أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016
3995
التاريخ: 19-6-2019
1990
التاريخ: 23-5-2019
1932
التاريخ: 6-4-2016
11292
|
دعوة انتهازية وخطّة شيطانية :
عندما ارتفعت راية الحقّ مرفرفة فوق ربوع مكّة ومعلنة عن انتصارها ؛ دخل أبو سفيان ومعاوية في الإسلام ونار الحقد تستعر في قلبيهما ونزعة الثأر من الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وأهل بيته ( عليهم السّلام ) تكمن في صدريهما ، فتحوّلا من كونهما كافرين إلى كونهما مستسلمين طليقين من طلقاء الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) . ولم يطل العهد حتى حكم عثمان بن عفان فتسرّب ما كان مختبئا في القلب وظهر على لسان أبي سفيان وهو يخاطب عثمان بقوله : صارت إليك بعد تيم وعديّ فأدرها كالكرة فإنّما هو الملك ولا أدري ما جنّة ولا نار[1].
وخاطب أبو سفيان بني اميّة ثانية : يا بني اميّة ! تلقّفوها تلقّف الكرة ، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ، ولتصيرنّ إلى صبيانكم ورثة[2].
وحين أطلّ معاوية من نافذة السقيفة على كرسيّ الحكم بانت نتائج الانحراف واتّضحت خطورته ؛ فإنّه قد لاحظ ، أنّ أبا بكر وعمر وعثمان قد ملكوا قبله ولم تسمح لهم الظروف بإعادة صرح الجاهلية من جديد ، ولا زال صوت الحقّ هادرا كلّ يوم بالتوحيد وبالرسالة لمحمّد بن عبد اللّه ( صلّى اللّه عليه واله )[3].
كما أنّ الانحراف السياسي الذي ولّدته السقيفة وتربّت عليه فئات من الامّة استثمره معاوية أيّما استثمار ، فقد احتجّ على الناس بأنّ أبا بكر بويع بدون نصّ سماويّ أو أمر من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وأنّه خالف سيرة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إذ جعل عمر خليفة من بعده ، وصنع عمر ما لم يصنعه قبله وخالف بذلك اللّه ورسوله وأبا بكر . ووفق هذا المنطق فإنّ الامّة ومصير الرسالة الإسلامية تكون ألعوبة بيد معاوية يسوسها كيف يشاء . من هنا قرّر أن يبايع بالخلافة ليزيد[4] من بعده .
وقد خلت الساحة السياسية للزمرة الامويّة بعد فتن ومصاعب أشعلها معاوية مستغلّا جهالة طبقات من الامّة ، وموظّفا كلّ الطاقات التي وقفت ضدّ الإمام عليّ ( عليه السّلام ) لصالحه في مواجهة تيار الحقّ بقيادة الإمام الحسن ( عليه السّلام ) .
واستأثر بالحكم بعد قتله للإمام الحسن ( عليه السّلام ) واستهتاره بقيم الإسلام وتعاليمه .
وكان حاذقا في إحكام سيطرته وملكه ، ولكنّه لم يجرؤ لإعلان خطّته تثبيتا لملك بني اميّة باستخلاف يزيد من بعده وفي الامّة من هو صاحب الخلافة الشرعية وهو الإمام الحسن ( عليه السّلام ) ومن بعده أخوه الإمام الحسين ( عليه السّلام ) الذي كان على الامّة أن تعود لقيادته بعد افتقادها للحسن ( عليه السّلام ) .
يضاف إلى ذلك أنّ أحدا من الخلفاء الثلاثة لم يوص بالخلافة لولده من بعده . ونظرا لما كان ينطوي عليه يزيد من ضعف واستهتار ومجون فقد مضى معاوية بكلّ جدّ ليحبك الأمر ويدبّره بطريقة يخدع بها الامّة ، بل يقهرها على قبول البيعة ليزيد . من هنا بادر إلى قتل الإمام الحسن السبط ( عليه السّلام ) وخيار المؤمنين في خطوة أولى ليرفع بذلك أهمّ الموانع التي كانت تحول بينه وبين تنفيذ خطّته .
على أنّ أصحاب النفوس الرذيلة والمطامع الدنيوية على استعداد تام لبلوغ أتفه المطامع من أيّ طريق كان . فقد روي أنّ المغيرة بن شعبة - الذي كان واليا من قبل معاوية على الكوفة - علم بأنّ معاوية ينوي عزله فأسرع إلى نسج خيوط مؤامرة جلبت الويلات على الامّة الإسلامية وليكون بذلك سمسارا يصافق على ما لا يملك ؛ إذ همس في أذن يزيد يمنّيه بخلافة أبيه ويزيّن له الأمر ويسهّله . ووجد معاوية أنّ خطّة شيطانية يمكن أن يكون المغيرة عاملا لتنفيذها[5] ، فسأله مخادعا : ومن لي بهذا ؟ فردّ عليه المغيرة :
أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة ، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك . وهكذا قبض المغيرة على ربح عاجل لصفقة مؤجّلة ، ورجع إلى الكوفة بكلّ قوّة لينفّذ الخطّة وهو يقول : لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على امّة محمّد[6].
ورفض زياد بن أبيه هذه الخطّة الخبيثة ؛ ولعلّه لما كان يلمسه من رذائل في شخصية يزيد بحيث تجعله غير صالح لزعامة الامّة . وقد أثارت هذه الخطّة مطامع أطراف أخرى من بني اميّة ، فمدّ كل من مروان بن الحكم وسعيد بن عثمان بن عفان عنقه لذلك[7].
وجمّد معاوية رسميا وبشكل مؤقّت خطّته لأخذ البيعة ليزيد ؛ وذلك ليتّخذ إجراءات أخرى تمهّد للإعلان الرسمي وفي الفرصة المناسبة لذلك .
[1] الاستيعاب : 2 / 690 .
[2] مروج الذهب : 1 / 440 ، تأريخ ابن عساكر : 6 / 407 .
[3] مروج الذهب : 2 / 343 ، وشرح النهج : 2 / 357 .
[4] الإمامة والسياسة : 1 / 189 .
[5] الكامل في التأريخ : 3 / 249 ، وتأريخ اليعقوبي : 2 / 195 ، والإمامة والسياسة : 2 / 262 .
[6] الكامل في التأريخ : 3 / 249 .
[7] وفيات الأعيان : 5 / 389 ، والإمامة والسياسة : 1 / 182 ، وتأريخ اليعقوبي : 2 / 196 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
الزائرون يحيون ليلة الجمعة الأخيرة من شهر ربيع الآخر عند مرقد أبي الفضل العبّاس (عليه السلام)
|
|
|