أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-2-2021
4976
التاريخ: 7-2-2022
2598
التاريخ: 17/12/2022
2381
التاريخ: 15/9/2022
1512
|
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية عام 476م (1) اثر غزو القبائل الجرمانية "البرابرة للأقاليم التي كانت تحت سيطرة الرومان، تعاقب على حكم هذه الأقاليم وخاصة في جنوب أوربا وغربها "فرنسا و ايطاليا نظامان: الأول نظام الممالك الجرمانية الذي طبق نظام شخصية القوانين حتى القرن العاشر، والثاني نظام الأمراء الإقطاعيين الذين عرفوا نظام آخر هو إقليمية القوانين وطبق هذا النظام حتى نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر (2).
أولا: الحكم الجرماني ونظام شخصية القوانين: بعد الغزو الذي تعرضت له بلاد الرومان من قبل القبائل الجرمانية، نشأت على الأقاليم التي حكمتها القبائل الجرمانية ممالك متعددة بتعدد هذه القبائل، وكان لكل منها قوانين و عادات، وكانت هذه القوانين والعادات أقل مدنية من القانون الروماني، فلم يستطيعوا إخضاع الرومان لها، كما أن هذه القبائل لم تكن تسمح بتطبيق القانون الروماني عليها، فاحتفظت كل قبيلة بعاداتها وقوانينها، وكانت النتيجة إتباع نظرية شخصية القوانين بصفة مطلقة، فالقانون الروماني يطبق على الرومان، كما أن كل شخص من أية قبيلة من هذه القبائل كان يخضع لقانونه الشخصي، أي عادات القبيلة التي ينتمي إليها، و أمام إتباع شخصية القوانين بصفة مطلقة لم تظهر مشكلة تنازع القوانين في هذه المرحلة (3).
ثانيا: حكم الإقطاع ونظام إقليمية القوانين: خلال خمسة قرون من حكم القبائل الجرمانية "البرابرة حدث تطور اجتماعي تمثل في الاندماج السكاني (4)، فباستقرار القبائل اندمجت الطوائف المختلفة تحت لواء حكم واحد، فنشأ عن ذلك في القرون الوسطى قيام حكم الإقطاع خصوصا في ألمانيا وفرنسا، وكان من مظاهره أن تمسك حاكم كل إقليم بسلطته التامة في إقليمه، وفرض نفوذه على جميع الأشخاص المقيمين داخل حدوده، لذلك لم يكن يسمح بتطبيق قانون غير قانونه حتى بالنسبة للأجانب الذين يتصادف وجودهم فيه لأي سبب كان، فكانوا يخضعون للقانون الإقليمي وحده في معاملاتهم كافة، المدنية، والعائلية، وحتى الجنائية، فأصبح الأساس في تطبيق القانون وجود الشخص في الإقليم، بعد أن كان الأساس في تطبيق
القانون الشخصي نفسه طبقا لنظرية شخصية القوانين، وتطبيق مبدأ الإقليمية المطلقة منع من ظهور تنازع القوانين أيضا لان الاقتصار على تطبيق قانون الإقليم وحده، وعدم السماح بتطبيق قانون آخر منع من وجود هذا التنازع (5).
ويتضح من خلال ما تقدم أن تنازع القوانين لم يظهر في هذه الفترة، لذلك لا وجود لقواعد الإسناد فيها، إلا أنه يعود الفضل لهذه الفترة من التاريخ في إيجاد نظرية شخصية القوانين المطلقة، و إقليمية القوانين المطلقة ولكل منهما عيوبها (6)، إلا أننا نجد أن التشريعات المختلفة أخذت بالشخصية المطلقة في بعض قواعد الإسناد كما هو الحال في قواعد الإسناد المتعلقة بالأهلية (7)، كما أخذت بالإقليمية المطلقة في قوانين إسناد أخرى كما هو الحال في قاعدة الإسناد التي تقضي بخضوع العقار القانون موقعه (8).
إلا انه يندر أن توجد قوانين تأخذ بمبدأ دون آخر، فقد يكون الأساس فيها مبدأ الإقليمية، وتسمح بتطبيق القانون الشخصي في بعض الأحيان أو العكس، فنجد أن معظم القوانين إن لم يكن جميعها تأخذ بمبدأ شخصية القوانين و إقليمية القوانين بشكل نسبي وليس مطلق، إذ جاءت القوانين الوضعية متفاوتة في حلولها المشكلة تنازع القوانين فأعملت وبشكل مختلف بالمبدأين معا وفي آن واحد، فالقانون العراقي شأنه شأن القوانين الأخرى (9)، لم يتمسك بشكل مطلق بأحد المبدأين دون الآخر، وإنما اتبع نظرية إقليمية القوانين بصفة أصلية ولم يتنازل عن اختصاص القانون الإقليمي "الوطني" إلا في الأحوال التي تشير فيها قواعد الإسناد إلى الأخذ بالقانون الأجنبي (10) .
__________
1- قسمت الإمبراطورية الرومانية في عهد الإمبراطور ديوكليسيان 0284-305م إلى إمبراطورية غربية سقطت عام 476م تحت وطأة هجمات البرابرة، وإلى إمبراطورية شرقية سقطت عام 453 ام بسقوط القسطنطينية على يد المسلمين الترك. ينظر: د. محمد معروف الدواليبي، المدخل إلى التاريخ العام للقانون، الطبعة الأولى، مطبعة جامعة دمشق، دمشق، 1380 -1991م، ص 188
2- د. سعيد يوسف البستاني، القانون الدولي الخاص، تطور وتعدد طرق حل النزاعات الخاصة الدولية ، تنازع القوانين – المعاهدات – التحكم التجاري الدولي ، الطبعة الاولى ، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 2004 ، ص 69.
3- د. عبد الحميد عمر وشاحي، القانون الدولي الخاص في العراق، الجزء الأول، مطبعة النفيض الأهلية، بغداد، 1940-1941 ، ص 76-77
4- د. فؤاد ديب، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين ، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية ، منشورات جامعة حلب 1996 ، ص26
5- د. عبد الحميد عمر وشاحي، المرجع السابق، ص78-79.
6- من عيوب نظرية شخصية القوانين المطلقة، أنها توجب على المدعي الالتجاء إلى محكمة المدعى عليه، ويبني على ذلك أن القانون الذي يقضي به يكون دائما قانون المدعى عليه، كما أن المدعى عليه لا يستطيع أن يرفع دعوى فرعية على المدعي أثناء الخصومة، بل يتعين عليه أن يقاضيه أمام محكمته، وتظهر الصعوبة بشكل أوضح إذا تعدد المدعى عليهم في دين واحد، إذ تكون النتيجة تعدد القضايا امام المحاكم، وقد تتناقض هذه الأحكام فلا تحقق العدالة على وجهها الكامل، ولا تحترم الحقوق المكتسبة، أضف إلى ذلك صعوبة معرفة القانون الشخصي، لتعدد القبائل واختلاطها وكثرة التنقل من قبيلة إلى أخرى، كما أن الأخذ بالإقليمية المطلقة، يضر بالأجانب ضررا بليغة، ويمس بالحقوق المكتبية، ولا يحقق العدالة، وعلى وجه الخصوص بالنسبة إلى مسائل الأحوال الشخصية، إذ يعرضها للتغيير و التبديل كلما انتقل الإنسان من إقليم إلى آخر لاختلاف قوانين البلدان باختلافها، فقد يكون بالغة وفقا لقانون، وقاصرة وفقا لآخر، والزواج إذا كان صحيحا في بلد، قد لا يكون كذلك في بلد آخر، وتكون النتيجة منع الناس من التنقل من بلد إلى آخر، وعزلة البلاد عن بعضها وعدم نشوء العلاقات بين الأفراد ومن ثم عدم رواج التجارة بينهم، وهذا ما تأبها الحضارة والمدنية. ينظر المرجع نفسه، ص 78 و 80.
7- تنص المادة (118) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1991 المعدل على أن الأهلية يسري عليها قانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته؛ وتقابلها المادة (111) من القانون المدني المصري رقم (139) لسنة 1948 المعدل: والمادة (1/12) من القانون المدني السوري رقم (8) لسنة 1949 المعدل و المادة (111) من قانون المعاملات المعدنية الإماراتي رقم (2) لسنة 1985.
8- تنص المادة (24) من القانون المدني العراقي على أن المسائل الخاصة بالملكية والحيازة والحقوق العينية الأخرى، وبنوع خاص طرق انتقال هذه الحقوق بالعقد و الميراث والوصية وغيرها، يسري عليها قانون الموقع فيما يختص بالعقار ....؛ و تقابلها المادة (18) من القانون المدني المصرية و المادة (19) من القانون المدني السوري والمادة( 18/1) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي..
9- على سبيل المثال أخذ القانون العراقي بشخصية القوانين في المواد (18/1و19و20-22) ؛ والقانون المصري في المواد (11 و 12-17 ): و القانون السوري في المواد (12-18)، و القانون الإماراتي في المواد (11 و 12/1 و14-16و17/1و17/3) واخذ القانون العراقي بإقليمية القوانين في المواد (24 و25/2و26-27/1) و القانون المصري في المواد (18 و 19 الشق الثاني منها و 21) والقانون السوري في المواد (16 و 20/2 و 22)؛ والقانون الإماراتي في المواد (18 و19/2و20) .
10- د. حسن الهداوي ود. غالب على الداودي، القانون الدولي الخاص، القسم الثاني في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1982، ص 81 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|