أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-6-2018
3042
التاريخ: 23-12-2021
1759
التاريخ: 2024-07-30
383
التاريخ: 2024-07-30
374
|
هل الانسان مسلّط على نفسه وأعضائه كما هو مسلّط على أمواله؟ كلا ليس مسلّطا على ذلك ، فان السلطنة المذكورة لا دليل عليها ، ويكفي عدم الدليل للحكم بانتفائها.
بل قد يقال بدلالة الدليل على نفي السلطنة المذكورة. فبالنسبة الى النفس دلّ قوله تعالى : {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة: 195] على نفي السلطنة عليها وان الإنسان ليس له سلطنة على نفسه بإلقائها في التهلكة من خلال الانتحار وغيره.
واما بالنسبة إلى الأعضاء ـ كالتبرّع بالكلية أو العين أو اليد أو الرجل ـ فقد يستدل على حرمة ذلك بأحد الوجوه التالية :
أ ـ التمسك بالسيرة العقلائية الجارية على التجنب عن كل ما يوجب الضرر. وحيث انه لم يردع عنها شرعا فتكون ممضاة.
وفيه : ان سيرة العقلاء وان جرت على ما ذكر إلاّ انّها ليست بنحو الالزام بل قد يقدمون عليه إذا كان لداع عقلائي ، كالتبرع بالكلية لمن كان بحاجة ماسة إلى ذلك.
وكيف يقال بلزوم التجنب عمّا يوجب الضرر والحال ان لازم ذلك حرمة الأكل الزائد أو الجماع الكثير أو الخروج من المكان الدافئ إلى البارد وما شاكل ذلك.
ب ـ التمسك بحديث نفي الضرار حيث ورد في الحديث الشريف : «لا ضرر ولا ضرار» [١] ، وحيث ان إرادة النهي عن الاضرار من الفقرة الثانية «ولا ضرار» أمر قريب جدّا فيلزم الحكم بحرمة الاضرار.
وفيه : ان المنصرف إليه النهي المذكور تحريم الاضرار بالآخرين دون الاضرار بالنفس.
ج ـ التمسّك بما دلّ على حرمة الجناية على النفس وظلمها بتقريب ان قطع مثل اليد أو الرجل نحو ظلم لها فيحرم لقوله تعالى : {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 118] .
وفيه : ان صدق عنوان ظلم النفس فرع حرمة مثل قطع اليد في المرحلة السابقة ، والمفروض فقدان ذلك.
والتأمّل في صدق عنوان الظلم أوضح لو فرض ان الداعي للقطع كان عقلائيا كالتبرّع بالكلية للحفاظ على نفس محترمة.
د ـ التمسّك بما دلّ على ان علّة تحريم الخمر اضرارها ـ كما قال تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] ـ فانّه بعد ضمّ ما دل على «ان الله حرّم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام» [2] الى ذلك يثبت ان كل ما كان مضرّا فلا فرق بين كثيره وقليله في التحريم.
وفيه : ان هذا حكم خاص بالخمر ولا يمكن التعدّي منه إلى غيره لاحتمال وجود خصوصية فيه.
ذ ـ التمسك ببعض الروايات الدالة على ان علّة تحريم بعض المحرمات اضرارها ببدن الإنسان ، من قبيل رواية المفضل بن عمر : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : لم حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ قال : ان الله تبارك وتعالى ... علم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم ...» [3] بتقريب ان علّة تحريم المحرّمات إذا كان هو الاضرار بالنفس فيلزم حرمة كل ما يوجب الضرر كقطع اليد أو الرجل وإلاّ لما صلح ان يكون علّة لتحريم المحرّمات.
وفيه : ان الحديث وان دلّ على حرمة الاضرار بالنفس ولكن لم يبين ان الضرر بأي درجة يكون محرّما ، وليس له اطلاق من هذه الناحية ليتمسك به ، ولعل المحرم حصّة خاصّة من الضرر.
بل ان بعض الأحاديث يستفاد منها عدم حرمة الاضرار بالنفس كالأحاديث التي ترشد الى رجحان عدم تناول بعض الأطعمة لكونها مضرّة.
ومن خلال هذا كلّه يتضح عدم تمامية دليل على حرمة مطلق الاضرار بالنفس ليثبت من خلاله حرمة قطع الانسان بعض أعضائه.
والمناسب ان يقال : ان الاضرار بالنفس إذا كان بحدّ يعلم بمبغوضية الشارع له ـ كقطع الانسان يديه ورجليه مثلا ـ فهو محرّم ، وإذا لم يكن بالحدّ المذكور ـ كإخراج الدم من بعض الأعضاء أو التسبيب الى طرو الحمى ـ فيكون جائزا لا من باب التمسك بقاعدة السلطنة بل لأصل البراءة عن حرمة مثل ذلك.
اذن الاضرار بالنفس إذا لم يكن بالدرجة التي يعلم بمبغوضيتها شرعا فارتكابه جائز لا من باب سلطنة الانسان على نفسه وأعضائه ، فان السلطنة المذكورة لم تثبت ، بل لأننا ما دمنا نشك في حرمة مثل ذلك فمقتضى أصل البراءة الجواز.
____________
[١] راجع الحديث في الجزء الأول عند البحث عن قاعدة لا ضرر.
[2] وسائل الشيعة باب ١٥ من أبواب الأشربة المحرّمة حديث ٤.
[3] وسائل الشيعة باب ١ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|