أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2017
2066
التاريخ: 2023-07-21
1225
التاريخ: 22-11-2016
2778
التاريخ: 24-6-2016
2806
|
قاًل تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2].
ان العمل الأحسن الذي يبحث عنه المؤمن الواعي دوما في حياته، وفي ضوئه يرتب اولوياته، هو ما كان يتصدف بمواصفات ثلاث:
1ـ ان يرتكز على العقيدة السليمة.
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
فالكلم الطيب هو العقيدة التي يرفعها العمل الصالح(1).
2ـ ان ينطلق من نية خالصة لله تعالى.
عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، او امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)(2).
3ـ ان يصب في الموقع الأفضل
وهو الذي اختصره الفقيه الكبير الإمام الخميني (قدس سره)، بقوله: (لا أعلم عملا عند الله هو أفضل من خدمة الناس).
وقوله (قدس سره)، مستمد مما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الخلق كلهم عيال الله، فاحبهم إلى الله ـ عز وجل ـ انفعهم لعياله)(3)، وفي حديث آخر سئل فيه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): اي الناس أحب الى الله؟ فقال: (انفع الناس للناس)(4).
بين خدمة الله وخدمة الناس
قال اهلل تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96]، من المعلوم أن الكعبة هي أقدم معبد بُني على الأرض؛ ليعبد الله فيه ويوحد، فلم يسبقه أي معبد قبله، وقد أسس أول ما أسس، لذلك، فلم يكن يوما بيتا للناس، بل وضع ليكون فقط لله (عز وجل)، ومع ذلك عبر الله تعالى عنه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96]، وفي هذا إشارة الى حقيقة هي أن كل ما يكون باسم الله ولله يجب أن يكون في خدمة الناس من عباده(5).
من هنا نقل عن الشهيد السعيد المديد محمد باقر الصدر انه قال: لو فرض أن بدلنا كلمة (الله)، بكلمة (الناس)(6)، في قوله تعالى: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 154]، لما اختلف المعنى؛ لأن سبيل الله هو سبيل الناس.
خدمة الناس رحمة
أكد الإمام الصادق (عليه السلام)، على كون خدمة الناس رحمة من الله تعالى، فمن خدم قبلها، ومن ردها يكون قد رد رحمة الله تعالى، فعنه (عليه السلام): (أيما مؤمن أتاه اخوه في حاجة، فإنما ذلك رحمة ساقها الله اليه، وسببها له، فان قضى حاجته كان قد قبل الرحمة لقبولها، وأن رده عن حاجته، وهو يقدر على قضائها، فإنما رد عن نفسه الرحمة التي ساقها الله اليه وسببها له، وذخرت الرحمة الى يوم القيامة)(7).
خدمة الناس سر التوفيق
كانت خدمة الناس هي العمل الأول الذي شكل مدخلية لتوفيق الله تعالى لنبيه موسى (عليه السلام)، فحينما توجه (عليه السلام)، الى مدين فارّا من فرعون وجد أمةً من الناس قد اجتمعوا على بئر من أجل سقي قطعانهم، ووجد من دونهم امرأتين تذودان، وهما بحاجة الى من يسقي لهما أغنامهما، ولم يكن موسى (عليه السلام)، يعرف أنهما ابنتا نبي الله شعيب (عليه السلام)، لكنه من مبدأ حسن خدمة الناس سقى لهما، وارتوت أغنامهما، وكان هذا الأمر هو سبب دعوة إحدى الإبنتين، ليكون في ضيافة النبي شعيب (عليه السلام)، وبالتالي ليتزوج أحداهما، وليرعى غنمه بتلك العصا التي صنعت المعجزات.
خادم الناس خادم الله
من أروع ما ورد في منزلة خادم أخوة الإيمان هو ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من قضى حاجة لأخيه فكأنما خدم الله عمره)(8).
ثواب خدمة الناس في الآخرة
اكدت الأحاديث الشريفة على الثواب الجزيل الذي يقابل به الله تعالى في الآخرة من خدم الناس، وقضى حوائجهم، ومن عناوين ذلك الثواب:
1ـ شفاعة النبي
عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (من قضى حاجة لأخيه، كنت واقفا عند ميزانه، فان رجح، وإلا شفعت له)(9).
2ـ الأمن
عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ان لله عبادا من خلقه، يفزع العباد إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون يوم القيامة)(10).
3ـ الثبات
عن الإمام الباقر (عليه السلام): (من مشى في حاجة لأخيه المسلم حثى يتمها، اثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام)(12).
4ـ في ظل الله
عن الإمام الصادق (عليه السلام): (من عمل في حاجة اخيه المسلم...اظلّه الله يوم لا ظلّ الا ظله)(13).
5ـ الزحزحة عن النار
عن الامام الصادق (عليه السلام): (من سعى لأخيه المؤمن في حاجة من حوائج الدنيا قضى الله ـ عز وجل ـ له بها سبعين حاجة من حوائج الآخرة أيسرها أن يزحزحه عن النار)(14).
منزلة خدمة الناس من سائر الأعمال
أكدت الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، أن خدمة الناس هي أعظم من كثير من العبادات التي يقوم بها الإنسان، وهذا ما يظهر من الأحاديث الآتية:
1ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام): (قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة، وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله)(15).
2ـ عن الإمام الباقر (عليه السلام): (لقضاء حاجة رجل مسلم أفضل من عتق عشر نسمات، واعتكاف شهر في المسجد الحرام)(16).
3ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام): (والذي بعث بالحق محمدا بشيرا ونذيرا، لقضاء حاجة امرئٍ مسلم، وتنفيس كربته، أفضل من حجة وطواف، وحجة وطواف حتى عد عشرة، ثم خلى يده وقال: اتقوا الله، ولا تملوا من الخير، ولا تكسلوا)(17).
4ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام): (مشي المسلم في حاجة المسلم خير من سبعين طوافا بالبيت الحرام)(18).
5ـ عن ميمون بن مهران: كنت جالسا عند الحسن بن علي (عليه السلام)، فأتاه رجل، فقال له: يا بن رسول الله، ان فلانا له علي مال، ويريد أن يحبسني، فقال (عليه السلام): والله ما عندي مال فأقضي عنك، قال: فكلمه، قال: فلبس (عليه السلام)، نعله، فقلت له: يا بن رسول الله، أنسيت اعتكافك؟ فقال له: (لم انس، ولكني سمعت ابي (عليه السلام)، يحدّث عن جدي رسول الله انه قال: من سعى في حاجة اخيه المسلم، فكأنما عبد الله عز وجل تسعة آلاف سنة، صائما نهاره، قائماً ليله)(19).
توصيات الى من يقدر على خدمة الناس
وجه أهل البيت (عليهم السلام)، عدة توصيات إلى من أنعم الله عليه بقدرة قضاء حوائج الناس وخدمتهم، منها:
1ـ أنتم امناء أهل البيت (عليهم السلام)، على المحاويج
عن الإمام الصادق (عليه السلام): (مياسير شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم، فاحفظونا فيهم يحفظكم الله)(20).
2ـ اياك والمنع، والا فتحويل النعم
عن الإمام الصادق (عليه السلام): (آن لله تعالى عباداً خصّهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرها فيهم ما بذلوا، فإذا منعوها حولها منهم، وجعلها في غيرهم)(21).
نصيحة للإمام الخميني (قدس سره)
قال الإمام الخميني (قدس سره)، في رسالة إلى ولده السيد أحمد: لا ترى لنفسك أبدا فضلا على خلق الله حين تخدمهم، فهم الذين يمنون علينا حقا بفضل كونهم وسيلة الله (جل وعلا)، لا تسع لكسب الشهرة والمحبوبية عن طريق الخدمة، فهذا بحد ذاته حيلة من حبائل الشيطان الذي يوقعنا في شباكه. واختر في خدمة عباد الله ما هو أكثر نفعا لهم، لا لك ولا لأصدقائك، فهذا الاختيار علامة الصدق في الحضرة المقدسة لله (جل وعلا).
خدمة الناس في قصص معبرة
تطبيقا لما مر ورد في حياة الإمام الخميني (قدس سره)، انه كان في زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، مع مجموعة من المؤمنين، سبقهم الإمام (قدس سره)، إلى المنزل الذي كانوا يسكنونه في مشهد، وحينما رجع اولئك المؤمنون تفاجأوا ان الإمام الخميني (قدس سره)، قد جهز لهم الشاي، واستقبلهم بتقديمه لهم، فقال له أحدهم، تركت زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، وجئت إلى هنا لتجهز الشاي؟! فإذا بالإمام (قدس سره)، يجيب: من يقول: ان البقاء في الزيارة أفضل من خدمة المؤمنين؟!.
ومن لطيف ما ورد في منزلة خدمة الناس قصة حصلت مع المرحوم المقدس الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس سره)، الذي رأى ذات ليلة في منامه رجلا قيل له انه من بلدة (حانين)، وهو قرينك في الجنة.
استيقظ السيد (قدس سره)، وعزم على الذهاب إلى تلك البلدة والتعرف على ذلك الرجل.
وفعلا تم التعرف عليه، الا ان ما فاجأه هو ان ذلك الرجل كان انسانا عاديا مثل اولئك الفلاحين الفقراء في تلك المنطقة، ولم يبد منه آثار العلم، او علائم التقوى، سأله عما يفعله في حياته، فكانت الأجوبة عادية جدا، حاله حال سائر أبناء بلدته، والح عليه في الأسئلة التفصيلية ليعرف سر انه قرينه في الجنة. وأخيرا روى له ذلك الرجل حادثة علم الإمام شرف الدين (قدس سره)، انه لأجلها سيكون قرينه في جنة الله، وهي بلسان ذلك القروي:
في عام ١٩٤٨ حينما تهجر الفلسطينيون من بلادهم الى جبل عامل، ذهبت الى الحدود بين لبنان وفلسطين، فرأيت من بين المهجرين عجوزين زوجين قد أرهقهما السير، فحملت العجوز وتقدمت به، ثم رجعت، وحملت زوجته وتقدمت بها، وهكذا الى ان اوصلتهما الى منزلي حيث قمت بخدمتهما.
اجل، استحقّ لأجل هذا ان يكون قرين الإمام شرف الدين (قدس سره)، في الجنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ط5، بيروت، الأعلمي، 1983م، ج1، ص37.
2ـ البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج1، ص 359.
3ـ الحر العاملي، محمد حسن، وسائل الشيعة، ج16، ص 345.
4ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص164.
5ـ أنظر: الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير القران، ط2، م، مدرسة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، (لا، ت)، ج3، ص601.
6ـ أي من ناحية المعنى، لا اللفظ، فالكلام بعيد عن التحريف.
7ـ الصدوق، محمد، ثواب الأعمال، تحقيق محمد مهدي السيد حسن الخرسان، ط2، قم، منشورات الشريف الرضي، 1368ش، ص 248.
8ـ الفيض الكاشاني، محمد، المحجة البيضاء، تحقيق علي أكبر الغفاري، ط2، قم، مركز النشر الإسلامي، (لا، ت)، ج3، ص 404.
9ـ الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ط1، بيروت، مؤسسة آل البيت (عليه السلام)، 1987م، ج12، ص 405.
10ـ المصدر السابق.
11ـ المصدر السابق، ص 409.
12ـ المصدر السابق، ص 412.
13ـ المصدر السابق، ص409.
14ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص193.
15ـ الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل، ج 12، ص406.
16ـ المصدر السابق، ص 411.
17ـ المصدر السابق نفسه.
18ـ الصدوق، محمد، من لا يحضره الفقيه، ط2، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، (لا، ت)، ج2، ص 190.
19ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص265.
20ـ الحسن، الحلي، الرسالة السعدية، ط1، قم، بهمن، 1410، ص163.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|