خاتمة الحياة
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 448 ــ 451
2025-12-13
18
الموت هو منتهى الدنيا المليئة بالنشاط والفعالية، ومعترك الحياة المفعمة بالحركة والآمال والطموحات، إذ ينتقل الانسان إلى عالم الآخرة، ليرى نتائج اعماله في الحياة الدنيا وثمار معتقداته واعماله واخلاقه.
ان القرآن الكريم يدعو كلاً من الرجل والمرأة إلى التفكير بعاقبتهما ونتيجة اعمالهما وآخرتهما ما داما على قيد الحياة، وينظر ما اعدا لآخرتهما من زاد ومتاع.
يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الوصية حق على كل مسلم) (1).
وقال (صلى الله عليه وآله): (ما ينبغي لأمرئ، مسلم أن يبيت ليلة الا ووصيته تحت راسه) (2).
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة، ومات مغفوراً له) (3).
في عصرنا هذا حيث نادراً ما تنفذ الوصايا وحيث القوانين ترهق الوصي وتعيي الورثة، أليس من الحري بالمرء أن يكون وصيّ نفسه، فيعمل بما يريد أن يعمل نيابة عنه بعد موته؟
فإذا كان ثرياً عليه انفاق أمواله وثروته في سبيل الله من قبيل توفير الارضية اللازمة لترويج ابناء المسلمين وبناتهم، والانفاق على الايتام، وبناء المدارس والمساجد، وشق الطرق، واسكان المستضعفين، ليتلقى أجر ذلك بعد موته.
وقد أوصى أمير المؤمنين (عليه السلام) الانسان بذلك فقال: (يا بني آدم كن وصي نفسك في مالك واعمل فيه ما تؤثر ان يعمل فيه من بعدك) (4).
على أية حال، اعملوا على أن يكون ما تتركون من مال حلالاً طيباً لان الحرام لا يورث، ولا ينبغي لكم الوصية بثلثه لعدم نفاذ الوصية، وعليكم الوصية بالثلثين الباقيين على ضوء ما ورد في القرآن الكريم تلافياً لوقوع الظلم بين الورثة.
وعلى الوصي والورثة العمل بما في الوصية المدونة وفقاً لتعاليم القرآن الكريم، إذ ان تنفيذها عبادة توجب الأجر العظيم للميت ولمن ينفذها.
وقبل تقسيم الارث يتعين على الورثة اداء ما على الميت من ديون وحقوق شرعية وكذلك مهر زوجته، أو اداء الحج نيابة عنه إذا كان بذمته، إذ يحرم على الورثة التصرف بالأموال التي تتعلق بها حقوق الله والناس ويترتب على ذلك عقاب من الله سبحانه.
ويجب دفع حصة زوجة الميت ووالديه وأولاده طبقاً لما جاء في كتاب الله، وإذا ما أجري غير ذلك فإنه تعد لحدود الله عاقبته عذاب جهنم.
عليكم الرجوع إلى الرسائل العملية أو العالم المختص حين تقسيم الارث كي تجري العملية وفقاً للأحكام الالهية ويسر الميت بعملكم.
ايها الورثة عليكم أن تدركوا ان الميت قد عانى كثيراً في حياته من أجل تدبير شؤونكم وتحمل المشقات بأنواعها، ولعله قد ارتكب بعض المعاصي في هذا السبيل، فلا تسقطوه من الحسبان، فعليكم الصلاة والصوم والتصدق ورد المظالم والقيام بصالح الأعمال نيابة عنه، وخلاصة القول، أن تذكروه بكل ما من شأنه غفران ذنوبه وسرور روحه لا سيما في ليالي الجمعة والاشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان كي يذكركم أولادكم بعد موتكم، وكذلك زيارة قبره حيث ان الله سبحانه يؤنس روحه بوجودكم وذلك مما يدفعه إلى الدعاء لكم وهو في البرزخ.
قال لي أحد اصدقائي: كان لي صديق عندما تعترضه مشكلة يتوجه مباشرة من طهران إلى قم فيجلس ساعة عند قبر والديه ويقرأ سورة الفاتحة ويتوجه بالدعاء ويتصدق ويطلب منهما الدعاء له ثم يعود إلى طهران وقد جرب ذلك إذ انه ما ان يعود تحل معضلته قبل غروب الشمس.
ليس من الصواب أن يبذل الوالدان عصارة جهودهما من أجل حياة أولادهما وسعادتهم، ثم لا يذكران بعد موتهما ولا يصار إلى عمل من شأنه غفران ذنوبهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ميزان الحكمة: ج 10، ص 494 ـ 495.
2ـ المصدر السابق.
3ـ المصدر السابق.
4ـ نهج البلاغة: الحكمة 254.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة