أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-6-2022
1931
التاريخ: 6-4-2016
3161
التاريخ: 5-4-2016
3018
التاريخ: 7-4-2016
2872
|
وبدأ معاوية يعبّئ جيشه ويكتب لعمّاله بموافاته لغزو العراق ، وفي بعض كتبه لعمّاله يذكر أنّ بعض أشراف الكوفة وقادتهم كتبوا اليه يلتمسون منه الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، وإن صح هذا فهو أول الخذلان الذي ارتكبه أهل الكوفة بحقّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) .
وجاء في مذكرة رفعها معاوية ذات مضمون واحد إلى جميع عمّاله وولاته : « . . أمّا بعد ، فالحمد للّه الذي كفاكم مؤونة عدوّكم وقتلة خليفتكم ، إنّ اللّه بلطفه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرّقين مختلفين ، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، فأقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا بجهدكم وجندكم وحسن عدتكم ، فقد أصبتم بحمد اللّه الثأر ، وبلغتم الأمل ، وأهلك اللّه أهل البغي والعدوان . . »[1].
ولمّا وصلت هذه الرسالة إلى عمّاله وولاته قاموا بتحريض الناس وحثّهم على الخروج والاستعداد لحرب ريحانة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وسبطه ، وفي أقرب وقت التحقت به قوى كبيرة لا ينقصها شيء من العدّة والعدد .
ولمّا توفرت لمعاوية تلك القوة من المضلّلين وأصحاب المطامع ؛ زحف بهم نحو العراق وتولّى بنفسه قيادة الجيش ، وأناب عنه في عاصمته الضحاك بن قيس الفهري ، وقد كان عدد الجيش الذي نزح معه ستين ألفا ، وقيل أكثر من ذلك ، ومهما كان عدده فقد كان مطيعا لقوله ، ممتثلا لأمره ، منفّذا لرغباته . . . وطوى معاوية البيداء بجيشه الجرّار ، فلمّا انتهى إلى جسر منبج[2] أقام فيه ، وجعل يحكم أمره . .[3].
وبدأ الإمام ( عليه السّلام ) من جانبه يستنهض الكوفة للجهاد والسير لقتال معاوية بعد أن بلغه توجّهه نحو العراق ، فبعث حجر بن عدي يأمر العمّال والناس بالتهيّؤ للمسير ونادى المنادي الصلاة جامعة فأقبل الناس يتوثّبون ويجتمعون « فقال الإمام الحسن ( عليه السّلام ) للمنادي : « إذا رضيت جماعة الناس فأعلمني » وجاء سعيد بن قيس الهمداني فقال : اخرج فخرج الإمام الحسن ( عليه السّلام ) فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال[4]:
« . . أمّا بعد ، فإنّ اللّه كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين : اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ فلستم - أيها الناس - نائلين ما تحبّون إلّا بالصبر على ما تكرهون ، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه أنّا كنّا أزمعنا المسير اليه فتحرّك لذلك ، فأخرجوا رحمكم اللّه إلى معسكركم بالنخيلة . . » فسكتوا[5].
استنكار الموقف المتخاذل :
وهكذا وقف أهل الكوفة هذا الموقف المتخاذل من قائدهم وإمامهم ، إذ سكتوا حيث طلب منهم الإجابة على ندائه بالخروج إلى معسكرهم في النخيلة ، فتحوّلت أعينهم وهلعت قلوبهم ، فلمّا رأى ذلك عدي بن حاتم الطائي قام فقال :
« أنا ابن حاتم ، سبحان اللّه ! ما أقبح هذا المقام ! ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيّكم ؟ أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة ، فإذا جدّ الجدّ فروّاغون كالثعالب ؟ أما تخافون مقت اللّه ، ولا عيبها وعارها » ؟ .
ثم استقبل الإمام الحسن بوجهه ، فقال :
« أصاب اللّه بك المراشد وجنّبك المكاره ووفّقك لما تحمد ورده وصدره ، قد سمعنا مقالتك وانتهينا إلى أمرك وسمعنا لك وأطعنا فيما قلت ورأيت وهذا وجهي إلى معسكري ، فمن أحبّ أن يوافيني فليواف » ثمّ مضى لوجهه ، فخرج من المسجد ودابته بالباب فركبها ومضى إلى النخيلة وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه ، وكان عدي بن حاتم أول الناس عسكرا[6].
وقام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ومعقل بن قيس الرياحي وزياد ابن صعصعة التيمي فأنّبوا الناس ولاموهم وحرّضوهم وكلّموا الإمام الحسن بمثل كلام عدي بن حاتم في الإجابة والقبول ، فقال لهم الإمام الحسن ( عليه السّلام ) :
« صدقتم رحمكم اللّه ما زلت أعرفكم بصدق النيّة والوفاء والقبول والمودّة الصحيحة فجزاكم اللّه خيرا »[7] ، ثم نزل وخرج الناس فعسكروا ونشطوا للخروج ، وخرج الإمام الحسن ( عليه السّلام ) إلى المعسكر واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وأمره باستحثاث الناس وإشخاصهم اليه ، فجعل يستحثّهم ويخرجهم حتى يلتئم العسكر وسار الإمام ( عليه السّلام ) في عسكر عظيم وعدّة حسنة حتى انتهى إلى النخيلة .
وهكذا بدأت المسيرة ، ولكن دون أن يكون دافع الحركة اختياريا بتثاقل وإكراه تفرضه طبيعة الموقف المتخاذل ، ولولا الصفوة الخيّرة والثلّة المؤمنة ؛ لا نقلب ميزان الموقف وانتصرت عوامل الضعف عاجلا ، ولكن موقف هؤلاء المتصلّب المنطلق من إيمانهم الجاد بحكمة القائد ولزوم اتباعه وأحقّيته بالخلافة ، كان من أقوى الأسباب التي حفظت للجيش تماسكه وانقياده وبعث النشاط والحماس فيه .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|