أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2022
1482
التاريخ: 11-3-2020
4670
التاريخ: 23-2-2017
17849
التاريخ: 1-10-2018
10747
|
لقد أولت الأمم المتحدة اهتماما خاصا بنشاط الشركات متعددة الجنسية، وذلك عقب التحذير الذي أورده تقريرها السنوي عن الوضع الاقتصادي العالمي في بداية عقد السبعينات وبالتحديد في مطلع عام 1971، اذ اورد هذا التقرير ما يأتي "قد تكون هذه الشركات –أي الشركات متعددة الجنسية – في بعض الاحيان، من العوامل الفعالة في نقل وتحليل التكنولوجيا وراس المال الى البلدان النامية، الا ان دورها ينظر اليه احيانا نظرة ريب وتخوف نظرا لان حجمها وقوتها تفوق حجم الاقتصاد الوطني بأكمله الذي تمارس نشاطها فيه، وعلى المجتمع الدولي ان يضع سياسة ايجابية ويكون جهازا فعالا لمعالجة القضايا التي يثيرها نشاط الشركات المذكورة" (1).
كذلك فان للأحداث التي وقعت في تشيلي عام 1973 والتي نتج عنها الاطاحة بحكم السلفادور الليندي (2) ، اثرها في دفع منظمة الامم المتحدة نحو اجراء دراسة شاملة لنشاط الشركات متعددة الجنسية، وبالفعل اصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأجماع القرار رقم "1721" بتاريخ 2 / 8 / 1972، وقد تضمن هذا القرار طلبا موجها الى الامين العام للأمم المتحدة مفاده تكليف مجموعة من كبار الخبراء في مجال الشركات متعددة الجنسية، للعمل على دراسة دور هذه الشركات واثرها في عملية التنمية وخاصة في الدول النامية، وكذلك انعكاساتها على العلاقات الدولية بغية الوصول الى جملة من النتائج تمكن الدول من الاستفادة منها في حال اتخاذها قرارات سيادية خاصة بالسيادة الوطنية، كذلك الوصول الى التوصيات التي تكفل توفير قدر مناسب من التنظيم الدولي لأنشطتها المختلفة (3).
ولقد قامت لجنة الخبراء المسماة بـ "مجموعة الشخصيات" بدراسة "دور الشركات وأثرها في عملية التنمية" في ثلاث اجتماعات كان الأبرز فيها الاستماع إلى شهادة ما يقرب من (50) شخصية قيادية من الحكومات ورجال الأعمال واتحادات التجارة والمجموعات المعنية العامة والخاصة وأساتذة الجامعات (4).
وفي شهر ايار سنة 1974 قدمت مجموعة الشخصيات تقريرها الذي اشتمل على ثلاثة أقسام، الأول منها تكلم عن اثر الشركات متعددة الجنسية في التنمية وفي العلاقات الدولية والثاني ضم بعض المسائل الخاصة والتي لها علاقة وثيقة بنشاط الشركات متعددة الجنسية كانتقال رؤوس الأموال ونقل التكنولوجيا وشؤون العاملين وحماية المستهلكين والائتمان، أما القسم الثالث منه فقد ضم ملاحظات الأعضاء حول المسائل التي لم يحصل الاتفاق عليها (5).
ويبدو أن أهم ما جاء في التقرير الذي اجرته مجموعة الشخصيات هو المقترحات التي وجهتها الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتتلخص هذه المقترحات في امرين :
الاول : تكوين لجنة دائمة تكون تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وتسمى "لجنة الشركات متعددة الجنسية" وتتألف من خمس وعشرين عضوا يتم اختيارهم من قبل الامين العام للأمم المتحدة وبصفتهم الشخصية ويكونون من الخبراء في مجال هذه الشركات على ان يؤخذ بنظر الاعتبار التمثيل الجغرافي على نطاق واسع، وتكون مهمة اللجنة هي اعداد الدراسات الخاصة بهذه الشركات، وان يؤخذ بنظر الاعتبار ما تعده المنظمات الوطنية والدولية من دراسات في هذا الشأن وما تقدمه الحكومات والنقابات والهيئات من مقترحات (6)، غير ان مهمة هذه اللجنة تنحصر في الامور الاتية :
1- وضع جملة من التوصيات تكون اساسا لصياغة تقنين لقواعد السلوك الغاية منها :
أ- درء تدخلها في الشؤون الداخلية للدول التي تعمل فيها.
ب- ضبط نشاطها في الدول التي تستقبل الاستثمارات الاجنبية، بغية ان يكون الاستثمار منسجما مع الخطط والاهداف الوطنية.
ج- تقديم المساعدات للدول النامية وتسليمها التكنولوجيا والخبرة الادارية بشروط عادلة وملائمة.
د- الحيلولة دون خروج ارباحها المتأتية من انشطتها حرصا على المصالح المشروعة لكل الاطراف المعنية (7).
2- النظر في امكان ابرام اتفاق عام بشان وضع نظام دولي للشركات متعددة الجنسية تقوم على تنفيذه منظمة متخصصة، وتنضم اليه الدول في اطار اتفاقية دولية، وتكون لهذه الاتفاقية قوة المعاهدات الدولية، وتتضمن النصوص المتعلقة بوسائل تنفيذ الاتفاقية والجزاءات التي يمكن تنفيذها عند الاقتضاء (8).
أما الاقتراح الثاني فكان يقضي بأنشاء مركز للاستعلام والبحوث يكون تابعا للأمم المتحدة وتحت أشراف لجنة الشركات متعددة الجنسية، وتنحصر مهمته في جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بهذه المشروعات وتحليلها ونشرها (9).
ولقد وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والجمعية العامة للأمم المتحدة على انشاء لجنة الشركات متعددة الجنسية ومركز الاستعلام والبحوث.
ان الاقتراح الذي لقي اكثر ترحيبا هو تكوين مدونة قواعد السلوك لتنظيم نشاط الشركات متعددة الجنسية، وبالفعل وفي عام 1976 اصدرت لجنة الشركات متعددة الجنسية مدونة قواعد السلوك.
ولقد ركزت هذه المدونة على جملة أمور منها التعريف بالشركات متعددة الجنسية ونطاق أنشطتها وسلوكها السياسي الذي تتعامل به مع الدول المضيفة لها، فضلا عن كيفية التعاون بين الدول المختلفة لتطبيق هذه المدونة وأخيرا الية تنفيذ مدونة قواعد السلوك.
ولهذا فان اهم ما جاء في التقنين من مسائل واحكام ما هي الا انعكاس للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية التي تحاول الدول المختلفة تنظيمها بوساطة هذا التقنين، فبالنسبة للمسائل السياسية، فقد جاء في تقنين قواعد السلوك انه على الشركات متعددة الجنسية احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهذا يعني احترامها للقوانين والاساليب المعمول بها في الدول المضيفة، فضلا عن الزام الدولة الام بعدم استخدامها للشركات متعددة الجنسية كأداة لتحقيق اهداف وغايات سياسية في الدول المضيفة، كذلك فان على هذه الشركات عدم اللجوء الى طريق غير مشروع لتحقيق أهدافها في الدول المضيفة وشراء ذمم المسؤولين فيها (10).
أما بالنسبة للمسائل الاقتصادية والمالية والاجتماعية فقد اكد التقنين سيادة الدولة على مواردها الاقتصادية وحقها في تنظيم الاستثمار الاجنبي المقام على اقليمها، كذلك فان التقنين تضمن مطالبة الشركة الام بتوزيع الية اتخاذ القرار بين شركاتها الوليدة للحيلولة دون احتكارها من قبلها، اذ لابد من تقاسم سلطة اتخاذ القرار بين المركز وسلطات الوحدات الفرعية حتى يتسنى للشركات الوطنية المساهمة في تنمية بلادها، فضلا عن ممارسة الرقابة المخولة لها بموجب القانون (11).
كما اوجب التقنين على الشركات متعددة الجنسية ان لا تضر بميزان مدفوعات الدول المضيفة، وذلك عن طريق إلزامها بتصنيع المواد الاولية في الدول المضيفة والتقليل من وارداتها وتصدير جانب من الإنتاج الذي تقوم به، فضلا عن الحيلولة دون قيام الشركات متعددة الجنسية بفرض قيود على حرية الشركات الوطنية التابعة لها او التي تسيطر عليها في الاتجار، كتحديدها كمية المنتج التي تصدرها او تحديدها اثمان المنتجات، او ان يقتصر التصدير على مناطق دون اخرى او حظر التصدير الى مناطق معينة، فضلا عن ذلك فلقد تضمن التقنين مسائل متعددة اخرى منها ما تعلق بكيفية معاملة الدول المضيفة للشركات وكيفية تأميم الدول للشركات العاملة على اراضيها والتعويض الواجب دفعه لتلك الشركات فضلا عن المنازعات المتعلقة بالاستثمار (12).
ولا تزال الى هذه اللحظة لجنة الشركات متعددة الجنسية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي تقوم بأجراء الدراسات المختلفة حول انشطة هذه الشركات، وتقديم التقارير الدورية عنها، وهذا كله يندرج نحو الوصول الى تنظيم دولي حقيقي لنشاط هذه الشركات وذي قوة ملزمة لها. ولقد بلغ عدد هذه التقارير في (12/4/2003) اكثر من (718) تقريرا اعدته لجنة الشركات متعددة الجنسية. (280) تقريرا كان على شكل دراسات بحثية اجرتها اليونكتاد و (250) تقريرا كان على شكل نصائح وارشادات (13).
وهكذا يبدو ان القرار المرقم (1721) الذي اصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي في عام 1972 يعد نقطة تحول في تاريخ الشركات متعددة الجنسية، اذ بصدوره لفت نظر المجتمع الدولي نحو تلك الشركات وما يثيره نشاطها من اشكاليات متعددة تتمحور في ضرورة تنظيمه وعدم تركه للقوانين الوطنية لكل دولة على حده، فالقرار المذكور يعد نقطة البداية في استقطاب انظار الكثير من الباحثين والدارسين والمحللين لأنشطة هذه الشركات.
وفي عام 1974 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية السادسة برنامج عمل حول النظام الاقتصادي الجديد في القرار المرقم (3252) والمتضمن (6) فقرات حملت الخامسة منها عنوان "تنظيمات ومراقبة نشاطات الشركات متعددة الجنسية" .
وفي 1/تشرين الاول عام 1982 وبموجب القرار المرقم 8/19826 كلفت الامم المتحدة المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمواصلة اعماله حول المواد في دليل تصرف اعمال الشركات متعددة الجنسية (14).
وفي عام 1984 تم اعداد هذه الوثيقة –الدليل- واهم ما نصت عليه :
1-عدم تدخل الشركات متعددة الجنسية في الشؤون الداخلية للدول.
2-عدم التداخل في العلاقات بين الحكومات.
3-واجب تشغيل وطنيين في الدولة التي نمارس فيها النشاط.
4-واجب المساهمة في تعديل ميزان المدفوعات.
5-واجب تعديل سياسة الاسعار على اسعار السوق.
6-واجب احترام المحيط الذي تعمل فيه" (15).
ولغرض تنظيم عمل الشركات متعددة الجنسية فقد اقترح الرئيس المكسيكي في المؤتمر الثالث للتطور والتجارة التابع للأمم المتحدة وجوب وضع ميثاق لحقوق وواجبات الدول من اجل حماية الدول النامية واهم ما جاء فيه من المبادئ التي لها علاقة بالشركات متعددة الجنسية هي:
1- حق الدولة في السيطرة على مصادرها الاولية.
2- حق الدول في تبني النظام الاقتصادي الذي يلائمها.
3- منع استعمال الضغوط الاقتصادية التي تضر بالسيادة السياسية للدول .
4- وضع رؤوس الأموال الأجنبية تحت القانون المحلي.
5- منع الشركات العالمية من التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
6- منع استعمال سياسة التمييز في التجارة.
7- الاستثمارات الاجنبية تكون مكملة للمحلية، وان لا تحل محلها او تعمل في المجالات نفسها.
8- نشاطاتها يجب ان تكون ايجابية بخصوص ميزان المدفوعات. من حيث الصادرات.
9- ان توظف المحليين وتدربهم.
10- ان تستخدم المنتجات المحلية في عملياتها.
11- ان تكون نشاطاتها في مجالات مختلفة.
12- ان لا تحتكر السوق الوطنية.
13- يجب ان تحترم القيم الاجتماعية في الدول المضيفة.
14- يجب ان تكون نشاطاتها متناسقة مع مصالح الدول المضيفة.
15- ان لا تدمر طريقة الاستهلاك في البلد المضيف.
16- ان تسعى الى التعاون مع الدول المضيفة بحيث تتناسق عملياتها مع سياسة التطور
القومي للبلد" (16).
اما موقف الولايات المتحدة الامريكية من الشركات متعددة الجنسية وخاصة المنظمات الدولية كمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتفاقية العامة للتعريفة الكمركية والتجارة فقد تلخص في ان تحكم اوضاع هذه الشركات مبادئ القانون الدولي العام وتجنب أي قيود على الاستثمار الاجنبي يشوه التدفق الحر للاستثمار (17).
ولقد استطاعت الولايات المتحدة الامريكية الضغط على صندوق النقد الدولي لترتيب مركز دولي للشركات متعددة الجنسية من خلال معاهدة تسوية منازعات الاستثمار بين الدول والشركات لعام 1965 على ان تكون المحكمة التي تفصل في النزاع نوعا من المحكمة الدولية. غير ان هذه المعاهدة قد قامت على اساس طوعي. اذ يتم استدعاء المحكمة بناء على طلب مكتوب من احد اطراف النزاع (18).
______________
1- انظر : محمد صبحي الاتربي، مدخل الى دراسة الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسية، دار الثورة للصحافة والنشر، بغداد، 1977 ، ص7.
2- لقد كان وراء عملية الانقلاب هذه شركة (I.T.T) .
3- انظر : محمد عبد الرحمن، اثر الشركات المتعددة الجنسية على التنمية والعلاقات الدولية ( تقرير مجموعة كبار خبراء الامم المتحدة ) ، سلسلة الفكر الاداري المعاصر (44) ، مطابع سجل العربي ، بدون سنة طبع ، ص5. كذلك انظر د. وهبي غبريال، البعد السياسي للشركات متعددة الجنسية، مجلة السياسة الدولية، العدد (44) مؤسسة الاهرام، القاهرة، 1976، ص91.
4- انظر محمد عبد الرحمن، مصدر سابق، ص6.
5- انظر : د. محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة، مجلة القانون والاقتصاد، العددان الاول والثاني، مطبعة جامعة القاهرة، 1977 ، ص316. كذلك للمزيد من التفصيل انظر: محمد عبد الرحمن، المصدر السابق، ص28-29.
6- انظر :د. محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة، المصدر السابق، ص316.
7- انظر: بوزويف، الاحتكارات العالمية والسياسة العسكرية، ترجمة فائق ابو الحب، دار التقدم، موسكو، 1984، ص245.
8- انظر: د. عبد الواحد محمد الفار، احكام التعاون الدولي في مجال التنمية الاقتصادية، عالم الكتـب ، القاهرة، بدون سنة طبع، ص166.
9- انظر :د. محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة، مصدر سابق، ص319. كذلك انظر د. حسني الجمل، الخطورة الدولية للشركات متعددة الجنسية، مجلة السياسة الدولية العدد (34)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 1973، ص158.
10- انظر : د. محمد عبدة سعيد، الشركات متعددة الجنسية ومستقبلها في الدول النامية، رسالة دكتوراه مقدمة الى جامعة عين شمس، كلية الحقوق، 1986، ص483.
11- انظر : المصدر نفسه، ص481.
12- انظر : د. محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة، مصدر سابق، ص320، كذلك انظر بنفس المعنى: د. محمد عبدة سعيد، ص482.
13-Harris Gleckman, UN Center on transnational corporations
مسحوب من الانترنت على الموقعWWW.pgaconference.org, p2.
14- انظر د. عبد المجيد العبدلي، قانون العلاقات الدولية، ط2، اوريس للطباعة، تونس، 2000 ، ص222-223.
15- د. عبد المجيد العبدلي، قانون العلاقات الدولية، ط2، اوريس للطباعة، تونس، 2000 ، ص223.
16- د. محمد ابراهيم فضة: مشكلات العلاقات الدولية : دور الشركات العالمية في السياسة الخارجية، ط1، مطابع الجمعية العلمية الملكية، عمان، 1981، ص46-47.
17- UN. The Impact of Multinational corporations on development and world politics. B/5500/Rev./st./ESA/60New York, 1974, p.42.
18- انظر محمد السيد سعيد، الشركات متعددة الجنسية واثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1978 ص335.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|