المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مدينة أربد تاريخها
31-1-2016
حق الأولوية في الاكتتاب لحماية المساهمين القدامى
1-10-2018
الجنّة في الانتظار
3-12-2015
الظاهرة الطبوغرافية كظاهرة ساكنة أو متحركة
6-2-2016
ما هي أنواع الذباب المزعجة للحيوانات الاليفة؟
13-4-2021
Philippa Garrett Fawcett
9-4-2017


سعد بن محمد بن سعد (المعروف بحَيص بَيص)  
  
2771   06:00 مساءاً   التاريخ: 25-06-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج3، ص368-373
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-06-2015 2467
التاريخ: 24-3-2016 2662
التاريخ: 28-12-2015 4144
التاريخ: 13-08-2015 2322

ابن الصيفي التميمي، شهاب الدين أبو الفوارس المعروف ((بحَيص بَيص))، الفقيه الأديب الشاعر، كان من أعلم الناس بأخبار العرب ولغاتهم وأشعارهم، أخذ عنه الحافظ أبو سعد السمعاني وقرأ عليه ديوان شعره وديوان رسائله، وذكره في ذيل مدينة السلام وأثنى عليه، وأخذ الناس عنه علما وأدبا كثيرا، وكان لا يخاطب أحدا إلا بكلام مغرب. وإنما قيل له حَيص بَيص، لأنه رأى الناس يوما في أمر شديد، فقال: ما للناس في حَيص بَيص؟ فبقي عليه هذا اللقب.

مات ليلة الأربعاء سادس شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة ببغداد. ومن تقعُّر الحيص بيص في كتابته ما حدّث به بعض أصحابه أنه نقه من مرض فوصف له صاحبه هبة الله البغدادي الطبيب أكل الدرّاج فمضى غلامه واشترى درّاجا واجتاز على باب أمير وغلمانه يلعبون فخطف أحدهم الدراج فأتى الغلام الحَيص بَيص وأخبره الخبر فقال له: ائتني بدواة وقرطاس فأتاه بهما فكتب إلى ذلك الأمير: لو كان مبتز دراجة فتخاء كاسر وقف بها السغب بين التدويم والتمطّر فهي تعقي وتسف وكان بحيث تنقب أخفاف الإبل لوجب الإغذاذ إلى نصرته فكيف وهو ببحبوحة كرمك والسلام. ثم قال لغلامه: امضِ بها وأحسن السفارة بإيصالها للأمير فمضى بها ودفعها للحاجب فدعا الأمير بكاتبه وناوله الرقعة فقرأها ثم فكر ليعبر له عن المعنى فقال له الأمير: ما هو؟ فقال: مضمون الكلام أن غلاما من غلمان الأمير أخذ دراجا من غلامه. فقال: اشترِ له قفصا مملوءا دراجا واحمله إليه، ففعل.

 وكتب إلى أمين الدولة ابن التلميذ يطلب منه شِياف أبّار: أزكنك أيها الطَبُّ اللَّبُ الآسي النطاسي النفيس النقريس أرجنت عندك أم  خنور وسكعت عنك أم هوبر أني مستأخذ أشعر في حنادري رطبا ليس كلب شبوة ولا كنخز المنصحة ولا كنكز الحضب بل كسفع الزخيخ فأنا من التباشير إلى الغباشير لا أعرف ابن سمير من ابن جمير ولا أحس صفوان من همام بل آونة أرجحن شاصبا وفينة أحنبطي مقلوليا وتارة أعرنزم وطورا أسلنقي كل ذلك أخ وأخ وتهم قرونتي أن أرفع عقيرتي بعاط عاط إلى هياط ومياط وهالي أول وأهون وجبار ودبار ومؤنس وعروبة وشيار، ولا أحيص ولا أليص ولا أغرندي ولا أسرندي فبادرني بشياف الأبار النافع لعلتي الناقع لغلتي. فلما قرأ أمين الدولة رقعته نهض لوقته وأخذ حفنة شياف أبار وقال لبعض أصحابه أوصلها إليه عاجلا ولا تتكلف قراءة ورقة ثانية.

 ومن شعره يمدح المقتفي لأمر الله: [الكامل]

 (ماذا أقول إذا الرواة ترنموا ... بفصيح شعري في الإمام العادل)

 (واستحسن الفصحاء شأن قصيدة ... لأجل ممدوح وأفصح قائل)

 (وترنحت أعطافهم فكأنما ... في كل قافية سلافة بابل)

 (ثم انثنوا غب القريض وصنعه ... يتساءلون عن الندى والنائل)

 (هب يا أمير المؤمنين بأنني ... قس الفصاحة ما جواب السائل)

ودخل ابن القطان يوما على الوزير الزينبي وعنده الحيص بيص فقال: قد عملت بيتين هما نسيج وحده وأنشد: [البسيط]

 (زار الخيال بخيلا مثل مرسله ... فما شفاني منه الضم والقبل)

 (ما زارني قط إلا كي يوافيني ... على الرقاد فينفيه ويرتحل)

 فقال الوزير للحيص بيص ما تقول في دعواه هذه؟ فقال: إن أنشدهما ثانية سمع لهما ثالثا فأنشدهما فقال الحيص بيص: [البسيط]

 (وما درى أن نومي حيلة نصبت ... لطيفه حين أعيا اليقظة الحيل)

 وحدث نصر الله بن مجلي قال رأيت في المنام علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت له يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطف ما تم فقال: أما سمعت أبيات ابن الصيفي في هذا؟ فقلت: لا، فقال: اسمعها منه. فلما استيقظت بادرت إلى دار الحيص بيص فخرج إلي فذكرت له الرؤيا فأجهش بالبكاء وحلف بالله أنه ما سمعها منه أحد وأنه نظمها في ليلته هذه ثم أنشدني: [الطويل]

 (ملكنا فكان العفو منا سجية ... فلما ملكتم سال بالدم أبطح)

 (وحللتم قتل الأسارى وطالما ... غدونا عن الأسرى نعف ونصفح)

 (فحسبكم هذا التفاوت بيننا ... وكل إناء بالذي فيه ينضح )

ومن شعره أيضا: [البسيط]

 (العين تبدي الذي في قلب صاحبها ... من الشناءة أو حب إذا كانا)

 (إن البغيض له عين تكشفه ... لا تستطيع لما في القلب كتمانا)

 (فالعين تنطق والأفواه صامتة ... حتى ترى من ضمير القلب تبيانا) 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.