المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

مجموعة من الاحكام المتعلقة بقضاء الصلاة
10-10-2018
رد فدك إلى أولاد فاطمة (عليها السَّلام)
15-04-2015
صفة علي (عليه السلام) في خلقه وحليته
9-10-2015
معنى كلمة زخرف
10/9/2022
Naming conventions
22-10-2020
أهم القنوات النهرية في القارتين اوربا وامريكا الشمالية
11-8-2022


علّموا أولادكم القِيَم  
  
2488   08:41 صباحاً   التاريخ: 16-4-2022
المؤلف : د. حسان شمسي باشا
الكتاب أو المصدر : كيف تربي ابناءك في هذا الزمان؟
الجزء والصفحة : ص161 ـ 171
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

1ـ أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله):

جاءت الشريعة الإسلامية لتوجيه الناس إلى أقوم السبل، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم الذي يوصلهم إلى سعادتي الدنيا والآخرة، والأخلاق التي ذكرها القرآن أو أشار إليها أكثر من أن تحصى، وقد وصف الله محمداً عبده ورسوله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

وهذا الوصف لم يوصف به أحد من الأنبياء غير محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال القرآن عن بعضهم: إنه (تقي)، وعن بعضهم: إنه (رشيد)، أو (حليم)، أو (أوّاب)، أو (شكور)... ولكن لم يقل عن واحد منهم: إنه على (خلق عظيم).

ومن بديهيات الحكمة أن يجعل الله محمداً (صلى الله عليه وآله) خاتم أنبيائه في هذه المرتبة العليا من العظمة الأخلاقية، لأن مكارم الأخلاق الإنسانية هي ثمرة الإيمان بالله والإيمان بالبعث واليوم الآخر.

وإذا كانت هذه هي الصفة العظمى التي خص الله بها رسوله (صلى الله عليه وآله)، فإن علينا كآباء أن نزرع في أبنائنا مكارم الأخلاق، وننشئهم عليها، نعلمهم في كل حين، ونكون لهم القدوة الحسنة، فلا خير في من يعلم الخلق الكريم وهو في منأى عن تطبيقه في واقع حياته، ولا سبيل إلى غرس تلك الفضائل في سلوك أبنائنا ما لم نترجم تلك الفضائل إلى واقع عملي.

وكتاب (علموا أولادكم القِيَم) ألفه (ريتشارد آير) وترجمه إلى العربية أستاذ علم النفس الكبير أخي وصديقي الأستاذ محمد عدنان السبيعي والأستاذ محمد بشار البيطار، وأضافا إلى الكتاب استشهادات من القيم الربانية العظيمة التي أنشأنا عليها ديننا القويم من آيات وأحاديث، فأحسنا وأجادا جزاهما الله خيراً، وقد اقتبسنا في هذا الفصل بتصرٌف كبير بعضاً مما جاء في هذا الكتاب:

2ـ الأمانة:

ـ على الأب أن يكون صادقاً كل الصدق مع أولاده، يجيب على أسئلة أولاده ببساطة وصدق.

ـ شجع أولادك على الصدق.. واحذر الطريقة الفظة بإمساكهم متلبسين بالكذب.

ـ عند مشاهدة مشهدٍ في التلفاز، أوضح لأبنائك النتائج المترتبة على الخداع والغش والسرقة.

ـ إذا كسر أحد أبنائك إناء في البيت، فلا تسأل بلهجة ساخطة: (من فعل هذا؟) فاللهجة الساخطة تدفع بالصغير إلى الكذب، وأفضل من هذا أن تقول: سيتضح لي من كسر الإناء، وسأكون مسروراً من قول الحق.

ـ ذكر أبناءك بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)، وقوله (صلى الله عليه وآله): (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك).

3ـ الشجاعة:

ـ امدح أطفالك على كل محاولة فيها مبادهة أو جرأة حميدة، كافئ أقل مبادرة للشجاعة فيهم حتى ولو بدرت في السنوات الأولى.

ـ أظهر الشجاعة أمام أطفالك وتحدث عنها، ولتكن شخصيتك نموذجاً لهم، ويحسن بك أن تخبر أطفالك بالصعوبات التي مرت في حياتك دون تبجُّح، بل بطريقة نزيهة تجعلهم يعلمون أن هناك أشياء صعبة حتى على الناس الكبار.

ـ علمهم أن الشجاعة هي أن تفعل ما هو صحيح وضروري.. أن تبادر إلى عون الآخرين.. أن تفكر باتخاذ القرار الصحيح قبل مواجهة الموقف.. وأن تستعين بالله قبل الشروع في أي عمل.

4ـ التعامل بالحُسنى:

ـ ذكر أولادك بالمبدأ القرآني: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

ـ علمهم أن الناس لو اتبعوا هذا المبدأ لما كانت هناك خصومات ومحاكمات.. ولا نزاعات ومشاجرات...

- علمهم أن معاملة الناس تحتاج إلى تواضعٍ.. وتأن.. وضبط للنفس، وأن التواضع قوة لا مهانة.. وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرنا بالتواضع من دون إذلال ولا بغي.

وأن المؤمن لا يكون فظاً غليظاً، فالله تعالى يقول: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: 159].

ـ علمهم منذ الصغر أن التعامل بالحسنى أمر عملي واقعي، فإذا أصخب أمامك طفل وضج أو رفع صوته حين يطلب شيئاً بإلحاح، فاطلب منه أولاً أن يهدأ، واحذر أن تخضع لغضبه، واضبط نفسك واحتفظ بهدوئك، ثم احمله بعيداً وأجلسه على مقعد، وإذا اقتنعت أن غضبه هدأ، أعطه الشيء الذي يريده، وأنت تفهمه أن الحسنى والمسالمة وليس الصخب هو الذي ساعد على تحصيله الشيء، فالصخب والضجيج لا يأتيان بخير ولا يفيدان شيئا معك.

5- الاعتماد على النفس:

ـ علم أولادك أن على الإنسان أن يعمل ويجد في عمله، فالله تعالى يقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة: 105].

وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (ما أكل أحد طعاماً قط، خيراً من أن يأكل من عمل يده).

وأن على الأولاد أن يعملوا بجد ونشاط في دراستهم كي يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم عند الكبر فيأكلوا من عمل أيديهم.

وكن قدوة لغيرك وأشعرهم أنك دوماً تسعى في سبيل الأفضل والأرقى في عملك وفي كل مجالات الحياة.

ـ ادرس أطفالك واعترف بمواهبهم، وساعدهم على أن يدركوا ذاتهم، فهناك حقيقة يسلم بها المربون تقول: (ليس الأطفال معجونة غضارية نقولبها كما نشاء)، فالأصح أن نقول: إنهم عبارة عن (شتول صغيرة) لها خصائصها الذاتية، فلا نستطيع أن نحول شتلة سنديان إلى شجرة إجاص، ولكن علينا أن نسعى ونساعد كل شجرة كي تنمو نموها الخاص بها.

ـ دع أولادك يحطمون أرقامهم القياسية بدلاً من مقارنة أنفسهم بالآخرين، فنشجعهم على أن يكونوا هذا العام في المدرسة في مركز أعلى مما كانوا عليه في العام الماضي.

ـ امتدح فيهم كل جهد يبذلونه، وعلمهم أن يقولوا إذا عجزوا: (أنا لا أستطيع أن أفعل كذا أو كذا، ولكنني أستطيع أن أفعل هذا وهذا).

ـ اقترح على أطفالك أكثر مما تأمرهم كلما استطعت، وسلهم فيما إذا كان أحدهم يحتاج إلى المساعدة بدلاً من فرض مساعدتك.

ـ حاول أن تقلل من إعطاء القرارات بمقدار ما تكثر من التشجيع على تفتح المواهب، لا تقل له في البداية ماذا يجب أن يفعل، بل دعه يعرف بنفسه ما يجب أن يفعله وذكره بما يستطيع فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

ـ اسأل طفلك عن موطن الضعف الكبير عنده، عن مشكلته الكبرى حسب رأيه، وساعد طفلك على أن يدرك أن لكل هم يقلقه حلاً مؤكداً من الحلول، والله تعالى يقول: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح: 5، 6].

6ـ الاعتدال والانضباط:

وصف الله تعالى أمة الإسلام بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: 143].

ـ علم أولادك الاعتدال في كل أمر مباح من طعام وشراب وكلام ورياضة ومصروف، وعلمهم أن يعرفوا حدود الجسم والعقل، وأن يتجنبوا التطرُّف وفقدان التوازن، قل لهم: إن:

الإفراط في الطعام يجعلك تبدو أكثر سمنة..

والإفراط في اللعب ربما يتعبك أو ينهك جسمك..

والإفراط في مشاهدة التلفاز يمنعك من الدراسة، وله سلبيات أخرى.

ـ اسمح لأطفالك أن ينفقوا بأنفسهم أموالهم الخاصة.

ـ شجع أولادك على أن يتبرعوا بنسبة مئوية صغيرة للفقراء والمساكين.

7ـ العفة والإخلاص:

ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أن من صفات المؤمنين العفة عن الخوض في الحرام، فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}[المؤمنون: 5، 6]، فالآباء المتعففون الشرفاء، يخلفون أبناء عفيفين شرفاء مثلهم، وليتذكر الشباب أن أغلى هدية تقدم للزفاف: عفة تسبق الزواج وترافقه، وإخلاص للشريك بعده، ويسايره.

ورغم أن بعض الآباء لم يكونوا في شبابهم يعرفون العفة والالتزام بها، إلا أنك تجدهم الآن يتوقون بصدق، ويأملون بإخلاص أن يكون أبناؤهم في نجوة من الفاحشة في عصر الإيدز الرهيب.

فكن أيها الأب نموذجاً في العفة لأطفالك، ولا تنسَ أن تبين لهم أن في العفة وعداً بالسعادة لكل الذين حفظوا نقاوتهم، وضبطوا أنفسهم إلى أن وصلوا إلى الزواج.

ولا شك في أن تعليقاتك على ما يشاهدونه في التلفاز والمسلسلات أو في الكتب والمقالات ينبغي أن تكون مدروسة، فتؤكد دون تصنُع جمال الحشمة ومهابة الالتزام بالدين، ونتائج التمسُّك بالأخلاق الحميدة، فينال الإنسان رضا الله أولاً، ويحفظ صحته ثانياً، ويسعد في دنياه وآخرته.

وزمام العفة ليس موجوداً من أجل القضاء على حرية الإنسان أو تدميرها كما يزعم أهل الهوى، وإنما هو أداة لحسن الانتفاع بها وتوجيهها في صالح البشر، وبغير زمام العفة فإن من الجائز في كل لحظة أن تنطلق الغريزة (الثاوية في أعماق الإنسان) إلى حيث تهلكه وتهلك معه.

8ـ الوفاء بالعهد:

ذكر أولادك دوماً بالمبدأ القرآني في قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].

وأكد لنفسك وللآخرين أنك رجل منضبط تفي بوعودك، وجدير بالاعتماد عليه، وإذا أردت أن تكون جديراً بالثقة فعليك أن تبدأ بأبسط الأمور، حدد أقوالك، فتعد (زيداً) بأنك (ستذهب إليه في الساعة السابعة مساءً) بدلاً من القول الغائم: (سأمرُّ عليك بعد المغرب).

وتقول لولدك: (سأذهب مهما كنتُ مشغولاً لأنني أريد أن أكون معك وأنت تلقي خطابك في المدرسة) بدلاً من القول: (ذكرني فإنني عازم على الذهاب لحضور حفلتك في المدرسة).

اشكر أولادك عندما يبكرون في الذهاب إلى المدرسة صباحاً، وعندما يتقيدون بالوقت في مواعيدهم.

9ـ الاحترام:

يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه).

ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه).

وإذا أردنا أن نجعل أولادنا قادرين على احترام الناس فعلينا أن نبدأ نحن فنعاملهم باحترام ونكلمهم باحترام، ونشعرهم أنهم محترمون.

وللأسف فإن كثيراً من الآباء يعاملون صغارهم وكأنهم (أشياء) لا كبشر، ويقولون: (مادام الصغار صغاراً فليبقوا صغاراً)، وترى الأب في كثير من الأحيان لا يشرح لولده لماذا يجب أن يفعل كذا أو كذا، ظانّاً أن الأطفال لا يفهمون، والحق أنهم يفهمون أكثر مما نتصور، يقول الأب مثلاً: (لقد قلتُ لك أن تفعل كذا وأنا أبوك هل فهمت؟).

علم أولادك أن الاحترام يعني التصرُّف بلطف والتحدث بأنس، والمسارعة إلى كسب رضا الناس بادئين برضا الله تعالى.

10ـ المودة:

عليك أيها الأب أن توضح لابنك أن سخطك على سوء سلوكه لا يؤثر على محبتك له، أكد لأطفالك وطمئنهم وأعد ثانية وثالثة وفي كل مناسبة بأنك تحبهم جميعا حبا غير مشروط، وهذا لا يمنع من توقيع العقاب على من يشذّ أو يهمل أو يؤذي غيره، وأن عقابك له يتوجه نحو فعله الشائن وليس للحط من شخصه أو لعدم محبتك له.

11ـ الإيثار:

علم أولادك مغزى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

ذكرهم أن رجال المدينة المنورة كانوا أساتذة الإيثار في العالم قاطبة القديم منه والحديث، حينما آووا ونصروا المهاجرين من مكة وقاسموهم كل ما يملكون، فأنزل الله فيهم قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: 9].

علمهم أن يشعروا بما يحتاج إليه الآخرون، وأن السعادة في إسعاد الآخرين(1).

12ـ الدماثة:

ذكر أولادك من حين لآخر أن الإنسان اللطيف المهذب أقرب إلى قلوب الناس، وأدعى إلى كسب مودتهم ومحبتهم.

وذكرهم بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما يصف المؤمن فيقول: (المؤمن ألف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)، وأن الله خاطب نبيه صاحب الخلق العظيم بقوله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ}[آل عمران: 159].

حاول أن تكون ودوداً دمثاً مع الجميع بما فيهم أطفالك، وأكثر من عبارات التهذيب: (شكراً)، (من فضلك)، و(معذرة)، واستعن باللباقة في كل أفعالك.

13ـ العدل:

كن عادلاً بين أولادك، حتى يدركوا أنهم متساوون في كل شيء، فلا يُكافأ واحد دون آخر، ولا يعاقب طفل ويترك آخر.

والخلاصة: فإن غرس هذه البذور في أطفالك لا يكون مرة في العمر، بل عليك أن تتعهد تلك الغِراس الفتية في أبنائك حتى تشب معهم، وترافقهم في حياتهم، فيكون أحدهم نِعم الولد الصالح يُسعد أباه في دنياه وبعد مماته!(2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ راجع كتابنا: أسعد نفسك وأسعد الآخرين، وقد صدر عن دار القلم بدمشق، ودار البشير بجدة.

2ـ راجع: أضواء على التربية في الإسلام، للأستاذ علي القاضي، وطرق تعليم التربية الإسلامية، للدكتور محمد عبد القادر أحمد، وعلاقة الآباء بالأبناء في الشريعة الإسلامية، للدكتورة سعاد إبراهيم صالح. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.