آخر على عوامل اهتزازه الداخلي وندفعه الى اداء وبذل جهوده اكثر فاكثر. وان نبرز جهوده ومساعيه بالشكل الذي يشعر معه بالفرح والسرور لنجاحه وان يستمر كذلك على مواصلة ذلك الطريق.

والذين يتّصفون بشيء من النشاط والفعالية ينبغي ان نعمل على اكتشاف النقاط الايجابية فيهم وتحديدها وتسليط الاضواء عليها وتضخيمها ثم اسماعها اياه كما يمكن ان نستخدم الاسلوب التالي؛ بان نضع تحت تصرفه بعض الاعمال الاعتيادية ومن ثم نحرضه على اداء تلك الاعمال. ومن الطبيعي ان نقوم بالثناء عليه بعد نجاحه في ذلك.

ان هذا السلوك والتعامل يعتبر مقدمة وباعثاً على أن يشرع الطفل بأداء الاعمال بنشاط اكبر وحيوية اكثر أو أن يكون تابعاً لرأيكم ووجهة نظركم املاً في حصوله على ثنائكم.

بعض الأصول في تنفيذ ذلك :

هناك بعض الأصول والشروط التي ينبغي على الوالدين والمربين مراعاتها في هذا المجال، وسنشير الى نماذج من تلك الاصول في بحثنا هذا :

١- مراعاة الموازنة :

يجب ان يتناسب الثناء والتقدير مع نوع العمل وحالة الطفل، وأيضاً مع مستوى نجاحه في أداء الاعمال. ونريد أن نقول بانه يجب ان تتصفوا بالحذر حتى في العبارات المستخدمة للثناء والتقدير. وفكروا دائماً بهذا الأمر من ان الطفل لو قام بأداء عمل أهم وأفضل وكان بحاجة الى التكريم والتشجيع ماذا يجب ان نفعل؟ كما انه لو نال الجائزة الكذائية على نجاحه الكذائي ماذا يجب ان نفعل لنجاحه التالي؟ ان مراعاة هذه التوصيات ضرورية للمربين.

٢- الصدق والاخلاص:

لو أثنينا على الطفل يجب ان نكون صادقين في هذا الامر. وان نتلفظ بكلمات يتلمس الطفل طعمها الواقعي والحقيقي. وينبغي ان نجتنب مظاهر التصنع ما أمكننا ذلك لان الاطفال لو أدركوا هذا الامر فأن مكانة المربي ستتعرض للخطر المؤكد. أفهموه بأنك تستحق الثناء على العمل الفلاني .

٣- مدح نفس العمل:

والمراد بذلك ان نمدح نفس العمل ونثني عليه للطفل لكي يفهم ان العمل الفلاني له أهمية. وإن كان يحظى باحترام معين فلأنه قام بارتكاب هذا العمل، وعلى هذا الاساس لو كان حريصا على نيل هذه العزة والكرامة فيما بعد فلا مناص من تكرار نفس النموذج السابق لهذا العمل وان يدفع نفسه الى محيط اداء ذلك العمل.

٤- الوقف المناسب:

لو كان مقرراً ان نثني على طفل معين فيجب ان يتم ذلك في حينه طالما لم تخمد حرارة الامر بعد ولم يتلاشى توقعه في الثناء. ولا تدعوا الأمر يبرد وتخمد حرارة شوقه ورغبته لذلك. ولا تقولوا مطلقاً ان طفلي يطلبني ثناء وسأثني عليه غداً. لا تؤجلوا عمل اليوم الى الغد ولا تستبدلوا النقد بالنسية 

٥- عدم الارتشاء:

يجب ان لا يتسم الثناء والتقدير بطابع الرشوة. وان لا يكون الامر بالشكل الذي يؤدي معه الطفل عملا معيناً لتوقعه الثناء عليه. فالأساس في ذلك ان يرتكب الطفل عملاً معيناً من باب ادائه الواجب ويبذل جهده في هذا السبيل، ومن الطبيعي ان يحظى هذا الامر بالثناء والتقدير. ان اتخاذ الثناء والتقدير طابع الارتشاء يقلل من قيمة وأهميته ويجر الطفل الى سوء العاقبة .

٦- لغرض الاعمال الهامة:

يجب ان يكون الثناء والتقدير للأعمال المهمة وليس لأي عمل وكيفما اتفق ينبغي ان يكون ثنائكم على عمل يصعب على من هم في سنه اداؤه أو القيام به. إذ لا يجب مدحه والثناء عليه لكل عمل بسيط يقوم به وإن شعرتم بوجود حاجة لذلك يمكن تأمينها بكلمات من قبيل بارك الله فيك وحسناً فعلت وغيرها.

٧- في محضر الجماعة:

يشعر الاطفال بمزيد من الزهو والفخر عندما يحظى عملهم بثناء ومدح الآخرين وفي حضور الاقرباء وخاصة أصدقائه وأقرانه. ومن هذا المنطلق من المناسب ان تبادروا أحياناً الى مدحه وتقديره بين الجمع وفي حضور الآخرين إلا انه ينبغي ان نراعي المسألة التالية: وهي ان لا يجر هذا الامر الطفل الى الرياء ولا يصل الى مرحلة التباهي والتظاهر.

المحاذير في هذا الطريق :

لقد سعينا من خلال دراستنا حول هذه المسألة، وكلما كان ذلك ضرورياً ان نذكر بعض الأمور التي لها دور تحذيري ومجنب للوالدين والمربين، وطلبنا منهم الابتعاد عن اتخاذ الاساليب الضارة والمضرة في هذا المجال. ولكن ما تزال هناك بعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع، من الضروري تذكير الوالدين والمربين بها.

١- لابد من مراعاة جانب العدالة في تقدير ومدح الاطفال، خاصة أولئك الذين يعيشون مع بعضهم البعض في محيط البيت أو المدرسة. وان لا يكون الامر بالشكل الذي يحظى معه طفل معين بالثناء والتقدير على عمل ما في حين يبقى لآخر بعيداً عن هذا الثناء والتقدير.

ان الاطفال واعتماداً على تركيبهم الفطري يتصفون بانهم طلاب عدالة وينفون من التمييز.

٢- اتبعوا ضوابط واضحة بحيث يفهم جميع الاطفال بانهم يحصلون على نتيجة واحدة وثناء معين بخصوص اداء العمل أو المسألة الكذائية. إذ ان الازدواجية في العمل هو السبب في التشويش والشعور بالتمييز والتفرقة وسلب ثقة الاطفال الذين يتعرضون لهذه المعاملة من مربيهم.

٣- ان تقديركم وثنائكم على أحد الاطفال ينبغي ان لا يكون له بُعداً عقابيا وتحقيرياً للآخرين. ونعلم ان جميع الافراد ليسوا في مستوى واحد أو درجة واحدة ولا يمكن ان نتوقع من الجميع شيئاً واحداً. لذا عليكم ان تأخذوا بنظر الاعتبار مسألة المستويات والفوارق فيما بين الافراد.

٤- ومن الضروري أيضاً ان نتعامل مع الطفل بطريقة معينة لا يرى معه نفسه بانه فرد استثناني ومهم جداً والوحيد القادر على القيام بهذا العمل. يجب ان يعلم بأن الآخرين أيضاً يمتلكون في مراحل معينة قدرات اكبر مما يملكه هو. انه ليس طفلاً استثنائياً ولا يملك الحق بالتباهي.

٥- يجب ان نمزج الثناء والتقدير مع الاخلاق الاسلامية وذلك بأن يستحوذ عليه الحياء والخجل فيما لو نال التمجيد والثناء في حضور الجماعة، وان لا يتطاول بعنقه ليقول للناس بانه هذا التمجيد والثناء حقه الطبيعي بل وانه أقل من المستوى المطلوب.

التأييد الداخلي أو الذاتي:

وفي نفس الوقت لو أفلحنا في رفع المستوى التربوي للطفل الى الدرجة التي يشعر معها بأن اداء العمل بحد ذاته يعتبر مكافأة له، نكون قد حققنا نجاحاً باهراً. وبعبارة أخرى يجب ان يصل بناء الطفل واصلاحه الى المرحلة التي ينال معها التأييد الذاتي في نفسه، ويشعر في باطنه بالرضا والسرور عن اداه العمل.

ان التأييد الباطني أثمن نصيب في هذا الامر، وإلا مهما حاول الانسان ان يكرم احد الاطفال ويشملهم بدعمه وتشجيعه، فلا بد من بقاء بعض الموارد التي قد نقصر فيها. كما ان استمرار بقاء قوة محركة خارج كيان الطفل يعد مسألة صعبة وغير مستحسنة. ولابد من جعل الطاقة المحركة داخلية. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.