مسؤولية الأفراد عن انتهاك قواعد حظر استخدام الأسلحة وتقييده باعتبارها جرائم حرب |
1455
01:39 صباحاً
التاريخ: 21/10/2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-09
278
التاريخ: 2024-09-05
374
التاريخ: 23-3-2017
4640
التاريخ: 18-6-2018
14598
|
سوف نبحث مسؤولية الأفراد عن انتهاك قواعد حظر استخدام الأسلحة وتقييده في ضوء النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي يعد أنشاؤها مرحلة فاصلة من مراحل تطور القانون الدولي الإنساني(1) . من أجل تلبية حاجة المجتمع الدولي، بعد أن أثقلته الجرائم الدولية الخطرة المرتكبة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وإفلات مرتكبيها من العقاب إلا فيما ندر (2).
وتختص المحكمة الجنائية الدولية بنظر الجرائم المرتكبة بعد دخول نظامها حيز النفاذ في 1 تموز 2002 وإذا أصبحت دولة ما طرفاً في النظام في وقت لاحق على بدء نفاذه، فلا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد نفاذ النظام بالنسبة لتلك الدولة(3) . كما يجوز للدولة التي تصبح طرفا في نظام روما أن تعلن عدم قبولها اختصاص المحكمة لمدة سبع سنوات من بدء سريان هذا النظام عليها، وذلك فيما يخص جرائم الحرب المرتكبة من قبل مواطنيها أو على إقليمها (4).
وبموجب المادة (25) من النظام الأساسي فإن اختصاص المحكمة لا يكون إلا على الأشخاص الطبيعيين، ولكن المادة (26) اشترطت أن لا يقل عمره عن (18) عاماً وبذلك لا يشمل اختصاصها الشخص المعنوي أو الاعتباري، ولكن لا يفهم من ذلك عدم مسؤولية الشخص الاعتباري قانونا فالشخص الاعتباري الداخلي يحكمه القانون الداخلي، أما الشخص الاعتباري الدولي الذي هو أساساً الدول والمنظمات الدولية فتحكم مسؤوليته القانونية قواعد القانون الدولي، وهي مسؤولية قانونية مماثلة للمسؤولية المدنية في القانون الداخلي ومسؤولية تنظيمية تواجهها المنظمات الدولية في حالة الإخلال بأحكام الوثيقة المؤسسة للمنظمة (5).
وفيما يتعلق بالاختصاص الموضوعي للمحكمة بالنسبة لجرائم الحرب بالخصوص، لم تحدد الوثائق السابقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب بشكل حصري، بل إنها كانت على سبيل المثال(6) . فمثلاً نصت الفقرة (ب) من المادة (6) من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ على أن (جرائم الحرب هي مخالفات قوانين الحرب وعاداتها وتشمل على سبيل المثال أفعال القتل، وسوء المعاملة أو الإبعاد ...) .
أما النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد عالج جرائم الحرب وذلك في المادة (8) منه تحت عنوان (جرائم الحرب) وهي وردت على سبيل الحصر، وفيما يتعلق بحظر استخدام الأسلحة وتقييده، وعلى النحو التالي :
أولاً – الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وتشمل أي فعل من الأفعال التالية :
1- تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة .
2- إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن يكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك، وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة (6).
ثانياً – الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي وتشمل أي فعل من الأفعال التالية :
1- تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية .
2- تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية.
3- تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية، أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أو المواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة .
4- تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم يسفر عن خسائر تبعية في الأرواح، وعن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية، يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة .
5- مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهداف عسكرية بأية وسيلة كانت .
6- قتل أو جرح مقاتل استسلم مختاراً يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع .
7- تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية .
8- تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمه ضرورات الحرب .
9- استخدام السموم والأسلحة المسمومة .
10- استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من الوسائل أو المواد أو الأجهزة .
11- استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري مثل الرصاصات ذات الأغلفة الصلبة التي لا تغطي كامل جسم الرصاصة أو الرصاصات المحززة الغلاف .
12- استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد وأساليب حربية تسبب بطبيعتها أضراراً زائدة أو آلاماً لا لزوم لها، أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة .
13- تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد، من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي(7).
ثالثاً – الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وتشمل أي من الأفعال التالية :
1- تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية .
2- تعمد توجيه هجمات ضد المباني والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد، من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي .
3- تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام، عملاً بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المسلحة .
4- تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات، وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة إلا تكون أهدافاً عسكرية .
5- تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمه ضرورات الحرب (8).
وقد أضيف تعديل على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , في المؤتمر الدولي الذي عقد في ( كمبالا ) عام 2010 وبموجبه تم حظر استخدام السموم أو الأسلحة المسممة , وكذلك استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو الأجهزة , واستخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري مثل الرصاصات ذات الأغلفة الصلبة التي لا تغطي كامل جسم الرصاصة أو الرصاصات المحززة الغلاف في المنازعات المسلحة غير الدولية . علماً ان هذا التعديل لم يدخل حيز النفاذ لحد ألان(9).
ما يؤخذ على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هو أنه لم يتضمن نص يؤدي إلى تجريم استخدام السلاح النووي رغم آثاره المدمرة للبشرية، ونحن نرى أنه من الواجب النص على تجريم استخدام السلاح النووي وتغليب المعايير القانونية والإنسانية على الاعتبارات السياسية, حيث لا يمكن التوفيق بين استخدام السلاح النووي وبين مبادئ القانون الدولي الإنساني, نظراً للآثار المدمرة الناتجة عن استخدامه, فهو سلاح عشوائي بطبيعته لا يفرق بين المقاتلين وغيرهم بالإضافة الى تسببه بألآم لا مبرر لها.
وأيضا لم ينص على تجريم استخدام السلاح البيولوجي , والذي يعد من احد أنواع اسلحة الدمار الشامل له آثار مدمرة على الإنسان والكائنات الحية وما يسببه من الذعر والاضطراب الاجتماعي , فمن غير المنطق وجود معاهدة دولية تحظر استخدام هذا السلاح , ولكن لا توجد قاعدة قانونية تجرم هذا الاستخدام , مما يجعل من النص على حظر استخدامه مسألة شكلية لا أساس لها من التطبيق .
أما فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة غير الدولية فإن الإطار القانوني الذي ينظمها هو المادة (3) المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني لسنة 1977، إذ أن المادة (3) المشتركة ظلت لفترة طويلة المادة الوحيدة التيشح تقرر حماية لضحايا النزاعات المسلحة الداخلية، فتوفر لهم الحد الأدنى من الحقوق الواجب احترامها من قبل المحاربين، ويصعب القول أنها ترتب مسؤولية جنائية على عاتق الأفراد الذين ينتهكون أحكامها، أما البروتوكول الإضافي الثاني فقد وسع نطاق الحماية المقررة لغير المقاتلين وبعض الأعيان المدنية، غير أنه لم يضف شيئاً حول الطبيعة الجنائية للأعمال المحظورة وبذلك نرى ان هذه الانتهاكات الواقعة على المادة (3) المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني تبقى انتهاكات بسيطة طالما أنها لم توصف صراحة بالجسيمة ولا تشكل جرائم حرب في هاتين الوثيقتين الدوليين، الأمر الذي تم تداركه في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية ونص على كون هذه الانتهاكات تشكل جرائم حرب .
إن الجزاء إذا بقى نظرياً لا غير يجعل من القاعدة القانونية قاعدة عاجزة، لا ترتب مفعولها ولا تحقق أهدافها ولا تقوم بالتالي بوظيفتها(10) . وقواعد القانون الدولي الإنساني تبقى حبراً على ورق، إذا لم تتخذ الدول الأطراف التدابير القانونية والعملية اللازمة لضمان تنفيذها إبان النزاعات المسلحة، وهناك ما يدعو إلى الحرص على تطبيقه أكثر من غيره من القوانين، فهذا القانون يتعين تطبيقه في المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية حيث تكون حياة البشر عرضة للخطر بصورة كبيرة , وفي حالة عدم تطبيقه بفعالية أثناء النزاعات المسلحة , فان الضرر الذي ينتج عن ذلك غالباً ما يكون غير قابل للإصلاح (11) . لذا لابد من تفعيل الآليات الدولية لملاحقة ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني او ما يعرف بجرائم الحرب , وذلك لردع مرتكبي هذه الجرائم الدولية الخطرة , وللحيلولة دون إفلات مرتكبيها من العقاب . وبهذا الصدد على الحكومة العراقية إتباع كل الوسائل القانونية لملاحقة المجرمين , الذين ارتكبوا جرائم حرب بحق المجتمع العراقي في أثناء المنازعات المسلحة التي شهدها العراق , وبغض النظر عن جنسية وصفة مرتكبها , للقصاص ممن دمروا حياة المدنيين من أبناء هذا الشعب , الذي أثقلته جراحات الحروب وانين المعاناة .
________________
1- د. محمد عزيز شكري، القانون الدولي الإنساني والمحكمة الجنائية الدولية، القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات ، ج3، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت, 2010، ص107 .
2- د. علي جميل حرب ، نظام الجزاء الدولي، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010، ص446.
3- المادة (11) من النظام الأساسي .
4- المادة (124) من النظام الأساسي .
5- د. إبراهيم محمد العناني، المحكمة الجنائية الدولية، ط2، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2006، ص152.
6- د. محمود خليل جعفر، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، حوار الفكر، المركز العراقي للبحوث والدراسات المستقبلية، بغداد، 2009، ص212 .
7- البند (أ) من الفقرة (2) من المادة (8) من النظام .
8- البند (ب) من الفقرة (2) من المادة (8) من النظام .
9- الموقع الرسمي للتحالف العربي من اجل المحكمة الجنائية الدولية
http :www.acacc.orglarlarrss%2063%20new
10- البند (ب) من الفقرة (2) من المادة (8) من النظام .
11- د. توفيق بوعشبه، القانون الدولي الإنساني والعدالة الجنائية، القانون الدولي الإنساني دليل للتطبيق على الصعيد الوطني، ط3، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القاهرة, 2006، ص365 .
12- عبد علي محمد سوادي , المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني , أطروحة دكتوراه , كلية القانون , جامعة بغداد , 1999 , ص37 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|