أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-4-2019
2354
التاريخ: 14-10-2015
3955
التاريخ: 5-4-2019
2504
التاريخ: 29-4-2022
1631
|
وصل الإمام عليّ ( عليه السّلام ) إلى الحكم بعد ربع قرن من عزله عن ممارسة الحكم الإسلامي وقيادة الامّة والدولة ، وهما يسيران في مسارات منحرفة للسلطات التي حكمت طيلة هذه الفترة ، فكان هذا عاملا مؤثّرا في إضعاف موقف الإمام ( عليه السّلام ) من الأحداث ، فطوال الفترة السابقة ألف الناس أن يروا الإمام محكوما لا حاكما ، محكوما لاناس أقلّ كفاءة وشأنا منه . . كما أنّ عددا من الشخصيات تنامى لديها الشعور بالمنافسة وبلوغ قمّة السلطة لتحقيق أغراضهم الشخصية ، فالزبير في السقيفة كان يدافع عن حقّ الإمام ( عليه السّلام ) مقابل الفئات المندفعة نحو السلطة ، ثمّ نجده اليوم ينازع الإمام على السلطة ، ومعاوية الطليق ابن الطليق أصبح بعد هذه المدّة مناوئا قويّا يهدّد كيان الدولة .
وأيضا ممّا أعاق حركة الإمام أنّ العناصر التي وقفت ضدّه على الخطّ المنحرف كان أغلبهم ممّن له صحبة مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وهذا ممّا انخدع به أعداد كبيرة من المسلمين ، وعقّد الأمر على نجاح حكومته ( عليه السّلام ) واستمراره في الحكم .
إضافة إلى أنّ الإمام ( عليه السّلام ) استلم دولة مترامية الأطراف ، ففي زمن أبي بكر لم تكن تتجاوز الدولة الإسلامية حدود الجزيرة والعراق ، أمّا في عهد الإمام فإنّها تمتد إلى شمال أفريقيا وأواسط آسيا إضافة إلى تمام الجزيرة والعراق والشام ، وقد دخل في الإسلام أقوام من غير العرب ، وهؤلاء المسلمون الجدد فتحوا عهدهم مع الإسلام في ظلّ حكومة غير معصومة ، بل منحرفة عن الخطّ الصحيح للرسالة الإسلامية ، وكان على حكومة الإمام القيام بمهامّ رئيسية في أقصر وقت مع وجود الصراع الداخلي فمنها :
1 - هدم الكيان الطبقي الذي أنشأه الخلفاء وذلك عبر :
أ - المساواة في العطاء بين المسلمين جميعا ، متّبعا في ذلك سنّة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) التي أهملها من كان قبله من الخلفاء ، وقد أوضح في خطبته سياسة التوزيع النابعة من حكم اللّه إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ فقال :
« ألا وأيّما رجل استجاب للّه وللرسول فصدّق ملّتنا ودخل في ديننا واستقبل قبلتنا ؛ فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده ، فأنتم عباد اللّه ، والمال مال اللّه ، يقسّم بينكم بالسويّة ، لا فضل فيه لأحد على أحد ، وللمتّقين عند اللّه غدا أحسن الجزاء وأفضل الثواب »[1].
ب - استرجاع الأموال المنهوبة من بيت المال في عهد عثمان ، فقد أعلن الإمام أنّ الأموال المأخوذة بغير حقّ - وما أكثرها في عهد عثمان - لابدّ أن ترجع إلى بيت المال ، حيث كانت الأموال الطائلة عند طبقة محيطة بالخليفة أو أنّ عثمان كان يعطيها ليستميلها إليه . فقال ( عليه السّلام ) : « ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان وكلّ مال أعطاه من مال اللّه فهو مردود في بيت المال ، فإنّ الحقّ لا يبطله شيء ، ولو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء وفرّق في البلدان لرددته ، فإنّ في العدل سعة ، ومن ضاق عليه العدل ، فالجور عليه أضيق »[2].
هذه السياسة المالية لم ترق لقريش ، فقد كان العديد من أقطابها تنالهم قرارات الإمام وهم في أنفة الطغيان والتكبّر والاستعلاء ، مثل : مروان بن الحكم وطلحة والزبير ، فما أن استوثقوا الجدّ في عمل الإمام حتى بدأوا بإثارة الفتن والإحن أمام حكومة الإمام ، حتى أنّ طلحة والزبير جاءا إلى الإمام ( عليه السّلام ) يعترضان على ذلك فقالا : إنّ لنا قرابة من نبي اللّه وسابقة وجهادا ، وإنّك أعطيتنا بالسوية ولم يكن عمر ولا عثمان يعطوننا بالسوية ، كانوا يفضّلونا على غيرنا .
فقال ( عليه السّلام ) : فهذا كتاب اللّه فانظروا ما لكم من حقّ فخذوه ، قالوا : فسابقتنا ! قال ( عليه السّلام ) : أنتما أسبق منّي ؟ قالا : لا ، فقرابتنا من النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ! قال ( عليه السّلام ) : أقرب من قرابتي ؟ قالا : لا ، فجهادنا ، قال ( عليه السّلام ) : أعظم من جهادي ؟ قالا : لا ، قال ( عليه السّلام ) : فو اللّه ما أنا في هذا المال وأجيري إلّا بمنزلة سواء[3].
ج - المساواة أمام حكم اللّه تعالى :
لم يكن الإمام ( عليه السّلام ) غافلا عن تطبيق أحكام الشريعة في عهد من سبقه من الخلفاء ، فكان يحكم ويفصل بالحقّ والعدل ، إذ يعجز غيره ، وما أن استلم زمام أمور الدولة ؛ حتى ضرب أروع صنوف العدل وسلك أوضح سبل الحقّ مظهرا عدل الشريعة الإلهية وقدرة الإسلام على إقامة دولة تنعم بالحرية والأمان والعدل .
ومواقف الإمام ( عليه السّلام ) كثيرة وما كان يتحرّج أن يجري القانون على نفسه وأهل بيته وأصحابه ، فقد ترافع مع اليهودي إلى شريح القاضي ليفصل بينهم في درع افتقده ( عليه السّلام )[4].
وقد كانت أحكام الإمام في فصل القضاء نابعة من عمق الشريعة وسعة علم الإمام بأمور الدين والدنيا ، وتدلّ على العصمة في الفكر والعمل .
2 - التنظيم الإداري وإعادة السيطرة المركزية للدولة :
فقد قام الإمام ( عليه السّلام ) بإعفاء الولاة الذين عيّنهم عثمان من مناصبهم ، ونصب ولاة كانوا جديرين بهذه المهمّة ، وهم محلّ ثقة المسلمين ، فأرسل عثمان بن حنيف الأنصاري بدلا عن عبد اللّه بن عامر إلى البصرة ، وعلى الكوفة أرسل عمارة بن شهاب بدلا عن أبي موسى الأشعري ، وعلى اليمن عبيد اللّه بن عبّاس بدلا عن يعلى بن منبه ، وعلى مصر قيس بن سعد بن عبادة بدلا عن عبد اللّه بن سعد ، وعلى الشام سهل بن حنيف بدلا من معاوية بن أبي سفيان ، كلّ هذا لسوء سيرة الولاة السابقين وفساد إداراتهم حتى آخر لحظة ، فقد استولى يعلى بن منبّه على بيت مال اليمن وهرب به ، وحرّك معاوية قوّة عسكرية لصدّ سهل بن حنيف عن ممارسة مهامّة الجديدة[5].
وفي عملية اختيار الولاة الجدد كان الإمام ( عليه السّلام ) دقيقا وموضوعيا وحريصا على تطبيق الشريعة الإسلامية بجهازه الإداري الجديد ، وقد أعاد الثقة للأنصار بأنفسهم ورفع معنويّاتهم ، إذ أشركهم في الحكم ، كما أنّ الإمام لم يكن مستعدّا لقبول الحلول المنحرفة أو أنصاف الحلول ، فقد كان حازما في اجتثاث الفساد ، فقد رفض ( عليه السّلام ) اقتراح إبقاء معاوية على الشام حتّى يستقر حكم الإمام ثمّ تنحيته فيما بعد[6].
حاول الإمام فرض سيطرة الخلافة المركزية على ولاية الشام بعد أن امتنع معاوية فيها عن البيعة ، فدفع الراية إلى ولده محمد بن الحنفية ، وولّى عبد اللّه بن عبّاس على ميمنته وعمر بن أبي سلمة على الميسرة ، ودعا أبا ليلى بن عمر بن الجرّاح فجعله على مقدّمة الجيش ، وخطب في أهل المدينة وحثّهم على القتال ، ولكن حال دون التحرّك وصول خبر خروج طلحة والزبير على حكم الإمام إلى البصرة بعد أن كانا قد استأذناه في الخروج للعمرة فأذن لهم ، وكان قد حذّرهم من نكث البيعة[7].
[1] بحار الأنوار : 32 / 17 و 18 .
[2] نهج البلاغة : الخطبة ( 15 ) .
[3] بحار الأنوار : 41 / 116 .
[4] السنن الكبرى : 10 / 136 ، وتأريخ دمشق : 3 / 196 ، وقد وردت مواقف الإمام هذه في عدّة مصادر منها :
الأغاني : 16 / 36 ، والبداية والنهاية : 8 / 4 ، والكامل في التأريخ : 3 / 399 ، والصواعق المحرقة : 78 .
[5] تأريخ الطبري : 3 / 462 ط مؤسسة الأعلمي .
[6] تأريخ الطبري : 3 / 461 و 462 ط مؤسسة الأعلمي ، والبداية والنهاية : 7 / 255 .
[7] تأريخ الطبري : 3 / 469 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|