تفسير قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ .. } |
2278
12:40 صباحاً
التاريخ: 12-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-12-2015
2209
التاريخ: 12-06-2015
1419
التاريخ: 14-06-2015
1920
التاريخ: 15-8-2022
1866
|
قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً
وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ
مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ
لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة
: 143] .
{وَكَذلِكَ} أي
وكما هديناكم الى صراط مستقيم {جَعَلْناكُمْ
أُمَّةً وَسَطاً} الوسط خيار الشيء لأنه محميّ
عن الفساد.
وفي تفسير القمي وسطا أي عدلا. وهو
المروي في روايات الجمهور كما في الدر المنثور {لِتَكُونُوا
شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} ومن
المعلوم ان الأمة كلها لا تتصف بالخيار والعدل وكونهم شهداء على الناس فإن فيهم
الكثير ممن لا يخفى حاله. فهذه الصفات إنما تكون باعتبار البعض والموجه اليه
الخطاب هو ذلك البعض.
وقد روي في أصول الكافي عن بريد عن
أبي عبد اللّه (عليه السلام) نحن الأمة الوسط ونحن شهداء
اللّه على خلقه. وفي الحسن كالصحيح عن أبي
جعفر (عليه السلام) مثله. وعن الصفار بهذا السند نحوه. وروي نحوه ايضا بسند آخر
صحيح.
وعن الحسكاني في شواهد التنزيل عن
سليم الهلالي عن علي (عليه السلام) نحن الذين قال اللّه {جَعَلْناكُمْ
أُمَّةً وَسَطاً}.
وعن العياشي عن
ابن أبي عمير الزبيري عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في هذه الآية افترى
ان من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب اللّه شهادته يوم
القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم.
{وَما
جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها} ظاهر
قوله تعالى في الآية التي بعد هذه {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ
قِبْلَةً} انها نزلت قبل تحوله (صلى الله عليه واله وسلم)
الى الكعبة وظاهر السوق ان هذه الآية نزلت قبل تلك مع ان ظاهر قوله تعالى فيها {كُنْتَ
عَلَيْها} كنت تتوجه إليها فيما مضى وصرفت عنها.
فتشكل هذه الظواهر. ولأجل ذلك قال
بعضهم أنّ كان تامة بمعنى أنت عليها. وقال في الكشاف ان التي كنت عليها مفعول ثاني
لجعلنا والمقصود من الموصول مكة أي وما جعلنا القبلة مكة وفيه تعقيد ومخالفة
للاعتبار مع ان الاشكال المذكور على حاله ويرتفع من أصله بأن قوله كنت عليها لا
يختص بما بعد الانصراف عنها وانقطاع الكون. بل قيل باعتبار الكون الماضي وتوجهه
(صلى الله عليه واله وسلم) الى بيت المقدس أشهرا عديدة من دون نظر الى الانقطاع
نحو {وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء : 96] أي وما
جعلنا بيت المقدس قبلة لك هذه المدة {إِلَّا
لِنَعْلَمَ} اللام للعاقبة والحصر انما هو
باعتبار العاقبة لا حكمة التشريع {مَنْ
يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ} متعلق
بنعلم لما في العلم بأحد الفريقين من التمييز له عن الفريق الآخر {يَنْقَلِبُ
عَلى عَقِبَيْهِ} ومثل
ذلك في القرآن كثير كما في قوله تعالى{وَلِيَعْلَمَ
الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران : 166] . {وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل عمران : 167]. {لِيَعْلَمَ
اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة
: 94] . {وَلِيَعْلَمَ
اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحديد : 25]. {لِنَعْلَمَ
أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف : 12] . {إِلَّا
لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ} [سبأ
: 21]. {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [محمد
: 31] . والوجه في كل هذه الموارد وأمثالها واحد وهو ان علمه
التابع جل شأنه وان كان أزليا أبديا لكن لمقارنته لوجود المعلوم في الخارج أثر
ووقع في الزجر والتوبيخ او البشرى عند الناس. ولأجل هذا الأثر والوقع جرى مجرى
التعبير بالفعل المستقبل في هذه الموارد باعتبار تلك المقارنة والعلم المقارن وعلى
هذا النهج جرى التعبير في القرآن الكريم بقوله تعالى {يُرِيدُ
اللَّهُ} [البقرة : 185] كما
ورد في اكثر من عشرين موردا وان كانت ارادته ازلية وايضا لو قيل ليقع ذلك لأوهم
الجبر مع انه تفوت فائدة الاعلام بكون اللّه عالما به. ولو قيل ليقع ما هو معلوم
للّه بالعلم الازلي لثارت شبهة الجبر وقالوا اذن ان العبد لا يقدر على الترك إذ
يلزم منه ان ينقلب علم اللّه جهلا ولم يلتفتوا كما لم يلتفتوا الى ان هذا العلم
تابع لا اثر له في قدرة العبد {وإِنْ
كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} ان
هي المخففة وتلزمها اللام التي هي للتأكيد. وظاهر السوق يقتضي ان الضمير في كانت
يرجع الى القبلة التي كان عليها وهي بيت المقدس وهو الظاهر ايضا من معتبرة
التهذيب عن أبي بصير عن أحدهما عليها السلام قال قلت
له امره ان يصلي الى بيت المقدس قال نعم الا ترى ان اللّه تعالى يقول {وَما
جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ} وتلا جميع الآية الى قوله «رَحِيمٌ»
وكبيرة ثقيلة. ومن اللازم ان يكون
استقبال بيت المقدس ثقيلا على قريش والعرب الا الذين هداهم اللّه الى الايمان
برسول اللّه فيعلمون ان ذلك امر من اللّه الحكيم {وَما كانَ
اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ}.
في الكافي عن ابن أبي عمير الزبيري
عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في الآية ان
اللّه سمى الصلاة ايمانا.
وفي الفقيه قال المسلمون صلاتنا الى
بيت المقدس تضيع يا رسول اللّه فانزل ذلك. وذكر انه اخرج حديثه في كتاب النبوة.
وفي رواية العياشي انه لما حولت القبلة قالوا ما حالنا اي في صلاتنا الماضية وما
حال من مضى في صلاتهم الى بيت المقدس فانزل اللّه {وَما كانَ
اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ}. وفي
الدر المنثور عن ابن عباس نحوه
وصححه الحاكم.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|