الفصل الرابع

القروض العامة

اولاً : مفهوم القروض العامة :    

" يعرف القرض العام بأنه مبلغ من المال تحصل عليه الدولة من الافراد او المشروعات مع التزامها بسداد هذا المبلغ وفوائده في المستقبل دفعة واحدة او على دفعات " . اذا اهم ما يميز القرض العام هو الاختيار وضرورة السداد . 

والاقتراض الحكومي بطبيعته امر مؤقت لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية , ويخلق التزاماً بالسداد يجب الوفاء به في المستقبل من مصادر الايراد العادية للحكومة .

وتوجد بعض اوجه الشبه والاختلاف بين طبيعة القروض العامة وطبيعة الضرائب كمصادر لإيرادات الدولة تتمثل فيما يلي :

1 – اوجه الشبه بين القرض العام والضريبة :

أ – يعتبر الافراد هم الذين يتحملون نهائياً عبء كل من القرض العام والضريبة . فبالنسبة للقرض العام , من المعروف ان الدولة عندما تقوم بسداده يعتبر ذلك وجهاً من اوجه الانفاق العام يستلزم تدبير الموارد الكافية لمواجهته , والضرائب هي اهم موارد الدولة, وهكذا نجد ان دافعي الضرائب هم الذين يتحملون في النهاية عبء القروض العامة في معظم الاحوال عن طريق تحمل العبء الضريبي . اما بالنسبة للضريبة فقد سبق تحليل عبئها الضريبي على الافراد .

ب – يجب ان يصدر قانون بكل منهما وبالنسبة للقرض العام سنتناول فيما يلي كيفية اصداره .

2 – اوجه الاختلاف بين القرض العام والضريبة : 

أ – تتميز الضريبة بخاصية المساهمة الاجبارية في تغطية نفقات الدولة التي تحصل عليها من الممولين بصفة نهائية دون ان تدفع عنها اية فوائد , بينما تتميز القروض العامة في شكلها العادي بخاصية المساهمة الاختيارية من جانب المكتتب في القرض . فالحكومة تطرح سندات القرض على الافراد الذين يتمتعون بحرية الاختيار بين شراء تلك السندات او الاحتفاظ بمدخراتهم او استثمار اموالهم في مجالات اخرى .

ب – تلتزم الدولة برد المبالغ المكتتب بها ودفع فوائد عنها حتى يتم الرد للقرض العام . بينما الضريبة لا ترد ولا يدفع عنها اية فوائد .

ج – في حالة اتخاذ الافراد قرارهم بالمساهمة في القرض العام بشراء السندات الحكومية فإن ثرواتهم لن تنخفض على عكس الحال عندما يسددون التزاماتهم الضريبية .

د – الضريبة لا تخصص حصيلتها لوجه معين دون اوجه الانفاق بل تمتزج الايرادات المستمدة بواسطة الضرائب لتكون مبلغاً واحداً يُخصَص للانفاق العام , اما القرض العام فالأصل فيه ان تخصص حصيلته لغرض معين يحدده القانون الذي يجيزه . 

وقد ادى التطور الذي طرأ على المالية في العصر الحديث الى التخفيف من حدة اوجه الاختلاف المشار اليها سابقاً . فبعض الحكومات قد تضطر الى اصدار قروض اجبارية ذات فوائد رمزية , او بدون فوائد على الاطلاق او لا تحدد مواعيد

لسداد قروضها . او قد تمتنع الحكومة عن السداد  ، وفي كل هذه الحالات يخرج القرض العام عن طبيعته ويتحول الى الشكل من اشكال الضرائب او يقترب منها . وفي الوقت نفسه فإن الضريبة تتطور في اتجاه معاكس مقتربة من القرض العام ، اذ يحدث احياناً أن تخصص بعض أنواع من الضرائب لتمويل انواع معينة من النفقات العامة .