أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-02-2015
2126
التاريخ: 26-11-2014
1804
التاريخ: 2024-08-26
210
التاريخ: 10-10-2014
1914
|
قال العلّامة الطباطبائي : "فسّر قوم من المفسّرين التأويل بالتفسير وهو المراد من الكلام... وقالت طائفة أخرى أنّ المراد بالتأويل هو المعنى المخالف لظاهر اللفظ... وهذا المعنى هو الشائع عند المتأخّرين كما أنّ المعنى الأوّل هو الّذي كان شائعاً بين قدماء المفسّرين..." (1) واستنتج العلّامة بعد ذكره وتفنيده لكلِّ الآراء ، ما يلي :
"إنّ الحقّ في تفسير التأويل أنّه الحقيقة الواقعية الّتي تستند إليها البيانات القرآنية من حكم أو موعظة أو حكمة ، وأنّه موجود لجميع الآيات القرآنية محكمها ومتشابهها ، وأنّه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ ، بل هي من الأمور العينيّة المتعالية من أن يُحيط بها شبكات الألفاظ ، وإنّما قيّدها الله تعالى بقيد الألفاظ لتقريبها من أذهاننا بعض التقريب فهي كالأمثال تُضرب ليقرب بها المقاصد وتوضح بحسب ما يناسب فهم السامع... ، ولم يستعمل القرآن لفظ التأويل... إلّا في المعنى الّذي ذكرناه" (2).
ومن الشواهد على هذا الاستخدام لكلمة التأويل ما ورد في قصّتي "موسى والخضر" و"يوسف" وما شابه ذلك.
ففي قصّة النبيّ يوسف : {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف : 4].
وبعد مضي سنوات طويلة وحوادث كثيرة ، جاء تأويل هذه الرؤيا في السورة بالشكل التالي :
{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف : 100].
فما رآه النبيّ يوسف في الرؤيا يعود إلى سجود أبيه وأمّه وإخوته ، وهذا التأويل والرجوع من قبيل رجوع المثال إلى الممثّل والواقع الخارجي.
هل يعلم التأويل غير اللّه ؟
يثار السؤال المذكور في ضوء ما ورد في الآية السابعة من سورة آل عمران : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران : 7]. فقد وقع خلاف مهمّ حتّى في قراءة الآية وتلاوتها ، وهو حسب قول البعض أهمّ اختلاف في القراءات وأعمقه معنى في القرآن كلّه. ويدور الاختلاف حول الوقف أو عدمه بعد كلمة "الله" في الآية الشريفة : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ}.
فالقول بالوقف يعني أنّ علم التأويل عند الله وحده ، وأما القول بالعطف فمعناه أنّ علم التأويل ليس لله وحده ، وإنّما الراسخون في العلم لديهم علم بالتأويل أيضاً.
يعتقد العلّامة الطباطبائي أنّ العلم بالتأويل لا يختصّ بالله تعالى وذلك استناداً إلى أدلّة من الآيات والروايات.
فمن الآيات القرآنيّة
{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة : 77 - 79] ولا شبهة في ظهور الآية في أنّ المطّهرين من عباد الله يمسّون القرآن الكريم ، وهم آل البيت عليهم السلام : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب : 33] (3).
ومن الروايات
عن بريد بن معاوية قال : "قلت للباقر عليه السلام : قول الله تعالى : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} قال : يعني تأويل القرآن كلّه إلّا الله والراسخون في العلم ، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد علّمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله منزلاً عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه ، فقال الذين لا يعلمون : ما نقول إذا لم نعلم تأويله؟ فأجابهم الله : { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران : 7] (4).
وعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : "{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم} نحن نعلمه"(5).
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : "نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله"(6).
خلاصة الدرس
التأويل في اللغة : الأوْل ، وهو الرجوع إلى حيث المبدأ. والتشابه قد يكون في الكلام وقد يكون في العمل.
ـ التأويل في القرآن الكريم على ثلاثة وجوه : تأويل المتشابه ، تعبير الرؤيا ، مآل الأمر وعاقبته ، والمعنى الرابع المفهوم العام المأخوذ من الآية الواردة بشأن خاص.
ـ الفرق بين التفسير والتأويل : كان التأويل في استعمال السلف مترادفاً مع التفسير ، ولكنّه عند المتأخّرين يعني المعنى المخالِف لظاهر اللفظ.
ـ عند العلّامة الطباطبائي التأويل ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ بل هي من الأمور المتعالية من أن يحيط بها الألفاظ ، فهي كالأمثال تُضرب ليقرب بها المقاصد.
ـ اختلف المفسِّرون في أنّه هل يعلم التأويل غير الله تعالى ، من حيث اختلافهم في علامة الوقف على كلمة الله في قوله تعالى : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ} ، ولكن العلّامة الطباطبائي استدلّ من غير هذه الآية بغضّ النظر عن الخلاف في علامة الوقف بآيات أخرى وروايات ، على إمكانية أن يعلم غير الله التأويل ، بالإضافة إلى أنّ هناك دليلاً عقليّاً.
______________________
1- تفسير الميزان ، العلّامة الطباطبائي ، ج 3 ، ص 44 و49 ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، ط 2 ، 1391هـ.
2- م.ن ، ج 3 ، ص 49.
3- سورة الأحزاب ، الآية : 33. انظر : تفسير الميزان ، العلّامة الطباطبائي ، ج 3 ، ص 55.
4- تفسير العياشي ، مصدر سابق ، ج1 ، ص293 ، الحديث رقم : 646.
5- م.ن ، الحديث : 647.
6- م.ن ، الحديث 648.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|