أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2017
8943
التاريخ: 6-12-2021
4082
التاريخ: 25-3-2017
3933
التاريخ: 19-1-2022
1804
|
أن الحضانة مسألة من مسائل الأحوال الشخصية لارتباطها الوثيق بالعلاقة بين الوالدين وأبنائهم، وقد سبق وأن تناولنا الخلاف الفقهي المحتدم حول تكييف الحضانة هل هي أثر من آثار عقد الزواج أم اثر من آثار انحلال رابطة الزوجية أم هي مسألة من مسائل النسب........ إلخ، وقد ترتب على ذلك اختلاف الفقه ومن وراءه القضاء حول القانون الواجب التطبيق على مسألة الحضانة وهو ما سنتناوله في المطالب الآتية
المطلب الأول
الاتجاه الأول تطبيق قانون جنسية الزوج وقت إبرام عقد الزواج
ويحتضن أصحابه فكرة أن الحضانة أثر من آثار عقد الزواج، وبالتالي يطبق عليه القانون الواجب التطبيق على آثار الزواج (1) ، وأنه في حال قيام العلاقة الأسرية بين والدي الطفل سواء أكان طفلا شرعية أم طفلا طبيعية فإن الحضانة هي المظهر الأساسي الملازم لولاية الأبوين على نفس ومال الصغير، وعليه فإنه يجب التسليم بحكم القانون الشخصي الذي يحكم من حيث الأصل هذه العلاقة الأسرية للحضانة.
وجدير بالذكر أن المشرع المصرى قد خص آثار الزواج بقاعدة إسناد أوردها في المادة 13 من القانون المدني التي تنص على أنه يسرى قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة للمال"، وبقراءة ذلك النص المتضمن القاعدة التنازع المتعلقة بآثار الزواج يبدو جليا أن القانون المصرى وعلى خلاف ما قرره بالنسبة للشروط الموضوعية للزواج أخذ بوحدة القانون الواجب التطبيق على أثار الزواج؛ فقد قرر أن قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج دون الزوجة هو الواجب التطبيق على أثار الزواج، وعلة اختيار قانون دولة الزوج أنه رب الأسرة وله القوامة وعليه تقع معظم واجبات وأعباء الأسرة.
والأخذ بوحدة القانون المطبق على آثار الزواج أمر تقتضيه الضرورة والمنطق؛ حيث لا يمكن أن ينطبق عليها قانونان مختلفان إلا بإهدار أحدهما، وقد حدد المشرع وقت انعقاد الزواج فيعتد بجنسيته الجديدة والتي أصبح يتمتع بها عند الزواج، أما إذا قام الزوج بتغيير جنسيته بعد الزواج فلا يعتد بهذا التغيير وتظل آثار الزواج خاضعة القانون جنسيته القديمة والتي كان يتمتع بها عند الزواج.
مجال تطبيق قانون جنسية الزوج من المعلوم أنه متى استوفي عقد الزواج أركانه وشروطه الموضوعية والشكلية وصار نافذا ترتب عليه آثاره القانونية، ومن تلك الآثار ما يخص الزوجين معا من حقوق وواجبات متبادلة أو مشتركة مثل العشرة والمساكنة والإخلاص وحرمة المصاهرة وانتساب الأولاد، ومنها ما يخص كل واحد منهما على حدة دون الآخر كالمهر والنفقة للزوجة والطاعة والقوامة للزوج.
وفي هذا الإطار يجري التمييز بين نوعين من الآثار:
الآثار الشخصية: ومن أبرزها حل العشرة والمساكنة والإخلاص وحق الزوج في الطاعة والقرار في منزل الزوجية وحقه ف ي القوامة والتوجيه وكذلك حق الزوجة في المعاملة الحسنة وحقها في التسمي باسم زوجها وفي العدل بين الزوجات وفي النفقة.
الآثار المالية: وهي تلك الآثار ذات الطابع المالي، أي تتعلق بالذمة المالية والأموال التي يمتلكها أي من الزوجين قبيل الزواج وبعده ونظامها القانوني من حيث ملكيتها وإدارتها والانتفاع بها أو التصرف فيها. ولم يفرق المشرع المصري في قاعدة الإسناد الواردة بالمادة 13 بين الآثار الشخصية والآثار المالية من حيث القانون الواجب التطبيق؛ حيث يحكم قانون دولة الزوج كافة الآثار المترتبة على عقد الزواج سواء ما تعلق منها بالأشخاص أو ما تعلق بالأموال، ويراعى في حالة وجود أموال خارج دولة الزوج ويفرض قانون موقع تلك الأموال بعض الأحكام الخاصة بنقل الملكية والحقوق العينية فهنا يجب مراعاة تلك الأحكام وأعمالها وإن ترتب على ذلك تعطيل تطبيق قانون دولة الزوج.
ولكننا لا يمكننا التسليم بالتكييف الذي أطلقه أنصار هذا الاتجاه الذي جعل جل تركيزه على الحضانة في أثناء مرحلة قيام علاقة الزوجية وأغفل عندما تثار بعد الانفصال وانحلال رابطة الزوجية وأن علاقة الوالدين بالابناء تأخذ طابعة استقلالية سواء في مرحلة الزواج أو بعد انحلاله (2) ولكن مساندة أحكام القضاء له جعلته هو الغالب. ولعل الأصل في منشأ هذا الاتجاه هو القضية المعروفة باسم Mere des Harriet sants anges والتي تتلخص وقائعها في قيام أبوين يحملان الجنسية الإنجليزية ويتوطنان في إنجلترا بإرسال ابنتهما الصغيرة Emma Harr لدراسة اللغة الإيطالية بدير بروما يدعي la mere des saints - anges
ولكن بعد انتهاء فترة الدراسة ونتيجة لتأثير راهبات الدير عليها رفضت الصغيرة الرجوع إلى والديها، مما دعا والديها إلى عرض الأمر على رئيس المحكمة المدنية بروما عام 1890م ولكن الخلاف لم يصل إلى حد التقاضي وأطاعت الطفلة والديها وأذعنت لهما وقامت بالرجوع إلى حضانة والديها، ولكن الفقه الإيطالي توقف قليلا ليتدبر الأمر ويستاهل عما يمكن أن يحدث إذا كان النزاع قد وصل إلى ساحة القضاء، وما هو القانون الواجب التطبيق وكان القاضي الإيطالي سيلجأ إليه لو كانت الصغيرة قد استمرت في العصيان والتعنت ضد رغبة والديها؟، وما الحل الأنسب لهذه الدعوى التي يحمل الوالدين فيها الجنسية الإنجليزية ويتوطنان في إنجلترا و الطفلة المحضونة إنجليزية ولكنها تقيم في إيطاليا؟ فهل سيطبق القاضي القانون الإنجليزي بصفته قانون جنسية الزوجين أصحاب الولاية على الصغيرة أم القانون الإنجليزي بصفته قانون الموطن المشترك للزوجين أصحاب الولاية أم القانون الإيطالي بصفته قانون الدولة التي تقيم فيها الطفلة المحضونة ؟ (3).
ولكن لم تكن هناك صعوبة في الأمر ؛ فنص المادة السادسة من القانون الإيطالي كانت تنص على أن المسائل الحالة والأهلية والعلاقات الأسرية تخضع للقانون الوطني للشخص، وبالتالي فالحضانة باعتبارها المرحلة الأولى من الولاية على نفس الصغير تخضع للقانون الشخصي لأطراف العلاقة الأسرية، وأن الاختصاص ينعقد القانون الإنجليزي بحكم مسألة حق الوالدين في إلزام ابنتهما في الرجوع لموطن الأسرة .
وبالنسبة لموقف القضاء الفرنسي فقد أصدرت المحكمة المدنية في مدينة Laval في 12 أبريل 1902م حكمة في نزاع حول حضانة طفل إبن شرعي إلى القانون الإنجليزي بوصفه القانون الوطني المشترك (الشخصي) للوالدين ، وهو ما يسمح للقاضي بإنشاء نوع من التوازن والتوفيق بين الطرفين وحفاظا على مصالح الأطفال القصر في حال استمرار علاقة الزواج يسند تولى مهمة الحفاظ على الأطفال إلى الأم مع حفظ حق الأب في رؤيتهم وزيارتهم ، وقد أخذت المحكمة في اعتبارها عند إصدار هذا الحكم سوء سلوك الأب والحالة الصحية للابن (4)، كما أصدرت محكمة استئناف باريس حكما قضائية في 16 أبريل 1953م حددت بموجبه من له الحق من الوالدين في حضانة طفلهما القاصر بموجب تطبيقها للقانون الوطني الفرنسي المتعلق بالولاية فاستقرت على اختصاص قانون الجنسية المشتركة للأطراف (أي الوالدين) بحكم النزاع أي القانون الذي يحكم آثار الزواج (5) .
المطلب الثاني الاتجاه الثاني: تطبيق قانون جنسية الزوج وقت الطلاق
أو رفع دعوى التطليق
ويرى أنصاره أن القانون الواجب التطبيق على الحضانة هو القانون الواجب التطبيق على آثار انحلال عقد الزواج سواء أكان ذلك بالطلاق Repudiation أو بالتطليق Divorc أو بالانفصال الجسمانی Prom bed separation board and، وذلك على أساس أن الحضانة هي أثر من آثار انحلال رابطة الزوجية وليست أثرا من آثار عقد الزواج، وأن الربط بين الحضانة وآثار الطلاق والتطليق والانفصال مبررة لإخضاعهما لقانون واحد وهو قانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى؛ فهو من الناحية العملية يخضع جميع النتائج المترتبة على الطلاق والانفصال لقانون واحد (6) .
إذن قد تنقضى رابطة الزوجية بإرادة أحد الزوجين المنفردة وعادة ما يكون الزوج وهو النظام المعروف في الشريعة الإسلامية بالطلاق، وقد تتقضي بحكم قضائی وهو ما يعرف بالتطليق، وتأخذ كثير من النظم القانونية بالنظام المعروف باسم التفريق الجسدي أو الانفصال الجسماني، وهو نظام يهدف إلى تحلل الزوجين من الالتزام بالمعيشة المشتركة مع بقاء رابطة الزوجية قائمة .وقد وضعت المادة 13 من القانون المدني قاعدة إسناد لثلاث من صور انقضاء الزواج وهم: الطلاق والتطليق والانفصال الجسدی؛ حيث نصت المادة السابقة على أنه" 2- أما الطلاق فيسرى عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق، ويسري على التطليق والانفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى"، وقد قرر المشرع بهذا النص إخضاع انحلال الزواج لقانون واحد هو قانون جنسية الزوج خلافا لما فعله بالنسبة لانعقاد الزواج؛ حيث أخضع الشروط الموضوعية الانعقاد الزواج القانون جنسية كل من الزوجين كما رأينا، غير أن المشرع فرق بين الطلاق من جهة، وبين التطليق والتفريق الجسدي من جهة أخرى من حيث وقت إعمال هذا القانون، فنظرا لأن الطلاق يتم بالإرادة المنفردة لذلك فتكون العبرة بجنسية الزوج وقت وقوعه، أما بالنسبة للتطليق والانفصال الجسدي فالعبرة تكون بقانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى لأنه لا يمكن أن يتم إلا بحكم من القضاء، لذلك تخير المشرع وقتأ ثابتة يمكن تحديده لمعرفة جنسية الزوج إذا ما تغيرت هذه الجنسية فجعل هذا الوقت هو وقت رفع الدعوى، ولا يعتد في تطبيق هذه القاعدة بجنسية الزوجة (7) .
وقد انتقد البعض بحق هذا الاتجاه على أساس أنه يؤدي إلى مفاجأة الزوجة بالطلاق أو التطليق وفقا لأحكام قانون جنسية الزوج عند إيقاع الطلاق في الحالة الأولى أو وقت رفع الدعوى في الحالة الثانية، وكان الأولى أن يعتد السمشرع بقانون
جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج بوصفه القانون المعروف لكل من الطرفين والذي ارتضي كل منها الارتباط في ظله ، ولذلك يرى البعض ضرورة الاعتداد بقانون جنسية الزوج وقت الزواج في حكم الطلاق والتطليق والانفصال الجسدي على أنه إذا اتحدت جنسية الزوجين بعد الزواج فإن قانون هذه الجنسية المشتركة هو الذي يسرى، ولكن مع ضرورة وضع قيد على إعمال قانون الجنسية الجديدة للزوجين وهي الحالة التي يكون فيها اكتساب الزوجة لهذه الجنسية المشتركة قد تم بقوة القانون أي دون تعبير عن إرادتها، حيث يكون من الأفضل في هذه الحالة عدم الاعتداد بقانون الجنسية المشتركة لأن اكتسابها لم يتم باختيار الزوجة. مجال تطبيق قانون جنسية الزوج .
يدخل في مجال تطبيق المادة 13 مدني السالفة الذكر شروط الطلاق والتطليق والانفصال الجسدي وكذلك آثار كل منهما، وأيضا إجراءات انقضاء رابطة الزوجية:
أ. بالنسبة لشروط انقضاء الزوجية:
فإن قانون جنسية الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى يحكم الحق في الطلاق أو التطليق أو الانفصال الجسدي، وما يرد على الحق من قيود، ويبين الأسباب التي تسوغ طلب التطليق أو الانفصال الجسدي، والحالات التي يمكن الحكم فيها به، كما يبين هذا القانون أيضا القواعد الموضوعية الخاصة بإثبات توافر أسباب التطليق أو الانفصال، فيحدد طرق الإثبات ومحله ومن يقع عليه عبء الإثبات، والأدلة التي يمكن تقديمها وقوة هذه الأدلة وحجيتها.
ب. بالنسبة لآثار انحلال رابطة الزوجية:
فإن قانون جنسية الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى يحكم آثار هذا الطلاق أو التطليق أو الانفصال فيما يتعلق بعلاقات الزوجين؛ فيبين ما إذا كان لأيهما الحق في النفقة ومدى هذه النفقة وكيفية تقديمها، وما إذا كان لأيهما الحق في النفقة ومدى هذه النفقة وكيفية تقديرها، كما يبين أثر التطليق أو الانفصال بالنسبة لتغيير اسم الزوجة وما إذا كان لها الحق في أن تحمل إسم زوجها السابق، وما إذا كان لأحد الزوجين الحق في التعويض وأسبابه وكيفية تقديره، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه لما كان الزوج وفقا لنص المادتين 1391، 1394 من القانون المدني اليونانی ملزمة بالنفقة لزوجته إلا إذا كانت هي التي انسحبت من الحياة الزوجية المشتركة من غير مبرر مقبول، وكانت المحكمة قد أثبتت بالأدلة السابقة التي أوردتها أن الزوج هو الذي رفض استئناف الحياة الزوجية، وأن الزوجة سعت إلى منزل الزوجية فصدها هو عنه، وأنها لم ترتكب خطأ يبرر هجر زوجها لها، فإن حق الزوجة في هذه الأحوال لا يسقط في تقاضي النفقة المستحقة لها عملا بالمادتين المشار إليهما"(8).
ج. أما بالنسبة للمسائل الإجرائية:
فإن إعمال القانون واجب التطبيق على إنهاء علاقة الزوجية لا يتم إلا من خلال عدة إجراءات قضائية لاسيما بخصوص التطليق أو الانفصال، والثابت أن المسائل الإجرائية تخضع لقانون القاضي أو الجهة التي يباشر أمامها الإجراء عملا بالمادة 22 من القانون المدني المصري التي جاء بها أنه يسري على قواعد الاختحساس جميع السائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، وبهذا تخرج تلك المسائل، أي إجراءات التطليق والانفصال، من نطاق تطبيق القانون الذي يحكم الطلاق أو التطليق أو الانفصال الذي يقتصر على حكم المسائل الموضوعية، وعلى كل حال فإن تحديد طبيعة المسألة وهل هي من الإجراءات أم من الموضوع هو من قبيل التكييف الذي يرجع فيه إلى قانون القاضي الذي ينظر الدعوى عملا بالمادة 10 من القانون المصري.
وقد ثار خلاف حول ما إذا كان وجوب إجراء التطليق لدى سلطة معينة سواء أكانت دينية أو بعمل من السلطة التشريعية يعتبر من موضوع التطليق فيخضع لقانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى أم يعتبر من إجراءات التطليق مما يخضعه لقانون القاضي؟
فذهب القضاء الفرنسي إلى اعتبار هذه المسألة متعلقة بموضوع التطليق، غير أن الفقه في مصر و فرنسا يعتبرها متعلقة بإجراءات التطليق، هذا وتجدر الإشارة أن قانون القاضي يحكم أيضا الإجراءات التحفظية أو الوقتية اللازمة للمحافظة على مصالح كل من الزوجين، ويرى البعض أن ذلك لا يرجع فقط إلى اعتبار هذه المسائل متعلقة بالإجراءات، بل إنها تتعلق فوق ذلك بالأمن المدني، مما يخضعها لقانون القاضي. النظام العام والقانون الذي يحكم القضاء الزوجية قد يؤدي إعمال فكرة النظام العام إلى استبعاد قانون الزوج إذا كان هذا القانون يسمح بالتطليق لأسباب لا يقررها قانون القاضي أو إذا كان القانون أكثر تساه من قانون القاضي في إياحة التطليق، وذلك بالنسبة للدول التي لا تسمح بانقضاء الزوجية إلا في نطاق ضيق، وعلى العكس يمكن القول كذلك بإمكان استبعاد قانون الزوج المخالفته النظام العام في دولة القاضي إذا كان هذا القانون لا يسمح بإنهاء رابطة الزوجية، وكان قانون القاضي يعترف للأفراد بالحق في إنهاء هذه الرابطة باعتبار هذا الحق من الأسس التي تقوم عليها الحرية الشخصية.
ويلاحظ أن رخصة الطلاق في مصر ليست من النظام العام إلا بالقدر الذي تجب فيه حماية حقوق الزوج المسلم، فللزوج المسلم في مصر أن يطلق وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ولو كان قانونه الشخصي يمنع الطلاق، وفيما عدا هذه الحالة لا تعتبر حرية الطلاق في مصر من النظام العام؛ فإذا كان قانون جنسية الزوج يمنع الطلاق أو التطليق وجب اتباعه، وإذا كان يجيز التطليق لأسباب معينة فإن التطليق يكون جائزا في حدود هذه الأسباب، وباعتبار أن النظام القانون المصري في هذا المجال نظام قانونية مركبة ويتضمن عدة نظم خاصة بالطوائف المختلفة للوطنيين، فالشريعة الإسلامية تسمح وتجيز الطلاق، في حين أن الشرائع الأخرى لغير المسلمين تمنع الطلاق، وهكذا فإن فكرة النظام العام في مصر لاستبعاد القانون الواجب التطبيق بشأن انقضاء رابطة الزوجية أضيق نطاقا عنه في الدول الأخرى.
ومن ثم فإن القانون الأجنبي يستبعد من التطبيق إذا كانت أحكامه تتنافى مع الأسس العامة التي يقوم عليها النظام القانوني والاجتماعي بشكل عام في مصر، كما لو كانت أحكام القانون الأجنبي تسمح بإنهاء رابطة الزوجية لاختلاف الجنس أو اللون، أو إذا كان يحرم الزوج المسلم من حقه في الطلاق، أو إذا كان يقضي بإمكان إنهاء رابطة الزوجية لتغير الديانة إذا كان الزوج هو الذي أصبح مسلمة بينما ظلت الزوجة كتابية، إذ أن الحكم في هذه الحالات يخالف الشريعة الإسلامية، وبالتالي يتعين استبعاد تطبيق القانون الأجنبي.
ولكننا لا يمكن الاتفاق مع ما ذهب إليه أنصار هذا الاتجاه؛ حيث إن آثار انحلال عقد الزواج لا تشمل إلا آثار الانقضاء فيما يتعلق بعلاقات الزوجين ببعضهما البعض كأسباب الطلاق أو الانفصال، وكذلك الآثار بالنسبة للأشخاص كعلاقة المطلق ومطلقته كالنفقة والقيود التي ترد على حقوق الطرفين في انقضاء الزواج.....إلخ، وكل هذه الآثار تتركز على أثر الانحلال أو الانفصال على العلاقة بين الزوجين (9) .
وخليق بنا الإشارة إلى أن القانون الفرنسي اعتبر الحضانة أثر من آثار الطلاق، حيث كان القضاء الفرنسي يعتد في بعض أحكامه بقانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى، ولكن تحت تأثير النقد الموجه إليه من قبل الفقه عاد وعدل عن وجهة نظره وقرر اتباع قانون جنسية الزوج وقت الزواج على الطلاق (10) ، والذي هو نفس القانون المتبع على آثار الطلاق، ولكن بعد صدور قانون 11 تموز 1975م والذي نص على قاعدة جديدة للنزاع في المادة (310) من القانون المدني الفرنسي تعتبر من القواعد المادية ذات التطبيق المباشر والضروري (11) تقرر أن "الزواج والطلاق يحكم بالقانون الفرنسي إذا كان:
1.أحد الزوجين يحمل الجنسية الفرنسية.
2 . إذا كان الزوجان كلاهما لهما موطن في الأرض الفرنسية. . إذا لم يعترف أي قانون أجنبي بصلاحيته، في حين تكون المحاكم الفرنسية صالحة للنظر في الطلاق أو الانفصال الجسدي(12) .
المطلب الثالث الاتجاه الثالث: تطبيق قانون جنسية الصغير
أو قانون الموطن الفعلي والعادي له
وذهب أنصار هذا الاتجاه إلى أن الحضانة مسألة متعلقة بالولاية على المال، وبالتالي تخضع للقانون المطبق على الولاية على مال الصغير، أي للقانون الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد الواردة بالمادة 16 من القانون المدني المصري والتي نصت على أنه" يسري على المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعة لحماية المحجورين والغائبين قانون الشخص الذي تجب حمايته .
وقد ذهبت بعض المحاكم المصرية إلى اعتبار الحضانة مسألة متعلقة بالولاية على المال ومنها حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر في 29 يوليو 1976م في قضية تتلخص وقائعها في قيام جدة مصرية بطلب الحكم بحضانة حفيدتها الكويتية من ابنتها المصرية، وذلك نتيجة لقيام الأب الكويتي الجنسية بتطليق تلك الابنة وتعرضه لها في حضانة حفيدتها التي لا زالت في سن الحضانة، فقضت المحكمة بالحكم للجدة بحضانة حفيدتها إعمالا لأحكام الشريعة الإسلامية المطبقة في الكويت باعتبارها قانون جنسية الصغيرة، وبررت المحكمة حكمها المتقدم بأنه ليس ثمة شك في أن قواعد الإسناد الواردة في القانون المدني جاءت خلوا من بيان قاعدة إسناد في مسائل الحضانة، ومن ثم فإنه إعمالا للمادة 24 من القانون المدني يتعين الرجوع إلى مبادئ القانون الدولي الخاص في هذا الشأن، وهي تقضي بإعطاء الحضانة حكم الولاية ومن ثم يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون الصغير، لأنه صاحب المصلحة، ومن ثم يجب الأخذ بقانون جنسيته في هذا الصدد وهو القانون الكويتي(13).
ولكننا لا نستطيع التسليم بما ذهب إليه هذا الاتجاه فهناك فروق جوهرية بين الولاية على المال والتي خصها المشرع المصرى بنص خاص في المادة 16 من القانون المدني واخضعها لقانون الشخص الذي تجب حمايته أي قانون جنسية الصغير، وبين الولاية على النفس والتي تقترب الحضانة من طبيعتها، وهو ما أيدته بعض أحكام القضاء ومنها حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر في الأول من يونيو 1976م والذي قضت فيه المحكمة بأن " الحضانة من صميم الأحوال الشخصية وأن حقوق الصغار في علاقاتهم بوالديهم لها كيانها المستقل عن علاقات الزوجين معا، سواء أكان ذلك أثناء علاقة الزواج أم بعد انحلالها"، وبالتالي رفضت إخضاع الحضانة القاعدتي الإسناد بآثار وإنحلال الزواج، كما أنه لا يمكن اعتبارها من قبيل الولاية على المال والواردة بالمادة 16 مدني، إذ لا يمكن قياس الولاية على النفس
على الولاية على المال، ثم انتهت المحكمة إلى أن الحضانة حق للصغير... وبالتالي يطبق قانون جنسيته (14)، ولكننا لا يمكننا التسليم بما ذهبت إليه المحكمة بهذا الحكم لأن الحضانة كما هي حق للصغير فهي حق للحاضن أيضا.
كما يرى جانب من هذا الفقه أنه حماية الحق الطفل المحضون ومنعا لإمكانية التعدي عليه، فإنه من الأفضل تطبيق قانون الموطن المألوف لإقامة الطفل المحضون على مسائل الحضانة، وهو المكان الذي تتركز فيه حياة الفرد وتقام فيه علاقاته وتنمو، وبالتالي فهو القانون الأجدر على الإلمام بالظروف المحيطة بالطفل وأسرته والمجتمع الذي يتعايش معه، فالحضانة لها تأثيرها البالغ على الحالة الشخصية للطفل المحضون والتي يجب أن تخضع مسائلها لقانون المكان الذي يتوطن فيه، وقد استدل هؤلاء بما قضت به محكمة برلين الابتدائية في قضية Josef Jundeff البولندي الجنسية ضد مطلقته Sara الإسرائيلية الجنسية والذي أيدته محكمة الاستئناف بعد ذلك في دجنبر عام 1973م والتي كانت تتعلق بإلزام المطلقة برد الطفلين إلى ألمانيا بعد أن هربت بهما إلى إسرائيل حفاظا على مستقبل هؤلاء الأطفال الذين يجدر أن يكونوا في كنف أبيهم ، وحق الأب في ممارسة حقه في رؤية طفليه ورعايتهما، فطبقت المحكمة القانون الألماني الشرقي حينئذ قبل وحدة ألمانيا باعتباره قانون الموطن المألوف والعادي الذي ولد فيه الطفلان وعاشا فيه (15) .
المطلب الرابع
الاتجاه الرابع - تطبيق قانون جنسية الأب
ويذهب أنصاره إلى أن الحضانة أثر من آثار النسب، وأن آثار النسب تمتد إلى الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأب والابن بما فيها الولاية على النفس، وبالتالي يطبق عليها قانون جنسية الأب (16).
والمقصود بالنسب هو النسب الشرعي، أو ما يعرف بالبنوة الشرعية وهي نسبة الولد لأبويه نتيجة لعقد زواج بينهما، وغنى عن البيان أن البنوة هي جزء من الحالة، ومن ثم فهي تخضع وفقا للمادة 11 من القانون المدني التي تنص على أنه يسرى قانون الأب على المسائل الخاصة بالبنوة الشرعية، ويثبت النسب بالزواج والاعتراف بالبنوة وإنكارها".
فالحضانة في رأيهم التزام ناشئ عن النسب باعتبار أنها التزام يقع على من يثبت نسبة المحضون إليه (17) فإثبات البنوة جل اهتمام الأب أكثر من الابن، وعليه يطبق قانون الأب الشخصى سواء أكان قانون الموطن كما في النظم الأنجلوسكسونية أم قانون الجنسية كما في النظم العربية والأوروبية، فمن النادر أن يغير الأب جنسيته في الفترة ما بين إبرام الزواج وإنجاب الأولاد، وبالتالي يكون القانون الواجب التطبيق دائمة قانون جنسية الأب وقت إبرام الزواج أو وقت ميلاد الطفل والذي يعتبر ذاته قانون الأسرة القائمة، أما بعد الطلاق أو الانفصال فلا يكون لهذا القانون الدعم القادر على تأمين وحماية الطفل نتيجة تصدع الأسرة (18) . غير أن الأمر يدق إذا اختلفت جنسية الشخص المراد إثبات بنوته عن جنسية الوالد (الأب أو الأم )المراد الانتساب إليه، وينشب حينئير التساؤل عن الشخص الذي يتعين الاعتداد بجنسيته في هذا الصدد؟
وقد اختلف الفقه والقضاء وتشريعات مختلف الدول في الإجابة على هذا التساؤل: فذهب اتجاه إلى الاعتداد بجنسية الابن استنادا إلى أن البنوة صفة في الشخص وتعتبر جزء من حالته، مما يتعين معه أن تخضع لقانون جنسيته، وهناك اتجاه آخر رأى الاعتداد بجنسية الأب باعتبار أن البنوة إذا كانت صفة في الابن فإنها أيضا صفة في الأب وهي أبوته، ويوجد اتجاه ثالث بإخضاع البنوة لقانون الأب وقانون الابن مع تطبيقهما تطبيقا جامعة ويری جانب من الفقه وجوب الاعتداد بقانون جنسية الشخص المطلوب الانتساب إليه سواء أكان الأب أم الأم بحيث يرون أن المواد السابقة تقطع بما لا يدع مجالا اللاجتهاد في تحديد القانون الواجب التطبيق على النسب، وإذا تغيرت جنسية أحد الوالدين المراد الانتساب إليه يعتد بجنسية الأب والأم وقت میلاد الابن المراد إثبات نسبة وذهب اتجاه آخر إلى اعتبار النسب من آثار الزواج، وبالتالي يخضع لقانون جنسية الزواج وقت الزواج دون الاعتداد بالتغيير الذي قد يطرأ على جنسية الزواج، فينطبق حينئذ القانون المصرى وفقا للاستثناء المنصوص عليه في المادة 14 من القانون المدني والسابق شرحه، وهذا الرأي أولى بالإتباع(19).
ولكن الأمر يحتاج إلى إمعان النظر حول الوقت الذي يعتد فيه بجنسية الأب هل هو وقت الميلاد باعتبار أن النسب يبدأ من هذه اللحظة أم يعتد به منذ وقت الزواج؟، ولكن يرى الفقه الراجح أن وقت الاعتداد بجنسية الأب المراد إثبات النسب له هو وقت الميلاد على أساس أن هذا الوقت هو الذي تتكون فيه رابطة النسب (20). تقدير قانون جنسية الأب:
لقد سلكت معظم التشريعات العربية ذات المسالك الذي سلكه التشريع المصري بعدم النص على قاعدة إسناد خاصة بالحضانة، بل وحتى على الواجبات والحقوق المتبادلة مابين الآباء والأولاد، لذا يفضل الفقه هناك ما توصل إليه الفقه الراجح في مصر من تطبيق قانون جنسية الأب(21) .
ويحمد للمشرع الكويتي إخضاعه الحضانة إلى قاعدة إسنا خاصة بها وفقا النص
المادة (43) من قانون تنظيم العلاقات ذات العنصر الأجنبي رقم 5 لسنة (1991) النافذ، والتي نصت على أنه" يسرى قانون جنسية الأب في الولاية على النفس وفي الحضانة"، وعالج أيضا وبصورة تفصيلية المسائل المتعلقة بالأبوة والبنوة وتصحيح النسب والتبني بموجب المواد (41) و (42) و (43) من القانون أعلاه، والجدير بالذكر أن المشرع اليمني في القانون المدني رقم 19 لسنة 1992 النافذ قد حصر الاختصاص التشريعي في القانون اليمني بالزواج والطلاق وأغلب مسائل الأحوال الشخصية ؛ حيث نصت المادة (26) منه على أن يرجع في الزواج والطلاق والفسخ والنفقات إلى القانون اليمني عند المرافعة برضاء الطرفين"، أي أنه جعل تطبيق القانون اليمني مرهون برضاء الطرفين إذا كان الزوجان أجنبيين.
أما المشرع العراقی فقد آثر التميز باتخاذ موقف متميز، وذلك بجمع المسائل الخاصة بالنبوة الشرعية والولاية وسائر الواجبات مابين الآباء والأولاد بقاعدة إسناد واحدة وأخضعها لقانون جنسية الأب، بموجب المادة ( 4/19 ) من القانون المدني، وبذلك تلافي الجدل الحاصل في تحديد القانون الواجب التطبيق على الحضانة، وبذلك يمتد نطاق قانون جنسية الأب ليشمل كل ما يتعلق بالحضانة ومدتها وسقوطها وأجرتها ومراتبها، إلا أن هذا القانون يتعطل إذا كان أحد الزوجين عراقية وقت انعقاد الزواج بموجب المادة (19/5 ) من القانون المدنة العراقي، وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز العراقية على أن " الجدة لأب أولى بحضانة الصغيرة من الأم الأجنبية غير المقيمة في العراق"، كذلك يتعطل تطبيق القانون الأجنبي إذا كانت أحكامه تخالف النظام العام والآداب العامة في دولة القاضي حسب نص المادة (32) من القانون المدني العراقي.
ولو سلمنا بخضوع الحضانة إلى القانون الذي يحكم العلاقات والحقوق المتبادلة ومابين الآباء والأبناء، وهو قانون جنسية الأب حسب رأي الفقه الراجح يثار التساؤل عن الوقت الذي يعتد به بقانون جنسية الأب ؟
ولو قلنا الاعتداد بقانون جنسية الاب وقت انعقاد الزواج، باعتبار النسب أثر من آثار الزواج، ولكننا بذلك نكون قد أمنا بأن الحضانة تعتبر كذلك، وهذا ما سبق وأن تم انتقاده .
ولو عملنا بقانون الأب وقت میلاد الطفل، فإنه قد يؤدي إلى تعدد القوانين الواجبة التطبيق لتعدد الأبناء الذين قد يحصلون على جنسيات مختلفة إذا ما غير الأب جنسيته، إضافة إلى أن الأب قد يتوفى قبل ولادة الولد، فأي القانونين أصلح هل قانون وقت وفاة الأب أم قانون وقت الزواج؟، وإذا فضلنا قانون جنسية الأب وقت رفع الدعوى، فإنه قد يحصل تحايل على القانون ، وذلك بتغيير الأب جنسيته بهدف الإفادة من قانون دولة معينة لا علاقة له بالنسب (22).
وقد حاز قصب السبق لدينا الدعوة إلى إعمال قانون جنسية الأب دون تحديد الوقت معتمدين في ذلك على سلطة القاضي التقديرية، فذلك أفضل من إعمال وقت معين، وذلك بتقدير كل حالة على حده وفق ما يرتأيه القاضی مستعينا في ذلك بما تحمله الدعوى من ظروف وملابسات خاصة.
المطلب الخامس الاتجاه الخامس - تطبيق القانون الأصلح للطفل وقد تبنى هذا الاتجاه فكرة أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الأصلح للطفل، وهو الاتجاه السائد في قضاء الدول الأنجلوأمريكية وأكدته السوابق القضائية على أنه من خصائص ال common law، ويستند أنصاره إلى أنه يجب تغليب حق الطفل المحضون على حق الحاضن في النزاع المعروض على القضاء والمتعلق بالحضانة وتطبيق القانون الأصلح للمحضون، حيث إن تطبيق قواعد معينة من قانون معين بشكل تلقائي لا يتفق وطبيعة النزاع الخاص بالحضانة، فالطفل بحاجة إلى حماية فعالة وحقيقية له تحيطه بسياج منيع عن الخلافات الزوجية وتنازع والديه حول الأحق والأجدر منهما بالحضانة (23) .
ويستند هذا الرأي إلى موقف المشرع الإنجليزي بخصوص القانون الواجب التطبيق على الحضانة؛ حيث يخضع المسائل المتعلقة بالحضانة لسلطة المحكمة التقديرية لتعهد بها لمن تراه أقدر على رعاية الصغير وتدبير شئونه على أحسن حال مسترشدة بمصلحة الصغير الأولى، وهو ما دعا بعض الفقه الإنجليزي يقول بأن
القانون الإنجليزي غير واضح في بعض المسائل التي تعرض على المحاكم وتنشأ في مكان أو أخر، ويتزاحم فيها أو لحكمها أكثر من قانون ، كقانون موطن الأب وقانون موطن الطفل، وتظهر الصعوبة في المراحل المتأخرة من الطفولة، والتي قد يحصل فيها الطفل على موطن مستقل به، فيبدو أن المحكمة تفضل تطبيق قانون موطن الأب باعتبار الأب أصل الطفل (24) .
وقد أكد القضاء الأمريكي هذا المنهج في أحكامه الخاصة بالمنازعات الخاصة الدولية التي تتضمن عنصرة أجنبية والمتعلقة بالحضانة؛ حيث إن قوانين الولايات المتحدة الأمريكية تتوسع في الحق في الحضانة بغية تحقيق أفضل مصلحة وبناء سياج قوي لحماية للطفل المحضون حتى وصل الحد بها إلى الدفع بالنظام العام الاستبعاد القوانين الأجنبية ومنع تطبيقها على منازعات الحضانة لأنها لا تتفق مع الأساس السالف ذكره ورفض الأحكام الصادرة المخالفة لهذا الأساس.
ففي قضية تتلخص وقائعها في قيام مواطن فلسطینی بالزواج من أمريكية بغزة عام 1983م واستمر بالإقامة بها حتى عام 1990م، وفي تلك الفترة أنجبت طفلا ثم انتقلت الأسرة إلى الولايات المتحدة للاقامة بها، وما لبث الزوجان أن انفصلا وهو ما دعا الزوج الفلسطيني إلى العودة إلى غزة ورفع دعوى أمام المحكمة الشرعية بغزة وحصل منها على حكم بحقه في حضانة الطفل، وفي ذات الوقت لجأت الزوجة المحكمة نيوجرسي بالولايات المتحدة مطالبة بحقها في الحضانة، حيث لا يقوم اختصاصها على أساس موطن الوالدين، وإنما يقوم على أساس تحقيق أفضل حماية المصالح الطفل، وأن ذلك متفق عليه في الفقه الأمريكي وأكدته السوابق القضائية، واستند الزوج إلى الحكم الصادر لصالحه من المحكمة الشرعية بغزة عام 1993م، ولكن المحكمة رفضت تنفيذ الحكم الصادر لصالح الزوج بحضانة الطفل، واستندت إلى أسباب إجرائية وأسباب موضوعية، ومن الناحية الموضوعية وجدت المحكمة الأمريكية أن القانون الذي طبقته المحكمة الشرعية بغزة والذي يؤسس الحق في الحضانة على أساس السن والذي اعتبرته أساسا تلقائيا أو تحكمية يخالف قانون ولاية نیوجرسي الذي يؤسس الحضانة على تحقيق أفضل مصلحة للطفل، وأن هذا الأساس هو الذي يحقق للطفل السعادة والعيش الطيب والتقارب النفسي، وبعد أن استمات الزوج الفلسطيني في الدفاع عن حقه في حضانة الطفل تاسيسا على الحكم من محكمة غزة الشرعية في 8 يوليو 1993م وهي المحكمة المختصة بنظر النزاع بتوافر العناصر المؤدية إلى ذلك قانونا، وهذا الحكم الصادر عنها واجب النفاذ وفقا للقواعد الدولية في تنفيذ الأحكام (25) انتهت المحكمة إلى رفض تنفيذ الحكم لأن القانون الذي طبقته محكمة غزة يخالف النظام العام وفق المفهوم المعمول به في الولاية (26) . كما أنه لا يمكن تنفيذه لعدة أسباب أهمها عدم اتباع الإجراءات القضائية اللازمة، وبالتالي تصبح باطلة لعدم اتصال علم الزوجة بأي إجراء من إجراءات دعوى الطلاق والحضانة من قبل المحكمة الشرعية بغزة، كما أن القانون المطبق على النزاع يجب أن يكون قاب للمقارنة بينه وبين قوانين الكومنولث، وأن القانون الذي طبقته محكمة غزة لتحديد الحق في الحضانة لأنه يقوم على أساس تحكمی وغیر عادل ولا يحقق مصلحة الطفل(27).
وقد قالت المحكمة الأمريكية تعليقا على الحكم الصادر من محكمة غزة أن "هذا الاستخلاص القانوني لا يمكن قبوله إطلاق خصوصا إذا ما قورن بقانون ولاية نيوجيرسي الأمريكي الذي يؤسس الحق في الحضانة على تحقيق مصلحة أفضل للطفل، وأن معيار أفضل مصلحة الطفل هو الذي يضمن الأمن والسعادة والتقارب النفسي وطيب العيش المادي والمعنوي للطفل، فهذه الأمور هي التي تحدد من له الحق في الحضانة ، وأن منح حق الحضانة لأي من الوالدين تأسيسا على وصول الطفل السن معينة يعد افتراضة آلية لا يضمن تحقيق مصلحة الطفل المتنازع على حضانته، وأن كل قضية يجب أن يتقرر فيها الحق في الحضانة حسب وقائعها وظروفها "(28). ويقترب من هذا الرأي أيضا موقف اتفاقية لاهاي لعام 1996م المتعلقة بالاختصاص والقانون الواجب التطبيق والاعتراف والتنفيذ والتعاون في مادة المسئولية الأبوية والإجراءات الحمائية للأطفال ؛ حيث إنه بعد أن عقدت هذه الاتفاقية الاختصاص باتخاذ الإجراءات الرامية إلى حماية الطفل في شخصه وأمواله إلى السلطات القضائية أو الإدارية للدولة المتعاقدة التي يوجد بها مقر الإقامة الاعتيادية للطفل بموجب المادة (5) منها، فإنها سمحت لهذه السلطات بتطبيق قانونها عند ممارستها للاختصاص المسند إليها، وذلك حسب نص الفقرة (أ) من المادة (15) وحرصا من هذه الاتفاقية على توفير أكبر قدر من الحماية للطفل فقد قامت بتوسيع نطاق القانون الواجب التطبيق عندما نصت في الفقرة (ب) من المادة (15( على أن "غير أنه عندما يقتضى الأمر حماية الطفل في شخصه أو أمواله يجوز استثناء السلطات الدول المتعاقدة أن تطيق أو تأخذ بعين الاعتبار قانون الدولة الأخرى التي لها اتصال متين بالوضعية"، ويبدو جليا من هذا النص أن الاتفاقية ابتغت توفير أكبر قدر من الحماية الطفل، وأجازت لها وعلى سبيل الاستثناء أن تطبق قانون أخر قد يكون قانون جنسية الطفل إذا كان مقيما في دولة أخرى غير الدولة التي يتمتع بها بجنسيته، أو قانون جنسية والده أو جنسية والدته إذا كانا مختلفی الجنسية، كذلك يجوز للاتفاقية أن تأخذ بعين الاعتبار هذه القوانين عند تطبيقها قانون إقامة الشخص المطلوب حمايته
ويبين لنا من ذلك أن هذه الاتفاقية قد مكنت سلطات الدولة المختصة وأجازت لها التنازل عن الاختصاص المقرر لها الصالح سلطات دولة أخرى في حال ما إذا كانت الأخيرة هي الأقدر والأجدر والأكفأ على رعاية مصلحة القاصر، وهذا يعني أن القانون الواجب التطبيق أيضا سوف ينتقل لصالح قانون السلطات الجديدة تبعا لانتقال الاختصاص ، كما أنها قدست الاتجاه السائد في أغلب الدول الأنجلوأمريكية من أن حماية القاصرين أمر يتعلق بالاختصاص القضائي، وأن هذا الاختصاص القضائي هو الذي يجلب الاختصاص التشريعي عن طريق قيام الجهة التي تختص باتخاذ إجراء الحماية بتطبيق قانونها (29) .
المطلب السادس
الرأي الخاص في المسألة
بداية نود الإشارة إلى أن السبب الرئيس في الخلاف حول القانون الواجب التطبيق على المنازعات المتعلقة بالحضانة والمتضمنة عنصرا أجنبية يمكن رده إلى الاختلاف حول التكييف القانوني للحضانة ، فلو تم تكييف الحضانة على أنها أثر من آثار الزواج كان القانون الواجب التطبيق هو قانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج (م 13/1مدنی)، ولو تم تكييف الحضانة على أنها أثر من آثار انقضاء الزواج كان القانون الواجب التطبيق هو القانون المشار إليه بنص المادة 13/2 مدنی، ولو تم تكييف الحضانة على أنها من مسائل الولاية على المال كان القانون الواجب التطبيق هو قانون الشخص الواجب حمايته وفقا لنص المادة 16 مدنی..... إلخ من التكييفات.
وجدير بالإيماء أن المحكمة يقع على عاتقها البحث عن مصلحة المحضون والبحث عن الأصلح لتولى أمر حضانته ، فقد بينا فيما سبق أن الشريعة الإسلامية بمذاهبها كافة توخت مصلحة المحضون حين قررت من هو الحاضن؟ ، وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيه؟ ، ويقع على عاتق القاضي مهمة اختيار الأصلح من الأبوين أو من غيرهم حتى دور الدولة الحضانة المحضون ، ومن الطبيعي فإن هذه المسؤولية الكبيرة تقتضي النظر إلى الوسائل التي يمكن أن تعين المحكمة على استجلاء من هو الأصلح ومعرفته والتي يمكن أن تتمثل في :
1- البينات الشخصية : إذا ادعى المدعى أو المدعى عليه أن موكله أصلح أو أن خصمه غير لائق للحضانة ، فإن المحكمة تكلفه بإثبات ادعائه أو دفعه، وهذه من الأمور البدهية في القضاء .
2- البحث الاجتماعي : تحوي أغلب محاكم الأحوال الشخصية غرفة للبحث الاجتماعي يقوم بالعمل فيها باحثات اجتماعيات متخصصات ومهيئات دراسية من كليات الآداب والخدمة الاجتماعية ومتخصصات بقسم الارشاد الاجتماعي ، وطريقة العمل في هذه الغرف أن حيل المحكمة خلال السير في مرافعة الدعوى الطرفين والطفل أو الأطفال إلى الباحثة الاجتماعية التي تقوم بمقابلة الطرفين والطفل وتثبت في استمارة معدة لهذه الغاية المعلومات كافة عن ظروف الطرفين والطفل ، وقد تقوم بزيارة ميدانية إلى سكن كل من الطرفين أو الأشخاص الأخرى إن وجدوا ، وبعد كل ذلك تقوم بتقديم تقريرها بخلاصة عملها واستنتاجاتها في من هو الأصلح لحضانة الطفل ، مع ضرورة خضوع هذا العمل الرقابة المحكمة ممثلة في القاضي الذي ينظر الدعوى عن طريق متابعة هذا العمل بصفة دورية .
٣- اللجنة الطبية النفسية والعصبية : يجب الاستعانة بالطب النفسي والعصبي لإعطاء الرأي فيما إذا كان انضمام الطفل للحاضن يضر به نفسية وعصبية أم لا ؟، فهو رأي فني يحتاج إلى خبرة اللجنة الطبية، واللجنة الطبية في عملها هذا شبه عمل الباحثة الاجتماعية في مقابلة الطرفين والطفل وبيان الرأي حسب اجتهادها ، ثم تصدر اللجنة الطبية قرارها مع قابليته للطعن استئنافا لدى قاضي الموضوع، وأخيرا فإن رأى اللجنة الطبية أو الاستئنافية بالتالي ليس ملزمة للمحكمة فلها أن تأخذ به أو أن لا تأخذ به ، على أن تسبب قرارها في الحالة الثانية وفقا لما يتبدى لها أو في حالة مخالفة القرار النص قانوني .
وبالتالي فمن باب أولى أن يبحث القاضي عن القانون الأصلح للطفل المحضون الذي يمكن أن يحتضن مثل هذه الوسائل التي تكفل إسناد مهمة الحضانة لمن يستحقها دون أن تحتاج إلى خلق وابتداع وسائل جديدة لا يقرها القانون المختار ، وهو بلا شك يمثل عبئا ثقيلا واضافيا على عاتق القاضي المعروض عليه النزاع ، إضافة إلى أنه قد يطيل أمد النزاع إلى الحد الذي يمكن أن تضيع معه مصلحة الطفل ويؤثر مستقبله ، وذلك عندما يكون الطفل في أمس الحاجة إلى من يرعاه ويتولى شئونه .
وفي التشريع المصري وأمام غياب قاعدة إسناد خاصة بالحضانة كان ينبغي المفاضلة بين قاعدتين :
الأولى : تقضي باعتبار الحضانة من آثار النسب ، وهنا يطبق قانون جنسية الأب، مع عدم اتفاقنا مع ما ذهب إليه المشرع المصري من الفصل بين القانون الذي يحكم النسب والقانون الذي يحكم آثاره لأن الذي يحكم الأصل يحكم الفرع، والأصل في تنازع القوانين أن القانون الذي يحكم مسألة يحكم آثارها .
الثانية : ترمي إلى اعتبار الحضانة من آثار الزواج، وبالتالى تطبق قاعدة الإسناد الواردة بالمادة 13 من القانون المدني، أي تطبيق قانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج والاستفادة من الاستثناء المقرر في المادة 14 من القانون المدني وتطبيق القانون المصرى إذا كان أحد الزوجين مصرية وقت انعقاد الزواج ، وبالتالى تغليب تطبيق القانون المصرى حماية للمصريين من الخضوع لقانون أحوال شخصية أجنبي .
ولكننا نتفق مع جمهرة الفقه المصري في اعتبار الحضانة متعلقة بالولاية على نفس الصغير، وتخضع بالتالى لقانون جنسية الأب باعتباره رب الأسرة والمهيمن على
شئونها وصاحب المصلحة الأساسية في تأمين حياة صغارها ورعاية شئونهم (30) وذلك للتسبيبات الآتية: السبب الأول: أنه لما كانت مسألة التكييف تخضع وفقا لنص المادة 10 من القانون المدني المصري والذي نص على أن القانون المصرى هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق من بينها "، فإنه يتم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تعد القانون العام للأحوال الشخصية في مصر فإن الحضانه نوع من الولاية وليست أثرا من آثار الزواج ولا أثرأ من آثار انقضاءه ؛ لأن العلاقات بين الزوجين لها كيانها المستقل وأحكامها الخاصة التي تسري عليها بصرف النظر علاقة الزوجين بأولادهم (31)
السبب الثاني: أن الحضانة كما هي حق للمحضون فهي حق للحاضن أيضا، ومن غير المنطقي مراعاة حق المحضون بصدد التكييف للحضانة وإغفال حق الحاضن وهو العنصر المحرك للنزاع أصلا، وهو العنصر الغالب عند النزاع على الحضانة (32).
السبب الثالث: أنه لا يمكننا قياس الولاية على النفس على الولاية على المال فهو قياس مع الفارق، فكل نوع من هذه الولاية له أحكامه الخاصة ومختلف عن الآخر وله اعتبارات خاصة ببني عليها، وبالتالي يختلف التكييف ويختلف تبعا له القانون الواجب التطبيق.
السبب الرابع: أن الأخذ بقانون جنسية الأب هو الذي سيحقق مصلحة المحضون وسيسد الذرائع أمام تعدد القوانين الواجبة التطبيق وسيحقق وحدة القانون المطبق في كثير من المسائل المتعلقة بشئون الأطفال المحضونين كالبنوة الشرعية والولاية على النفس، ومن ثم الحضانة(33).
وبالتالي فالراجح لدينا هو تطبيق قانون جنسية الأب وقت انعقاد الزواج لأنه منذ هذه اللحظة أصبح رب الأسرة والمهيمن عليها والمسئول عنها دونما النظر لوجود أولاد من عدمه، وأن الزوج من النادر أن يقوم بتغيير جنسيته في الفترة ما بين الزواج إلى النزاع على الحضانة.
وقد فند بعض الفقه المصرى (34) السبب الرئيس لإشكالية القانون الواجب التطبيق على الحضانة بقولهم " أن مرد الصعوبة التي واجهتها المحاكم المصرية في تعيين القانون الواجب التطبيق على الحضانة، أن هذه المحاكم لم تبسط البحث كافية في تكييف الحضانة، وهو البحث الذي تتحل على أساسه مشكله القانون الواجب التطبيق عليها ، وتكييف الحضانة يخضع وفقا للقاعدة العامة في التكييف للقانون المصرى، وهو هذا الشريعة الإسلامية، بوصفها القانون العام للأحوال الشخصية في مصر، وهو ما عبر عنه أستاذنا الدكتور عز الدين عبد الله بقوله " ..... ونعتقد أن الصعوبة في تعيين قاعدة الإسناد بالنسبة للحضانة ترجع إلى أن القضاء لم يبسط البحث كافية في تكييف الحضانة ..... وبالرجوع إلى قواعد الشريعة الإسلامية يتضح أن للأولاد من حيث هم كذلك حقوقا ، ولهم علاقات بالوالدين لها كيانها وأحكامها بصرف النظر عن علاقة هذين الوالدين فيما بين بعضهما البعض ،سواء بوصفهما زوجين أو بوصفهما مطلقا ومطلقة ، فحقوق الأولاد وعلاقتهم بالوالدين ليست من آثار الزواج أو من آثار الطلاق ، وتشمل هذه الحقوق والعلاقات ثبوت النسب ، وولاية التربية الأولى وهي الحضانة ، والحق في النفقة ، ثم الولاية على نفس الولد أي المحافظة على نفسه وصيانته .... ويتضح من ذلك أن الحضانة ليست من آثار الزواج أو آثار الطلاق ، كما أنها ليست من الولاية على المال، بل هي المرحلة الأولى من الولاية على النفس .... ولذلك فإننا تفضل اخضاع الحضانة القانون بلد الأب ، إذ أن هذا القانون هو الذي فضلناه ليحكم البقوة الشرعية والولاية على النفس " (35)
وعلى هدى ما تقدم نخلص إلى نتيجتين هامتين : تتمثل أولاهما في أن علم قيام المشرع المصرى بوضع قاعده إسناد خاصة بالحضانة وإيكال المهمة للقضاء، جعل القضاء المصري يرغم على تطبيق مبادئ القانون الدولي الخاص الشائعة استنادا إلى المادة 24 من القانون المدنى المصرى والتي تنص على أنه " تتبع فيما لم يرد في شأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين مبادئ القانون الدولي الخاص"، وهو ما جعله يخضع المسائل المتعلقة بالحضانة في بعض أحكامه القاعدة الإسناد الخاصة بالولاية على المال، وفي البعض الآخر لقاعدة الإسناد الخاصة بالولاية على النفس، غير أنه لا محل لقياس الولاية على النفس على الولاية على المال، إذ أن أحكام كل منها تنبني على اعتبارات غير الاعتبارات التي تنبني عليها أحكام الأخرى (36)، وفي بعض أحكامه يكيفها على أنها أثر من آثار الطلاق، وفي البعض الآخر أثرة من آثار الزواج، مع أن الحضانة لا تعد أثرا من آثار الزواج والذي يخص علاقة الزوجين فيما بعضهم، كما أن تكييف الحضانة كأثر من آثار الطلاق هو ما جرى عليه العمل في الفقه والقضاء الأوربي متأثرا بالديانة المسيحية.
وتتمثل النتيجة الثانية في أنه لما كان التكييف القانوني الراجح للحضانة على أنها حق لكل من الحاضنة والمحضون مع تفضيل مصلحته المحضون إذا تعارضت المصالح يقودنا إلى اعتبار الحضانة مسألة من مسائل العلاقات المتبادلة ما بين الآباء والأبناء والتي بدورها سند إلى القانون الخاص بالبنوة أو النسب، وهذا لم ينص عليه المشرع المصري في القانون المدني المصري حيث كان يتضمن مشروع القانون المدني المصري نصا في المادة (31) يقضي بأنة يسرى قانون الأب على المسائل الخاصة بالبنوه الشرعية وتثبيت النسب بالزواج والاعتراف بالبنوة وإنكارها"، و لكنه حذف باعتبار أنه يعالج مسألة تفصيلية ينبغي أن يكون نطاق الاجتهاد فيها رحبة، ولأن هذه المسائل عد من آثار الزواج وتسري عليها قواعد الزواج وفقا للقواعد العامة (37).
_______________
1- د.صلاح الدين جمال الدين: مشكلات حضانة الأطفال في زواج الأجانب ، دراسة مقارنة ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية 2008 ، ص 94 وما بعدها.
2- انظر د. عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص ، الجزء الثاني، تنازع القوانين وتتنازع الاختصاص القضائي الدوليين، الطبعة السادسة 1999م، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 301 وما بعدها، د. إبراهيم أحمد إبراهيم: القانون الدولي الخاص تنازع القوانين"، 2002م، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 234 وما بعدها، وكذلك ص 240.
3- حول هذه القضية انظر تفصيلا د.فارسی يعيش : الحضانة والقانون الواجب التطبيق، بحث مقدم إلى المؤتمر الذي اقامته كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش عام 2017م تحت عنوان "القانون المغربي في مطلع القرن الحادي والعشرين ص 215، 216
4- Trib.civ.Laval. 12 avril 1902
مشار إليه د. د. فارسی يعيش : الحضانة والقانون الواجب التطبيق، بحث مقدم إلى المؤتمر الذي اقامته كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش عام 2017م تحت عنوان "القانون المغربي في مطلع القرن الحادي والعشرين ، ص 216
5-مشار إليه د.فارسی يعيش الحضانة والقانون الواجب التطبيق، المرجع السابق، ص 217 .
6 - د. أحمد عبد الكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، الطبعة الأولى، 2000م، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 844.
7- وسار على نفس الاتجاه القانون المدني السوري في المادة 14 منه، والقانون المدني العراقي في المادة 19 منه، والقانون المدني الليبي في المادة 13 منه.
8- الحكم الصادر في 10 يونيه سنة 1954، مجموعة النقض المدنية، س 5، ص 95.
9- أنظر د. عز الدين عبد الله: القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 317 د. إبراهيم أحمد إبراهيم: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 248 وما بعدها.
10- Henri Batffol, Droit International Privé, 4éd. , paris. 1967.p.491
11- حول القواعد ذات التطبيق الضروري انظر د. أحمد عبد الكريم سلامة: القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، 1989م، دار النهضة العربية، القاهرة.
12- حول النقد الموجه لهذه المادة انظر:
Henri batiffol and paul lagarde: droit international privé, séptiéme édition ,tomell, Paris, 1983, P.75.
paris, Bernard audit: droit international privé ,3éd , economica 2000, P.583-584.
13- الحكم غير منشور ولكن مشار إليه د. إبراهيم أحمد إبراهيم: مركز الأجانب وتنازع القوانين، مرجع سابق، ص 483، هامش 1 .
14- حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية رقم 5 لسنة 1976م (دائرة الأحوال الشخصية - أجانب).
15- د.فارسی يعيش : الحضانة والقانون الواجب التطبيق، المرجع السابق، ص 219 .
16- أنظر د. هشام صادق: تنازع القوانين، منشأة المعارف الاسكندرية بدون سنة نشر ، ص 592، د.منصور مصطفى منصور: مذكرات في القانون الدولي الخاص تنازع القوانين، دار المعارف، 1970م، ص 239 وما بعدها.
17- د. عز الدين عبد الله: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 332
18- د.أحمد عبد الكريم سلامة: علم قاعدة التنازع، مرجع سابق، ص 847.
19- د. فؤاد رياض د.سامية راشد: الوسيط في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي، 1987م، دار النهضة العربية، القاهرة ، هل 322-323.، د. إبراهيم أحمد إبراهيم: مركز الأجانب وتتنازع القوانين، مرجع سابق، ص 478-479.
20- د.بدر الدين عبد المنعم: دراسات في القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين والاختصاص القضائي، 1990م ،ص 331، د. عوض الله شيبة الحمد السيد: الوجيز في القانون الدولي الخاص، (الجنسية – مركز الاجانب – تنازع القوانين – الاختصاص القضائي الدولي - تنفيذ الاحكام االجنبية ) دار النهضة العربية القاهرة 2001 ، ص 470 .
21- د. محمد وليد المصري: الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، 2009م، دار الثقافة النشر والتوزيع، عمان، م 145
22- د. حسن الهداوي: القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين (المبادئ العامة والحلول والوضعية في القانون الأردني)، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2000م، ص 113 – 114 .
23- د. عزت البحيرى: القانون الواجب التطبيق على الحضانة، بحث منشور بمجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، العدد25، 2007م ، ص 467
24-انظر حول ذلك:
Martin wolf: prvate international law second edition, oxford, London ,1950,p389-390.
وانظر أيضا بخصوص الحضانة الجزء الثالث الفصل (16) الطلاق القاعدة (34) من المرجع التالية
Dicey and Morris : The Conflict of Law, 9ed. , Butterworth's, London, 1974, P. 348.
25- حيث دفع بتوافر أهم شرطين لتنفيذ الأحكام الأجنبية: أولهما اختصاص المحكمة الأجنبية بنظر النزاع محل الحكم وقد دلل على ذلك بإقامته وعائلته وأسرة زوجته أثناء الزواج بغزة، وأن غزة هي المكان الذي أقام فيه الزوجان أغلب مدة الزواج وأغلب الشهود مقيمين بها، وأن الزوجة تنكر زيارتها لهذه المدينة، إضافة إلى قيود السفر المفروضة على الفلسطينين في الأراضي المحتلة، وثانيهما عدم مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام في الدولة المراد التنفيذ فيها- للمزيد انظر د، عزت البحيري: بعض نماذج لتناول المحاكم الأمريكية للقانون الإسلامي، بحث مقدم المؤشر التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في العين المقبل والذي أقامته جامعة الأزهر بالقاهرة في أبريل 1999م ، ص 41، 47.
26- د. عزت البحيري: بعض نماذج لتناول المحاكم الأمريكية للقانون الإسلامي، المرجع السابق، ص 46، 47.
27- حيث كان تقنين الشريعة الإسلامية يقرر في المادة 391 منه حق الأب في حضانة الطفل الذكر تلقائيا عند بلوغه سبع سنوات، ويمكن للأم وفقا للمادة 118 من قانون حقوق الأسرة أن تمد حضانتها حتى بلوغه تسع سنوات، كما أن للأب والجد من جهة الأب الحق في الحضانة أيضا.
28- Superior court of new jersy , chancery division , farmily part , union country , 279 N,J super.154, 652 A2d.
مشار إليه د. عزت البحيري: بعض نماذج لتناول المحاكم الأمريكية للقانون الإسلامي، المرجع السابق، ص 46
29- انظر د. أشرف وفا محمد: حماية غير ذوي الاهلية على الصعيد الدولي، بحث منشور في المجلة المصرية للقانون الدولي، تصدر عن الجمعية المصرية للقانون الدولي، المجلد الثامن والخمسون، 2002 ، ص 371.
30- د. إبراهيم أحمد إبراهيم: مركز الأجانب وتنازع القوانين، مرجع سابق ، ص 485,، د. بدر الدين عبد المنعم: دراسات في القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين والاختصاص القضائي، 1990م ، ص 338.
31- د. عز الدين عبد الله: القانون الدولي الخاص، الجزء الثانی، مرجع سابق، ص 331.
32- د. إبراهيم أحمد إبراهيم: مركز الأجانب وتتنازع القوانين، مرجع سابق ، ص 275 .
33- د. عز الدين عبد الله: القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني ، مرجع سابق، ص 332، وقد أشار سيادته إلى أن محكمة استئناف القاهرة قد أيت ما ذهب إليه بحكمها الصادر في 16 مايو 1956م، استئناف رقم 975 لسنة 71 قضائية.
34- د. عز الدين عبد الله: اتجاهات القضاء في تطبيق قواعد الإسناد في مواد الأحوال الشخصية، بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد، تصدر عن أساتذة كلية الحقوق في الجامعة القاهرة، العددان الأول والثاني، السنة الرابعة والعشرون، 1954 م، ص 31-32
35- د. عز الدين عبد الله: القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين ، مرجع سابق، ص 323، 324.
36-د. عز الدين عبد الله: المرجع السابق، ص 324.
37- د.بدر الدين عبد المنعم شرقي: أحكام الصغير في القانون الدولي الخاص (دراسة مقارنة )، بحث منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة والتي تصدر عن مجلس الدولة المصري، العدد الأول، السنة الثالثة والعشرون، 1979 م، ص 40.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|