أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
1836
التاريخ: 28-1-2021
3621
التاريخ: 2023-02-04
1295
التاريخ: 18-1-2023
1216
|
مِن المسلَّم به أنَّ قصّة أصحاب الكهف لم تكن مذكورة في أي مِن الكتب السماوية السابقة (سواء الكتب الأصلية أو المحرّفة الموجودة الآن) ويجب أن لا تذكر ، لأنَّ الحادثة ـ طبقاً للتأريخ العام ـ كانت قد وقعت في القرون التي تلت ظهور المسيح عيسى (عليه السلام).
إِنَّ حادثة أصحاب الكهف وقعت في زمان «دكيوس» (التي تُعرَّب بديقيانوس) حيثُ تعرّض المسيحيون في عصره إِلى تعذيب شديد.
ويقول المؤرخون الأوربيون : إِنَّ هذه الحادثة وقعت في الفترة مِن 49 ـ 251 ميلادي ، وبذلك يَرى هؤلاء المؤرخون أنَّ مدّة نوم أصحاب الكهف لم تستغرق سوى (157) سنة ، ويطلقون عليهم لقب (النائمون السبعة لأفسوس) في حين أنّهم يُعرفون بيننا بأصحابِ الكهف (1).
والآن لنتعرف أين تقع (أفسوس) هذه ؟ وَمَن أوّل عالم كتب كتاباً عن قصّة هؤلاء السبعة النائمين ؟ وفي أي قرن حصلَ ذلك ؟
(أفسوس) أو (أفسس) بضم الألف والسين ، هي واحدة مِن مدن آسيا الصغرى (تركيا الحالية التي هي جزء مِن مملكة الروم الشرقية القديمة) وتقع بالقرب مِن نهر (كاستر) وعلى بعد (40) ميلا تقريباً جنوب شرقي (أزمير) حيثُ كانت عاصمة الملك (الونى).
وقد اشتهرت (أفسوس) بسبب معبدها الوثني المعروف بـ «أرطاميس» الذي يُعتبر أحد عجائب الدنيا السبع (2).
ويقولون : إِنَّ قصة أصحاب الكهف شُرحت لأول مرّة في رسالة باللغة السريانية كتبها عالم مسيحي يسمى (جاك) الذي كان رئيساً للكنيسة السورية ، وذلك في القرن الخامس الميلادي ، ثمّ شخص آخر يسمّى «جوجويوس» بترجمة تلك الرسالة إلى اللاتينية وسمّها بـ «جلال الشهداء» (3). وهذا الامر يُبيِّن أنَّ الحادثة كانت معروفة بين المسيحيين قبل قرن أو قرنين مِن ظهور الإِسلام ، وكانت الكنائس تهتم بها.
بالطبع بعض أحداث هذه القصّة ـ مثل مدّة نوم أصحاب الكهف ـ تختلف عمّا ورد في المصادر الإِسلامية ، فالقرآن يقول ـ وبصراحة ـ بأنَّ نومهم كان (309) سنة.
مِن جانب ثان وطبقاً لما ينقلهُ ياقوت الحموي في معجم البلدان (المجلد الثّاني ص 806) وطبقاً لما ينقلهُ «ابن خردادبه» في كتاب «المسالك والممالك» (صفحة 106 ـ 110) وطبقاً ـ أيضاً ـ لما يقوله ابو ريحان البيروني في الصفحة (290) مِن كتاب «الآثار الباقية» : إِنَّ مجموعة مِن السوّاح القدماء قد وجدوا غاراً في مدينة (آبس) فيه بعض الإجساد المتيبسة ، وقد احتملوا أن هذه الآثار تتعلق بقصّة أصحاب الكهف.
مِن سياق الآيات القرآنية في سورة الكهف ، وأسباب النّزول المذكورة في المصادر الإِسلامية ، نستفيد أنَّ الحادثة كانت أيضاً معروفة بين علماء اليهود ، وأنّها كانت عندهم حادثة تأريخية مشهورة. وبذلك يتّضح ـ بدقة ـ أنَّ قصّة النوم الطويل لأصحاب الكهف وردت في المصادر التأريخية للأقوام المختلفة (4).
وهنا قد يشك البعض في طول المدة التي قضاها أصحاب الكهف في نومهم ، ويعتبر أنَّ ذلك لا ينطق مع المعايير العلمية ، لذلك يضعها في قسم الأساطير والقصص الخرافية (!!) والذرائع التي يستند إليها هؤلاء هي :
أوّلا : إِنَّ هذا العمر الطويل أمرٌ غير مألوف في حياة الأشخاص العاديين المستيقظين ، فكيف يصح تصوره لناس نيام ؟!
ثانياً : إِذا اقتنعنا بهذا العمر الطويل بالنسبة للأشخاص العاديين الذين يُمارسون الحياة بشكل طبيعي ، فإِنَّ ذلك غير ممكن بالنسبة للنائمين ، لأنَّ هُناك مُشكلة الطعام والشراب ، إِذ كيف يمكن للإِنسان أن يبقى طيلة هذه المدّة بدون طعام أو شراب ، وإِذا افترضنا مثلا أنَّ الإِنسان يحتاج يومياً إلى كيلو غرام واحد مِن الطعام أو لتر واحد مِن الماء ، فإِنَّ أصحاب الكهف كانوا بحاجة ، أثناء نومهم ، إلى (100) طن مِن الطعام و(100000) لتر مِن الماء ، ومِن الطبيعي أنَّ الجسم لا يستطيع خزن كل هذه الأحجام والكميات مِن الماء والطعام.
ثالثاً : إِذا تجاوزنا كل الأُمور السابقة ، فسوف تكون أمامنا مُشكلة جديدة ، وهي أن جسم الإِنسان لا يستطيع أن يبقى كل هذه الفترة الطويلة مِن دون أن تتأثَّر أجهزته وتتضرّر بأضرار فادحة.
إِنَّ هذه الأُمور قد تبدو للوهلة الأُولى مانعاً مِن التصديق بقصّة أصحاب الكهف ، في حين أنَّ الأمر ليسَ كذلك ، إِذ يُمكن مُناقشة الأُمور السابقة وفقاً لما يلي :
أوّلا : لا تعتبر قضية العمر الطويل قضية غير علمية ، حيثُ أنّنا نعلم أنَّ طول عمر أي كائن حي ليسَ لها مِن الوجهة العلمية ميزان ثابت مِن حيث المدّة والعمر ، بحيث يكون موت الكائن عندَ هذا الحد المُفترض أمراً حتمياً.
بعبارة أُخرى : صحيح أنَّ الطاقة الجسمية للإِنسان مهمّا بلغت فهي محدودة ولا بدَّ أن تنتهي ، إِلاّ أنّ هذا الكلام لا يعني أنَّ جسم الإِنسان ـ أو أي كائن حي آخر ـ ليست لهُ قابلية البقاء أكثر مِن المقدار المألوف والمتعارف عليه.
أي إن المسألة ليست كالقوانين الطبيعية ، فمثلا الماء يغلي في درجة حرارة (100) مئوية ويتجمد في درجة الصفر المئوي ، فكذلك الإِنسان إذا وصل إلى عمر المائة سنة أو المائة وخمسين سنة فإِنَّ قلبه سيتوقف عن العمل. إِنَّ المسألة ليست على هذه الشاكلة ، بل إنَّ ميزان طول عمر الكائنات الحية يرتبط ارتباطاً كبيراً بوضعهم المعيشي ، فعندما تتغيَّر الظروف بالكامل تكون الموازين قابلة للتغيير هي الأُخرى.
والدليل على ما نقول ، هو أنّنا لم نَر أحداً مِن علماء العالم قد حدَّدَ ميزاناً معيناً لمعر الإِنسان ، ومِن جانب ثان استطاعوا مِن خلال تجارب مختبرية مِن زيادة عمر بعض الكائنات إلى الضعفين ، أو الثلاثة في بعض الأحيان ، واستطاعوا في أحيان أُخرى أن يفعلوا ذلك بنسبة (12) مرّة أو أكثر قياساً للعمر المألوف.
واليوم فإنَّ هؤلاء العلماء يأملون بأن الإِنسان يمكنهُ ـ في المستقبل ومع ظهور أساليب علمية جديدة ـ أن يعيش عدَّة أضعاف عمره الطبيعي.
هذا فيما يخص أصل قضية طول العمر.
ثانياً : أمّا فيما يخص الطعام والشراب أثناء فترة النوم الطويل ، فنقول : إنَّ نوم أصحاب الكهف لو كان عادياً وطبيعياً فنستطيع عندها أن نقبل بالإِشكالات والإِعتراضات السابقة. أمّا مِن الوجهة العلمية فإنَّ الأصول العلمية تقول : إنَّ حاجة الجسم إلى الطاقة الغذائية أثناء النوم أقل مِن حاجته إليها اليقظة ، إلاَّ أنَّ الجسم مع ذلك لا يستطيع أن يدَّخر ما يلزمه مِن طاقة غذائية لنوم طويل كنوم أصحاب الكهف.
وهنا ينبغي الالتفات إلى أنَّ هناك أنواعاً مِن النوم في عالم الطبيعة تكون فيها حاجة الجسم إلى الغذاء قليلة للغاية ، كما في حالة السُبات مثلا.
________________
1. اعلام القران ، ص153.
2. اقتباس عن قاموس الكتاب المقدس ، ص87.
3. اعلام القران ، ص154.
4. المعاد وعالم الاخرة ، ص 163-165.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|