أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-05-2015
2010
التاريخ: 26-05-2015
645
التاريخ: 26-05-2015
4894
التاريخ: 26-05-2015
4500
|
الإسلام عقيدة وشريعة، والإسماعيليّة كغيرها من المذاهب لها أُصول وفروع.
أمّا الفروع فلا يختلفون مع المسلمين في أُمّهاتها، وكفى في الوقوف عليها ما كتبه القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميمي (المتوفّى 363هـ) باسم (دعائم الإسلام).
نعم، انفردوا في الاعتقاد بأنّ لكلّ حكم فرعي ظاهراً وباطناً، وقد ألّف القاضي المذكور كتاباً باسم (تأويل الدعائم) وسيمرّ عليك شيئاً من تأويلاته.
إنّما الكلام في عقائدهم وأُصولهم، لأنّ العثور عليها أمر صعب للغاية، وذلك لوجوه:
1 ـ الظنّة بكتبهم والتستّر عليها وإخفاؤها وعدم جعلها تحت متناول أيدي الآخرين.
2 ـ اتّخاذ الفلسفة اليونانيّة عماداً وسنداً للمذهب؛ فأدخلوا فيه أشياء كثيرة ممّا لا صلة لها بباب العقائد والأُصول، كالقول بالعقول العشرة والأفلاك التسعة ونفوسها، وأنّ الصادر الأوّل هو العقل، إلى أن ينتهي الصدور إلى العقل العاشر.
3 ـ إنّ المذهب الإسماعيلي لم يكن في بدء ظهوره مذهباً متكاملاً، وإنّما تكامل عبر الزمان، نتيجة احتكاك الدعاة مع أصحاب الفلسفة اليونانيّة.
واعتمدنا في عرض عقائدهم على كتابين:
1 ـ (راحة العقل)، تأليف: الداعي في عهد الحاكم، أعني: أحمد بن عبد الله الكرماني (352 ـ كان حياً سنة 411هـ)، الملقّب بحجّة العراقين، وكبير دعاة الإسماعيليّة في عصر الحاكم بالله.
2 ـ (تاج العقائد ومعدن الفرائد)، تأليف: الداعي الإسماعيلي اليمني المطلق عليّ بن محمّد الوليد (522 ـ 612هـ). وهذا الكتاب أسهل فهماً من (راحة العقل)؛ يتضمّن مائة مسألة في معتقدات مذهب الإسماعيليّة.
عقيدتهم في التوحيد :
1 ـ عقيدتهم في توحيده سبحانه أنّه واحد لا مثل له ولا ضد:
يقول الكرماني في المشرع الخامس: إنّه تعالى لا ضدّ له ولا مثل.(1)
وفي تاج العقائد: إنّه تعالى واحد لا من عدد، ولا يعتقد فيه كثرة، أو ازدواج أشكال المخلوقات، واختلاف البسائط والمركّبات.(2)
2 ـ إنّه سبحانه ليس أيساً:
إنّ الأيس بمعنى الوجود، ولعلّ أوّل من استعمله هو الفيلسوف الكندي.
وتستنكر الإسماعيليّة وصفه سبحانه بالأيس، وجاء الدليل عليه في كتاب (راحة العقل) وحاصله: إنّه لو كان موصوفاً بالوجود، فبما أنّ الصفة غير الموصوف يحتاج في وصفه به إلى الغير، وهو تعالى غنيّ عمّا سواه.
يُلاحظ عليه: أنّ ما جاء به الكرماني يُعرب عن عدم نضوج الفلسفة اليونانيّة في أوساطهم، فهم يتصوّرون أنّ الوجود أمر عارض على الواجب، فيبحثون عن مسبِّب العروض، مع أنّه إذا كانت ماهيّته انّيّته، وكان تقدّست أسماؤه عين الوجود، فالاستدلال ساقط من رأسه.
3 ـ في نفي التسمية عنه:
والمُراد من نفي التسمية عنه هو نفي الماهيّة عنه، وقد استدلّوا على ذلك بقولهم: إنّه تعالى ليس له صورة نفسانيّة ولا عقليّة ولا طبيعيّة ولا صناعيّة، بل يتعالى بعظيم شأنه، وقوّة سُلطانه عن أن يوسم بما يوسم به أسباب خلقته وفنون بريّته، وقد اتّفقت فحول العلماء على أنّه تعالى لم يزل ولا شيء معه، لا جوهراً ولا عرضاً.(3)
4 ـ نفي الصفات عنه:
ذهبت الإسماعيليّة إلى نفي الصفات عنه على الإطلاق، واكتفت في مقام معرفته سبحانه بالقول بهويّته وذاته دون وصفه بصفات حتّى الصفات الجماليّة والكماليّة. مع أنّه سبحانه يوصف نفسه في غير سورة من السور، بصفاته.
5 ـ الصادر الأوّل هو الموصوف بالصفات العليا:
لمّا ذهبت الإسماعيليّة إلى نفي الصفات عنه سبحانه، لم يكن لهم بدّ من إرجاع تلك الصفات إلى المبدع الأوّل، الّذي هو الموجود الأوّل، وإليه تنتهي الموجودات، وهو الصادر عنه سبحانه بالإبداع، لا بالفيض والإشراق، كما عليه إخوان الصفا.(4)
قال الداعي الكرماني في هذا الصدد: فالإبداع هو الحقّ والحقيقة، وهو الوجود الأوّل، وهو الموجود الأوّل، وهو الوحدة، وهو الواحد، وهو الأزل، وهو الأزلي، وهو العقل الأوّل، وهو المعقول الأوّل، وهو العلم، وهو العالم الأوّل، وهو القدرة، وهو القادر الأوّل، وهو الحياة، وهو الحيّ الأول، ذات واحدة، تلحقها هذه الصفات، يستحقّ بعضها لذاته، وبعضها بإضافة إلى غيره، من غير أن تكون هناك كثرة بالذّات.(5)
عقيدتهم في العدل :
قد تعرّفت في البحث السابق على أنّهم لا يصفونه سبحانه بوصف، ويعتقدون أنّه فوق الوصف، وأنّ غاية التوحيد نفي الوصف، وإثبات الهويّة، ولهذا لا تجد عنواناً لهذا الفصل في كتبهم حسب ما وصل بأيدينا، ولكن يمكن استكشاف عقيدتهم في عدله سبحانه من خلال دراستهم لفعل الإنسان، وهل هو إنسان مسيّر أو مخيّر؟
1 ـ الإنسان مخيّر لا مسيّر:
يقول الداعي عليّ بن محمّد الوليد: الإنسان مخيّر، غير مجبور فيما يعتقد لنفسه من علومه وصناعته، ومذاهبه ومعتقداته.
إلى أن قال: ولولا ذلك لَما كانت لها منفعة بإرسال الرُّسل وقبول العلم، وتلقّي الفوائد والانصياع لأوامر الله تعالى؛ إذ لو كانت مجبورة لاستغنت عن كلّ شيء تستفيده، ثُمَّ استدلّ بآيات.(6)
2 ـ القضاء والقدر لا يسلبان الاختيار:
الإسماعيليّة تُثبت القضاء والقدر حقيقة لا مجازاً، ولكنّها تنفي كونهما سالبين للاختيار.
يقول الداعي عليّ بن محمّد الوليد: القضاء والقدر حقيقة لا مجاز، ولهما في الخلق أحوال على ما رتّب الفاعل سبحانه، من غير جبر يُلزم النفوس الآدميّة الدخول إلى النّار أو الجنّة.
إلى أن قال: إذ لو كان كذلك لذهبت النبوّات والأوامر المسطورات في الكتب المنزلة، في ذم قوم على ما اقترفوه ومدح قوم على ما فعلوه.(7).
عقيدتهم في النّبوّة :
1 ـ النبوّة أعلى مراتب البشر:
النبوّة عبارة عن ارتقاء النفس إلى مرتبة تصلح لأن يتحمّل الوحي.
يقول الداعي عليّ بن محمّد الوليد: إنّ الرسول الحائز لرتبة الرسالة، لا ينبغي أن يكون كمالاً يفوق كماله، ولا علماً يخرج عن علمه، وإنّه الّذي به تكون سعادة أهل الدور من أوّله إلى آخره، وإنّ السعادة الفلكيّة والأشخاص العالية والمؤثّرات خدم له في زمانه.(8)
3 ـ الرسالة الخاصّة والعامّة:
ثُمَّ إنّهم يقسّمون الرسالة إلى ضربين: عامّة وخاصّة.
والمراد من الرسالة العامّة هنا هو العقل الغريزي، وهو الرسول الأوّل المعدّ لقبول أمر الرسول الثاني.
وأمّا المراد من الرسالة الخاصّة فهو عبارة عن الرسول المبعوث إلى الناس.
أقول: إنّ تسمية العقل الإنساني بالرسول لا يخلو من شيء، والأولى تسميته بالحجّة الباطنة، في مقابل الحجة الظاهرة الّذي هو النبيّ.
4 ـ في أنّ الأنبياء لا يُولدون من سِفاح:
يقول عليّ بن محمّد الوليد: إنّ الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) لا يلدهم الكفّار، ولا يُولدون من سِفاح. ثُمَّ استدلّ ببعض الآيات.(9)
5 ـ في صفات الأنبياء:
يقول الداعي الكرماني: المؤيّد المبعوث مجمع الفضائل الطبيعيّة؛ الّتي هي أسباب في نيل السعادة الأبديّة، وهو فيها على أمر يكون به على النهاية في جميعها من جودة الفهم والتصور لِما يشار إليه ويومأ، إلى أن قال: ويكون عظيم النفس، كريماً، محبّاً للعدل، مبغضاً للظلم والجور، مؤثِراً لِما يعود على النفس منفعته من العبادة، مِقداماً في الأُمور، جسوراً عليها، لا يروعه أمر في جنب ما يراه صواباً بجوهره.(10)
6 ـ في المعجزات الّتي يأتي بها الرُّسل:
إنّ المعجزة عند الإسماعيليّة عبارة عن خرق العادة في تكوين العالم بظهور ما يعجز العقل عن وجوده من الأُمور الطبيعيّة، من ردّ ما في الطبيعة عن قانونه المعهود لقهر العقول، ودخولها تحت أمر المعقولات، ومن أجله يُعلم أنّه متّصل بالفاعل، الّذي لا يتعذر عليه متى أراد؛ إذ كلّما في العالم لا يتحرّك إلاّ بمادّته وتدبيره.(11)
7 ـ في أنّ الرسول الخاتم أفضل الرُّسل:
يفضّل رسول الله على سائر الرُّسل والأنبياء في وجوه؛ أفضلها الوجه التالي: هو أنّه سبحانه جعل شريعته مؤبّدة لا تُنسخ أبداً، وجعل الإمامة في ذريّته إلى قيام الساعة، ولم يُقدَّر ذلك لغيره.(12)
8 ـ في أنّ الشريعة موافقة للحكمة:
إنّ الحكمة والفلسفة العقليّة، هي والحكمة الشرعيّة سواء؛ لأنّ الله سبحانه خلق في عباده حكماء وعقلاء، ومحال أن يشرّع لهم شرعاً غير محكم وغير معقول، ولا يبعث برسالته وشرعه إلاّ حكيماً عاقلاً مدركاً مبيّناً لما تحتاجه العقول، ويكلّف لها بما يُسعدها ويقوّي نورها ويعظّم خطَرها.(13)
9 ـ في أنّ الشريعة لها ظاهر وباطن:
يقول عليّ بن محمّد الوليد: إنّ الشارع قد وضع أحكام شريعته وعباداتها من الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ وغير ذلك، مضمّنة للأُمور العقليّة والأحكام والمعاني الإلهيّة، وما يتخصّص منها من الأُمور الظاهرة المشاكلة لظاهر الجسم، والأُمور الباطنة المشاكلة للعقل والنفس، وكلّ من حقّق ذلك كانت معتقداته سالمة.(14)
أقول: هذا المقام هو المزلقة الكبرى للإسماعيليّة المؤوَّلة؛ إذ كلُّ إمام وداع يسرح بخياله، فيضع لكلّ ظاهر باطناً ولكلّ واجب حقيقة، يسمّي أحدهما بالشريعة الظاهريّة والآخر بالباطنيّة، من دون أن يدلّ عليه بدليل من عقل أو نقل، فكلّ ما يذكرونه من البواطن للشريعة ذوقيّات، أشبه بذوقيّات العرفاء في تأويل الأسماء والصفات وغير ذلك، وكأنّ الجميع فروع من شجرة واحدة.
عقيدتهم في المعاد وما يرتبط به :
المعاد ـ بمعنى عود الإنسان إلى الحياة الجديدة، من أُسس الشرائع السماويّة، وهي لا تنفصل عن الإيمان بالله، ولذا نرى أنّ أصحاب الشرائع اتّفقوا على المعاد بعد الموت، ولولا القول به لَما قام للدين عمود ولا اخضرّ له عود.
1 ـ في أنّ المعاد روحاني لا جسماني:
نعم، اختلفوا في كونه جسمانيّاً أو روحانيّاً، وعلى فرض كونه جسمانيّاً، فهل الجسم المُعاد جسم لطيف برزخي أو جسم عنصري؟، فالإسماعيليّة على أنّ المعاد روحاني.
قال الكرماني، بعد بيان النشأة الأُولى في الدنيا: ثُمَّ الله ينشأ النشأة الآخرة بقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} [الواقعة: 62] ، فهلاّ تتفكّرون وتوازنون وتعلمون أنّ النظام في الخلق والبعث واحد، وأنّ النشأة الآخرة هي خلق الأرواح وإحياؤها بروح القدس على مثال النشأة الأُولى.
وقال الداعي عليّ بن محمّد الوليد: يُعتقد أنّ الله تعالى دعانا على ألسنة وسائطه بقبول أمره، إلى دار غير هذه الدار، فهذه الدار صوريّة وتلك ماديّة، وما بينهما صوري ومادي.(15)
2 ـ في التناسخ:
وهو عود الروح ـ بعد مفارقة البدن ـ إلى الدنيا عن طريق تعلّقها ببدن آخر، كتعلّقها بالجنين عند استعدادها لإفاضة الروح، وله أقسام.
وربّما يُنسب القول بالتناسخ إلى الإسماعيليّة، ولكن النسبة في غير محلّها.
3 ـ في الحساب:
الحساب تابع للبعث، وهو فعل يحدث عنه من النفس للنفس الثواب الّذي هو الملاذ والمسار، والعقاب الّذي هو الألم والعذاب والغم. وينقسم هذا الفعل إلى ما يكون وجوده في الدنيا، وإلى ما يكون وجوده في الآخرة.
4 ـ في الجنّة:
يقول الكرماني: إنّها موصوفة بالسرمد والأبد ووجود الملاذ فيها أجمع، وإنّها لا تستحيل ولا تتغيّر، ولا يطرأ عليها حال ولا تتبدّل.(16)
5 ـ في الملائكة:
إنّ الملائكة على ضروب وكلّهم قد أُهّلوا لمنافع الخليقة؛ فلا يتعدّى أحد منهم بغير ما وكّل به، وإنّما اختلفت أسماؤهم لأجل ما وكّلوا به؛ فمنهم من هو في العالم العقلي، ومنهم من هو في العالم الفلكي، ومنهم من هو في العالم الطبيعي.
وقد أخفى الله سبحانه ذوات الملائكة عن النظر، وجعل المخلوق عن الطبائع محجوباً عنهم، لا يراهم حتّى يصير إمّا في منزلة النبيّ أو يخلص القبول من النبيّ بقرب الدرجة منه.
6 ـ في الجنِّ:
وتعتقد الإسماعيليّة أنّ الجنّ ذوات أرواح ناريّة وهوائيّة ومائيّة وترابيّة، وتعتقد أنّ الجنَّ صحيح لا ريب فيه، وهم على ضروب في البقاع والمصالح والمنافع والفساد والضرر.
ومنهم من هو في أرجاء العالم ممنوع عن مخالطة بني آدم، ومنهم من هو مخالط لبني آدم في أماكنهم.(16)
عقيدتهم في الإمامة :
تحتلّ الإمامة عند الإسماعيليّة مركزاً مرموقاً؛ حيث جعلوها على درجات ومقامات، وزوّدوا الأئمّة بصلاحيّات واختصاصات، ولتسليط الضوء على عقيدتهم فيها نبحث في مقامين:
المقام الأوّل: الإمامة المطلقة :
إنّ درجات الأئمّة ورتبهم لا تتجاوز عن الخمسة، من دون أن تختص بالشريعة الإسلاميّة، بل تعمّ الشرائع السماويّة كلّها، وبما أنّ مذهب الإسماعيليّة أُحيط بهالة من الغموض عبر القرون، لم يكن من الممكن أن يقف أحد عليها إلاّ طبقة خاصّة من علمائهم، وكانوا يبخلون بآرائهم وكتبهم على الغير، غير أنّ الأحوال الحاضرة رفعت الستر عن كتبهم ومنشوراتهم، فقام المستشرقون وفي مقدّمتهم (ايفانوف) الروسي وتبعه عدد آخر من المحقّقين بنشر آثارهم، وعند ذلك تجلّت الحقيقة بوجهها الناصع، كما قام الكاتبان الإسماعيليّان عارف تامر ومصطفى غالب ببذل الجهود الحثيثة في نشر آثار تلك الطائفة، فكشفا النقاب عن وجه العقيدة الإسماعيليّة وبيّناها بوجه واضح خالياً من
الغموض والتعقيد الموجودين في عامّة كتب الإسماعيليّة، وإن كان بين الكاتبين اختلاف في بعض الموارد، ونحن نعتمد في تفسير درجات الإمامة على كتاب (الإمامة في الإسلام) للكاتب عارف تامر، وإليك بيانه:
درجات الإمامة خمس؛ وهي:
1. الإمام المقِيم.
2. الإمام الأساس.
3. الإمام المتِم.
4. الإمام المستقِر.
5. الإمام المستودَع.
وربّما يضاف إليها رتبتان: الإمام القائم بالقوّة، والإمام القائم بالفعل.
فالمهمّ هو الوقوف على هذه الدرجات.
يعتقد عارف تامر في كتابه (الإمامة في الإسلام) أنّ هذه الدرجات ظلّت حقبة طويلة من الزمن مجهولة لدى الباحثين، إلاّ طبقة خاصّة من العلماء، أو لا أقلّ في التقيّة والاستتار والكتمان.
1. الإمام المقِيم:
هو الّذي يُقِيْم الرسول الناطق ويعلّمه ويربّيه ويدْرِجه في مراتب رسالة النطق، وينعم عليه بالإمدادات، وأحياناً يُطلقون عليه اسم (ربّ الوقت) و(صاحب العصر)، وتُعتبر هذه الرتبة أعلى مراتب الإمامة وأرفعها وأكثرها دقّة وسرّيّة.
2. الإمام الأساس:
هو الّذي يرافق الناطق في كافّة مراحل حياته، ويكون ساعده الأيمن، وأمين سرّه، والقائم بأعمال الرسالة الكبرى، والمنفِّذ للأوامر العليا، فمنه تتسلسل الأئمّة المستقرون في الأدوار الزمنيّة، وهو المسؤول عن شؤون الدعوة الباطنيّة القائمة على الطبقة الخاصّة ممّن عَرفوا (التأويل) ووصلوا إلى العلوم الإلهيّة العليا.
3. الإمام المتِم:
هو الّذي يتم أداء الرسالة في نهاية الدور؛ والدور كما هو معروف أصلاً يقوم به سبعة من الأئمّة، فالإمام المتم يكون سابعاً ومتمّاً لرسالة الدور، وأنّ قوته تكون معادلة لقوّة الأئمّة الستة الّذين سبقوه في الدور نفسه بمجموعهم. ومن جهة ثانية يُطلق عليه اسم ناطق الدور أيضاً؛ أي أنّ وجوده يشبه وجود الناطق بالنسبة للأدوار. أمّا الإمام الّذي يأتي بعده فيكون قائماً بدور جديد، ومؤسِّساً لبنيان حديث.
4. الإمام المستقِر:
هو الّذي يملك صلاحيّة توريث الإمامة لوِلْده، كما أنّه صاحب النصّ على الإمام الّذي يأتي بعده، ويسمّونه أيضاً الإمام بالجوهر والمتسلّم شؤون الإمامة بعد الناطق مباشرة، والقائم بأعباء الإمامة أصالة.
5. الإمام المستودَع:
هو الذي يتسلّم شؤون الإمامة في الظروف والأدوار الاستثنائيّة؛ وهو الّذي يقوم بمهمَّاتها نيابة عن الإمام المستقِر بنفس الصلاحيّات المستقِرّة للإمام المستقر، ومن الواضح أنّه لا يستطيع أن يورّث الإمامة لأحد من ولْده، كما أنّهم يطلقون عليه (نائب غيبة).(17)
والعجب أنّهم عندما بحثوا موضوع الإمامة لم يجعلوا تسلسلها من إسماعيل بن جعفر الصادق فحسب، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ وحجتهم أنّ الإمامة إذا كانت قد بدأت من هذا العهد المبكّر فإنها ستكون محدَثة ولا يقوم وجودها على أساس، فذهبوا إلى عهد بدء الخليقة المعروف بعهد آدم وسلسلة الإمامة من عصر آدم إلى يومنا هذا، ثُمَّ أضافوا إلى ذلك قولهم بالأدوار والأكوار؛ فقد جعلوا كلّ دور يتألف من إمام مقِيم ورسول ناطق أو أساس له؛ ومن سبعة أئمّة يكون سابعهم متِم الدور، ويمكن أن يزيد عدد الأئمّة عن سبعة في ظروف أُخرى؛ وفي فترات استثنائيّة، وهذه الزيادة تحصل في عداد الأئمّة المستودَعين دون الأئمّة المستقِرّين، أمّا الدور فيكون عادة صغيراً وكبيراً؛ فالدور الصغير هو الفترة الّتي تقع بين كلّ ناطق وناطق، ويقوم فيها سبعة أئمّة. أمّا الدور الكبير فيبتدئ من عهد آدم إلى القائم المنتظر الّذي يسمّى دوره الدور السابع، ويكون بالوقت ذاته متمّاً لعدد النطقاء الستة.
يقول عارف تامر: إنّ هذا الموضوع من أدقِّ المواضيع وأصعبها، بل هو بالحقيقة من الدعائم المتينة في عقائد الإسماعيليّة، وقد يبدو لكلّ باحث فيها أنّ دعاتها حافظوا على سرّيّته التامّة طيلة العصور الماضية، وجعلوا معرفته مقتصرة على طبقة خاصّة من العلماء والدعاة.(18)
وها نحن نأتي في المقام بجدولين؛ أحدهما يرجع إلى الدور الأوّل، والآخر إلى الدور السادس الّذي لم يتم بعدُ.
شجرة الإمامة الإسماعيليّة منذ أَقدم العصور :
الدور الأوّل:
(ويبتدئ من وقت هبوط آدم حتّى ابتداء الطوفان، ومدّته ألفان وثمانون عاماً وأربعة أشهر وخمسة عشر يوماً).
الإمام المستقر
الإمام المتم
أساس الدور
الرسول الناطق
الإمام المقيم
العدد
أنوش بن(19) شيث 435 -1385
هابيل130ـ225
آدم
هُنيد(20)
1
قينان بن أنوش 625 - 1535
شيث
1144 -230
2
مهليئل بن قينان 795 - 1690
3
يارد بن مهليئل 960 - 1922
4
أخنوخ بن يارد 1122 - 1487
5
متوشالح بن اخنوخ 1287 - 2242
6
لامك بن متوشالح 1454 - 2346
لامك بن متوشالح
7
الدور السادس:
(يبتدئ من تاريخ الهجرة المحمّديّة وينتهي بظهور القائم المنتظر، ولا يمكن تحديد مدّته. إنّ الدور الكبير قد أصبح مقسّماً إلى أدوار صغيرة).
الإمام المستقر
الإمام المتم
أساس الدور
الرسول الناطق
الإمام المقيم
العدد
علي بن أبي طالب
علي بن أبي طالب
محمد م571 ـ 634
عمران أبو طالب
1
الحسين بن علي
2
علي بن الحسين (زين العابدين)
3
محمد بن علي (الباقر)
4
جعفر بن محمد (الصادق)
5
إسماعيل بن جعفر
6
محمد بن إسماعيل
محمد بن إسماعيل
7
التعليقات:
في هذا الدور يظهر أنّ عمران أبا طالب، هو الإمام المقِيم في عهد الرسول الناطق محمّد، وأنّ الإمام محمّد بن إسماعيل هو الإمام السابع المتِم. ويلاحظ أنّ الإمام الحسن بن عليّ لم يذكر في شجرة النسب، لأنّه يعتبر إماماً مستودعاً لدى الإسماعيليّين، وهكذا محمّد بن الحنفية، وموسى بن جعفر (الكاظم).
ولهم جداول للدور الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس أعرضنا
عن ذكرها روماً للاختصار، كما أعرضنا عن ذكر تتمّات الدور السادس الّتي تبتدأ من الإمام محمّد ابن إسماعيل وتنتهي إلى كريم علي خان (آغا خان الرابع).
المقام الثاني: الإمامة الخاصّة:
قد تعرّفت على نظام الإمامة في مذهب الإسماعيليّة، والمهم هو الوقوف على ملامح الإمامة الخاصّة الّتي تصدّى لذكرها الداعي اليمني علي بن محمد الوليد في كتابه (تاج العقائد)، ونحن ننقل منه ما يبيّن عقيدتهم في ذلك.
1 ـ صاحب الوصيّة أفضل العالم بعد النبيّ في الدور:
إنّ صاحب الوصيّة هو من توجد عنده رموز شريعة النبيّ وأسرار ملّته وحقائق دينه ولا تتعداه ولا تؤخذ إلاّ منه، وإنّه المبرهِن عن أغراضه، والمفصح لأقواله، المبيّن لأفعاله، القائم بالهداية بعده، والحافظ لشريعته من الآراء المختلفة، وبذلك كان وصيّاً ولا يوجد في الأصحاب من يقوم مقامه.
2. في أنّ الإمامة في آل بيت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):
يَعتقد أنّ الإمامة في آل بيت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من نسل عليّ وفاطمة فرض من الله سبحانه أكمل به الدين، فلا يتمّ الدين إلاّ به، ولا يصحّ الإيمان بالله والرسول إلاّ بالإيمان بالإمام والحجّة، ويدلّ على فرض الإمامة إجماع الأُمّة على أنّ الدين والشريعة لا يقومان ولا يُصانان إلاّ بالإمام، وهذا حقّ؛ لأنّه سبحانه لا يترك الخلق سدى.
وإنّ الرسول نصّ على ذلك نصّاً تشهد به الأُمّة كافة بقوله: ((الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا، وأبوهما خير منهما))، ولم يحوج الأُمّة إلى اختيارها في تنصيب الإمام، بل نصّ عليها بهذا؛ لأنّ بالإمامة كمال الدين.
3 ـ في أنّ الإمامة وارثة النبوّة والوِصاية:
الإمام يرث من النبوّة الظواهر والأحكام وجري الأُمور على ما علمه من النظام، ويرث من صاحب الوِصاية المعاني الّتي ورثها عن النبوّة؛ ليكون الكمال موجوداً لقاصده، ومُسَلَّماً في شريعته الّتي جعلها عصمة لمن التجأ إليها، وطهارة لمن التزم قوانينها، وسار على محجّتها، فتسلم له دنياه ويفوز في عقباه بالتجائه إلى من عنده علم النجاة وحقيقة الشريعة.
أقول: ولا يذهب عليك أنّ الإمام على هذا أفضل من النبيّ كما هو أفضل من الوحي؛ لأنّ الإمام جامع لظاهر الشريعة وباطنها، إلاّ إذا كان النبيّ رسولاً، ولا أدري من أين لهم هذه الضوابط والقواعد، وما هو الدليل على هذا التقسيم؟!
4 ـ في انقطاع الوصاية بعد ذهاب الوصي:
يَعتقد أنّ الوصيّ إنّما يوصيه الرسول على معالم شريعته، وأسرار ملّته، وعيون هدايته، وحقيقة أقواله، وحفظ أسراره، فإذا قام بها ومضى إلى دار كرامته استحال قيام وصيٍّ ثانٍ بعده؛ لأنّ الشريعة لم تتغيّر ولا تذهبت فتأتي أوامر جديدة تحتاج إلى من يوصّى بحفظها.
5 ـ في استمرار الإمامة في العالم دون النبوّة والوِصاية:
يَعتقد أنّ الإمامة مستمرّة الوجود في الأدوار جميعها؛ من أوّلها إلى آخرها؛ لأنّ الإمام هو الوارث لما جاء به النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من الشرع والوصيّ على البيان؛ لكونه حافظاً في الأُمّة على الهداية الّتي ورثها منهما، ولمّا كان أمر الرسول والوصيّ جارياً على أهل الدور من أوّله إلى آخره كان من ذلك حفظ درجة الإمامة على الدور بالاستمرار والتوالي؛ إذ لم يبق زيادة تستجد فتحتاج إلى منزلة مستجدَّة، فكانت هداية موروثة منسوبة إلى أصل الدور، ومعلم الشريعة والبيان، فلا تزال هذه الحالة مستمرّة إلى حين تأذن الحكمة الإلهيّة بتجديد شريعة ثانية، ولمّا كانت شريعة محمّد لا تُنسخ ولا يفقد حكمها حتّى قيام الساعة، بقيت الإمامة فيها موجودة ومحفوظة إلى حين قيام الساعة؛ فلهذا استمرّت الإمامة في العالم دون النبوّة والوِصاية.
6 ـ في أنّ الإمام لا تجوز غيبته من الأرض:
إنّ الإمام لا تجوز غيبته عن الأُمّة بوجه، ولا بسبب، وإن حدثت فترة فتكون خواص شيعته على اتّصال به ويعرفون مقامه، ويدلّون من خلصت نيّته إلى مقره.
7 ـ في الوصيّة بعد الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى الوصيّ:
يَعتقد بوصيّة الرسول إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) من اثني عشر وجهاً، منها:
1 ـ قول النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): ((لا يحلّ لامرئ مسلم أن يبيت ليلتين إلاّ ووصيّته مكتوبة عند رأسه)).
2 ـ إجماعنا على أنّ الرسول استخلف عليّاً في المدينة في غزوة تبوك مقتدياً باستخلاف موسى لأخيه هارون عند مُضيِّه لميقات ربِّه، وفي هذا الاستخلاف، قال له: ((يا عليّ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى؛ إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي)).
3 ـ حديث الدار والإنذار، وقد ذكره المفسّرون في تفسير قوله سبحانه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214].(21)
أقول: والعجب أنّه لم يذكر حديث الغدير الّذي اتّفقت الأُمّة على نقله!!
8 ـ في قعود عليّ عن الخلافة:
ويَعتقد أنّ قعود الوصيّ بعد الوصيّة لم يكن عن عجز ولا تفريط؛ وذلك لأنّ الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد أعلمه عن دولة المتغلّبين، وعقوبة الله عزَّ وجلَّ لهم في ذلك بقوله: ((إنّ لك يا عليّ في أُمّتي من بعدي أمر، فإن ولّوك في عافية، وأجمعوا عليك في رضى، فقم بأُمورهم، وإن اختلفوا واتّبعوا غيرك، فدعهم وما هم فيه، فإنّ الله سيجعل لك مخرجاً)).
9 ـ في فساد إمامة المفضول:
يَعتقد بفساد إمامة المفضول وإبطال المُشرِك الناقض؛ لقوله عزَّ وجلَّ: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124].
فجلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه بيّن أنّ عهد الإمامة وخلافة الله تعالى لا تلحق من أشرك بالله طرفة عين، وإنّما يكون ميراثها في الطاهرين المصطفين؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32].
وقد ثبت أنّ كلّ من دخل في الإسلام من الجاهليّة فقد عبد الأصنام وتدنّس بالشرك، مع ما كانوا يفعلون برسول الله أيام حياته ممّا هو مشهور غير خفيّ.
وتوقّف كلّ واحد منهم بعده وحاجتهم إلى علم عليّ مع طهارته واصطفائه عليهم في حالتي العلم والجسم، وكونه لم يسجد لصنم، ولا توقّف عن أمر محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ولا كانت له سابقة في الجاهليّة، ولا أشرك في الله طرفة عين، ولا تحمّل، ولا كذب، ولا داهن، ولا مال إلى مفضول بالرغم من ميل الغير عنه إلى كلّ مفضول، مع إقرار المفضول على نفسه، بقوله: (ولّيت عليكم ولست بخيركم)، وغير ذلك من قوله: (فإن غلطت فردّوني وإن اعوجَجْتُ فقوّموني، فإنّ لي شيطاناً يغريني).(22)
10 ـ في إبطال اختيار الأُمّة للإمام:
ويَعتقد أنّ اختيار الأُمّة لنفسها الإمام غير جائز؛ لأنّ إقامة الحدود على الأُمّة هي للإمام، ففيها بعض رسوم الشريعة المبسوطة إلى الإمام، من دون الأُمّة، فإقامة الإمام الّذي تتعلّق به كلّ أُمور الشريعة؛ لأنّه صاحب المقام العظيم، والمستخلَف أولى أن يكون بأمر الله، وإذا كان إقامة الإمام بأمر الله كان من ذلك الإيجاب بأنّ الاختيار من الأُمّة باطل.(23)
11 ـ في أنّ كلّ متوثّب على مرتبة الإمام فهو طاغوت:
ويَعتقد أنّ كلّ من دفع الإمام عن مقامه ومنزلته وعانده بعد وصيّة النبيّ له في كلِّ عصر وزمان، إنّما هو المشار إليه باسم الطاغوت، وهو رئيس الجائرين الحائدين عن أمر الرسول؛ المعني بالظالم، الّذي توجهت إليه الإشارة وإلى أمثاله في كلّ دور: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} [الفرقان: 27].(24)
12 ـ في أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله فيها:
يَعتقد أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله فيها: من نبيّ، أو وصيّ، أو إمام يقوِّم المسائل، ويقيم الحدود، ويحفظ المراسيم، ويمنع الفساد في الشرع، ويقبل الأعمال، ويزكّي الصّفحة، وتقام به الحجّة على الطالب،
ويزيل المشكلات إذا جلّت على المتعلمين، ويَرْكِز الأُمّة بعد غيبة نبيها.(25)
أقول: إنّ ما ذكره من أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله حقّ، ولكن السبب ليس ما جاء في كلامه من إقامة الحدود، وحفظ المراسم، ومنع الفساد، فإن ذلك يقوم به سائر الولاة أيضاً، وإنّما الوجه أنّه الإنسان الكامل، وهو الغاية القصوى في الخِلقة، ويترتّب على وجود ذلك الإنسان الكامل بقاء العالم بإذن الله سبحانه وآخره لحصول الغاية.
13 ـ منع المبتدي عن الكلام:
ويَعتقد أنّ منع المبتدي عن الكلام في الدين، صفات، واقتداء بأفعال الله؛ وذلك أنّ الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل الطفل يتكلّم عند خروجه وولادته، وإنّما تأخّر عن الكلام لحكمة أوجبها، لتكون لأبويه عنده فضيلة التنطيق والتعليم، وكذلك المبتدي يُمنع من المجادلة والنطق بما يشقُّ على غيره، ومتى تعلّم من شيخه أو معلّمه القائم له مقام الصورة فيعلّمه الأُصول الّتي يجب الاحتياط بها.(26)
14 ـ في أنّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله:
ويَعتقد أنّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله, والدلالة على ذلك موافقة السنّة للكتاب، قال الله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: 101].
وقال النبيّ في خطبة الوداع: ((لا يقولنّ عليَّ أحد منكم ما لم أقله، فإنّي لم أُحلّل إلاّ ما أحلّه الله في كتابه، وكيف أُخالف كتاب الله و به هداني؟، و كيف أُخالف كتاب الله و به هداني وعليَّ أُنزل؟)).(27)
15 ـ في تخطئة القياس والاستحسان:
اتّفقت الإسماعيليّة قاطبة على منع العمل بالقياس والاستحسان، والرأي غير المستنبط من الكتاب والسنّة.
قال الداعي علي بن محمد الوليد: أصل الشريعة ليس بقياس؛ لأنّه أخْذ عن الله تعالى بتعليم الملَك، وأخْذ من الرسول بتعليم دون قياس، وأخذ من الوصيّ بتعليم النبيّ، وأخذ من الإمام بتعليم الوصيّ، وأخذ الرجال بتعليم الإمام دون رأي من يرى، وقياس من قاس، واجتهاد من اجتهد، بالظنون الكاذبة، والرأي، والآراء المتناقضة.(28)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راحة العقل: 47.
(2) تاج العقائد ومعدن الفرائد: 21.
(3) تاج العقائد ومعدن الفوائد: 26، ولكن الجمع بين نفي الأيس عنه سبحانه ونفي التسمية (الماهيّة) أمر محال؛ لأنّ الواقع لا يخلو عن أحد الأمرين: فهو وجود محض، أو وجود ذو ماهيّة، فلاحظ.
(4) رسائل إخوان الصفا: 3/189.
(5) راحة العقل: 83.
(6) تاج العقائد: 166 ـ 168.
(7) تاج العقائد: 179.
(8) تاج العقائد: 57 ـ 58.
(9) تاج العقائد: 51.
(10) راحة العقل: 421 ـ 422.
(11) تاج العقائد: 97.
(12) تاج العقائد: 59 ـ 60.
(13) تاج العقائد: 101.
(14) تاج العقائد: 101.
(15) تاج العقائد: 165.
(16) راحة العقل: 379.
(17) الإمامة في الإسلام: 143 ـ 144.
(18) الإمامة في الإسلام: 141.
(19) وفي المصدر بنت، ولعلّ الصحيح ما أثبتناه .
(20) إنّ هُنيد مربي آدم، وهو الإمام المقيم، فهل هو من جنس آدم أو ملَك أو جنّ أو غيرهما؟!، والعجب أنّه لم يأت اسمه في الذكر الحكيم، ولو كان له ذلك المقام الشامخ فأولى أن يكون معلم الملائكة لا آدم!! فتدبّر.
(21) تاج العقائد: 60 ـ 64.
(22) تاج العقائد: 75 ـ 76.
(23) تاج العقائد: 76.
(24) تاج العقائد: 78 ـ 79.
(25) تاج العقائد: 181.
(26) تاج العقائد: 181.
(27) تاج العقائد: 98.
(28) تاج العقائد: 82 ـ 84.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|