أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-4-2021
7422
التاريخ: 2023-04-17
798
التاريخ: 5-4-2016
10178
التاريخ: 5-4-2016
2722
|
إن الدولة عندما تمارس سيادتها فهي لا تمارسها فقط على النطاق الجغرافي على الإقليم بل تطال هذه الممارسة مجموعة الأشخاص الذين يعيشون على هذا الإقليم، أي على عنصر السكان فيها.
وان تحديد هذه المجموعة هو الذي يرسم للدولة النطاق الكامل الذي تمارس فيه هذه السيادة فالدولة مثلما هي معنية بتحديد وصون سيادتها الترابية معنية أيضا بتحديد وصون سيادتها الشخصية أي تحديد وصون ركن الشعب فيها ومن المبادئ المسلم بها إن هذا التحديد أمر متروك لسلطانها دون أن تخضع مبدئيا لرقابة جهة أجنبية أو دولية فهي تنشئ جنسيتها وتمنحها، لذا كان مبدأ حرية الدولة في أمور جنسيتها مشتق من مبدأ سلطة الدولة على إقليمها وأفراد شعبها (1).
ومؤدي هذا المبدأ أن يكون للدولة وحدها حق تقرير الأحكام الخاصة بكسب جنسيتها أو فقدها لما تراه محققا لمصلحتها و ملائمة لظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية فهي تستطيع أن تبني جنسيتها على أساس حق الدم أو بناء على واقعة الميلاد في إقليمها ، والأمر لا يختلف بالنسبة لأحكام فقد الجنسية بالسحب أو الإسقاط التي تصدرها الدولة وفقا للأهداف التي تسعى إليها بمقتضى سيادتها التشريعية (2) .
وقد اقر هذا المبدأ من قبل فقهاء القانون الدولي وكذلك أكدته الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية لاهاي لعام 1930 المتعلقة بتنازع الجنسيات في المادة الأولى التي نصت على إن "لكل دولة الحق في تحديد رعاياها بتشريع داخلي محلي" وكذلك ما نصت عليه المادة (15) من عهد عصبة الأمم "إذا أدعى أحد أطراف النزاع وقضى المجلس، بأن
النزاع ناشئ عن مسألة تدخل بموجب القانون الدولي ضمن السلطان الداخلي كليا لذلك الطرف، يترتب على المجلس أن يذكر ذلك في تقريره، وان لا يقدم إي توصية لتسويته"(3) .
كما أخذت المحكمة الدائمة للعدل الدولي مرارة بهذا المبدأ ومن ذلك ما ورد في رأيها الاستشاري الصادر في 7/شباط / 1923 بشأن النزاع حول مراسيم الجنسية
في تونس ومراكش بين بريطانيا وفرنسا حيث أفتت المحكمة "أن النزاع يقع كلية ضمن السلطان الداخلي لفرنسا، وأن لكل دولة الحرية في تشريع المسائل التي تدخل ضمن سلطانها الداخلي ومنها تشريعات الجنسية" (4) .
كما إن نفس هذا المبدأ كرسته حديثا اتفاقيات لاهاي في 12/ نيسان/ 1990 واتفاقية مجلس أوربا بتاريخ 7/تشرين الثاني / 1997 والتي قضت في المادة (3) بأن "كل دولة ستقرر بموجب قانونها الخاص من هم مواطنيها".
وقد انعكس هذا المبدأ الدولي على مستوى قضاء الدول ومنها ما أقرته المحكمة الإدارية العليا في مصر لهذا المبدأ في قرارها الصادر بتاريخ 1964/2/29 وكذلك على مستوى التشريعات الداخلية ومنها الدستور المصري لعام 1971 والسوداني لعام 1996 والعراقي العام 2005 والمادة (18) من قانون الجنسية العراقي رقم 26 لسنة (5)2006.
كما إن القواعد التي تضعها الدولة بخصوص جنسيتها إنما تطبق على رعاياها فقط ولا يجوز بأي حال من الأحوال تطبيقها على رعايا دولة أخرى والذي يعتبر اعتداء على سيادة دولة أخرى وهذا أمر غير جائز في القانون الدولي وهذا ما أكدته الفقرة الأولى من المادة الثانية (6) من ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على مبدأ المساواة في السيادة بين الدول ونصت الفقرة (7) (7)منها على ممنوعيه تدخل الأمم المتحدة في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدولة.
وان الدولة تنفرد بتنظيم أحكام جنسيتها ولا يمكن أن يتدخل معها غيرها من الدول أو الهيئات الدولية والقول بغير ذلك ينطوي على مساس خطير بسيادة الدولة على إقليمها ويقحم عليها ما لا ترى تبعته لها أو يجردها من حقها في فرض جنسيتها على أشخاص تراهم مواطنيها، واختصاص الدولة في هذا مستمد من القانون العام الدولي (8).
واستنادا لمبدأ انفراد الدولة بتحديد الأحكام القانونية لجنسيتها والى الاتجاه الفقهي والقضائي الذي يجمع إن رابطة الجنسية وموضوعها هي من مسائل القانون العام الداخلي فمن غير المتصور حصول تنازع بين القوانين بخصوص مسائل الجنسية فالدولة عندما تنظم مادة جنسيتها فذلك لا يتم إلا بناء على قانون هذه الدولة وهذا القانون لا يتحدد بمقتضى قاعدة تنازع القانونين وإنما عن طريق القانون الدولي العام فمثل هذا الالتباس الذي قد يقع لا يغيب التمايز الواضح بين تنازع القوانين وتنازع الجنسيات (9).
كما إن حرية الدولة واستقلالها بوضع قواعد الجنسية الخاصة بها وتنظيم تشريعاتها في هذه المادة كثيرا ما أوجد حالات من تعدد الجنسية أو انعدامها والتي ما انفكت تدخل الفوضى والاضطراب في المجتمعات الدولية (10).
فالحالة الأولى من تعدد الجنسية تبدأ بشمول أحكام جنسية عدة دول لشخص واحد في نفس الوقت أو تنازع تلك الأحكام وهو ما يعبر عنه بتنازع الجنسيات الايجابي، أما الحالة الثانية فهي تنشأ عندما لا تشمله أحكام جنسية أي دولة من الدول وتقف بجانبه موقفا سلبيا فيكون عديم الجنسية وهو ما يعبر عنه بتنازع الجنسيات السلبي ومن هذا الأمر تنشأ مشاكل خطيرة(11)
وعليه فالمبادئ الوضعية السائدة في القانون الدولي العام قد أكدت على مبدأ حرية الدول في تنظيم أحكام جنسيتها بحيث يعتبر هذا التنظيم من المسائل المتروكة لاختصاص القانون الداخلي في كل دولة، فأن نفس هذه المبادئ الدولية قد أوردت مع ذلك على حرية الدولة في هذا المجال عدة قيود (12).
___________
1- سعيد يوسف البستاني. الجنسية القومية في تشريعات الدول العربية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت: 2003 ، ص106.
2- هشام علي صادق. دروس في القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت: 1983 ، ص38.
3- غالب علي الداودي. القانون الدولي الخاص (دراسة مقارنة)، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان: 2011 ، ص26.
4- - فؤاد عبد المنعم رياض الجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن وفي تشريع الجنسية المصرية الجديدة، دار النهضة العربية، القاهرة: 1979 ، ص23.
5- عبد الرسول عبد الرضا الاسدي. القانون الدولي الخاص (الجنسية، الموطن، مركز الأجانب، التنازع الدولي للقوانين، تنازع الاختصاص القضائي الدولي)، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد: 2013 ، ص32.
6- نصت ف/1 من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 على «تعمل الهيئة وأعضاءها في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة الأولى وفقا للمبادئ الآتية 1- تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها..
7- نصت ف/7 من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة على «تعمل الهيئة وأعضاءها في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة الأولى وفقا للمبادئ الأتية 7- ليس في هذا الميثاق ما يسوغ «للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لان تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.
8- عكاشة محمد عبد العال، أحكام الجنسية (دراسة مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2007 ، ص70.
9- سعيد يوسف البستاني. مصدر سابق، ص109.
10- حسن الممي. الجنسية في القانون التونسي، الشركة التونسية للتوزيع، بدون مكان نشر، 1971 ، ص24.
11- إبراهيم عبد الباقي. الجنسية في القوانين دول المغرب العربي الكبير ( دراسة مقارنة ) معهد البحوث والدراسات العربية ، مطبعة الجبلاوي ، تونس 1971 ، ص156.
12- هشام علي صادق. مصدر سابق، ص40.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|