أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-04-2015
4738
التاريخ: 16-10-2014
1636
التاريخ: 16-10-2014
5354
التاريخ: 8-4-2016
2806
|
لم يزل القرآن الكريم بحسب حكمة الوحي والتشريع والمصالح والمقتضيات المتجددة آنا فآنا يتدرج في نزوله نجوما «1» الآية والآيتان والأكثر والسورة. وكلما نزل شيء هفت اليه قلوب المسلمين وانشرحت له صدورهم وهبوا الى حفظه بأحسن الرغبة والشوق وأكمل الإقبال وأشد الارتياح. فتلقونه بالابتهاج وتلقوه بالاغتنام من تلاوة الرسول العظيم الصادع بأمر اللّه والمسارع إلى التبليغ والدعوة إلى اللّه وقرآنه. وتناوله حفظهم بما امتازت به العرب وعرفوا به من قوة الحافظة الفطرية وأثبتوه في قلوبهم كالنقش في الحجر. وكان شعار الإسلام وسمة المسلم حينئذ هو التجمل والتكمل بحفظ ما ينزل من القرآن الكريم. لكي يتبصر بحججه ويتنور بمعارفه وشرائعه وأخلاقه الفاضلة وتاريخه المجيد وحكمته الباهرة وأدبه العربي الفائق المعجز. فاتخذ المسلمون تلاوته لهم حجة الدعوة. ومعجز البلاغة. ولسان العبادة للّه. ولهجة ذكره. وترجمان مناجاته. وأنيس الخلوة. وترويح النفس. ودرسا للكمال. وتمرينا في التهذيب. وسلما للترقي. وتدربا في التمدّن. وآية الموعظة. وشعار الإسلام. ووسام الإيمان والتقدّم في الفضيلة. واستمرّ المسلمون على ذلك حتى صاروا في زمان الرّسول يعدون بالألوف وعشراتها ومئاتها. وكلهم من حملة القرآن وحفاظه «2» وإن تفاوتوا في ذلك بحسب السابقة والفضيلة .. هذا ولما كان وحيه لا ينقطع في حياة رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) لم يكن كله مجموعا في مصحف واحد وإن كان ما أوحي منه مجموعا في قلوب المسلمين وكتاباتهم له .. ولما اختار اللّه لرسوله دار الكرامة وانقطع الوحي بذلك فلا يرجى للقرآن نزول تتمة رأى المسلمون ان يسجلوه في مصحف جامع فجمعوا مادته على حين اشراف الألوف من حفاظه ورقابة مكتوباته الموجودة عند الرسول وكتاب الوحي وسائر المسلمين جملة وابعاضا وسورا «3» نعم لم يترتب على ترتيب نزوله ولم يقدم منسوخه على ناسخه «4» فاستمرّ القرآن الكريم على هذا الاحتفال العظيم بين المسلمين جيلا بعد جيل ترى له في كل آن الوفا مؤلفة من المصاحف والوفا من الحفاظ ولا تزال المصاحف ينسخ بعضها على بعض والمسلمون يقرأ بعضهم على بعض ويسمع بعضهم من بعض. تكون ألوف المصاحف رقيبة على الحفاظ، وألوف الحفاظ رقباء على المصاحف وتكون الألوف من كلا القسمين رقيبة على المتجدد منهما، نقول الألوف ولكنها مئات الألوف وألوف الألوف. فلم يتفق لأمر تاريخي من التواتر وبداهة البقاء مثل ما اتفق للقرآن الكريم كما وعد اللّه جلت آلاؤه بقوله في سورة الحجر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر : 9] وقوله في سورة القيامة { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [القيامة : 17] ولئن سمعت في الروايات الشاذة شيئا في تحريف القرآن وضياع بعضه فلا تقم لتلك الروايات وزنا. وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن. وما الصقته بكرامة القرآن مما ليس له شبه به .
______________________________
(1) ولا بد من أن تكون كتب
الوحي والدعوة والتشريع جارية في كمالها على منهاج هذه الحكمة.
ومما
يشير إلى ذلك ان التوراة الرائجة تذكر ان نزول التوراة على موسى عليه السلام كان من
زمان تكليمه من الشجرة متدرجا بحسب الأزمان والحوادث والتاريخ والحكم في التشريع
إلى حين وفاته بعد التيه عند عبر الأردن ومتراخيا في اكثر من أربعين سنة. فانظر في
شرح هذا المجمل إلى المقدمة الثانية من الجزء الأول من كتاب الهدى صحيفة 9 إلى 12.
(2)
اخرج ابن سعد وابن عساكر عن محمد بن كعب القرضي قال جمع القرآن اي حفظا في زمان
النبي (صلى الله عليه واله وسلم) خمسة من الأنصار معاذ بن جبل وعبادة بن الصمت وأبي
بن كعب وابو أيوب الانصاري وابو الدرداء.
واخرج
ابن سعد ويعقوب بن سفيان والطبراني وابن عساكر عن الشعبي قال جمع القرآن على عهد
رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ستة من الأنصار أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ
بن جبل وابو الدرداء وسعد بن عبيد وابو زيد وكان مجمع ابن جارية قد أخذه كله إلا
سورتين أو ثلاثة. واخرج ابن عساكر عن محمد بن كعب القرضي قال كان ممن ختم القرآن ورسول
اللّه حي عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد اللّه بن مسعود. واخرج عن انس قرأ القرآن على عهد رسول
اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) معاذ وأبي وسعد وابو زيد. واخرج الحاكم في الصحيح
على شرط البخاري ومسلم عن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول اللّه (صلى الله عليه واله
وسلم) نؤلف القرآن من الرقاع. وفي رواية حول رسول اللّه نؤلف القرآن «فانظر إلى
كنز العمال ومنتخبه اقلا» ولم اذكر هذه الروايات احتجاجا بها للحقيقة المعلومة ولكن
لتجبه بالمعارضة بعض الروايات الشاذة الواردة في خلاف ما ذكرناه من حفظ المسلمين
في عصر النبي وبعده للقرآن الكريم.
(3)
ومما يشهد لما ذكرناه ما عن أبي عبيد في فضائله وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه مسندا عن عمر بن عامر الانصاري
ان عمر بن الخطاب قرأ «وَالسَّابِقُونَ
الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ والْأَنْصارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسانٍ» فرفع
الأنصار ولم يدخل واو العطف على «الذين» فقال له زيد بن ثابت «وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسانٍ» فقال عمر «الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ»
فقال زيد أمير المؤمنين اعلم فقال عمر ايتوني بابي بن كعب فسأله عن ذلك فقال «وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ»
فجعل كل واحد منهما يشير إلى انف صاحبه بإصبعه فقال أبي واللّه اقرأنيها رسول
اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) وأنت تتبع الخبط فقال عمر فنعم إذن فنعم إذن. واخرج
ابو عبيد في فضائله وسنيد وابن جرير وابو الشيخ عن محمد بن كعب القرضي. واخرج ابو الشيخ في تفسيره والحاكم في
المستدرك مصححا على شرط البخاري ومسلم عن اسامة ومحمد بن ابراهيم التيمي انه جرى
بين عمر وأبي بن كعب في هذه الآية نحو ذلك فانظر في كنز الأعمال ومنتخبه.
(4)
نعم من المعلوم عند الشيعة ان عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة رسول
اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) لم يرتد برداء إلا للصلاة حتى جمع القرآن على
ترتيب نزوله وتقدم منسوخه على ناسخه. واخرج ابن سعد وابن عبد البر في الاستيعاب عن محمد بن
سيرين قال نبئت ان عليا ابطأ عن بيعة
أبي بكر فقال أ كرهت امارتي فقال آليت بيميني ان لا ارتدي برداء إلا للصلاة حتى
اجمع القرآن قال فزعموا انه
كتبه على تنزيله قال محمد فلو أصبت ذلك الكتاب كان فيه علم قال ابن عوف فسألت
عكرمة عن ذلك الكتاب فلم يعرفه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|