تفسير قوله تعالى : {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ ....} |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-06-2015
![]()
التاريخ: 14-06-2015
![]()
التاريخ: 12-06-2015
![]()
التاريخ: 12-06-2015
![]() |
قال
تعالى : {مَا كَانَ
اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ
الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [آل
عمران : 179]
{ ما
كانَ اللَّهُ } في
الآية بحسب الأقوال وجوه «الاول» في الدر المنثور اخرج ابن أبي حاتم عن ابن
عباس ان
الخطاب في هذه الآية للكفار وذكر احتمال ذلك في التبيان وكذا في مجمع البيان بنحو
تشويش. ولم يذكره في الكشاف وتفسيري الرازي والمنار من اسناده فكأنهم لم يعتنوا
به. ومقتضى تفسير أبي السعود ان مختار المحققين غيره. وعليه يكون المعنى يا ايها
الكافرون ما كان اللّه بحسب لطفه بعباده ان يتركهم بلا إرسال رسول ولا دعوة حق ويذر
المؤمنين على ما أنتم عليه من الكفر بل يقيم الحجة وينير البرهان فيؤمن الطيبون وان
عاند أشقياء الضلال وطواغيت الكفر فيميز بذلك الخبيث بضلاله من الطيب الذي يختار
هدى الإيمان وربما يستشهد لهذا الاحتمال بقوله تعالى في الآية الثانية في طرد
الخطاب {فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ وإِنْ
تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} ولكن
لا شهادة في ذلك إذ قد جرى أمثاله في خطاب المؤمنين كما في سورة النساء { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..إِنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء
: 59] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء : 136] ومحمد (صلى الله عليه واله وسلم) بعد خطاب
الذين آمنوا في الآية الثانية وثلاثين {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ
أُجُورَكُمْ} [محمد : 36] والأنفال في خطاب المؤمنين بخمس الغنائم {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا
أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [الأنفال : 41] وغير ذلك. مضافا إلى ان الظاهر في خطاب
القرآن كونه خطابا للمؤمنين وحمله على غيرهم يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة فضلا عن
كون السياق في الآيات المتقدمة لخطاب المؤمنين «الوجه الثاني» ان يكون الخطاب للمؤمنين والمراد بالخبيث
هم المنافقون كما حكاه في التبيان والمجمع وقال به في الكشاف وبعض كتب التفسير «وعليه» فإن أريد من
المنافق هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر من حينه لم يوافق ذلك اصطلاح القرآن
الكريم فإنه يجعل المنافقين قسما مقابلا للمؤمنين لا قسما منهم كما في قوله تعالى
في هذه السورة {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل
عمران : 166، 167] وسورة العنكبوت {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت : 11] والأحزاب {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ } [الأحزاب
: 73] والحديد {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ
وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحديد
: 13].
«الثالث» وهو الأظهر الأقرب ان يراد بالخبيث هو من
تشرف حينئذ بالإيمان ثم يتمرد بكبائر المعاصي والعظائم لأنه كان سلس القياد للهوى والشيطان
فيسرع إلى موبقات الآثام والارتداد والانقلاب على الأعقاب والبغي والفساد في الأرض
والمروق من الدين فينشأ خبثه عن الامتحان فيكون معنى الآية. ما كان اللّه وليس من
شأنه الكريم وحكمته ولطفه {لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} مطلقا
وهم المتشرفون بصفة الإيمان {عَلى ما أَنْتُمْ } ايها
الموجودون حين الخطاب من المؤمنين {عَلَيْهِ} من اشتباه الحال في الظاهر {حَتَّى} تصدر
أوامره ونواهيه بلطفه وحكمته بالشريعة وأساسياتها في سعادة البشر وإكمال الدين وإتمام
النعمة والنظام الصالح ويجري مقاديره بحسب الحكمة فيما يكون عاقبته الابتلاء والامتحان
فتسرع النفوس الأمارة التي لم تروض الى اختيارها خبث التمرد والجماح في الغي. ومن
آثار ذلك ان {يَمِيزَ الْخَبِيثَ} باسراعه
في اختياره لما أشرنا اليه من موبقات الآثام : يميز بفتح الياء وكسر الميم وسكون
الياء مضارع ماز بمعنى فرق وبين {مِنَ الطَّيِّبِ} الدائب على طاعة اللّه واتباع الحق ومخالفة
الهوى. ويؤيد هذا الوجه ما في تفسير البرهان عن العياشي عن عجلان بن صالح عن الصادق (عليه السلام) {وما كانَ اللَّهُ} ولا
يليق بحكمته ولطفه وجلال شأنه {لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} في شؤون الشريعة وما أشرنا اليه من
أساسياتها وموارد الامتحان لأن ذلك مقام كبير لستم أهلا له بل يخل ذلك بجامعتكم وشؤون
الإسلام وان الاعلام بهذا الغيب إنما يليق بحسب الحكمة بمقام الرسول واللّه أعلم
حيث يجعل رسالته ممن هو أهل بكماله الاختياري لها {ولكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ
يَشاءُ} بحسب اهلية الرسول واقتضاء المصلحة وحكمته
جلت آلاؤه لا بالجبر على اجتباء من لم يكن أهلا ولا تقتضي الحكمة اجتباءه. قال في
التبيان و«من» هنا لتبيين الصفة لا للتبعيض لأن الأنبياء كلهم مجتبون انتهى يريد
بذلك انها لتبيين جهة الاجتباء بتبيين جنس المجتبى كما في قوله تعالى {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} [فاطر
: 2]. {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة
: 106] وكما في قولك عندي عشرون من الدراهم إذا
قصدت بالدراهم جنسها المعروض للجمع والعدد دون ما إذا قصدت بها دراهم معينة هي
اكثر من عشرين كما أوضحه الشيخ الرضي في شرح الكافية. ولم أجد عاجلا من صرّح
بالتبيين هنا في غير التبيان وإن لاح من كلام بعضهم.
وان كانت «من» للتبعيض يكون
الاجتباء إنما هو بما يفضل به بعض الرسل على بعض لا بأصل الرسالة ويكون المعنى واللّه
يجتبي من بين رسله من يشاء منهم ويفضله بمقام ممتاز من علم الغيب والكرامة ولكن
هذا المعنى لا يناسب السياق ولا التفريع بقوله تعالى {فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ} فيما
جاؤا به عند اللّه لأن اللّه اجتباهم لذلك.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|