أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2022
2428
التاريخ: 2-4-2017
2669
التاريخ: 21/12/2022
1216
التاريخ: 2-4-2017
2463
|
تتكون حريات التجمع عادةً من حرية الاجتماع ، وحرية تكوين الجمعيات. والمقصود بحرية الاجتماع حق تمتع الفرد بالاجتماع مع من يريد من الأفراد الآخرين بشكل مؤقت وفي مكان معين بهدف عرض بعض الأفكار ومناقشتها بالخطب او الندوات والمحاضرات وغيرها من الوسائل واستخلاص النتائج وإصدار المنشورات والبيانات التي تتضمن المقررات والتوصيات (1).
وهي تعد سمة من سمات المجتمعات الديمقراطية ، إذ تتيح للمواطنين حق انتقاد الحكومة عن طريق الاشتراك في الاجتماعات لتدارس الآراء ومناقشتها خاصة تلك التي تهم مصلحة الفرد والجماعة وحمايتها من جور السلطة وظلمها (2).
ونظراً لما تحتويه ممارسة هذه الحرية من أهمية فقد أصبحت تحتل مرتبة متقدمة في ميدان الحقوق السياسية ، وما من بلد في الوقت الحاضر الا ولديه تشريعات وضعية تنظم الأصول الواجبة اتباعها في ممارسة هذا الحق (3).
ويتفرع عن ممارسة حرية الاجتماع الحق في التظاهر السلمي الذي يكون لتأييد أو رفض موضوع من الموضوعات التي تهم المجتمع أو فئة منه وقد يكون بقصد المطالبة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لذلك لابد من كفالة التظاهر السلمي بوصفه تجمعاً بشرط ان لايكون هدفه إثارة الشغب أو المساس بالنظام العام أو الممتلكات العامة والخاصة (4)، وإلا تحولت التظاهرة الى نوع من الأعمال المجرمة التي تعرف بالتجمهر* المحظور قانوناً ، لذلك اشترطت تشريعات بعض الدول المنظمة لحرية الاجتماع والتظاهر ضرورة حصول الافراد على ترخيص أو إذن مسبق من الجهة الإدارية المختصة من أجل السماح لهم بعقد اجتماع عام او تظاهرة (5)، بينما نصت تشريعات دول أخرى مثل مصر وفرنسا بالزام من يريد عقد اجتماع عام أو مظاهرة بضرورة إخطار الجهة الإدارية بزمان ومكان انعقاد الاجتماع (6).
وفي العراق كفل دستور جمهورية العراق بما لا يخل بالنظام العام والآداب العامة ( حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون) (7)
والملاحظ أن القانون المنظم لحرية الاجتماع لم يصدر لحد الآن لأسباب سياسية ، وإن المعمول به حالياً هو أمر سلطة الائتلاف المؤقت رقم 19 لسنة 2003 ولدى الرجوع إليه نرى أنه استلزم لممارسة حرية الاجتماع وحق التظاهر ضرورة الحصول على ترخيص من قبل السلطة العامة (8) مخالفاً بذلك ما نص عليه المشرع المصري ، وكان من الأجدر لأعمال هذه الحرية العدول عن موضوع الترخيص الى الأخطار خاصة وان الترخيص يمنح جهة الإدارة حق رفض او قبول ممارسة حرية الاجتماع مما يمس جوهر الحرية التي هي في الاصل مباحة للجمهور ممارستها وفي ذلك مخالفة للدستور وللمعايير الدولية.
هذا وتتضمن حرية الاجتماع الحق في تشكيل الجمعيات ، وهي عبارة عن جماعات منظمة لها وجود مستمر تستهدف تحقيق أغراض معينه غير الربح ، وهي تتيح حرية التعبير الجماعي عن أفكار الانسان وآرائه السياسية وغير السياسية وتتمثل بكونها أداة لا ظهار ذلك على وجه تعاوني جماعي لذلك عَدّ الكثيرون حق تأليف الجمعيات من الحقوق المتممة لحرية الفكر والرأي والاجتماع وهي تتميز عن الأخيرة بكونها مستمرة ، بينما حق الاجتماع يعقد بصفه عرضية ومؤقته , وللفرد حرية الانضمام الى ما يشاء من الجمعيات مادامت أغراضها سليمة وغير منافية للنظام العام أو الآداب العامة وعدم جواز إكراهه إلى الانضمام إلى أي من الجمعيات(9) .
وبهذا تعد حرية تكوين الجمعيات ضرورة لا غنى عنها ، فهي سبيل الافراد في الارتفاع بمستواهم وتنمية مداركهم وملكاتهم في مختلف نواحي نشاط الإنسان (10).
ويتفرع عن حرية تشكيل الجمعيات الحق بتشكيل الأحزاب السياسية التي أصبحت من ضرورات ممارسة الحكم النيابي الديمقراطي لما لها من أهمية تحديد البرامج السياسية للناخبين والعمل بمقتضاها والمحاسبة سياسياً على أساسها(11).
وقد كفل دستور جمهورية العراق لسنة 2005 حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية إذ نص على انه: ( اولا: حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية ، او الانضمام اليها مكفولة وينظم ذلك بقانون ثانياً: لا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي حزب أو جمعية أوجهة سياسية أو اجباره على الاستمرار في العضوية فيها ) (12).
وانطلاقاً من النص الدستوري السابق ومن اجل تنظيم ممارسة حرية تكوين الجمعات ، صدر قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة (2010) منظماً لحرية تكوين الجمعيات*، اذ اشترط لممارسة هذه الحرية ضرورة حصول الافراد على ترخيص مسبق من السلطة التنفيذية(13) بخلاف ما أشار اليه قانون الجمعيات الفرنسي الصادر لسنة 1901 الذي اكتفى بمجرد الإعلان عن تأسيسها(14).
ونحن بدورنا نتفق مع ما ذهب اليه المشرع الفرنسي ونرى أن يعمل أعضاء اي جمعية بتقديم إعلان الى السلطة التنفيذية بتأسيس جمعيتهم دون إن يتوقف تأسيسها على ترخيص منها واذا ما خيف أن تنحرف هذه الجمعيات عن تحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها فإن القضاء كفيل بكشفها ومعاقبتها.
أما من الناحية الواقعية تُعدّ حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات من أكثر الحقوق انتهاكاً في البلدان العربية ، فعلى صعيد ممارسة حرية الاجتماع نجد أنّ السلطات العربية لا تتحمل ظهور تجمعات تطالب بحقوقها وحرياتها ، وان ادعت زيفاً انها مع كفالة حق التجمع والتظاهر للمواطنين، لأنّه حق دستوري ، في حين أن الواقع يكذب هذا الادعاء في أكثر من بلد عربي وهو مالوحظ في عاصفة الاحتجاجات التي اجتاحت عدداً من البلدان العربية عام 2011 ، اذ تعاملت سلطات الدول العربية مع المتظاهرين العزل بقسوة مفرطة لا مبرر لها ، وقتلت الاجهزة القمعية المئات منهم ، وهذا ما أثار غضب الشعب فقاموا بالاعتصام في الميادين العامة وهتفوا (الشعب يريد اسقاط النظام) (15) وكانت بداية السقوط في تونس ، اذ هرب الرئيس التونسي الى السعودية وسقط نظامه في 14 من كانون الثاني سنة 2011، وتلا ذلك سقوط نظام حسني مبارك في مصر في 11 شباط 2011 .الا ان ما حدث في مصر وتونس لم يخفف من استبداد الطغاة ، حيث يقوم طاغية ليبيا بحملة ابادة جماعية ضد الشعب الليبي لأنّه رفع صوته للمطالبة بحقوقه المسلوبة منذ أكثر من اربعين عاماً ، ووصف المتظاهرين بمتعاطي حبوب الهلوسة ، ومع كل ذلك الا ان الشعوب انتصرت في النهاية وجميع الطغاة قد سقطو(16).
اما في العراق برزت اشكال ممارسة هذا الحق من تجمعات وحركات ثقافية واجتماعية بعد سقوط النظام السابق اثر الحرب والاحتلال الامريكي للعراق لعام 2003 الا انها لم يكتب لها الاستمرار حيث تعرضت لاعتداءات عديدة كالهجوم المسلح او التفجيرات ليتراجع دورها حتى وصل الامر عام 2006 الى اختفاؤها تقريبا من بغداد مع بقاء بعض اشكال التظاهرات والاضرابات في مدن اقل حجماً وتأثيراً والتي جابهتها السلطات الامنية في بعض الاحيان بأطلاق الرصاص(17).
وفيما يتعلق بحرية ممارسة تكوين الجمعيات عملت بعض بلدان الدول العربية الى عدم الاعتراف القانوني بوجود بعض الجمعيات او بوقف نشاطها او حلها نهائياً او برفض ترخيص لتشكيل جمعية رغم ان تشكيلها موافق للقانون خاصة فيما يتعلق بتأسيس الاحزاب السياسية ففي البلدان الخاضعة للاحتلال كفلسطين تعرضت الكيانات السياسية المنضمة لمنظمة التحرير الفلسطينية للعديد من الاغتيالات والاعتقالات، وفي العراق و بسبب الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003 حرمت بعض التكوينات السياسية الحزبية من حق المشاركة في الحياة السياسية على الرغم من المفاوضات التي تمت مع الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية(18).
مما تقدم يتضح لنا ان حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات اكثر ما تكون اتصالاً بحرية عرض الاراء وتداولها كلما قام اشخاص يؤيدون موقفاً او اجتماعاً منظماً يحتويهم يوظفون فيه خبراتهم ويطرحون امالهم ، فتكون بذلك نافذة يطلون منها على ما يعتمل نفوسهم وصورة حية لشكل من اشكال التفكير الجماعي ، لذا فإن هدم هذه الحرية يقوض الاسس التي يقوم عليها نظام الحكم ، وتصبح الديمقراطية فيه اجتماعاً شكلياً لا قيمة له لتهدئة الخواطر سرعان ما يظهر زيفه وسرعان مايتم اللجوء الى اساليب اخرى غير ديمقراطية للتعبير عن الرأي كالثورات والانقلابات.
لذلك لابد من العمل الجدي لا نهاء أعمال العنف ووقف كافة النزاعات الداخلية والتوترات الأمنية والسياسية السائدة في البلدان العربية لأجل احلال السلام والامن والطمأنينة وتغليب المصلحة العامة والوطنية على المصالح الشخصية والسياسية.
______________
1- د. محمد صلاح عبد البديع ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات ،الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2009، ص225.
2- د. صالح بن عبد الله الراجحي ، حقوق الإنسان السياسية والمدنية (دراسة مقارنة بين الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية)، بحث منشور في مجلة الحقوق ، العدد الأول ، 1986 ، ص155.
3- مروج هادي الجزائري ، الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها ، رسالة ماجستير ، كلية القانون، جامعة بغداد ،2003 ، ص30.
4- ضرغام فاضل حسين ، الحقوق الاساسية للإنسان في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، المجلد 9، العدد17 ،2006 ، ص210.
* يقصد بالتجمهر في القانون الانكليزي اجتماع ثلاثة اشخاص بالاقل في طريق او مكان عام بقصد تحقيق غرض مشترك بالقوة .اما القانون الفرنسي فقد ذهب الى ان كل تجمع ينعقد في طريق او مكان عام ويكون من شانه الاخلال بالنظام العام يعتبر تجمهراً ، وفي العراق عرف قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل التجمهر في المادة (220) بانه ( تجمع عدد من الناس لايقل عددهم عن خمسة اشخاص في محل عام يكون من شانه تكدير الامن العام ورفض الامر الصادر بتفريقهم ) . للمزيد من المعلومات راجع ، حسين محمد سكر ، حرية الاجتماع ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، 2006 ، ص91،90.
5- د. فيصل شنطاوي ، حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ، الطبعة الثانية ، دار الحامد ، الأردن ، 2001، ص88.
6- د.حسن الجندي ، جرائم الاجتماعات العامة والمظاهرات والتجمهر في القانون المصري ، الطبعة الاولى ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2002 -2003 ، ص68،47.
7- المادة (38 / ثالثاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
8- حسين محمد سكر، حرية الأجتماع ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، 2006
، ص106.
9- د.فاروق عبد البر ، دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات ، بدون طبعة ، بدون ذكر الناشر ، بدون ذكر مكان النشر ، 2004 ، ص616،615.
10- د.محمد صلاح عبد البديع ، مصدر سبق ذكره ، ص234.
11- د. كامل السعيد ، د. منذر الفضل ، د. صاحب الفتلاوي ، ص229.
12- المادة (39) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
*يلاحظ ان قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة (2010) اورد تسمية المنظمات الغير حكومية للإشارة الى الجمعيات وهي بذلك تختلف عن التسمية التي اوردها الدستور العراقي ، وكان من الاجدر توحيد المصطلحات خاصة وان هذا القانون قد جاء تنفيذاً للدستور
13- انظر المواد (8،5) من قانون المنظمات غير الحكومية رقم 12 لسنة 2010.
14- ياسر حمزه ، حماية الحقوق السياسية في القانون الدستوري المصري ، اطروحة دكتوراه ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2009 ، ص147
15- د. حميد حنون خالد ، نظام الحكم في مجتمع وادي الرافدين ، بحث منشور في مجلة الحقوق، كلية الحقوق ، الجامعة المستنصرية ، العدد الثاني ، 2006، ص113.
16- د. مصطفى احمد ابو الخير ، الحماية القانونية للمظاهرات حسب القانون الدولي ، شبكة النبأ المعلوماتية ، مقال منشور على الموقع الاليكتروني: www.annabaa.org
17- مجموعة رصد الديمقراطية ، التقرير السنوي لواقع الحقوق والحريات في العراق لسنة 2006 ، مصدر سبق ذكره، ص107.
18- د. سعدى محمد الخطيب ، حقوق الإنسان بين التشريع والتطبيق ، الطبعة الاولى ، منشورات الحلب الحقوقية ، بدون ذكر مكان النشر ، 2009 ، ص140،139،138.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|