أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-2-2018
2027
التاريخ: 24-10-2017
2287
التاريخ: 11-2-2018
2227
التاريخ: 26-5-2016
3874
|
المنطلقات الرئيسة للجغرافيا الاجتماعية
على الرغم من التباين الواضح في تعاريف الجغرافية الاجتماعية إلا أن أغلب المختصين يؤكدون على نمط الظاهرة المكانية وتباينها المكاني، ومن هنا تتضح العلاقة الوثيقة بين الجغرافية وعلم الاجتماع بسبب تشابه الموضوعات المدروسة، لكن ما يميز الجغرافية الاجتماعية هو الالتصاق الكامل بالبيئة أو المكان، وليس دراسة السلوك البشري بصورة مجردة، فالجغرافي بحكم منهجيته ووسائله البحثية دائم التحقق عن الحيز المكاني للظاهرة، ويمثل المكان المسرح الذي تقوم عليه العلاقة الوثيقة بين البيئة الطبيعية والإنسان عبر خصائصها المختلفة، وتمثل الظاهرة الاجتماعية عنصراً مهماً من عناصر المكان الجغرافي، كما أن تباينها رهن بنظام يحكمها ويحدد مساراتها. ونعني بتوزيع الظاهرة الاجتماعية الترتيب أو التنظيم الناتج عن التوزيع في المكان وفق نمط خاص، وبذلك فإن التوزيع يعني الإجابة عن سؤالين: أين تتوزع أو أين تقع الأشياء؟ ولماذا كانت في صورتها الحالية؟ وهما السؤالان اللذان يطرحهما الجغرافي باستمرار، ويشكلان حجر الزاوية في أي دراسة جغرافية(1).
والجغرافية الاجتماعية وفقاً لما تقدم تنطلق من الحيز المكاني لأنها تحاول أن تعطي تفسيراً للسلوك البشري المكاني، وهذا السلوك يعد من أهم التفاعلات المتولدة من التفاعل الإنساني مع البيئة. ويمكن للمرء الكشف عن وجود اتجاه مشترك في العلاقة بين المكان والمجتمع.
والمجال الجغرافي الاجتماعي قد يكون ضمن الحيز البدوي أو الحضري أو الريفي، وتعبر تلك العلاقة عن نفسها ضمن أنماط مكانية سلوكية (Spatial Behavior) من خلال جملة من المتغيرات المتداخلة والمعقدة. وأهم تلك المتغيرات التوزيع السكاني في الحيز المكاني، وطبيعة ذلك التوزيع وأنماطه وعلاقته بمواقع المؤسسات الخدمية والمتغيرات الأخرى ذات الصلة بتوزيع السكان، فضلاً عن حركة وانتقال السكان وما ينجم عن ذلك من تفاعل مكاني.
لقد أكدت الجغرافية الاجتماعية على دراسة الأنماط السلوكية المكانية الحضرية، كما في دراسات علماء الجغرافية الاجتماعية مثل (دفي بنقل Duffy Pingle 1972 وهربرت1980) Herbert اللذين أكدا على أهمية فهم الأنماط السلوكية المكانية، وإلى ذلك ذهب (جونز و إيل) & 1977Johnes & Eyle. ولاشك أن دراسة تلك الأنماط تشير إلى التعرف على النشاط البشري الناتج عن تفاعل الإنسان والبيئة الحضرية، التي تتميز بالديناميكية والتغير المستمر. ذلك أن المدينة ليست كياناً ساكناً، بل هي جسم نابض بالحركة وخلية من النشاط الاقتصادي والحراك الاجتماعي.
ويهيمن على الخطاب إشارات إلى أن البناء الاجتماعي يتأثر بالبناء المكاني للمجتمع، أي الآثار المكانية في البناء الاجتماعي الذي يشكله. وهناك اتجاه في الجغرافية الاجتماعية يعطي الأولية للنظم الاجتماعية في الجغرافيا الحديثة، وخصوصا في الاختزالية، بمعنى أن كل شيء اجتماعي ، وفي ضوء ذلك يتضح التركيز على البناء الاجتماعي لمساحة الجغرافيا الاجتماعية. وكمثال على النظم الاجتماعية والمكانية، ولجعل الفكرة أسهل للفهم يمكن أن تستعمل الأسرة باعتبارها مثالاً للنظم الاجتماعية، وأن يستعمل المنزل كمثال على النظم المكانية. كما يمكن اعتبار الأسرة مؤسسة قانونية أيضاً (2).
إن دور الجغرافية الاجتماعية لا يقتصر على توزيع الظاهرة الاجتماعية فحسب، بل هي تحاول أن تجد الاجابة والتعليل حول وجود الظاهرة وتباينها المكاني والزماني، ولماذا وجدت هنا؟ لماذا اختار الناس هذه المواقع للسكن؟ لماذا اختاروا مهنة ما؟ ولماذا تنشط الظاهرة الاجتماعية هنا؟ وماهي العوامل الجغرافية المساعدة على وجودها واستمرارها؟ وماهي أسباب الهجرة؟ وماهي نتائجها الاجتماعية؟
وعلى سبيل المثال، فإن اختيار المكان أو المسكن للإنسان تحدده عوامل ومتغيرات جغرافية تتعلق بالبعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والديني، وهو أمر يمكن الاستدلال عليه من خلال التوزيع الجغرافي للأحياء السكنية في المدينة، فالأقليات الدينية تحاول السكن في مواقع متقاربة، ومثال ذلك الطائفة المسيحية في العاصمة بغداد، وربما تلعب الطقوس الدينية دوراً في اتخاذ المواقع كما هو الحال في تركز الصابئة الميدانيين على ضفاف الأنهار في بغداد والمحافظات الجنوبية من العراق لارتباط طقوسهم بالأنهار، أو ارتباط الطائفة اليزيدية في العراق بمناطق معينة من محافظة نينوى. والأمثلة على ذلك كثيرة.
وتأسيساً على ما تقدم، فالجغرافية الاجتماعية تحاول وصف الأنماط المكانية أو البنية المكانية Spatial patterns or structures الناتجة عن عملية اتخاذ قرار مكاني Spatial decision making في المكان الذي نسكن فيه، وهذا ينطبق على الأفراد والجماعات على حد سواء، وتمثل المواقع التي يشغلها السكان جزءاً من عمليات الاتصال البشري Human communication processes فيما بين الناس وبعضهم بعضاً، فالرحلة إلى العمل مثلاً ، في طياتها استعمال للبيئة الجغرافية، وينتج عنها قرار بالذهاب إلى العمل أو الترفيه أو التسوق- فتشكل عملية اتصال بالمجتمع من حولنا وتكشف كيفية استعمال الحيز المكاني عن كينونة أو شخصية الكائن الاجتماعي وسلوكه(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صفوح خير، الجغرافية. موضوعها ومناهجها وأهدافها، دار الفكر، دمشق، 2000، ص340 .
(2) A. Kochm, (2005), Social geography, Department of earth and environmental sciences, Division of geography, Seminar on social geography, University of Munich, Luisenstr, Munich, Germany.
(3) ليلى بنت صالح محمد الزعزوع، مقدمة في الجغرافية الاجتماعية، الدار العربية للعلوم ناشرون، الرياض، 1428 ه، ص24-25 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|