تغير العلاقة القانونية والسياسية بين السلطة والفرد في حالة ثبات السلطة بعد الانتخابات |
2085
01:00 صباحاً
التاريخ: 28-12-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
2235
التاريخ: 29-3-2017
2710
التاريخ: 22-10-2015
2838
التاريخ: 29-3-2017
2799
|
تعالج هذه الحالة تغير وتبدل العلاقة بين السلطة القديمة والجديدة والفرد، نتيجة تطورات على مختلف الأصعدة، تحدثنا عن السلطة السياسية كأحد أركان الدولة يعرفنا أن من أبرز خصائصها أنها سلطة عليا تسمو على كافة السلطات في الدولة، وقد يواكب علويتها مركزيتها أيضا، لكي تبسط سلطتها على كافة نواحي إقليم الدولة ، وبالتالي فهي سلطة قاهرة، تمتلك من القوى المادية والضبطية ما يضمن لها تنفيذ أوامرها، ويساعدها على ضبط النظام والاستقرار في المجتمع، وهي ظاهرة قانونية؛ لأنها تتمتع بالشخصية القانونية (اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات) كل هذه العناصر تبرر أن تكون الدولة قادرة على تغيير علاقتها بالشعب في حالة انتخابها مجددا (1)، ويتبع ذلك عنصران هامان أيضا، هما: عنصر قبول الأفراد للسلطة ذاتها، وخضوعهم لها بثبات الظروف وتغيرها؛ لاعتقادهم أنها هي وحدها القادرة على تحقيق الخير للجميع، مقترنا باستخدام المهارة الشخصية وقوة التأثير الدعائي من أجل الاحتفاظ بالسلطة، والتأقلم مع كل المتغيرات بما معناه تجسد السلطة في رجل يركز في شخصه، ليس فقط جميع أدوات القيادة، ولكن كل تبرير للحكم بحيث تتجسد كل السلطة فيه وتزول معه (2) .
وهكذا تعد الانتخابات الوسيلة المثلى لتحقيق التطابق المفترض بين إرادة الحكام والمحكومين، وهي بذلك تمثل صيغة توفيقية بين خضوع الشعب لنوابه ومبدأ لكل المتغيرات السياسية التي تحدث في المجتمع، رغم ثبات السلطة وديمومتها واستمرارها، وتكون النافذة الشرعية الوحيدة المحاسبة المسئولين الحكوميين عن طريق مجلس الشعب، في حال تغير العلاقة بين السلطة كحكومة تنفيذية، والأفراد الذين انتخبوا هذه السلطة (3) .
هذا يقترن بضرورة اعتراف الدولة بالدور الرقابي للرأي العام في رسم سياسة البلد العامة؛ لأنه عامل ذو حدين: إيجابي وسلبي مؤثر الحياة السياسية، بشرط أن يكون دور الرقابة صادرة بشكل صحيح، موافقا للقانون دون تجاوز، في ظل حكومة مستقرة ونظام سياسي ثابت (4).
كل ذلك يعني بالمحصلة أن تغير العلاقة بين السلطة والفرد يحمل الدولة بكافة مرافقها وأجهزتها وبنيانها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المسؤولية في هذا المجال وعلى كل الأصعدة أيضا.
وان كانت الديمقراطية قد بدأت بفكرة فلسفية، وهي مبدأ سيادة الأمة، أي: أن الأمة هي شخص معنوي له إرادة واحدة ، أبرمت عقدا تنازلت فيه عن إرادتها للمجموع، فإن السيادة مهما كان مصدرها لا يمكن مباشرتها بطريقة سليمة، إلا إذا أطاعها الأفراد وخضعوا لأوامرها خضوعا رضائيا، أو يكون نتيجة القوة والإكراه في فترات وظروف استثنائية، تجعل التيار السياسي - القانوني السائر بين الشعب والسلطة مستحيل في امتداده وديمومته؛ نظرا لأن التبدل العام والخاص يفرض نفسه على خريطة الوطن (5).
ومبدأ سيادة الأمة لا يعني أبدا أن تعيش الدولة والمجتمع دون سلطة، أو بشكل أدق دون حاكم، متذرعا بتحول العلاقة بين السلطة والفرد، ومحاولة قلب موازين الحكم والسلطة وفقا لهذا المبدأ لا يبرر ديمومة الحياة دون وجود حاكم قوي ومقتدر؛ لأنه فكرة خيالية لا يوحي بها أي شيء ملموس في المجتمع، بل بالعكس فإن كل شيء يوحي بوجود أوامر ونواه، طاعة مقترنة بخير، وعصيان مرتبط بشر، تصدرها سلطة واحدة منفردة ، وهي الحكومة تنفيذا، والبرلمان تشريعا، والمحاكم تطبيقا (6) .
معنى ذلك أن هذه السلطة سيدة، أي: سلطة عليا لا تخضع لأحد، نعم هي وصلت للحكم عن طريق رأي الشعب، ولكن بعد انتخابها آمرة تفرض إرادتها على الكل، قاهرة أصلية، تنبع من ذات الدولة وأحد مكوناتها، ولا تستمد سلطتها من أحد دائمة، تمتد إلى ما وراء الحكام، لا تتجزأ ، وإن تعددت الهيئات الحاكمة، وبالتالي فهي تتغير كشخص، ولكن تبقي ككيان سياسي دائم، وإن تغير علاقتها السياسية - القانونية وأرد في كل حين وان (7).
" والمجتمع أيضا عرضة لتغيير علاقته مع سلطته التي منحها ثقته وطمأنينته؛ لأن المجتمعات تمر الآن - وبصورة مستمرة بحالة وظرف تغير مستمر، بطيء أو سريع، هذا التبدل والتحول ليس المهم درجة تغييره؛ وإنما الأهم هو مبدأ التغيير وقيمته ونوعه، ولا نعني هنا أن هذا التبدل لابد أن يكون فوضوي، وإنما لابد أن يكون جوهريا في العلاقة بين السلطة والفرد؛ نظرا لأنهما يمثلان اثنين من أضلاع الدولة في كيانها، من أجل حاضر زاهر، ومستقبل مشرق لا حاضر فوضوي ومستقبل متخبط، مرتبط هذا التحول بضرورة تبدل وتنوع حتمية مواكبة للتطور العالمي، وفق طبيعة المجتمع وكيانه ومبادئه السامية الدينية - الدنيوية، وذلك كله نتيجة للثورات والطفرات، التي تحصل في بلاد العالم الثالث أو العالم المتقدم الأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية معينة، مقترنة بهزات عنيفة على كافة المحاور، هذه الظروف تجعل حكام اليوم في موقف لا يحسدون عليه؛ بسبب هذا الصراع السلطوي الفردي (المجتمعي)، وفقا لعوامل تغيير معروفة بواعثها ومسبباتها، تنعكس بشكل إيجابي أو سلبي على الفرد والمجتمع والدولة، هذا التبدل والانتقال العشوائي من حالة الأخرى مرتبط بالتنكر للمبادئ والشعارات والقيم كافة، ومرتبط في بعض الأحيان بمصالح فردية ضيقة أو مجتمعية واسعة.
هذا التغير لابد أن يكون له حاكم ورادع إذا حاد عن جادة الصواب؛ لأنه إذا فلت عياره يمكن أن يؤدي إلى قيادة المجتمع بنفسه للتغيير بطريقة قد تحافظ على كيانه أو لا تحافظ، وهذا أسوأ ما تتعرض له المجتمعات المعاصرة بسبب الانقلاب والفوضى، والتسيب - أيا كانت طبيعته - خلاق أو مدمر، والفوضى في النهاية هي الفوضى، التي ترتب عجز النظام السياسي والإداري على قمته عن إحداث التواؤم والحفاظ على بقائه وحياته؛ وذلك سببه أن التغيير له مؤيدون ومعارضون ومقاومون في المجتمع الواحد، وفي الجزء المعين من المجتمع الواحد، وهذا ما يهدد الوضع المستقر بالانهيار، والثبات بالتبدل الفجائي . (8).
من العناصر المعززة والمساعدة لتغير العلاقة بين السلطة والأفراد : أخذ الدولة بمبدأ الفصل بين السلطات؛ لأنه عامل لازم وضروري لتنظيم السلطات العامة في الدولة القانونية الحرة، والمحافظة على الحقوق والحريات العامة وصيانتها من الأفتئات عليها، ومنع تركيز السلطة في يد هيئة واحدة دون غيرها ؛ وذلك لأن البرلمان دوره هنا مراقبة أعمال الحكومة ومحاسبتها في حالة تعرضها وانتهاكها لحقوق الشعب وحرياته، وايضا تبرير تطور وتغير العلاقة بين ممثله (الشعب) وبين الحكومة (المنفذ)، وفقا التطور حقوق الفرد وحرياته ورغبة في التطور المكاني - الزماني و كل حين (9) ؛ ذلك لأن تغير طريقة الحكم من قبل السلطة التنفيذية يستتبعه بالتالي تغير عكسي من قبل الأفراد ممثلين بالبرلمان؛ وذلك حفاظا على حقوق المواطن وحرياته من جهة، وكبحا لجماح السلطة التنفيذية من جهة أخرى .
مما دعا العديد من الفقهاء إلى القول بأن البرلمان في ظل الأنظمة الديمقراطية يعد السلطة الأولى في الدولة، وأداة الشعب في تحقيق الديمقراطية، كما أنه يعد عامل وأد الحقوق وحريات المواطن وتكريسا للسلطة التنفيذية؛ نتيجة للانتخابات المزورة، بما يحقق هدف السلطة العامة القائمة في الاستئثار بالسيادة رغما عن الشعب (10). التغير هذا مرتبط - بطبيعة الحال - بأن سلطة الدولة - في حقيقة أمرها - سلاح ذو حدين: فهي تستعمل أداة لفرض مشيئة القانون، ولكنها في ذات الوقت قد تكون أداة للعدوان على حقوق الأفراد وحرياتهم، كذلك فإن استتباب الأمن والنظام في المجتمع لا يمكن أن يتحقق دون تحديد لحقوق وحريات الأفراد؛ لأن ترك الأفراد يفعلون ما يشاءون يعني انهيار الدولة، كما أن الحرية لا تعد غاية فحسب، بحيث تستباح باسمها كل وسيلة، كما أنها ليست مجرد وسيلة لتحقيق غايات أخرى بعيدة وإنما هي غاية ووسيلة في آن واحد - مرتبطة بعصا القانون - بيد أن الاعتراف بالحرية كناية ووسيلة في وقت واحد لا يعني أنها حرية مطلقة؛ وإنما ينبغي تنظيمها؛ حتى تصبح ممارسة الحرية ذاتها ممكنة وعملية ، وإن هذا التنظيم لن يخل بالحرية؛ وإنما يقدم لها إمكانية الوجود الواقعي، ومن دونه يصبح الأمر أقرب إلى الفوضى .
هذا التنظيم أو التقييد للحريات العامة يشترط فيه ألا يكون إلا بموجب قانون صادر عن سلطة تشريعية منتخبة؛ إذ لا يجوز لسلطة أخرى فرض أي قيود على ممارسة الأفراد لحرياتهم، مالم تكن مفوضة في ذلك، كما يشترط ألا يصل إلى حد المصادرة الكلية لحقوق الأفراد وحرياتهم؛ لأنه ينبغي أن يكون ضمن الحدود المعقولة، وأن يكون تقريره من أجل المصلحة العامة، واستنادا إلى أسباب ومبررات قوية تستدعيه(11).
فالحكام إذن يمارسون سلطاتهم الخاصة، لكنهم يمارسونها باسم الشعب ولمصلحته، وهم مختارون من قبل الشعب للقيام بمهام القيادة وفقا لاختيار يولد الاعتقاد بأن ممارسة صلاحيات القادة تتماشى مع إرادة الشعب، وبالتالي فهي شرعية، هذه الشرعية لا تعطي السلطة للحكام المنتخبين، بل تسبغ قانونية سلطتهم ومشروعيتها فقط، ولكنها تبرر تغير المعاملة والعلاقة بين السلطة والفرد كاثر طبيعي في العلاقات الإنسانية القائمة على عقد أو اتفاق (12) .
وبذلك فإن السلطة السياسية هي القدرة على السيطرة التي يمارسها الحاكم أو مجموع الحكام على المحكومين، عن طريق إصدار القواعد القانونية الملزمة للأفراد، وإمكانية فرض هذه القواعد عليهم؛ وذلك لأنها كيان سياسي ناشئ عن الوجدان الاجتماعي، ساعية إلى قيادة الجماعة وراء الصالح العام، والقادرة على إرغام المحكومين على الامتثال لتوجيهاتها؛ وذلك لأنها بمجرد حصولها على ثقة وتأييد الشعب مرة أخرى تكون لها قدرة التصرف الحر، الذي تباشره بحكم سموها على الأفراد عن طريق خلق النظام والقانون بصفة مستمرة (13) .
من نافلة القول في المملكة المتحدة، أن الدولة - كحكومة - هي أعلى تنظيم في المجتمع، مقترنا ذلك بقابلية سيطرتها على حياة أفراد هذا المجتمع، ولأجل أغراض السياسة الراهنة يمكنها - علاوة على ما ذكر أعلاه - اختزال الأوامر الاجتماعية والسياسية والقانونية في يديها.
بالطبع أسلوب التعايش المجتمع مؤسسي يعطي بنفسه فائدة لمعيشة الأفراد في ذلك المجتمع، ولكن وفق أسلوب إدارة حكومي يتطلبه الظرف الراهن، وأحد هذه الأساليب هو استخدام القوة عند الضرورة أو طرق الإجبار الأخرى لحل مشاكل المرحلة المعقدة، هنا المبادئ العامة لإدارة المجتمع أنه يجب أن يحكم بواسطة القانون الذي يتغير بتغير الزمان والمكان)، وليس بواسطة الإجراءات التعسفية، وهذا من خلال اعتبار المجتمع الإنجليزي مجتمعا ديمقراطيا متمدنا يفهم القانون ويمارسه على أرض الواقع شعبا وحكومة (14)
ولا ننسى أنه رغم هذا الوعي السياسي فإن المملكة المتحدة لديها على مر القرون عدد كبير من الحالات التي مررت فيها قوانين الطوارئ، وسلطاتها وصلاحياتها في حالاتها المتطلبة، عندما تعجز القوانين واللوائح العادية عن مواجهة الحالات الشاذة وموجات الإرهاب (15) ، ومفهوم الإدارة والسيطرة يأخذ وضعا قانونيا موجبا (ينبع من الدولة وإدارتها)، وهذا مشفوع من الناحية القانونية بقيم وقوانين الطبيعة المعترف بها صراحة من قبل الدولة في تعاملها مع الأفراد، في حالة ثبات السلطة وتغيرها؛ وذلك لأن هذه القوانين راسخة في السيادة (سيادة الدولة)، أي: أن الاعتراف من قبل الدولة بقوانين الحكومة والسلطة مقترن بسيادتها على أفرادها الذين انتخبوها، وكمقياس للدولة وما حصل من حقيقة دامغة للنظام الحكومي أوامر قانونية) مصممة للحفاظ على النظام والقانون (16).
أحد فنون إدارة المجتمع الليبرالي هو ضمان أن التفاهم العام - أو فهم الجمهور - يتطلب موافقة الشعب على التدابير التي تتخذها الدولة، والتي تعتبرها ضرورية للمحافظة على مبادئ الحياة والعيش بسلامة (أي: اتخاذ تدابير ليس من مضمونها القتل أو الإبادة، وإنما مبادئ اتخاذ إجراءات العيش بسلام)، والقاعدة الأساسية لهذا التوافق هي إقامة خطوط عريضة واضحة، تقف فيها الحكومة لتحقيق الاستقرار وإقامة قواعد القانون، في حين يسعى الإرهاب - الداخلي والدولي - لتعطيل القانون، وإشاعة الفوضى، وزرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين، وهذا يتضمن مبادئ وطرق أساسية تعتمدها الدولة، من أهمها: السيطرة على الأسلحة والمتفجرات، وخدمات الاستخبارات، وفحص وتدقيق الهويات الشخصية ووثائق السفر، مشفوعا ذلك كله بقوانين الطوارئ وتشريعاته؛ للوصول الهدف سام هو حماية الدولة والفرد، في ظل تغير الظروف والقيم ومبادئ المواطنة، وطرق الإدارة الحكومية في ظل ثبات السلطة؛ نتيجة لانتخابها مجددا من قبل الشعب (17). ومن أمثلة هذا الاحتجاجات في بريطانيا، التي تقوم بها مجاميع للمطالبة بحقوق معينة والضغط على الحكومة؛ من أجل جعل قضيتهم عامة، والتأثير على الرأي العام، والتي تلعب فيها الشرطة البريطانية الدور الأهم في إيقاف الاعتراضات والاحتجاجات في حالة الخطر العام على الممتلكات والأشخاص؛ لمنع الضرر الجسيم عليها المتحقق إداريا بالطريقة والوقت والحجم
هذا الحق في الاحتجاج لا يجد له مكانة إيجابية في المملكة المتحدة، ولكن في القانون العام لا يوجد تحريم له، أو نعت بعدم الشرعية؛ ولكن في ذات الوقت الأضرار الناجمة عن مزاولته يمكن أن تقابله بشدة الشرطة العامة أو السلطة المحلية، مستهديه بكافة الصلاحيات القانونية، ومنها : سلطات يضمنها القانون العام لها، الذي يزودها بكل صلاحيات التحرك في حالة الإضرابات لمنع الإقلال بالأمن (18).
أما بالنسبة إلى دور البرلمان - كممثل للشعب - في تغيير العلاقة مع السلطة، فهو يمثل متطلبات قواعد دستورية في سلطات الدولة العليا، وفقا لنظرية التمسك بالمبادئ الدستورية، التي تعطي البرلمان قدرة تدقيق ومحاسبة النظام السياسي، وإقامة التوازن المطلوب للحماية المؤثرة لحرية الفرد ، الأمر الذي يتطلبه وجود محاكم مستقلة، ومن جهة أخرى، فإن هذا الفصل بين سلطة التشريع والتنفيذ لضبط النفس والسيطرة على الهيئة العامة للبلد، ليس مصرحا بها للتمديد للنقطة التي تفقد الدولة قدرتها الأداء وظائفها الرئيسة، أي: حفظ الأمن والسلام - الداخلي والخارجي - وأيضا وجوب تحقيق التوازن الجيد بين الفوارق الاجتماعية ، هذه الصلاحية العامة محددة بالضمانات الدستورية لحقوق الأفراد المؤكدة في بريطانيا، التي دونت في المواثيق القانونية، أو التي طورت عن طريق السوابق القضائية، وهذه الحقوق مبنية على اعتبار أنها مهام الدولة الأصلية في الحفاظ على النظام العام، فهنا تغدو الصلاحية العامة مرتبطة بالحفاظ على حقوق الإنسان وصيانتها من الاعتداء عليها من قبل هيئات حكومية معينة، أو حتى من تعسف الأفراد ضد بعضهم البعض (19)
والمبدأ أن حقوق الإنسان يجب أن يكون مدافعا عنها، كأحد الأماكن العامة في حياتنا، ولا أحد في الواقع - يرفض الدفاع عن حقوق الإنسان، وهذا يقودنا إلى اعتبار أن الحقوق كمصطلح ليست من الأهمية بمكان، عندما يتم ذكرها فقط؛ وإنما الأهم هو الإيمان كمعتقدات تطبق على أرض الواقع في لحظتها وساعتها (20).
ولكن المملكة المتحدة ليس لديها مفهوم الحقوق الدستورية في المجال المدني أو السياسي، ونهج هذا البلد أنه يعتبرها حقوقا عادية أقل من الحقوق المعروفة نوعا ومنحي، وعلى ذلك فإن موقف بريطانيا في هذا المجال لا يعزى إلى أي وجه من وجوه الخصوصية (إلى أي رغبة خاصة) في أن تكون هذه المكن والمنافع مختلفة عما هي عليه، وهذا بسبب عوامل التقاليد والتاريخ، التي لا تزال مقاومة للضغوطات السياسية والقانونية في مجال حقوق الفرد ، وهذا المقصود به أن تعامل الحكومة مع الأفراد مرتبط بتقاليد وتاريخ أكثر من عاملي القانون والسياسة (21).
كل هذا ناشئ عن أن بني البشر ليسوا متفاهمين ومتفقين مع بعضهم البعض كحكام وأفراد، في حياتهم وطريقة عيشهم، من حيث من الذي يجب أن تكون له القوة والمنعة، ومن يتحكم في مفاتيح القوة في البلد، ويتولى توزيع مصادر الطاقة، وهذا يفرض تساؤلا معينا: ما طريق العيش، هل هو التعاون أم الصراع؟.
إن الحلول المطروحة هي أيضا ذات صعوبة بمكان؛ لأن الناس أيضا ليسوا متفقين عليها، وهنا تأتي السياسة لتضفي طابعا لحلول منطقية بعيدة عن العنف، ذا أبعاد حوار ومحاورة، ولكن حتى لو افترض أن السياسة هي حوار بين الحاكم والمحكوم، فإنها أيضا صراع في ذات الوقت (22) .
وفي هذا الإطار، فإن السياسة هي حقائق صراع وتعاون مختلط، وممتزج بعضه ببعض، وأيضا وجود الأفكار المتنافسة يتعلق باحتياجات متنافسة ومصالح متضاربة لطلبات مختلفة؛ لأن الناس مختلفون في احترام وتطبيق القواعد والأنظمة، رغم علمهم اليقيني أن هذه القواعد والأنظمة هي من أجل منفعتهم، وسارية عليهم خيرا وشرا، فهنا دور القانون والسياسة هو أن القانون واسطة فائدة كل أفراد المجتمع، والسياسة هي استيلاء على السلطة وحل مشاكل المنافسة، وعدم الاتفاق في داخل المجتمع(23) ، والقانون عبارة عن مجموعة قواعد متعلقة بوجود سلطة عاقلة )بشرية) متسلطة على غيرها من الكائنات الحية العاقلة؛ وذلك بغرض تنظيم تصرفاتها وسلوكها بشكل سياسي عاقل وموزون وقانوني، بمثل قوة تتحكم في تصرفات الإنسان وتنظم حياته وأمور معيشته، أي سلطة عليا تتحكم في حياة أفرادها لها من كافة سلطات الإكراه والجبر القانوني ما تستطيع به التأثير على سلوك الأفراد والجماعات، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى التحكم في حياة ومعيشة أفرادها بصورة مباشرة (24) ، هذه السلطة التنفيذية مرتبطة بسلطة قضائية تكون مطبقة للقانون والأنظمة والتشريعات، مسببة ومفسرة للقوانين، خصوصا المتعلقة منها بالعلاقة بين السلطة والفرد، على أن يكون القضاء مطبقا للقانون وليس لسياسة الدولة (25)
الأهداف الوطنية - حسب نظرة الفقه التركي - يمكن أن تتغير في مجال استيعاب المنافع العامة بصورة متوازية، وفي نطاق قضايا المنافع العامة لا يوجد هناك ترتيب وأولويات، في حين ضمن نطاق الأهداف العامة يمكن أن توجد هناك أسبقية وأولوية، بل ويمكن أن تقسم إلى مجاميع، على أن تكون الأهداف الخارجية في حماية الوطن وترابه، وعدم تقسم البلد، ورفض التسلط الخارجي، ومن ثم الحفاظ على المكتسبات الخارجية، هذه من أجل المنافع العامة، وفقا لسياسة الحكومة الخارجية في المقدمة وأخيرا يأتي دور المنافع والمنجزات الداخلية في مجال حقوق الإنسان وحرياته؛ حيث أن الأولوية الخارجية دائما تسبق الأهداف الداخلية، حتى لو أدى الاهتمام الخارجي إلى التضحية بأهداف الداخل (26) .
______________
1- د. عمر محمد الشافعي، السلطة السياسية وحقوق الإنسان، الطبعة الأولى، مكتبة النصر، 2004 ، ص16-23.
2-د. راغب جبريل، الصراع بين حرية الفرد وسلطة الدولة المكتب الجامعي الحديث 2009 ، ص165-175.
3- د. منصور الواسعي، حقا الانتخاب والترشيح وضماناتهما، دراسة مقارنة، المكتب الجامعي الحديث، القاهرة، 2009-2010 ، ص26-28.
4- د. السيد احمد محمد مرجان، دور القضاء والمجتمع المدني في الاشراف على العملية الانتخابية ، ص42.
5- المستشار محمد فهيم درويش، نظرية الحكم الديمقراطي، دار اخبار اليوم، قطاع الهامة 2000 ، ص 25.
6- د. منذر الشاوي، القانون الدستوري، نظرية الدستور، منشورات مركز البحوث القانونية وزارة العدل، بغداد، 1981، م55.
7- د. طارق عبد الموجود الزمر، اهداف ومجالات السلطة العامة واثرها على الحقوق والحريات، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة 2005 ، ص124.
8- د. محمد ابراهيم درويش الحقوق والحريات العامة في عالم متغير ، المجلة العربية للعلوم السياسية ، الجمعية العربية للعلوم السياسية ، العدد 27 صيف 2010 ، ص133-135.
9- د. السيد أحمد مرجان، مرجع سابق، ص37.
10- د. أيمن احمد الورداني، حق الشعب في استرداد السيادة الطبعة الاولى ، مكتبة مدبولي القاهرة 2008 ، ص304.
11- شيماء علي سالم، ضمانات الحقوق والحريات العامة ووسائل تفعيلها ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق ، جامعة الموصل 2010 ، ص22.
12- د. منذر الشاوي، القانون الدستوري، نظرية الدستور، منشورات مركز البحوث القانونية وزارة العدل، بغداد، 1981 ، ص100 – 101
13- د. راغب جبريل خميس، مرجع سابق، ص168.
14- David Hoffman & John Rowe, op. cit., p. 12-15.
15- David Hoffman & John Rowe, op. cit., p. 273.
16- Allan Rosas, State sovereignty and human rights, Wiley one line library, 2006, p. 64-66.
17- Richard Clutterbuck, The future of political violence, Pal grave Macmillan, 1986, p. 50-55.
18- Greer Hogan, Constitional and Administrative law in a Nutshell, Fifth edition, Sweet & Maxwell, London, 1999, p. 76-78.
19- Dr. Ozan Ergul, op. cit., p. 27-29.
20- Susan Mendus, Politics and Human rights, Blackwell publishers, 1995, p. 10.
21- Dilys M. Hill, Ralph Beddard, Economic, Social and Cultural Rights progress and achievement, Macmillan, 1992, p. 124-125.
22- Andrew Heywood, Politics, Pelgrave foundations, 1. Edition, 2006, p. 1.
23- Münci kapani, Politika Bilimine Giriş, Bilgi Yayinevi, Ankara, 2007, S.1.
25- Güriz Adnan, Hukuk Başlanglcl, Siyasal Kitabevi, 4.Bas1, 2006, S. 45.
26- Andrew Heywood, op. cit., p. 435-436, (3) Suat Eren, a.s.e., S. 26-28.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|