المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



محاور الحركة الإصلاحية العامّة للإمام الباقر ( عليه السّلام ): الاصلاح الفكري والعقائدي  
  
1633   02:55 صباحاً   التاريخ: 14/11/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 7، ص106-114
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / قضايا عامة /

من الأزمات التي خلّفتها سيرة الحكّام السابقين هي أزمة ارتباك المفاهيم وما رافقها من تقليد وسطحية في الفكر ، فلم تتجلّ حقيقة التصور الاسلامي عند الكثير من المسلمين لكثرة التيارات الهدّامة ونشاطها في تحريف المفاهيم السليمة وتزييف الحقائق ، فكان دور الإمام ( عليه السّلام ) هو حمل النفوس على التمحيص لتمييز ما هو أصيل من العقيدة عمّا هو زيف ، وعلى تحكيم الأفكار والمفاهيم الأصلية في عالم الضمير وعالم السلوك على حد سواء ، والاستقامة على المنهج الذي يريده اللّه تعالى للإنسان .

وقد مارس الإمام ( عليه السّلام ) عدة نشاطات لإصلاح الأفكار والعقائد ، نشير إلى أهمّها كما يلي :

1 - الردّ على الافكار والعقائد الهدّامة والمذاهب المنحرفة

وجد المنحرفون لأفكارهم وعقائدهم الهدّامة أو ساطا تتقبّلها وتروّج لها - جهلا أو طمعا أو تآمرا على الإسلام الخالد - وفي عهد الإمام الباقر ( عليه السّلام ) نشطت حركة الغلاة بقيادة المغيرة بن سعيد العجلي .

روى علي بن محمد النوفلي أن المغيرة استأذن على أبي جعفر ( عليه السّلام ) وقال له : أخبر الناس أنّي أعلم الغيب ، وأنا أطعمك العراق ، فزجره الإمام ( عليه السّلام ) زجرا شديدا وأسمعه ما كره فانصرف عنه ، ثم أتى أبا هاشم عبد اللّه بن محمد ابن الحنفية فقال له مثل ذلك ، فوثب عليه ، فضربه ضربا شديدا أشرف به على الموت ، فلمّا برئ أتى الكوفة وكان مشعبذا فدعا الناس إلى آرائه واستغواهم فاتّبعه خلق كثير[1].

واستمرّ الإمام ( عليه السّلام ) في محاصرة المغيرة والتحذير منه وكان يلعنه أمام الناس ويقول : « لعن اللّه المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا »[2].

ولعن ( عليه السّلام ) بقية رؤساء الغلاة ومنهم بنان التبّان ، فقال : « لعن اللّه بنان التبّان ، وان بنانا لعنه اللّه كان يكذب على أبي »[3].

وكان ( عليه السّلام ) يحذّر المسلمين وخصوصا أنصار أهل البيت ( عليهم السّلام ) من أفكار الغلو ، ويرشدهم إلى الاعتقاد السليم ، بقوله :

« لا تضعوا عليّا دون ما وضعه اللّه ، ولا ترفعوه فوق ما رفعه اللّه »[4].

وكان ( عليه السّلام ) يخاطب أنصاره قائلا : « يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى : يرجع إليكم الغالي ، ويلحق بكم التالي »[5].

وحذّر ( عليه السّلام ) من المرجئة ولعنهم حين قال : « اللهمّ العن المرجئة فإنهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة »[6].

وكان ( عليه السّلام ) يحذّر من أفكار المفوضة والمجبرة . ومن أقواله في ذلك : « إيّاك أن تقول بالتفويض ! فإنّ اللّه عزّ وجلّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهنا وضعفا ، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما »[7].

وفي عرض هذا الردّ القاطع الصريح كان الإمام ( عليه السّلام ) يبيّن الافكار السليمة حول التوحيد لكي تتعرف الأمة على عقيدتها السليمة .

وكان ممّا ركّز عليه الإمام ( عليه السّلام ) في هذا المجال بيان مقومات التوحيد ونفي التشبيه والتجسيم للّه تعالى .

قال ( عليه السّلام ) : « يا ذا الذي كان قبل كل شيء ، ثم خلق كل شيء ، ثم يبقى ويفنى كلّ شيء ، ويا ذا الذي ليس في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى ، ولا فوقهنّ ، ولا بينهنّ ولا تحتهنّ إله يعبد غيره »[8].

وفي جوابه ( عليه السّلام ) للسائلين عن جواز القول بأنّ اللّه موجود ، قال : « نعم ، تخرجه من الحدّين : حدّ الابطال ، وحدّ التشبيه »[9].

وقال ( عليه السّلام ) : « ان ربّي تبارك وتعالى كان لم يزل حيّا بلا كيف ، ولم يكن له كان ، ولا كان لكونه كيف ، ولا كان له أين ، ولا كان في شيء ، ولا كان على شيء ولا ابتدع له مكانا »[10].

كما ركّز الإمام الباقر ( عليه السّلام ) على العبودية الخالصة للّه ونهى عن الممارسات التي تتضمّن الشرك باللّه تعالى .

قال ( عليه السّلام ) : « لو انّ عبدا عملا يطلب به وجه اللّه عزّ جلّ والدار الآخرة ، فأدخل فيه رضى أحد من الناس كان مشركا »[11].

كما دعا إلى الانقطاع الكامل للّه تعالى بقوله : « لا يكون العبد عابدا للّه حق عبادته ؛ حتى ينقطع عن الخلق كلّه اليه »[12].

ونهى الإمام ( عليه السّلام ) عن التكلم في ذات اللّه تعالى ، وذلك لأنّ الإنسان المحدود لا يحيط بغير المحدود فلا ينفعه البحث عن الذات اللا محدودة إلّا بعدا ، ومن هنا كان التكلم عن ذاته تعالى عبثا لا جدوى وراءه ، فنهى ( عليه السّلام ) عن ذلك ، وحذّر منه بقوله : « ان الناس لا يزال لهم المنطق ، حتى يتكلموا في اللّه ، فإذا سمعتم ذلك فقولوا : لا اله إلّا اللّه الواحد الذي ليس كمثله شيء »[13].

وممّا ركّز عليه الإمام الباقر ( عليه السّلام ) الردع من اتّباع المذاهب المنحرفة والأفكار الهدّامة هو بيان عاقبة أهل الشبهات والأهواء والبدع ، واستهدف الإمام ( عليه السّلام ) من التركيز على عاقبة المنحرفين فكريا وعقائديا إبعاد المسلمين عن التأثر بهم ، وإزالة حالة الانس والألفة بينهم وبين الأفكار والعقائد المنحرفة .

قال ( عليه السّلام ) في تفسير قوله تعالى : هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً : هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع[14].

2 - الحوار مع المذاهب والرموز المنحرفة

يعتبر الحوار احدى الوسائل التي تقع في طريق اصلاح الناس ، حيث تزعزع المناظرة الهادفة والحوار السليم الأفكار والمفاهيم المنحرفة .

من هنا قام الإمام ( عليه السّلام ) بمحاورة بعض رؤوس المخالفين ، لتأثيرهم الكبير على أتباعهم لو صلحوا واستقاموا على الحقّ . وإليك بعض مناظراته :

مع علماء النصارى : حينما أخرج هشام بن عبد الملك الإمام ( عليه السّلام ) من المدينة إلى الشام كان ( عليه السّلام ) يجلس مع أهل الشام في مجالسهم ، فبينا هو جالس وعنده جماعة من الناس يسألونه ، إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك ، فسأل عن حالهم ، فأخبر انهم يأتون عالما لهم في كل سنة في هذا اليوم يسألون عمّا يريدون وعمّا يكون في عامهم ، وقد أدرك هذا العالم أصحاب الحوارييّن من أصحاب عيسى ( عليه السّلام ) ، فقال الإمام ( عليه السّلام ) : فهلمّ نذهب إليه ؟ فذهب ( عليه السّلام ) إلى مكانهم ، فقال له النصراني : أسألك أو تسألني ؟ قال ( عليه السّلام ) : تسألني ، فسأله عن مسائل عديدة حول الوقت ، وحول أهل الجنّة ، وحول عزرة وعزير ، فأجابه ( عليه السّلام ) عن كل مسألة .

فقال النصراني : يا معشر النصارى ما رأيت أحدا قطّ أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردّوني فردّوه إلى كهفه ، ورجع النصارى مع الإمام ( عليه السّلام ) .

وفي رواية : انّه أسلم وأسلم معه أصحابه على يد الإمام ( عليه السّلام )[15].

مع هشام بن عبد الملك : ناظره هشام بن عبد الملك في مسائل متنوعة تتعلق بمقامات أهل البيت ( عليهم السّلام ) وميراثهم لعلم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وادعاء الإمام علي ( عليه السّلام ) علم الغيب ، فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) عن مسائله المتنوعة وناظره في اثبات مقامات أهل البيت ( عليهم السّلام ) مستشهدا بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة ، فلم يستطع هشام ان يردّ عليه ، وناظره في مواضع أخرى ، فقال له هشام : ( أعطني عهد اللّه وميثاقه ألّا ترفع هذا الحديث إلى أحد ما حييت ) ، قال الإمام الصادق ( عليه السّلام ) : فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه[16].

وقد ذكرنا تفصيل المناظرتين في بحث سابق فراجع[17].

مع الحسن البصري : قال له الحسن البصري : جئت لأسألك عن أشياء من كتاب اللّه تعالى .

وبعد حوار قصير قال له ( عليه السّلام ) : بلغني عنك أمر فما أدري أكذاك أنت ؟ أم يكذب عليك ؟ قال الحسن : ما هو ؟

قال ( عليه السّلام ) : زعموا أنّك تقول : إنّ اللّه خلق العباد ففوّض إليهم أمورهم .

فسكت الحسن . . . ثمّ وضّح له الإمام ( عليه السّلام ) بطلان القول بالتفويض وحذّره قائلا : وإيّاك أن تقول بالتفويض ، فإنّ اللّه عز وجل لم يفوّض الأمر إلى خلقه ، وهنا منه وضعفا ، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما[18].

وله ( عليه السّلام ) مناظرات مع محمد بن المنكدر - من مشاهير زهاد ذلك العصر - ومع نافع بن الأزرق أحد رؤساء الخوارج ، ومع عبد اللّه بن معمر الليثي ، ومع قتادة بن دعامة البصري[19] واحتجاجات لا يتحمّل شرحها هذا المختصر .

3 - إدانة فقهاء البلاط

جاء قتادة بن دعامة البصري إلى الإمام ( عليه السّلام ) وقد هيّأ له أربعين مسألة ليمتحنه بها ، فقال له ( عليه السّلام ) : أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال قتادة : نعم ، فقال ( عليه السّلام ) :

« ويحك يا قتادة انّ اللّه عزّ وجل خلق خلقا ، فجعلهم حججا على خلقه ، فهم أوتاد في أرضه ، قوّام بأمره ، نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه » ، فسكت قتادة طويلا ، ثم قال :

أصلحك اللّه ، واللّه لقد جلست بين يدي الفقهاء ، وقدّام ابن عباس ، فما اضطرب قلبي قدّام أحد منهم ما اضطرب قدّامك[20].

وأدان الإمام الباقر ( عليه السّلام ) أبا حنيفة لقوله بالقياس ، وعلّق الأستاذ محمد أبو زهرة على هذه الإدانة قائلا : تتبيّن إمامة الباقر للعلماء ، يحاسبهم على ما يبدو منهم ، وكأنّه الرئيس يحاكم مرؤوسيه ليحملهم على الجادة ، وهم يقبلون طائعين تلك الرئاسة[21].

4 - الدعوة إلى أخذ الفكر من مصادره النقيّة

لقد حذّر الإمام ( عليه السّلام ) الناس من الوقوع في شراك الافكار والآراء والعقائد المنحرفة ، وحذّر من البدع وجعلها أحد مصاديق الشرك فقال :

« أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا فيحبّ عليه ويبغض »[22].

كما حذّر من الإفتاء بالرأي فقال : « من أفتى الناس بغير علم ولا هوى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه »[23].

ومن هنا كان يدعو الناس إلى اخذ العلم والفكر من منابعه النقية وهم أهل البيت المعصومون من كل زيغ وانحراف . قال ( عليه السّلام ) لسلمة بن كهيل وللحكم بن عتيبة : « شرّقا وغرّبا فلا تجدان علما صحيحا إلّا شيئا خرج من عندنا »[24]  .

وكان يحذّر من مجالسة أصحاب الخصومات ويقول : « لا تجالسوا أصحاب الخصومات ، فإنهم يخوضون في آيات اللّه »[25].

كما كان يشجع على ذكر مقامات أهل البيت ( عليهم السّلام ) وفضائلهم فإنّها من أسباب نشر الحق والفضيلة ، فعن سعد الإسكاف ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السّلام ) :

اني اجلس فأقصّ ، واذكر حقكم وفضلكم . فقال ( عليه السّلام ) : « وددت انّ على كل ثلاثين ذراعا قاصّا مثلك »[26].

5 - نشر علوم أهل البيت ( عليهم السّلام )

لقد فتح الإمام ( عليه السّلام ) أبواب مدرسته العلمية لعامة أبناء الأمة الإسلامية ، حتى وفد إليها طلاب العلم من مختلف البقاع الإسلامية ، وأخذ عنه العلم عدد كبير من المسلمين بشتى اتّجاهاتهم وميولهم ، منهم : عطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، والزهري ، وربيعة الرأي ، وابن جريج ، والأوزاعي ، وبسام الصيرفي[27] ، وأبو حنيفة وغيرهم[28].

وفي ذلك قال عبد اللّه بن عطاء : ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند أبي جعفر ، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه متعلم[29].

وكانت أحاديثه مسندة عن آبائه عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، كما كان يرسل الحديث ولا يسنده . وحينما سئل عن ذلك ، قال : إذا حدّثت بالحديث فلم اسنده ، فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) عن جبرئيل عن اللّه عزّ وجلّ[30].

 

[1] شرح نهج البلاغة : 8 / 121 .

[2] بحار الأنوار : 25 / 297 .

[3] المصدر السابق : 25 / 297 .

[4] المصدر السابق : 25 / 283 .

[5] المصدر السابق : 67 : 101 .

[6] المصدر السابق : 46 / 291 .

[7] بحار الأنوار : 5 / 298 .

[8] المصدر السابق : 3 / 285 .

[9] المصدر السابق : 3 / 265 .

[10] المصدر السابق : 3 / 326 .

[11] المصدر السابق : 69 / 297 .

[12] بحار الأنوار : 67 / 211 .

[13] المصدر السابق : 3 / 264 .

[14] المصدر السابق : 2 / 298 .

[15] بحار الأنوار : 46 / 313 - 315 .

[16] بحار الأنوار : 46 / 308 ، 316 .

[17] راجع مبحث ملامح وأبعاد هامة في عصر الإمام الباقر ( عليه السّلام ) .

[18] الاحتجاج : 2 / 184 .

[19] أعيان الشيعة : 1 / 653 .

[20] بحار الأنوار : 46 / 357 .

[21] تاريخ المذاهب الاسلامية : 689 .

[22] المحاسن : 207 .

[23] المصدر السابق : 205 .

[24] الكافي : 1 / 399 .

[25] كشف الغمّة : 2 / 120 .

[26] رجال الكشي : 215 .

[27] سير أعلام النبلاء : 4 / 401 .

[28] تاريخ المذاهب الإسلامية : 361 .

[29] مختصر تاريخ دمشق : 23 / 79 .

[30] إعلام الورى : 294 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.