المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أتعب على الوليد الأول  
  
1850   10:45 صباحاً   التاريخ: 26-3-2022
المؤلف : محَّمد الكَاتب
الكتاب أو المصدر : كيف تُسعِدُ ابناءَكَ وتُربيهُم بِنجاح؟
الجزء والصفحة : ص163 ـ 165
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

يحتل الوليد الأول مكانة ذات أهمية بالغة، وخطيرة في العائلة، لما يلعب من دور هام في التأثير على إخوانه التالين من بعده.

فالطفل ولأنه يقلد الذين يكبرونه سناً، تجده يكون نسخة طبق الأصل عمن يكون معه وأمامه.

والطفل قبل أن يقلد والديه، فإنه يقلد إخوانه، ومن هو في تربه، أو الذين يكبرونه قليلاً.

وهناك الكثير من الأمثلة التي تحضرك في هذا المجال. ألم يحدث لك وشاهدت ـ في طريقك - جوقة من الأطفال. هل رأيت كيف يلعبون، ويركضون؟

لو كنت قد دققت النظر لرأيت أن أفعالهم تأتي طبق الأصل لأفعال كبير الجوقة.

وإذا لم تكن قد لحظت ذلـك ـ جيـداً ـ فلا بأس بأن تمعن النظر في المرات القادمة، فيما لو وجدت مجموعة من (الاخـوان) الصغار، حينئذ أنظر كيف يتبع الطفل الصغير أخاه الأكبر، وكيف يحاول أن يأتي بنفس أفعال أخيه في طريقة المشي والركض والكلام، ويتبعه في كل شيء، كما يتبع الفصيل أثر أمه.

هذا بالإضافة الى أن الكبير - من الأبناء ـ يمارس دوره القيادي على من هو أصغر منه، من إخوانه واخواته، فهو يقودهم ـ بجرأة القائد الواثق ـ الى كل عمل، وفعل يحبه هو ويذهب بهم الى كل مكان، هو يرغب فيه.

والعملية قد لا تقتصر على مرحلة الصغر، وإنما تستمر - في أحيان كثيرة ـ الى مرحلة الكبر، حيث تكون للابن الأكبر حصة وافرة في صناعـة القرار العائلي، كما ويكون له الأثر على منحى الحياة فيها.

من هنا فلو كان الوليد الأول حسن الطباع، ومؤدب الأخلاق، وصالح الأعمال، فإنه لا شك ـ سيترك أثراً حسناً على إخوانه وأخواته، يستضيؤون به، ويقتدون بجمال صفاته.

بينما لو كان الابن الأكبر إنساناً بذيئاً في الأخلاق، يعمل السيئات، ويرتكب المحرمات، ويتجرأ على الآخرين، ويعتدي على الحقوق، ويقترف المساوئ والفجور ـ عندئذ ـ فلا نستطيع أن نأمن على إخوانه من شره المستطير.

أو ليس هو يكون ـ عندئذ ـ بين إخوانه كالتفاحة الفاسدة في صندوق الفاكهة، التي سرعان ما تفسد جميع التفاح؟.

بناء على ذلك فالأب الذي يريد أن يوفر على نفسه الجهد والوقت الكثير، ويتخلص من التبعات السيئة في تربية أبنائه، ما عليه إلا أن يتعب على تربية وليـده الأول، ويصنع منه المثل الذي يحتذى به، ليس لأبنائه التـالين فقط، وإنما يستطيع أن يقـدمه ـ أيضاً ـ لكل الأبناء، ومن ثم لكـل الأمة.

وعلى أي حال فإن هذا لا يعني ان نترك تربية الأبناء الآخرين على الغارب، ولا نعير لهم أي اهتمام. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.