أوضح مجلس وزراء الداخلية العرب أن أكثر ما يقلقه هي خطورة المشاكل التي يخلفها الفساد, والتي تهدد استقرار المجتمعات وأمنها, وتقوض قيمها الأخلاقية, وتعرض التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للخطر, كما ويقلقه الصلات بين الفساد وأشكال الجرائم الاخرى, وخاصة الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية  وجريمة غسل الأموال, وإدراكا منه بأهمية تحسين أداء نظم الإدارة العامة وتعزيز المساءلة والشفافية, واقتناعاً منه بضرورة التعاون العربي والدولي لمنع الفساد ومكافحته بعد أن أصبح ظاهرة عابرة للحدود الوطنية, مع الأخذ بنظر الاعتبار المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 51/59 في 12/12/1996(1).تم إعداد مشروع المدونة العربية, والذي مر بنفس المراحل التي مر بها مشروع القانون العربي النموذجي لمكافحة الفساد، وتضمن المشروع مبادئ عامة حول الوظيفة العامة وواجبات الموظف العمومي, وتضارب المصالح والإفصاح عن الذمة المالية, وقبول الهدايا والمزايا وتضمن أيضا المعلومات السرية وحث مجلس وزراء الداخلية العرب الدول الأعضاء باتخاذها أداة تسترشد بها في جهودها الخاصة لمكافحة الفساد (2).

ولابد لنا أن نشير إلى أهم الجهود الدولية لجامعة الدول العربية في مجال مكافحة الفساد، فجامعة الدول العربية متمثلة على وجه الخصوص, بمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب, لها جهود في التعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الفساد من خلال المشاركة الفعلية لممثلي المجلسين وممثلي الدول الأعضاء في المؤتمرات والندوات الدولية وفي اجتماعات اللجان المتخصصة بصياغة الصكوك الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد(3). كما شاركت جامعة الدول العربية بفعالية وايجابية في اجتماعات اللجنة المخصصة لإعداد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد, ورحبت بدخول الاتفاقية حيز النفاذ, ودعت الدول الأعضاء إلى التصديق عليها أو الانضمام إليها باعتبارها آلية ضرورية لتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفساد, ودعم الجهود الوطنية في هذا المجال (4).

كما كان للجهود العربية المساهمة في إعداد وتطوير المعايير الدولية الخاصة بمكافحة الفساد في أجهزة الشرطة, والإسهام في إعداد مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين العموميين (5).

واخيراً، فإننا نستخلص أن الهدف المشترك في جميع المبادرات الدولية الإقليمية ، هو الحظر والمنع والمعاقبة الفعالة للممارسات التي تقوض دعائم أداء النظام الاقتصادي ، وتعيق التنمية ، ومبادئ المساواة والشفافية والمساءلة ، وحث الدول على تجريم هذه الممارسات وفقاً لنظامها الداخلي ، وتوصي جميع هذه المبادرات مع اختلاف درجة التركيز ، الدول باتخاذ مجموعة ممتزجة من التدابير الجنائية والوقائية ، والتنسيق والتعاون الدوليين في الجهود الجنائية والوقائية على حد السواء، وجميعها تؤكد على فكرة مشتركة ، وهي أن محاربة الفساد عملية مستمرة تستلزم رصدا ومتابعة دائمين.

_________

1- ينظر: ديباجة مشروع المدونة العربية لقواعد سلوك الموظفين العموميين، د. عبد القادر محمد قحطان ، الجهود العربية في مكافحة الفساد، من بحوث المؤتمر العربي الدولي لمكافحة الفساد، مكافحة الفساد،ج2، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض،2003 ، ص1023.

2- العميد د. عبد القادر محمد قحطان ، الجهود العربية في مكافحة الفساد، من بحوث المؤتمر العربي الدولي لمكافحة الفساد، مكافحة الفساد،ج2، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض،2003 , ص1022- 1026.

3- عبد القادر محمد قحطان ، الجهود العربية في مكافحة الفساد، من بحوث المؤتمر العربي الدولي لمكافحة الفساد، مكافحة الفساد،ج2، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض،2003 , ص1034.

4-جهود وانجازات جامعة الدول العربية في مجال تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، المؤتمر الإقليمي حول دعم وتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في الدول العربية, البحر الميت, الأردن, 21-23 كانون الثاني 2008، مصدر سابق.

5- اللواء د. محمد الأمين البشري, الفساد, والجريمة المنظمة, جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية, الرياض, 2007 , ص154.