المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد
5-8-2016
الجوانب الداخلية للشخصية عند كتابة السيناريو
2023-04-03
الهجرة و التباعد
5-10-2016
عناصر القرا ر الاداري
15-6-2016
اختصاصات رئيس الوحدة الادارية اللامركزية
29-3-2016
Hyperbolic Partial Differential Equation
18-7-2018


محمّد بن الحنفيّة والنهضة الحسينيّة  
  
4610   03:51 مساءً   التاريخ: 12-8-2022
المؤلف : معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني
الكتاب أو المصدر : نهضة عاشوراء
الجزء والصفحة : ج1، 153-166
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-3-2016 3600
التاريخ: 19-6-2019 6532
التاريخ: 13-4-2019 3174
التاريخ: 23-5-2019 2172

تمهيد[1]:

إنّ الأحداث التاريخيّة المهمّة والمؤثّرة، بمقدار ما تكون عظيمة ومهمّة بمقدار ما يكون تأثيرها أكبر في غربلة الشخصيّات البارزة في المجتمع. فعندما تقع حادثة كحادثة عاشوراء، يتوجّه الباحثون وحتّى عامّة الناس إلى التدقيق في مواقف الأفراد سواء كانت إيجابيّة أم سلبيّة. ومن هنا كان وما زال يطرح على الباحثين في قضيّة عاشوراء السؤال الآتي: لماذا تخلّف بعض المقرّبين من الحسين بن عليّ عليه السلام عن هذه القافلة المباركة, فلم يكونوا من جملة العاشورائيّين, مع أنّه كان يتوقّع منهم أن يكونوا السبّاقين والمتقدّمين على غيرهم.

ومحمّد بن الحنفيّة, وهو أخو الإمام الحسين عليه السلام إحدى هذه الشخصيّات التي أثار عدم حضورها في كربلاء، سؤالاً في أذهان السائلين: لماذا غاب عن كربلاء؟ ولماذا حُرم من مرافقة أخيه؟ إنّ الإجابة عن هذا السؤال هي المحور الأساس الذي تدور حوله هذه المقالة, وفقاً لما جاء في المصادر القديمة للتاريخ الإسلاميّ.

نسب محمّد بن الحنفيّة

هو محمّد بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام المعروف بمحمّد بن الحنفيّة, من بني هاشم. أخو الإمامين الحسن والحسين  عليه السلام . إلّا أنّ والدة الإمامين الحسنين هي السيّدة فاطمة  عليها السلام  ، بينما والدة محمّد هي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة الحنفيّة. وقد نسب إلى والدته فقيل محمّد بن الحنفيّة لتمييزه من الإمامين الهُمامين (وهما من ذريّة الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم ).

والدته من بني حنيفة, وهي من قبائل اليمن التي قدمت المدينة. وهناك روايتان مختلفتان حول زمان مجيئها إلى المدينة. وقد أورد البلاذريّ معتمداً على رواية للمدائنيّ أنّ الرسول صلى الله عليه واله وسلم أرسل عليّاً إلى اليمن فحصل هناك على خولة, وكانت بين بني زبيد برفقة عمرو بن معدي كرب المرتدّ. وكانت خولة من نصيب عليّ صلى الله عليه واله وسلم في حياة الرسول صلى الله عليه واله وسلم. فقال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إن ولدت لك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي، فولدت له بعد موت فاطمة  عليها السلام  غلاماً فسماه محمّداً وكنّاه أبا القاسم[2]. وورد في رواية أخرى: أغارت بنو أسد بن خزيمة على بني حنيفة فسبوا خولة بنت جعفر ثمّ قدموا بها إلى المدينة في أوّل خلافة أبي بكر فباعوها لعليّ. وبلغ الخبر قومها فقدموا المدينة على عليّ فعرفوها وأخبروه بموضعها منهم فأعتقها ومهرها وتزوّجها فولدت له محمّداً ابنه. قال البلاذريّ: وهذا الخبر أثبت من خبر المدائنيّ[3]. وذكر بعض المؤرّخين أن خولة أسرت في عهد أبي بكر وحروب الردّة في اليمامة بيد خالد بن الوليد وكانت من نصيب عليّ عليه السلام فولدت له محمّداً[4]. وقد ذكر صاحب تاريخ الطبريّ هذا الرأي بعبارة "قيل"[5].

واختار السيّد محسن الأمين هذا القول, من بين الأقوال المختلفة, وقد نصّ على أن خولة أُسِرت في زمان خلافة أبي بكر وتزوّجها عليّ عليه السلام [6]. مع العلم أن السيّد المرتضى علم الهدى يعتقد بأنّ خولة لم تكن أسيرة، بل كانت محرّرة لاعتناقها الإسلام.[7]

الموقف السياسيّ لمحمّد بن الحنفيّة في زمان الأئمّة عليهم السلام

حضر محمّد بن الحنفيّة حربي الجمل وصفّين، وهما الحربان اللتان خاضهما عليّ عليه السلام في مواجهة الناكثين والقاسطين, وكان في بعض الحالات صاحب لواء.[8]

وقيل لمحمّد بـن الحــنــفيــّة: أبـوك يسـمــح بـك في الـحـرب ويـشـحّ بالحـسـن والحسين  عليه السلام  فقال: هما عيناه وأنا يده والإنسان يقي عينيه بيده[9]. وكان الإمام عليّ عليه السلام يخشى أن يقتل محمّد في صفّين لذلك نزل بنفسه لمواجهة عبيد الله بن عمر.[10]

لا يوجد من الأخبار الكثير حول حياته بعد شهادة والده الإمام عليّ عليه السلام. كان- وكما يجب- إلى جانب أخويه الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام ولم يذكر له موقف خالفهما فيه. وجاء في بعض المصادر أنّ الإمام الحسن عليه السلام أوصى إلى أخيه الحسين عليه السلام قائلاً: يا أخي أوصيك بمحمّد أخيك خيراً فإنّه جلدة ما بين العينين, ثمّ قال: يا محمّد, وأنا أوصيك بالحسين, كانِفْه ووازره.[11]

وعندما طلب منه الكوفيّون النهوض، امتنع محمّد وتشاور في المسألة مع أخيه الحسين عليه السلام .[12]

وذكره ابن سعد فقال عنه: كثير العلم والورع[13]. وكتب الطبريّ واصفاً إيّاه: "وكان فاضلاً ديّناً ذا علم جم ّوورع "[14]. ولعلّ المؤرّخين كابن سعد يستعملون صفة الورع للذين لا يتعاطون في المسائل السياسيّة. وينسب مؤلّف الطبقات الكبرى إلى محمّد رأياً يقول فيه: ما أشهد على أحدٍ بالنجاة ولا أنّه من أهل الجنّة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا على أبي الذي ولدني[15] ، إلّا أنّ هذا الكلام لا يتناسب مع حضوره في الجمل وصفّين والمواقف الأخرى التي يبرز فيها النزاع السياسيّ.[16]

والعجيب أنّ صاحب الطبقات نفسه يروي بأنّ محمّداً كان يقول: وددت لو فَديتُ شيعتنا هؤلاء ولو ببعض دمي, كان على استعداد أن يقدّم روحه في سبيل الشيعة, وكان يعتبر أن أعمال الأمويّين أسرع فيهم من سيوف المسلمين.

قدّم المؤرّخون روايات مختلفة حول موقف محمّد بعد صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية. يتحدّث ابن خلدون بأنّ المعارضين للصلح ذهبوا إلى محمّد وبايعوه سرّاً ليطلب الخلافة لنفسه عندما تسمح الظروف, وقد عيّن محمّد شخصاً له في كلّ مدينة[17]. مع العلم أنّ ابن سعد صرَّح بأن محمّداً عارض مسألة التعاون مع المعترضين، لا بل تحدّث في الموضوع مع أخيه الحسين عليه السلام[18] . وقد أيّد ابن عساكر قول ابن سعد[19]. وذكر ابن كثير أنّ محمّداً امتنع عن مساعدة ثوار المدينة في زمان خلافة يزيد حيث طلبوا منه الوقوف معهم. وعندما سألوه كيف حاربت إلى جانب أبيك؟ قال: آتوني بشبيه أبي لأحارب معه[20] يعتقد الشيعة بأن محمّداً بعد حادثة عاشوراء, كان يرى بأنّ الإمامة هي لعليّ بن الحسين عليه السلام. ونقل في بعض المصادر, عن بعض الأئمّة عليهم السلام محاورة حصلت بين الإمام السجّاد عليه السلام ومحمّد ابن الحنفيّة. وقد توجّها معاً إلى الحجر الأسود طلباً للتحاكم، فأنطق الله الحجر بإمامة زين العابدين عليه السلام ، فقبل محمّد بن الحنفيّة إمامته[21]. وذكر محقّقو الشيعة أنّ سند هذه الرواية صحيح وفيها دلالة على إيمان محمّد واعتقاده بإمامة الإمام السجّاد عليه السلام[22]. وجاء في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ محمّداً لم يمت حتّى اعترف بإمامة عليّ بن الحسين عليه السلام [23]. وتكتسب ردّة فعل محمّد على حوادث ما بعد عاشوراء أهميّة كبيرة. فقد خالف ابن الزبير ولم يرض بالتعاون معه.

وعندما وصل خبر ثورة المختار إلى ابن الزبير، قام باعتقال محمّد ابن الحنفيّة وطلب منه البيعة والطاعة. والمعروف أنّ محمّداً قد واجهه بأنّ المسألة إذا كانت ذات علاقة بالخلافة فأنا أحقّ منك بها[24]. وقد امتنع محمّد وابن عبّاس عن بيعة ابن الزبير، فتركا مكّة متوجّهين إلى الطائف[25]. ويعتقد الكيسانيّة بإمامة محمّد بن الحنفيّة ويحتجّون على ذلك بأنّ عليّاً عليه السلام يوم الجمل قد دفع إليه اللواء[26]. وقد كان المختار هو أوّل شخص دعا الناس إلى إمامته[27].كما قيل.

وجاء في بعض الأخبار أنّه سكن الأيلة بعد موت ابن عبّاس وتوفّي هناك[28]. وذكر البعض أنّه توفّي في الطائف أو المدينة[29]. وقد نقل الشيخ القمّي الأقوال الثلاثة من دون الترجيح بينها[30]. وذكروا أنّه توفّي في العام 81 أو 82 هـ ق عن عمر 65 سنة[31].

إنّ الذي لفت انتباه الباحثين والمترجمين في سيرة محمّد هو حادثتان تاريخيّتان مهمّتان: الأولى: غيابه عن كربلاء وعدم مرافقته الإمام الحسين عليه السلام, والثانية: ظهور فرقة من الشيعة تدعى الكيسانيّة وتدّعي مهدويّته. وتشكّل الحادثة الأولى موضوع هذا المقال[32]. وسنحاول, بدايةً, الإطلالة على رأي مؤلّفي أهل السنّة في المسألة, ونجيب عن بعض ما ينسب إليه من أمور لا واقعيّة لها, ثمّ نعرّج على رأي الشيعة, ونقدّم نقداً وتحليلاً لبعض الأسباب المحتملة لعدم مرافقته الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.

رأي مؤلّفي أهل السنة

كتب بعض مؤلّفي أهل السنّة أنّ محمّداً لم يرافق الإمام الحسين عليه السلام عندما توجّه من المدينة إلى مكّة, واقترح عليه الابتعاد عن يزيد وعن المدن, وأن يرسل رسله إلى الناس يدعوهم إليه، فإذا بايعوه دخل تلك المدينة. ولكنّ الإمام عليه السلام أجابه بأنّه ماضٍ في طريقه، فطلب منه محمّد أن يذهب إلى مكّة. فقال له الإمام: "يا أخي نصحت وأشفقت".[33]

وذكر ابن كثير أنّ الإمام الحسين عليه السلام كتب إلى أهل المدينة فالتحق به تسعة عشر شخصاً من بني هاشم في مكّة, وكان معهم محمّد بن الحنفيّة. ثمّ أظهر مخالفته التوجّه نحو العراق بعد لقائه الإمام[34]. وينقل الطبريّ عن أبي مخنف أن الإمام الحسين عليه السلام عندما تحرّك من مكّة إلى الكوفة، وصل الخبر إلى محمّد بن الحنفيّة في المدينة، وكان يتوضّأ فبكى بكاء ًشديداً[35]. وهذا يشير إلى أنّ محمّداً لم يأت إلى مكّة. ولم يكن عنده تردّد في عدم مرافقة الإمام. بالإضافة إلى ما ذكره أهل السنّة من مخالفة محمّد مرافقة أخيه، ذكروا أمراً آخر وهو أنّه لم يكتف بعدم مرافقة الإمام، بل منع أبناءه من مرافقته[36]. وقد رفض محقّقو الشيعة المعاصرين هذا الادعاء لأسباب:

أولاً: لم يُذكر هكذا أمر في كتب الشيعة.

ثانياً: إنّ هذا الأمر لم يذكره من أهل السنّة سوى ابن عساكر والمزّي والذهبيّ. ثمّ إنّ رواية الذهبيّ والمزّي مرسلة، ولعلّهما نقلاها عن ابن عساكر، بالإضافة إلى أن أغلب رواة هذا الخبر مجهولون، حتّى إنّ ابن عساكر قد اعتبر بعضهم ضعيفاً. وهنا يجب الإشارة إلى أنّ المؤرّخين الثلاثة- كما لا يخفى على أهل البصيرة- كانوا ينقلون الأخبار عن ابن سعد بطريقة تظهر تأثّرهم الشديد بابن سعد, وتظهر تعصّب الأخير للأمويّين.

ثالثاً: يبدو أنّ هذه الرواية من موضوعات الأمويّين الذين أرادوا تشويه صورة وحدة صفوف الهاشميّين في النهضة الحسينيّة. لذلك أساءوا إلى ابن الحنفيّة مع أنّه كان يعتقد بإمامة الحسنين عليه السلام وإمامة السجّاد عليه السلام [37] إضافة إلى ما سبق معنا من الأدلّة, فإنّ بعض المؤرّخين المشهورين, أمثال الطبريّ ويتبعُه ابن الأثير، لم ينقلوا شيئاً من مسألة منع أبنائه من الالتحاق بالإمام عليه السلام بل ذكروا فقط أن محمّداً لم يرافق الإمام[38]. وكتب الدينوريّ أنّه بقي في المدينة ولم يذكر شيئاً من منعه لأولاده أو حديثه بأمور تؤذي الإمام[39]. وهذا يعني أنّه ليس ببعيد أن تكون قضيّة منع أبنائه من جملة الأمور التي أدخلها بعض المتعصّبين أمثال ابن سعد, ثمّ نقلها عنه آخرون. وممّا يؤسف له أن بعض المؤرّخين المعاصرين قد تلقّوا قضيّة منع محمّد أبناءه من الالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام وكأنّها من المسلّمات!!.[40]

وكتب ابن الأعثــم الكـــوفيّ عــــن محمّد بن الحنفيّة أنّه اقترح على أخيه الحسين عليه السلام: أُخرج إلى مكّة فإن اطمأنّت بك الدار فذاك الذي تحبّ وأحبّ، وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن فإنّهم أنصار جدّك وأخيك وأبيك, فإن اطمأنّت بك أرض اليمن وإلّا لحقت بالرمال وشعوب الجبال...[41]

ب ـ رأي الشيعة ـ اقتراحات محمّد بن الحنفيّة

كتب مؤرّخو الشيعة أنّ محمّد بن الحنفيّة امتنع عن مرافقة الإمام عليه السلام وقدّم له اقتراحات.

وذكر الشيخ المفيد أنّ محمّد بـــن الحنفــــيّة لــــم يكن يعرف أين سيذهب الإمام عليه السلام واقترح عليه الامتناع عن بيعة يزيد والذهاب إلى المدن, وأن يرسل رسله إلى الناس يدعوهم إليه، فإذا قبلوا منه وبايعوه شكر الله، وإذا اجتمعوا على شخص آخر, فإنّ الله لن ينقص من دينك وعقلك شيئاً, وبهذا النحو يتمكّن الإمام عليه السلام أن يحتفظ بمروءته وفضله. وقد سأله الإمام عليه السلام: إلى أين أذهب؟ قال: أخرج إلى مكّة, فإن اطمأنّت بك الدّار بقيت فيها, وإلّا فاخرج إلى مدينة أخرى, وامتنع عن بيعة يزيد. فمحمّد كان يخالف الحركة نحو مدينة خاصّة. [42]

وأورد الطبـــرسيّ مـــا ذكـــر المفيد أيضاً من أن محمّداً لم يرافق الإمام الحسين عليه السلام في حركته نحو العراق, وكان لا يعرف أين يتّجه الإمام عليه السلام[43]. وذكر بعض آخر من مؤرّخي الشيعة أنّ الإمام عليه السلام عندما تحرّك نحو الكوفة، جاء محمّد إلى مكّة وحذّر الإمام من خداع الكوفيّين لأبيه وأخيه وأخبره بأنّه يخاف عليه أن يؤول أمره إلى ما وصل إليه أمر أبيه وأخيه، فإذا بقيت في مكّة كنت أعزّ إنسان في الحرم, وسيفد الناس إليك من كلّ حدب وصوب. فأخبره الإمام عليه السلام بأنّه يخشى الاغتيال، فاقترح عليه محمّد الذهاب إلى اليمن[44]. ويمكن سرد وتلخيص اقتراحات وتحذيرات محمّد بن الحنفيّة في ما يأتي: الامتناع عن بيعة يزيد، مخالفة التوجّه نحو الكوفة، التحذير من خداع الكوفيّين، الإقامة في مكّة والحركة نحو اليمن أو إلى أماكن أخرى [45].

ج ـ أسباب عدم حضور محمّد في كربلاء.

ذكرت الأسباب الآتية, في مسألة عدم حضور محمّد في كربلاء:

1 ـ مرض محمّد.

2 ـ نيابته عن الإمام في المدينة.

3 ـ عدم وجود اسمه بين أسماء شهداء كربلاء في اللوح المحفوظ.

4 ـ التخلّف عن الفتح.

1 ـ المرض:

يعتقد بعض علماء الشيعة أنّ محمّد بن الحنفيّة كان مريضاً أثناء خروج الإمام الحسين عليه السلام. وقد جاء في كتاب حمل عنوان "حكاية المختار في الأخذ بالثأر" والمطبوع مرفقاً باللهوف, أنّ محمّداً كان قد أصيب في يده بحيث لا يمكنه حمل السيف[46]. ولكن من الواضح أنّ هذا الكلام لا يعلم إن كان من جملة الفصول الأخيرة للهوف, أو أن البعض قد أضافه إليه. ويظهر من كلام بعض مترجمي اللهوف, أنّ هذا القسم من الكتاب منفصل[47] عن اللهوف، وقد طبع ملحقاً به. [48]

 لذلك لا يمكن نسبة هذا الكلام إلى السيّد ابن طاووس. ونقل أيضاً العلّامة الحلّي والفاضل الدربنديّ وحبيب الله الكاشانيّ, مسألة مرض محمّد. [49] وكتب العلّامة المجلسيّ أنّ العلّامة الحلّي قد سئل عن سبب تخلّف محمّد بن الحنفيّة، فأجاب:... السيّد محمّد بن الحنفيّة وعبد الله بن جعفر وأمثالهما أجلّ قدراً وأعظم شأناً من اعتقادهم خلاف الحقّ... وأمّا تخلّفه عن نصرة الحسين عليه السلام فقد نقل أنّه كان مريضاً. [50]وذكر بعض أصحاب المقاتل, نقلاً عن ابن نما الحلّي, أنّ مرض العيون هو الذي منع محمّداً من مرافقة الإمام عليه السلام [51].

واعتمد المامقانيّ على رواية مديح المحامدة (المحمّديّون) [52] ليقول بعدالة محمّد واعتبر أنّ رواية مرض محمّد عند نهضة الإمام الحسين عليه السلام غير صحيحة, وإذا كان مرضه صحيحاً فإنّ ذلك كان بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام وعودة أهل البيت عليهم السلام إلى المدينة[53] ، وهذا ما نقل عن لسان محمّد ابن الحنفيّة[54]. واعتبر المامقانيّ, في عبارة أخرى, أنّ سبب عدم مجيئه إلى كربلاء هو عذر ومصلحة خاصّة[55]. وممّا يجدر العلم به أنّ المصادر المتقدّمة التي ذكرت الحوار الذي دار بين الإمام الحسين عليه السلام ومحمّد، لم تتحدّث عن مرضه.

2-نيابته عن الإمام في المدينة

لم تتحدّث المصادر القديمة, كتاريخ الطبريّ وبعده كامل ابن الأثير, عن إجازة الإمام عليه السلام لمحمّد بالبقاء في المدينة, ليكون عيناً له فيها[56]. وأمّا المصدر التاريخيّ القديم والوحيد الذي نقل هذا الأمر فيعود إلى ابن الأعثم, وتبعه في ذلك المستوفي الهرويّ في ترجمة فتوح ابن الأعثم[57]. وقد ذكرت بعض المصادر المتأخّرة أنّ الإمام خاطب محمّداً قائلاً: "...وأمّا أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم في المدينة، فتكون لي عيناً لا تخفي عنّي شيئاً من أمورهم[58]. وأشار بعض المحقّقين المعاصرين إلى أنّ هذه الرواية توضح سبب عدم مرافقته الإمام، لأنّ محمّداً قد بقي في المدينة بأمر من الإمام[59].

يبدو أنّه لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية للقول بأنّ محمّداً كان مطلوباً منه البقاء. والشيء الوحيد الذي يمكن قوله أنّه, على فرض صحّة هذا الخبر، فإنّ الإمام لم يجبره على مرافقته, بعدما أظهر عدم الرغبة بذلك, فطلب منه أن يكون عيناً له في المدينة. ولو ظهر من محمّد رغبته في مرافقته، لكان الإمام قد استقبل ذلك بكلّ تأكيد.

عدم وجود اسم محمّد بن الحنفيّة في اللوح المحفوظ

نقل ابن شهر آشوب مسألة عن محمّد بن الحنفيّة وقد نقل الآخرون أيضاً هذه المسألة عنه حيث يقول: قال محمّد عن عدم مرافقته الإمام في كربلاء: "إنّ أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم "[60]. وكتب المامقانيّ بأنّ الجواب الصحيح عن ذلك أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام الشهداء هم أشخاص محدودون عددهم 72 شخصاً, أوصلهم التقدير الإلهيّ إلى هذه المفخرة العظيمة وهذا ما نقل عن محمّد بن الحنفيّة. [61]

هذا السبب هو التوجيه الذي ذكره ابن عبّاس عندما تناوله البعض سائلاً عن عدم مرافقته الإمام عليه السلام فاعتبر أنّ أصحاب الإمام عليه السلام هم هؤلاء لم يزدادوا شخصاً ولم ينقصوا آخر, وأنّنا كنّا نعرفهم بأسمائهم قبل شهادتهم[62].

طبعاً هذا السبب غير مقبول أيضاً؛ لأنّه:

أوّلاً: إذا كان هذا العلم موجوداً فهو خاصّ بالمعصوم عليه السلام وليس لأحدٍ سواه، والآخرون قد سمعوا في الروايات بأنّ هكذا حادثة ستحصل للإمام الحسين عليه السلام ، وأمّا في ما يتعلّق بأصحابه وعددهم فهذا مجهول على الأقل عند ابن عبّاس وابن الحنفيّة.

ثانياً: إنّ هكذا معرفة سواء حصلت للإمام عليه السلام أو غير الإمام عليه السلام (على فرض وجودها)، فلا يترتّب عليها أيّ تكليف. والمعصومون عليهم السلام أعمّ من الأنبياء والرسل كانوا يستعينون بهذا النوع من المعرفة لإثبات النبوّة والإمامة وما شابههما من الأمور المهمّة, ولم يستفيدوا منها في الحياة العاديّة والشخصيّة، فلو أرادوا الاستفادة من هذه المعرفة وهذا العلم, في كافّة الأمور, لخرجوا عن بشريّتهم وبالتالي لن يكونوا أسوة للآخرين.

ثالثاً: يمكن أن يكون هذا الادعاء توجيهاً يقدّمه كلّ من تخلّف عن الإمام الحسين عليه السلام.

التخلّف عن الفتح

لم تذكر سوى رواية واحدة عن أئمّة الشيعة عليهم السلام بهذا الخصوص. في هذه الرواية يسأل حمزة بن حمران (أو عمران) الباقر عليه السلام أو الصادق عليه السلام حول خروج الإمام الحسين وتخلّف محمّد بن الحنفيّة عن مرافقته. فقال الإمام عليه السلام: "يا حمزة إنّي سأحدّثك في هذا الحديث لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا أن الحسين بن عليّ عليه السلام لمّا فصل متوجّهاً دعا بقرطاس فكتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ إلى بني هاشم, أمّا بعد فإنّه من لحق بي منكم استشهد, ومن تخلّف لم يدرك الفتح, والسلام. [63]

وذكر ابن قولويه هذه الرواية أيضاً, في كامل الزيارات. وكذلك السيّد ابن طاووس نقلها بعينها في اللهوف[64].

ووردت الرواية المتقدّمة, في مصادر أخرى مع بعض الاختلاف، ونقل المؤرّخون أنّ الإمام الحسين عليه السلام كتب إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة رسالة من كربلاء بهذا المضمون: "من الحسين بن عليّ عليه السلام إلى محمّد بن عليّ ومن قبله من بني هاشم. أمّا بعد، فإنّ من لحق بي استشهد ومن تخلّف لم يدرك الفتح, والسلام"[65].

أمّا ما نقـــله ابــــن قولويه فيختلف عن العبارة المتقدّمة. فقد روى عن الإمام الباقر عليه السلام أنّ الإمام الحسين عليه السلام كتب من كربلاء إلى أخيه محمّد وبني هاشم وقال: "أما بعد فكأنّ الدنيا لم تكن وكأنّ الآخرة لم تزل. والسلام"[66]  ، وقد نقل المجلسيّ والشيخ عبد الله البحرانيّ الروايتين عن ابن قولويه[67].

ودوّن العلامة المجلسيّ تعليقتين على الرواية الأولى:

أ-لم يبلغ الفتح أي لم يبلغ ما يتمنّاه من فتوح الدنيا والتمتّع بها، وظاهر هذا الجواب ذمّه، ويحتمل أن يكون المعنى أنّه عليه السلام خيَّرهم في ذلك، فلا إثمّ على من تخلّف.

ب. المعنى الثاني أنّ إمكان الفتح في الدنيا والآخرة لا يكون من نصيب المتخلّف[68]. وأشار بعض الباحثين إلى أنّ العبارة الواردة في هذه الرواية وهي: (لم يبلغ الفتح) تشير بما لا يترك مجالا ًللتردّد أنّ من لم يلحق بالإمام فسيحرم من الفتح، سواء كان معذوراً أم غير معذور, ولا تدلّ على أن كلّ متخلّف غير معذور. ولعلّ الإمام الصادق عليه السلام أراد إرشاد المتحاورين في هذه المسألة إلى أنّ المهمّ هو الإشارة إلى أصل مهمّ وهو الحرمان من الوصول إلى نصرة الإمام الحسين عليه السلام ولم يكن في وارد توضيح سبب تخلّف محمّد بن الحنفيّة، بل من حقّ كلّ مؤمن إظهار الحسرة على حرمانه من هذا الفوز العظيم. [69] وتحدّث باحث آخر فاعتبر أنّ رواية لم يبلغ الفتح تشير إلى أنّ المتخلّفين عن الإمام عليه السلام لن يصلوا إلى مقام الشهادة، لا أنّهم مؤاخذون ومعاقبون. [70]

على كلّ حالٍ فإنّ عدم مرافقة محمّد لأخيه الإمام الحسين عليه السلام وحرمانه من الجهاد، سلب منه توفيقاً، أمّا الإمام عليه السلام ومن خلال تعاطيه الكريم بناءً على رواية نيابته للإمام عليه السلام فقد قبل بقاءه في المدينة, وجعل ذلك كالمسؤوليّة الملقاة على عاتق محمّد. لقد أدرك الإمام أنّه يرغب بالبقاء في المدينة, لذلك تركه ولم يكلّفه مرافقته.

ومع ردّ فرضيّات: مرض ابن الحنفيّة, ونيابته عن الإمام, وعدم وجود اسمه في لوح شهداء كربلاء المحفوظ, وتخلّفه عن الفتح, فقد طرحت آراء أخرى:

1- المخالفة لأيّ شكل من أشكال الثورة ضدّ الأمويّين.

2- اعتقاده بمشروعيّة حكومة الأمويّين.

3- عدم قبوله أسلوب الإمام في مواجهة الأمويّين.

4- طلبه للعافية والنجاة وعدم استعداده لمواجهة الأخطار وعدم امتلاكه فكراً ثوريّاً.

من بين هذه الفرضيّات الأربع فإنّ الفرضيّات الثلاث الأولى مرفوضة، لأنّ محمّداً قد اقترح على الإمام الحسين عليه السلام عدم بيعة يزيد, وهذا ما نقله المؤرّخون سنّة وشيعة, كما مرّ معنا سابقاً. ثمّ إنّه دعا الإمام عليه السلام للحركة والانتقال من مدينة إلى أخرى, وهذا يدلّ على اعتقاده بعدم مشروعيّة الأمويّين. وقد اقترح على الإمام التوجّه نحو اليمن, وهذا يعني أنّه لم يخالف الثورة ضدّ الأمويّين. فمن الممكن أن نصل إلى النتيجة الآتية وهي: أنّ ابن الحنفيّة لم يخالف أصل الثورة على بني أميّة، بل- كما يبدو من التحليل الظاهريّ- إنّه كان يخالف توجّه الإمام إلى العراق, والسبب في ذلك هو عدم وفائهم لأبيه وأخيه وخداعهم لهما، بينما كان الإمام الحسين عليه السلام يفكّر بأسلوب آخر. إنّ موقفه هذا من حركة الإمام هو الذي جعله يتخلّف عن الفتح, وهذا ما صرّحت به الرواية المتقدّمة. إلّا أنّه يجب الإشارة إلى أن الحديث لم يكن يجري عن الذهاب إلى العراق، منذ بداية حركة الإمام من المدينة إلى مكّة, ثمّ هو لم يرافق الإمام, وهذا يعني أنّ الخيار الثالث لا يمكن القبول به.

 والظاهر أنّ الخيار الرابع هو الأقرب إلى الحقيقة, أي أنّ محمّد بن الحنفيّة كان ينقصه التفكير الثوريّ وروحيّة مواجهة الأخطار، مع أنّه كان يعتبر حركة الإمام مشروعة, وبما أن الإمام عليه السلام لم يكلّفه ولم يلزمه مرافقته، لذلك بقي في المدينة وتقرّر أن يبعث إلى الإمام عليه السلام بكلّ الأخبار المستجدّة فيها.

النتيجة

 يظهر ممّا تقدم أنّ محمّد بن الحنفيّة أخا الإمام الحسين عليه السلام قد تخلّف عن الحضور في كربلاء. وقد ذُكر لخبر لقاء الإمام الحسين عليه السلام بمحمّد مكانان، فاعتبر البعض أنّ هذا اللقاء قد حصل في المدينة وقال البعض الآخر أنّه حصل في مكّة. وبناءً على أنّ اللقاء حصل في المدينة, فإنّ محمّداً أوصى الإمام أن ينتقل إلى مكّة, أو يرحل من مدينة إلى أخرى. وبناءً على أنّه حصل في مكّة فقد أوصى محمّد الإمامَ البقاء في مكّة، وعندما أخبره الإمام عليه السلام بأنّه يخشى الاغتيال في مكّة، ذكّره محمّد بخداع أهل الكوفة لأبيه ولأخيه. وأوصاه بالتوجّه نحو اليمن. بعد هذا الحوار ترك الإمام عليه السلام محمّداً حرّاً ليختار البقاء في المدينة أو مرافقته.

وقد ذكر الباحثون والمحقّقون أسباباً كثيــرة لتخلّف محـــمّد عــن مرافقــة الإمـــام عليه السلام (أبرزها: مرض محمّد, نيابته عن الإمام عليه السلام, عدم وجود اسمه في صحيفة الشهداء عند الله تعالى, المخالفة لأيّ شكل من أشكال الثورة ضدّ الأمويّين, طلبه للعافية وعدم استعداده للمخاطرة بنفسه، وعدم امتلاكه للروح الثوريّة, وعدم قبوله لأسلوب وطريقة الإمام في مواجهة الأمويّين, واعتقاده بمشروعيّة حكومة الأمويّين). وفي عقيدة الكاتب فإنّ طلب محمّد للعافية, وعدم إلقاء نفسه في الخطر, وعدم امتلاكه للتفكير الثوريّ، هي التي دفعته لعدم المشاركة في كربلاء.

 


[1] عليّ غلامي دهقيّ (فريدني) أستاذ مساعد وعضو الهيئة العلميّة في جامعة العلوم الطبيّة أصفهان.

[2] اعتبر ابن سعد أنّ كنيته أبو القاسم، وذكر الأندلسيّ أنّ كنيته أبو عبد الله. (ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، 68/ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ص 37).

[3] البلاذريّ، أنساب الأشراف، ج 2، ص 200 201.

[4] ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 331/ المقدسيّ، البدء والتاريخ، ج 5، ص 74/ الذهبيّ، تاريخ الإسلام، ج 6، ص 181.

[5] الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج 11، ص 628.

[6] السيّد محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 1، ص 433.

[7]المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 42، ص 108.

[8] بن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 69/ الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 147 و 149 و 174/ القمّي، تاريخ قم، ص 236.

[9] الأربليّ، كشف الغمّة، ج 2، ص 235/ الذهبيّ، تاريخ الإسلام، ج 6، ص 184.

[10] المنقريّ، وقعة صفّين، ص 300.

[11] الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 221.

[12] ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 161.

[13] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 68.

[14] الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج 11، ص 628.

[15] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 69.

[16] ابن سعد، الطبقات الكبرى, ص 72.

[17] ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج 3، ص 215 216.

[18] ابن سعد، الطبقات الكبرى، الطبقة الخامسة، ج 1، ص 439.

[19] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 14، ص 205.

[20] ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 233.

[21] الكلينيّ، الكافي، ج 1، ص 348/ الفتّال النيشابوريّ، روضة الواعظين، ص 197/ الصفّار، بصائر الدرجات، ص 522، ابن بابويه، الإمامة والتبصرة، ص 62.

[22] الخوئيّ، معجم رجال الحديث، ج 17، ص 55 56.

[23] الصدوق، كمال الدّين وتمام النعمة، ص 36.

[24] المقدسيّ، البدء والتاريخ، ج 6، ص 20.

[25] الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 264 و 309.

[26] المقدسيّ، البدء والتاريخ، ج 5، ص 131.

[27] الطوسيّ، اختيار معرفة الرجال، ج 1، ص 342.

[28] الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 309.

[29] المسعوديّ، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 3، ص 116/ المسعوديّ، التنبيه والإشراف، ص 273.

[30] الشيخ عبّاس القمّي، منتهى الآمال، ج 1، ص 186. يقول ياقوت الحمويّ إنّ في جزيرة خارك قبراً يعتقد أهل المنطقة أنّه قبر محمّد بن الحنفيّة مع أنّ التواريخ لا تؤيّد ذلك، معجم البلدان، 2/337.

[31] البلاذريّ، أنساب الأشراف، ج 2، ص 201 وج 3، ص 295.

[32] كتب الحنفيّة كتاباً حول أخبار محمّد بن الحنفيّة وقد شارك فيه ثلاثة أشخاص هم أبو أحمد عبد العزيز الجلوديّ، أبو مخنف لوط ابن يحيى الأزديّ (م 157 هـ) وأبو المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبيّ (م 206 هـ). (آغا بزرك الطهرانيّ، الذريعة، ج 1، ص 347).

[33] الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 228/ ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج 3، ص 26/ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 147- 148.

[34] ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 165.

[35] الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج 5، ص 349.

[36] الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 228/ ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج 3، ص 26/ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 147- 148.

[37] الطبسيّ، الإمام الحسين في مكّة المكرّمة، ص 264 265.

[38] الطبريّ، المصدر نفسه، ج 5، ص 341/ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 16.

[39] الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص 228.

[40] محمّد عليّ جلونكر، محمّد بن الحنفيّة وثورة عاشوراء، ص 149.

[41] ابن الأعثم الكوفيّ، الفتوح، ج 5، ص 20 21.

[42] المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 33 35.

[43] الطبرسيّ، إعلام الورى بأعلام الهدى، ج 1، ص 434.

[44] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 240/ الطبسيّ، الإمام الحسين في مكّة المكرّمة، 255.

[45] السيّد ابن طاووس، اللهوف على قتلى الطفوف، ص 240.

[46] ابن طاووس، اللهوف، ص 164.

[47] يفهم من تعليقة عبد الرزاق المقرّم أنّ ابن نما كان لديه كتاب بهذا العنوان. المقرّم، مقتل الحسين ، ص 135.

[48] السيّد ابن طاووس، اللهوف، ترجمة عقيقي بخشايشي، ص 253.

[49] الطبسيّ، الإمام الحسين في مكّة المكرّمة، ص 262 263.

[50] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 42، ص 110.

[51] راجع: المقرّم، مقتل الحسين.

[52] جاء في رواية عن الإمام الرضا: كان أمير المؤمنين يقول: إنّ المحامدة تأبى أن يعصى الله عزَّ وجلّ. قلت من المحامدة؟ قال: محمّد بن جعفر، محمّد بن حذيفة، محمّد بن أبي بكر، ومحمّد بن أمير المؤمنين. (الشيخ الطوسيّ، اختيار معرفة الرجال، 1، 286/ بحار الأنوار 33/ 242 و ج 34/ 282).

[53] رضوي أردكانيّ، ماهيّة ثورة المختار، ص 164 165 نقلا ًعن المامقانيّ، تنقيح المقال، ج 3، ص 111 112.

[54] ابن شهر آشوب، المناقب، ج 3، ص 211/ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 44، ص 185.

[55] رضوي، ماهيّة ثورة المختار، ص 165 نقلا ًعن المامقانيّ.

[56] الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج 5، ص 31 32، ج 5، ص 341 342/ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 16 17.

[57] ابن الأعثم، كتاب الفتوح، ج 5، ص 21.

[58] المجلسيّ، 41، ج 24، ص 329 (نقلا ً عن تسلية المجالس وزينة المجالس للسيّد محمّد بن أبي طالب الحسينيّ الموسويّ الحائريّ) / الشيخ عبد الله البحرانيّ، العوالم، الإمام الحسين ، ص 178 179 / السيّد محسن الأمين/ أعيان الشيعة، ج 1، 588.

[59] رضوي أردكاني، ماهيّة ثورة المختار، ص 170.

[60] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 211/ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 44، ص 185.

[61] رضوي، ماهيّة ثورة المختار، ص 165 نقلا ًعن المامقانيّ، ج 3، ص 112.

[62] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 211/ المجلسيّ بحار الأنوار، ج 44، 185.

[63] الصفّار، بصائر الدرجات، ص 501/ الحلّي، مختصر البصائر، ص 76/ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 228/ الطبريّ، دلائل الإمامة، ص 182.

[64] كامل الزيارات، ص 157، بحار 44/ص 330 و ج 45 ص 87/ ابن طاووس، اللهوف، ص 39 40.

[65] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 87/ البحرانيّ، العوالم، ص 155 و 196.

[66] ابن قولويه، كامل الزيارات، 12، ص 158، ، المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 87.

[67] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 87/ البحرانيّ، العوالم، ص 55 و 156.

[68] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 42، ص 81.

[69] الطبسيّ، الإمام الحسين في مكّة المكرّمة، ص 259 260.

[70] رضوي، ماهيّة ثورة المختار، ص 169




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.