المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



وصايا الامام الحسن ( عليه السّلام ) الأخيرة  
  
2601   04:00 مساءً   التاريخ: 18-6-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 4، ص186-188
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة /

وصيّته لجنادة :

دخل جنادة بن أبي أميّة - الصحابيّ الجليل - على الإمام عائدا له ، فالتفت إلى الإمام قائلا : عظني يا بن رسول اللّه .

فأجاب ( عليه السّلام ) طلبته وهو في أشدّ الأحوال حراجة ، وأقساها ألما ومحنة ، فأتحفه بهذه الكلمات الذهبية التي هي أغلى وأثمن من الجوهر وقد كشفت عن اسرار إمامته ، قائلا :

« يا جنادة ! استعد لسفرك ، وحصّل زادك قبل حلول أجلك ، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك ، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الّذي أنت فيه ، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلّا كنت فيه خازنا لغيرك ، واعلم أنّ الدنيا في حلالها حساب ، وفي حرامها عقاب ، وفي الشبهات عتاب ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة ، خذ منها ما يكفيك ، فإن كان حلالا كنت قد زهدت فيه ، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر فأخذت منه كما أخذت من الميتة ، وإن كان العقاب فالعقاب يسير ، واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا ، وإذا أردت عزّا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فأخرج من ذلّ معصية اللّه إلى عزّ طاعة اللّه عزّ وجلّ ، وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك ، وإذا أخذت منه صانك ، وإذا أردت منه معونة أعانك وإن قلت صدّق قولك ، وإن صلت شدّ صولتك ، وإن مددت يدك بفضل مدّها ، وإن بدت منك ثلمة سدّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن سألت أعطاك ، وإن سكت عنه إبتدأك ، وإن نزلت بك إحدى الملمّات واساك من لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك منه الطرائق ، ولا يخذلك عند الحقائق ، وإن تنازعتما منقسما آثرك »[1].

ويشتدّ الوجع بالإمام ( عليه السّلام ) ويسعر عليه الألم فيجزع ، فيلتفت اليه بعض عوّاده قائلا له : يا بن رسول اللّه ، لم هذا الجزع ؟ أليس الجدّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) والأب علي والامّ فاطمة ، وأنت سيّد شباب أهل الجنة ؟ ! .

فأجابه بصوت خافت : « أبكي لخصلتين : هول المطلع ، وفراق الأحبّة »[2] .

وصيّته للإمام الحسين ( عليه السّلام ) :

ولمّا ازداد ألمه وثقل حاله استدعى أخاه سيّد الشهداء فأوصاه بوصيّته وعهد اليه بعهده ، وهذا نصّه :

« هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين ، أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأنّه يعبده حقّ عبادته ، لا شريك له في الملك ، ولا وليّ له من الذلّ ، وأنّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديرا ، وأنّه أولى من عبده ، وأحقّ من حمد ، من أطاعه رشد ، ومن عصاه غوى ، ومن تاب اليه اهتدى ، فإنّي أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك ، أن تصفح عن مسيئهم ، وتقبل من محسنهم ، وتكون لهم خلفا ووالدا ، وأن تدفنني مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فإنّي أحقّ به وببيته ، فإن أبوا عليك فأنشدك اللّه وبالقرابة التي قرّب اللّه منك والرحم الماسّة من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن لا يهراق من أمري محجمة من دم حتى تلقى رسول اللّه فتخصمهم وتخبره بما كان من أمر الناس إلينا »[3].

وصيّته لمحمد بن الحنفية :

وأمر الإمام ( عليه السّلام ) قنبرا أن يحضر أخاه محمد بن الحنفية ، فمضى اليه مسرعا فلمّا رآه محمد ذعر فقال : هل حدث إلّا خير ؟ ، فأجابه بصوت خافت : « أجب أبا محمد » .

فذهل محمّد واندهش وخرج يعدو حتى أنّه لم يسوّ شسع نعله من كثرة ذهوله ، فدخل على أخيه وهو مصفرّ الوجه قد مشت الرعدة بأوصاله فالتفت ( عليه السّلام ) له :

« إجلس يا محمد ، فليس يغيب مثلك عن سماع كلام تحيى به الأموات وتموت به الأحياء . كونوا أوعية العلم ومصابيح الدجى ؛ فإنّ ضوء النهار بعضه أضوء من بعض ، أما علمت أنّ اللّه عزّ وجلّ جعل ولد إبراهيم أئمة ، وفضّل بعضهم على بعض ، وآتى داود زبورا ؟

وقد علمت بما استأثر اللّه به محمدا ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، يا محمد بن علي إنّي لا أخاف عليك الحسد ، وإنمّا وصف اللّه به الكافرين ، فقال تعالى : كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ، ولم يجعل اللّه للشيطان عليك سلطانا . يا محمد بن علي ! ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك ؟ » .

قال محمد : بلى ، فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) : « سمعت أباك يقول يوم البصرة : من أحبّ أن يبرّني في الدنيا والآخرة فليبرّ محمدا . يا محمد بن علي ! لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك . يا محمد بن علي ! أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسدي إمام بعدي ، وعند اللّه في الكتاب الماضي وراثة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أصابها في وراثة أبيه وأمه ؟ علم اللّه أنّكم خير خلقه فاصطفى منكم محمدا ، واختار محمد عليا ، واختارني عليّ للإمامة ، واخترت أنا الحسين » .

فانبرى اليه محمّد مظهرا له الطاعة والانقياد[4] .

 

[1] أعيان الشيعة : 4 / 85 .

[2] أمالي الصدوق : 133 .

[3] أعيان الشيعة : 4 / 79

[4] حياة الإمام الحسن : 2 / 487 - 489 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.