تفسير قوله تعالى : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ ... } |
1742
12:13 صباحاً
التاريخ: 14-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-06-2015
2634
التاريخ: 14-06-2015
1922
التاريخ: 14-06-2015
1626
التاريخ: 14-06-2015
1941
|
قال تعالى : {الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ
الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ
مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ
وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة
: 275] .
{الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ الرِّبا} اصل الربا الزيادة واشتهر
استعماله في خصوص الزيادة التي تؤخذ في معاوضة بعض النوع بمثله من المكيل والموزون
سواء كان ذلك في معاملة او قرض. وحرمته في الجملة معلومة من الكتاب والسنة واجماع
المسلمين بل لا يبعد كونها من ضروريات الشريعة وان خفي بعض مصاديقه عن بعض الناس
كما في بعض المعاملات الربوية. والمراد من الربا اخذه وانتزاعه من مالكه كما في
قوله تعالى في السورة {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا
فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ} [البقرة
: 188] وفي سورة النساء {لَا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً
عَنْ تَرَاضٍ} [النساء : 29] {لا
يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ} الخبط
هو الضرب على غير استواء وضرب الشجر ليتناثر منه الورق. وخبطت الشجر أسقطت منه
الورق. واسم الورق المتساقط من الشجر خبط بفتح الخاء والباء. والظاهر ان تخبطه مثل
تزوجها وتبناه اتخذه خبطا اي جعله كالخبط في تتابع سقوطه بسبب مسه له .
في مجمع البيان من رواية الجمهور وفي
تفسير القمي من رواياتنا ان رسول اللّه اري حال هؤلاء ليلة أسري به الى السماء.
وفي روايات الدر المنثور عن
رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) وابن عباس وابن مسعود وانس
وابن سلام لا يقوم يوم القيامة الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان.
وبذلك فسره مجمع البيان وهو ظاهر
المقام وفي التبيان كأنه نسبه الى القيل {ذلِكَ} اي
حالهم في القيام المذكور {بِأَنَّهُمْ} اي
عقوبة بسبب انهم {قالُوا} في باطل قياسهم وغلط اعتراضهم على الشريعة
وحكمتها {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} في
انه يكون في تعاطيه ربح وتكون المالية في احد العوضين اكثر منها في الآخر مع ان
البيع متداول بين الناس وقد غلطوا في قياسهم فإن اللّه جل شأنه قد اجرى احكام
شريعته على الحكم وكثيرا ما يظهر وجهها {وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ} لقيامه بنظام الاجتماع ومصلحة المدنية في تبادل
المنفعة بأعيان الأموال ووجوه الحاجة الى خصوصياتها مع ابتنائه على العدل في تساوي
العوضين في المالية بحسب الاعتبار عند المبايعة وانما تحصل الزيادة اتفاقا بحسب
اختلاف الرغبة او الزمان او المكان {وَحَرَّمَ
الرِّبا} لابتنائه من أول الأمر على الزيادة في العين
وماليتها وعلى الإجحاف والإخلال بحسن الاجتماع بالمعروف لما أشرنا اليه من المفاسد
وسد باب الإحسان والمعاونة {فَمَنْ
جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}
الموعظة التذكير والتخويف من عقاب اللّه على معصيته ومخالفة نهيه عن الربا سواء
كان ذلك بالتخويف الذي ذكره اللّه وخوفهم به من آي القرآن كما في التبيان او
بالتخويف الذي ينتهي الى وحي اللّه مما يخوف به الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)
ثم الأئمة (عليه السلام) ثم الوعاظ نحو ما روي في الكافي والفقيه والتهذيب في
الصحيح عن أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) درهم ربا عند اللّه يعدل سبعين زنية
كلها بذات محرم.
وفي حديث آخر في بيت اللّه الحرام.
وفيه ايضا مثل ان ينكح الرجل امه في
بيت اللّه الحرام.
ومثل ما ورد من لعن النبي (صلى الله
عليه واله وسلم) لآكل الربا وفي روايات الدر المنثور وغيره نحو من ذلك {فَانْتَهى} عن
الربا بسبب الموعظة وتاب {فَلَهُ ما
سَلَفَ} الظاهر منه الفعل السالف وهو أخذ الربا وتعاطي
معاملته اي ان اللّه يتوب عليه ويغفره له واما ارادة انه يحل له ما اخذه فيما سلف
إذا تاب فتحتاج الى تصرف في اللفظ وقرينة دالة على ذلك وفي التبيان قال ابو جعفر
«يعني الباقر (عليه السلام)» من أدرك الإسلام وتاب مما عمله في الجاهلية وضع اللّه
عنه ما سلف ونحوه في مجمع البيان.
والرواية مع إرسالها لا يعلم كونها
تفسيرا لهذه الآية ولو كان موردها الربا وعرف منها ان الذي وضعه اللّه هو
المال الذي أخذ ربا فيما سلف لكانت من قبيل ان الإسلام يجبّ ما قبله {وَأَمْرُهُ} في
توبة اللّه عليه وتوفيقه للثبات عليها {إِلَى
اللَّهِ} بحسب علمه بصدق توبته وأهليته للتوفيق للدوام
عليها فان المغفرة ليست بلازم طبيعي لمحض اظهار التوبة. هذا من حيث الإثم واما من
حيث المال الزائد الذي هو ربا في الدين او أحد العوضين في المعاملة الربوية
الفاسدة فالأمر موكول الى ما تقتضيه الأحكام الشرعية في اموال الناس وان أخذت في
حال الجهل بحرمة الربا لا كما يظهر من كلامي الصدوق في الهداية والشيخ في النهاية
من ان المأخوذ في حال الجهل بحرمة الربا لا يجب رده هو حلال لآخذه واعتمده في
الدروس ومال اليه بعض متأخري المتأخرين استنادا الى روايات لا دلالة فيها على ذلك
فإن ما روي في الكافي عن أبي المغرا وفي التهذيب عن الحلبي وفي الفقيه ما عدا صدره
مرسلا جميعا عن الصادق (عليه السلام) فانما يدل صدره المروي في الكافي والتهذيب
على قبول التوبة من الربا وان كانت حرمته شديدة مغلظة ولفظ الجهالة في الرواية مثل
ما في القرآن في الوعد بالتوبة لمن يعمل السوء بجهالة كما في سورة النساء 21
والانعام 54 والنحل 120 لا الجهل بالحرمة ثم على حل المال الموروث المختلط بالربا
ويحمل على الذي يطهره الخمس جمعا. واما عجزه الذي انفرد به الكافي والفقيه وعن
التهذيب فبالنظر الى قوله (عليه السلام) فأراد ان ينزعه.
وقوله (عليه السلام) فما مضى فله
ويدعه فيما يستأنف لا يدل الا على انه يغفر له ما مضى من عمله بسبب توبته ونزع
المال الربوي من ماله. واما ما أسنده الكافي والتهذيب عن الحلبي وأرسله الفقيه عن
الصادق (عليه السلام) فيمن أتى الباقر (عليه السلام) فانما يدل صدره على حل
المختلط ويحمل على الذي يطهره الخمس جمعا او على ما يحتمل وجود الحرام فيه وذلك
لقوله (عليه السلام) فإن المال مالك.
واما عجزه من قوله (عليه السلام)
فان رسول اللّه قد وضع الى آخره فلا دلالة فيه على انه تعليل لقوله (عليه
السلام) فكله هنيئا فإن المال مالك.
ولم يجر في السؤال ان مورثه كان
جاهلا حرمة الربا فغاية ما يظهر منه هو ان للجاهل بحرمة الربا إذا عمل به فهو
معذور من حيث الإثم.
فالظاهر ان المراد منه تطييب قلب
السائل بان العامل بالربا معذور إذا كان جاهلا بحرمته فأنت اولى بالاطمئنان من
الإثم. واما ما رواه في التهذيب عن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) فيمن عمل
الربا حتى كثر ماله فهو شامل لصورة معرفته للربا وعلمه بتحريمه ان لم يكن ظاهر
الحال والسؤال ذلك كما ان الظاهر من قول القائلين له ليس يقبل منك شيء الا ان
ترده على أصحابه هو انهم سدوا عليه باب المغفرة وقبول التوبة الا ان يرد الربا على
أصحابه وان جهلهم او تعذر عليه فيكون قول الباقر (عليه السلام) مخرجك من
كتاب اللّه.
فمن جاءه موعظة الآية ردا على تشديد
هؤلاء وان التوبة الصادقة والانتهاء مخرج من اثم الربا الى المغفرة واما مال الربا
فقد يكفي فيه في بعض الموارد رده الى الإمام او نائبه او الى الفقراء فلا ينحصر
قبول التوبة بخصوص رده على أصحابه على كل تقدير وقوله (عليه السلام) والموعظة
التوبة يريد به ان الذي يتعلق به الغرض في قوله تعالى {فَمَنْ
جاءَهُ مَوْعِظَةٌ} الى قوله {فَانْتَهى} ويغفر
به الذنب انما هو التوبة واما المال فله احكامه {وَمَنْ عادَ} الى تعاطي
الربا مستحلا له بعد ما نزل القرآن بتحريمه وبلغه ذلك او الى الاعتراض على الشريعة
بقوله انما البيع مثل الربا او الى كل من ذينك كفرا وارتدادا وأصروا على عودهم هذا
حتى ماتوا كما هو ظاهر الآية {فَأُولئِكَ} أشير
بالجمع باعتبار المعنى في الموصول.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|