أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-01
706
التاريخ: 17-1-2019
7151
التاريخ: 2024-03-31
827
التاريخ: 23-6-2016
7730
|
نصت قواعد القانون الدولي الإنساني على مجموعة من الأحكام الواجبة الإتباع أثناء النزاعات المسلحة لحماية الأعيان المدنية من الأعمال العدائية، وذلك عن طريق حظر بعض مظاهر الاستخدام غير المشروع للأسلحة ضدها , أو تقييد الاستخدام في البعض الاخر منها وهذه القواعد أرست حماية عامة لجميع الأعيان المدنية دون مفاضلة أو تمييز بينهما أو قصرها على نوع من معين من الأعيان. ولغرض تحديد أبعاد هذه الحماية التي توفرها قواعد حظر الاستخدام أو تقييده, سنقسم هذا المطلب على فرعين نبحث في الأول الحماية العامة للأعيان المدنية في ضوء اتفاقية لاهاي لعام 1907 والفرع الثاني نخصصه لهذه الحماية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
الفرع الأول
الحماية العامة بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1907
على الرغم من أن أصل التنظيم الدولي المعاصر للنزاعات المسلحة يمتد بجذوره إلى العصور السابقة عليه، كما ظهر في كتابات الفقهاء والفلاسفة والقادة العسكريين، فأن حركة تقنين القواعد التي تتصل بقوانين وسلوك المحاربين بدأت مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إذ تم صياغة القواعد العرفية في المعاهدات أو الاتفاقات أو البروتوكولات (1).
فبعد أن نصت لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 على أن ليس للمتحاربين حقٌ مطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو(2). نجد أنها أوردت قاعدة أساسية تعتبر قيدا على استخدام الأسلحة وذلك لحماية الأعيان المدنية، وهي أنه لا يجوز تدمير ممتلكات العدو أي لا يجوز أن تكون هذه الأعيان محلاً للهجوم أثناء سير العمليات العدائية (3).
أي إن للأعيان المدنية حرمة تجاه استخدام الأسلحة أثناء النزاعات المسلحة ولكن هذه القاعدة العامة للحماية قد ورد عليها استثناء في المادة نفسها وهو اذا كانت ضرورات الحرب تقتضي تدميرها, ففي هذه الحالة يتحلل الأطراف المتنازعة من الحظر المفروض عليهم بشأن استخدام الأسلحة، ومن الجدير بالذكر أن هناك اتجاه من الفقه يذهب إلى أن الضرورة العسكرية ليست مبرراً لمخالفة القانون، ويتحتم تجاهل الضرورة طالما كان التحريم يقيد حرية التصرف وخاصة في القانون الدولي الإنساني، الذي يتكون من مجموعة قواعد ومبادئ متعلقة بحماية الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانية في كل وقت، وبلا تمييز بين وقت سلم أم نزاع مسلح أو تحت أي ظرف من الظروف (4).
ولا بد من الإشارة الى أن وجود الضرورة العسكرية يجيز استخدام الأسلحة المقيد استخدامها, أما بالنسبة للأسلحة المحظورة فهي خارج نطاق الحديث عن هذه الضرورة, و بالتالي حظر استخدامها ضد الأعيان المدنية , لا يزول ولا يوجد شك في الحديث عنه , وفي مقدمة هذه الاسلحة اسلحة الدمار الشامل تلك الاسلحة ذات الآثار التدميرية الواسعة , والتي صممت لتدمير مدن بأكملها او حتى بلدان , على خلاف الاسلحة التقليدية , التي تصمم اساساً بهدف أحداث تدمير لبعض الجنود او لبعض الأهداف العسكرية (5).
إذ أن استخدام السلاح النووي , يؤدي الى عدم إمكانية احتواء القوة التدميرية التي يسببها, لا من حيث الحيز ولا من حيث الزمن , ولا يمكن التوفيق بين استخدام الاسلحة النووية وبين مبادئ القانون الدولي , التي تفرض تحريم استخدام بعض الاسلحة(6).
و يرى البعض أن اتفاقية لاهاي الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية لسنة 1907 أوردت حظراً على استخدام بعض الأسلحة ضد الاعيان المدنية حيث حظرت الفقرة (هـ) من المادة (23) منها أحداث إصابات وآلام لا مبرر لها فبحسب هؤلاء أن مبدأ الآلام المفرطة أو المعاناة غير الضرورية وعلى النحو الذي ورد في هذه المادة يشمل الأضرار التي تلحق بالأعيان المدنية، ويستندون إلى أن الترجمة لكلمة (injury) تعني ضمن ما تعني (ضرر) والضرر كما هو معروف ممكن أن يصيب الإنسان كما انه ممكن أن يلحق بالأعيان المادية أيضاً (7).
ومن القيود الأخرى التي تضمنتها قواعد لاهاي على استخدام الاسلحة، هي عدم جواز استهداف أي من الأعيان التي لا تساهم مساهمة فعالة في الأعمال العسكرية ولا يحقق تدميرها الكلي أو الجزئي أو الاستيلاء عليها ميزة عسكرية، وبناءاً على ذلك نجد أن لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 حظرت في المادة ( 25 ) منها مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية أياً كانت الوسيلة المستعملة. أي إن اللائحة أوجبت التفرقة بين المدن المحصنة والمدن المفتوحة(8) . وأباحت حصار وضرب المدن المحصنة بوصفه وسيلة للاستيلاء عليها ولأضعاف شوكة العدو لأنها تتخذ وسيلة للدفاع(9) . وهناك رأي يذهب الى أن نص المادة اعلاه هو تطبيق لمبدأ التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين وأن كانت لم تنص عليه صراحة (10).
الفرع الثاني
الحماية العامة بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949
تضمنت اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهما قواعد عامة لحماية الأعيان المدنية، تعتبر قيوداً ترد على استخدام الأسلحة أثناء المنازعات المسلحة حيث حظرت المادة (46) من اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان تدابير الاقتصاص ضد المباني, كما حظرت اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب على دولة الاحتلال تدمير أية ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة، تتعلق بأفراد وجماعات أو بالدولة أو بالسلطات العامة(11) .كما حدث من تدمير لمدينة (كويتو) أثناء النزاع المسلح في أنغولا الوسطى في عامي 1993 و 1994 (12).
أما البروتوكول الإضافي الأول فقد أورد قيوداً هامة على استخدام الأسلحة غير المحظورة لحماية الأعيان المدنية، فقد حظر أن تكون الأعيان المدنية محلاً للهجوم وقصر الهجمات ضد الأهداف العسكرية، التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري والتي يحقق تدميرها أو الاستيلاء عليها ميزة عسكرية أكيدة (13).
وتأكيداً على الحماية العامة للأعيان المدنية، في مواجهة استخدام الأسلحة وفي حالة الاشتباه من قبل أحد أطراف النزاع في مساهمتها في تقديم تسهيلات أو خدمات فعالة تساهم في زيادة القدرة القتالية للطرف الأخر، أوجبت قواعد البروتوكول الاضافي الأول على الافتراض أنها لا تستخدم لذلك بل تستخدم في الغرض المدني المخصص له وليس في دعم المجهود الحربي(14) . استناداً إلى القاعدة العامة التي تقتضي بأن الأعيان المدنية تكون مخصصة في الغالب للأغراض المدنية (15).
وهذه المادة اي (52) نجد أساسها التاريخي في المادة (25) من معاهدة لاهاي لعام 1907 بشأن احترام قوانين وعادات الحرب البرية(16).
وحظر البروتوكول الإضافي الأول نوع أخر من الهجمات التي يمكن أن توجه ضد الأعيان المدنية، والتي تعد من القيود المهمة على استخدام الأسلحة غير المحظورة ضد الأعيان المدنية وهي الهجمات العشوائية(17). فالهجمات العشوائية تتعلق بالأساليب والأسلحة التي لا تسمح بسبب نقص دقتها بالتمييز الأساسي بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية، أو التي تستخدم بصورة لا ضابط لها في الزمان و في المكان(18) .
__________
1- د. فراس زهير الحسيني، الحماية الدولية لموارد المياه والمنشآت المائية أثناء النزاعات المسلحة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009، ص74 .
2- المادة (22) من اللائحة .
3- الفقرة (ز) من المادة (23) من اللائحة .
4- د. مصطفى أحمد فؤاد، دراسات في القانون الدولي العام، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2007، ص97 .
5- د. اسماعيل عبد الرحمن ، الأسس الأولية للقانون الدولي الإنساني ، القانون الدولي الإنساني دليل للتطبيق على الصعيد الوطني ، ط3 , منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر , القاهرة , 2006 , ص583 .
6- د. احمد سي علي ، دراسات في القانون الدولي الإنساني ، ط1 ، دار الأكاديمية ، الجزائر ، 2011 , ص526 .
7- سما سلطان الشاوي ، استخدام اليورانيوم المنضب والقانون الدولي ، أطروحة دكتوراه, كلية القانون ، جامعة بغداد ، 2000 ، ص38 .
8- يشير مصطلح المدن المفتوحة إلى أكثر من معنى، فهناك من يرى أنها تعني جميع الأمكنة غير المحصنة التي لا يوجد فيها حضور عسكري فاعل، وحسب هذا المنطق يمكن اعتبار بلدة تقع داخل بلد يخوض الحرب وتوجد فيها مصانع أسلحة كثيرة أو أنظمة اتصال عسكرية مدينة مفتوحة، وأحياناً يستعمل مفهوم المدن المفتوحة بشكل مختلف، ليشير إلى فكرة مفادها المدن الآمنة من القصف حتى وأن كانت غير مفتوحة للاحتلال، على سبيل المثال إذا كانت بعيدة عن خط الجبهة، واستخدام مصطلح "المدن المفتوحة " من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمعنى مختلف كلياً، فهذا المعنى يشير إلى مبادرة اتخذت في البوسنة والهرسك، تبعها اتفاق دايتون للسلام لسنة 1995 وتقتضي بمكافأة السلطات المحلية التي تعلن مقاطعاتها مفتوحة وتلتزم بعودة الأقليات إلى بيوتها التي سكنتها قبل الحرب . أنظر آدم روبرتس، البلدات المجردة من وسائل الدفاع, جرائم الحرب، ترجمة غازي مسعود، الأزمنة للنشر، بلا، ص 56 .
9- د. طارق عزت رخا، القانون الدولي العام في السلم والحرب، دار النهضة العربية، القاهرة، بلا، ص555 .
10- جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالد , القانون الدولي الإنساني العرفي , اللجنة الدولية للصليب الأحمر , القاهرة ، ص3 .
11- المادة (53) من الاتفاقية .
12- فكتوريا بريتين ، تدمير الملكية التعسفي ، جرائم الحرب , ترجمة غازي مسعود ، الأزمنة للنشر ، بلا ، ص54 .
13- الفقرتين (1 و2) من المادة (52) من البروتوكول .
14- الفقرة (3) من المادة (52) من البروتوكول .
15- د. أحمد سي علي، حماية الأعيان المدنية في القانون الدولي الإنساني، ط1، دار الأكاديمية، الدار البيضاء، 2011، ص47 .
16- د. بدريه عبد الله العوضي، الحماية الدولية للأعيان المدنية وحرب الخليج، مجلة الحقوق، ع (4), كلية الحقوق، جامعة الكويت، 1984، ص51 .
17- المادة (51) من البروتوكول .
18- وهناك مسميات أخرى تعتبر من ضمن أشكال الهجوم العشوائي مثل "القصف السجادي" أو "قصف المناطق" وهي الهجمات الجوية التي تعامل مدينة معينة كهدف عسكري مفرد بدلاً من تمييز الأهداف العسكرية والهجوم عليها , أي أن صفة العشوائية لهذا الهجمات ليس متعلقاً بنقص دقة الاسلحة المستخدمة , بل أن استخدامها يتم بصورة لا ضابط له من حيث المكان , مثال ذلك تدمير روتردام ودرسدن وهيروشيما أثناء الحرب العالمية الثانية وكذلك قصف مدينة البصرة العراقية بقاذفات القنابل الأمريكية (B52) سنة 1991، انظر : هورست فشر، القصف السجادي أو قصف المناطق، جرائم الحرب, ترجمة غازي مسعود، دار الأزمنة للنشر، بلا، ص64 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|