أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-05-2015
2829
التاريخ: 26-05-2015
1795
التاريخ: 26-05-2015
2156
التاريخ: 26-05-2015
2813
|
هو عبدالملك بن الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي يعقوب الجويني.
أثنى عليه كلّ من ذكره ، يقول ابن خلّكان : أعلم المتأخّرين من أصحاب الإمام الشافعي على الإطلاق ، المجمع على إمامته ، المتفق على غزارة مادته وتفننه في العلوم من الأُصول والفروع والأدب ، ورزق من التوسع في العبارة ما لم يعهد من غيره ، وكان يذكر دروساً يقع كلّ واحد منها في عدة أوراق ولا يتلعثم في كلمة منها ، وقد أقام بمكة أربع سنين ، وبالمدينة يدرس ويفتي ويجمع طرق المذهب ، ولقب بإمام الحرمين (1) .
وقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 456 الحوافز التي ألجأت أبا المعالي إلى مغادرة موطنه والخروج إلى الحجاز ، وما هي إلاّ محنة الأشاعرة في عصر الوزير العميد الكندري وزير طغرل بك السلجوقي قال : كان شديد التعصب على الشافعية كثير الوقيعة في الشافعي بلغ من تعصبه أنّه خاطب السلطان ، في لعن الرافضة على منابر خراسان ، فأذن ذلك ، فأمر بلعنهم وأضاف إليهم الأشعرية ، فأنف من ذلك أئمّة خراسان ، منهم الإمام أبو القاسم القشيري والإمام أبو المعالي الجويني وغيرهما ، ففارقوا خراسان ، وأقام إمام الحرمين بمكة أربع سنين إلى أن انقضت دولته ، يدرّس ويفتي ، فلهذا لقب إمام الحرمين ، فلما جاءت الدولة النظامية ( نظام الملك ) أحضر من انتزح منهم وأكرمهم وأحسن إليهم (2) .
أساتذته
تخرّج على والده الشيخ عبد الله بن يوسف وكان عالماً فقيهاً شافعياً غزير الإنتاج توفي سنة 438 وله من الآثار « الفروق » و « السلسلة » و« التبصرة » و « التذكرة » وغيرها ، توفي والابن في سن التاسعة عشرة ، فأتم دراسته بالاختلاف إلى مدرسة البيهقي ، فتخرج على الشيخ أبي القاسم الإسفرائيني وغيره من الأساتذة الذين أخذ عنهم علمه.(3)
آثاره
ترك من الآثار العلمية ما يربو على عشرين كتاباً بين مطبوع منتشر ، ومخطوط موجود في خزائن الكتب في مصر وباريس وبرلين ، وإليك أسماء المطبوعة منها :
1 ـ « الإرشاد في أُصول الدين » وقد طبع في باريس وبرلين والقاهرة.
2 ـ « الرسالة النظامية في الأحكام الإسلامية » وقد طبعت في القاهرة باسم « العقيدة النظامية » سنة 1367 وقد ترجمت إلى الألمانية عام 1958م.
3 ـ « الشامل في أُصول الدين » وقد طبع الكتاب الأوّل ( العلل ) من الجزء الأوّل منه في القاهرة 1961م.
4 ـ « غياث الأُمم في الإمامة » ويعدّه الباحثون أحسن منهجاً من كتاب « الأحكام السلطانية » للماوردي ، نشرته دار الدعوة بالإسكندرية.
5 ـ « مغيث الخلق في اختيار الأحق » وللشيخ محمد زاهد الكوثري رسالة أسماها « إحقاق الحقّ بإبطال الباطل » في « مغيث الخلق » نشرت في القاهرة 1941م.
6 ـ « الورقات في أُصول الفقه والأدلّة ». (4)
ويظهر ممّا نشر في كتبه الكلامية أنّه يستمد في آرائه عن المشايخ الثلاثة :
1 ـ أبو الحسن الأشعري المتوفّى عام 324 ويعبر عنه ب ـ « شيخنا ».
2 ـ أبو بكر الباقلاني المتوفّى سنة 403ويعبّر عنه ب ـ « القاضي ».
3 ـ أبو إسحاق الاسفرائيني المتوفّى عام 413 ويعبر عنه ب ـ الأُستاذ ».
آراؤه ونظرياته
يبدو أنّ أبا المعالي كان حراً في إبداء النظر ورفض الأفكار وقبولها ، وإليك بعض آرائه :
1 ـ أنكر مسألة خلق الأفعال ، وأنّ الإنسان مسلوب الاختيار ، وقد عرفت أنّ القول بكون أفعال العباد مخلوقة يعدّ إحدى دعائم العقيدة الأشعرية ، وقد قال أبو المعالي بدور الإنسان في أعماله. ولو كان هذا مذهبه كما نسبه إليه الشهرستاني فما معنى المناظرة التي دارت بينه وبين « أبي القاسم بن برهان » في مسألة أفعال العباد؟
قال القاسم : هل للعباد أعمال؟ فقال أبو المعالي : إن وجدت آية تقتضي ذا فالحجة لك ، فتلا { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } [المؤمنون: 63] ومدّ بها صوته وكرر « هم لها عاملون »و قوله : { لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [التوبة : 42] أي كانوا مستطيعين. فأخذ أبو المعالي يستروح إلى التأويل. فقال : والله إنّك بارد وتتأوّل صريح كلام الله لتصحح بتأويلك كلام الأشعري وأكلّه ابن برهان بالحجة فبهت. (5)
ولعل هذه المناظرة ونظائرها دعته إلى العدول عن نظرية الأشعري في أفعال العباد ، والانسلاك في خط القائلين بالاختيار للإنسان.
ولأجل عدم قوله بالقدر الجبري ورفضه هذه الأحاديث ربما اتّهموه بأنّه من فرط ذكائه وإمامته في الورع ، وأُصول المذهب ، وقوة مناظرته ، لا يدري الحديث كما يليق به لا متناً ولا إسناداً. (6)
2 ـ ما نقل عنه في كتاب البرهان قال : « إنّ الله يعلم الكليات لا الجزئيات »وهذه نظرية المعتزلة في علمه سبحانه لا الأشاعرة ، وهي وإن كانت باطلة جداً لكن الإصحار بها في تلك الظروف المليئة بالحقد والتحامل على المعتزلة ، يكشف عن أنّ الرجل كان يملك حرية خاصة في طرح المسائل.
3 ـ قد سلك في الصفات الخبرية مسلك الحزم والاحتياط ، فأجرى الظواهر على مواردها وفوض معانيها إلى الرب.
قال في « الرسالة النظامية » : ( نشرها محمد زاهد الكوثري عام 1367 هـ ) اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنّة ، وامتنع على أهل الحقّ فحواها ، فرأى بعضهم تأويلها ، والتزم ذلك في القرآن ، وما يصحّ من السنن ، وذهب أئمّة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى ، والذي نرتضيه رأياً ، وندين الله به عقداً ، أنّ اتّباع سلف الأُمّة حجّة متبعة ، وهو مستند معظم الشريعة ، وقد درج صحب الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) على ترك التعرض لمعانيها ، ودرك ما فيها وهم صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة ، وكانوا لا يألون جهداً في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها ، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها ، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغاً أو محتوماً لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة ، فإذا تصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل ، كان ذلك قاطعاً بأنّه الوجه المتبع ، فحقّ على ذي الدين أن يعتقد تنزّه الباري عن صفات المحدثين ، ولا يخوض في تأويل المشكلات ، ويكل معناها إلى الرب ، فليجر آية الاستواء والمجيء وقوله : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص: 75] و { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } [الرحمن: 27] و { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } [القمر: 14] وما صحّ من أخبار الرسول ، كخبر النزول وغيره على ما ذكرناه. (7)
قصص الخرافة
إنّ من يصفه ابن عساكر (8) وغيره بأنّه إمام الأئمّة على الإطلاق حبر الشريعة المجمع على إمامته شرقاً وغرباً ، المقر بفضله السراة والحراة ، وعجماً وعرباً ، من لم تر العيون مثله قبله ولا يرى بعده الخ ، إلى غير ذلك من كلمات التبجيل وعظائم التكريم لا يصدر عنه ما يذكره الذهبي في ترجمته :
1 ـ قرأت بخط أبي جعفر أيضاً : سمعت أبا المعالي يقول : قرأت خمسين ألفاً في خمسين ألفاً ، ثمّ خليت أهل الإسلام الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة ، وركبت البحر الخضم ، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام ، كلّ ذلك في طلب الحق ، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد ، والآن فقد رجعت إلى كلمة الحق « عليكم بدين العجائز » فإن لم يدركني الحق بلطيف بره ، فأموت على دين العجائز ويختم عاقبة أمري عند الرحيل على كلمة الإخلاص ، لا إله إلاّ الله ، فالويل لابن الجويني (9).
2 ـ قال الحافظ محمد بن طاهر : سمعت أبا الحسن القيرواني الأديب ـ وكان يختلف إلى درس الأُستاذ أبي المعالي في الكلام ـ فقال : سمعت أبا المعالي اليوم يقول : يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام ، فلو عرفت يبلغ بي ما بلغ ، ما اشتغلت به (10) .
ولو صحّ ذلك ، لما كان ينفعه مجرّد الندم ، بل لكان علي هـ وراء إبراز الندامة ـ أن يأمر بإحراق مسفوراته ، إلاّ ما كان منها مطابقاً للسنّة ، وكان عليه البراءة ممّا كان يقول ، كما تبرأ شيخه الأشعري على صهوات المنابر ، ولعلّ هذه النقول كلّها من موضوعات بعض الحنابلة الذين يروق لهم ترويج مذهبهم بعزو الشخصيات البارزة إلى الانسلاك في سلكهم يوم هلاكهم وموتهم ، يوم لا ينفعهم الندم والانسلاك.
وكما لا يصحّ ذلك ، لا يصحّ ما نقل أيضاً :
1 ـ قال محمد بن طاهر : حضر المحدث أبو جعفر الهمداني مجلس وعظ أبي المعالي ، فقال : كان الله ولا عرش ، وهو الآن على ما كان عليه ، فقال أبو جعفر : أخبرنا يا أُستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها ، ما قال عارف قط يا الله إلاّ وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو ، لا يلتفت يمنة ولا يسرة ، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا ، أو قال : فهل عندك دواء لدفع هذه الضرورة التي نجدها؟ فقال : يا حبيبي ما ثم إلاّ الحَيْرة ، ولطم على رأسه ونزل ، وبقي وقت عجيب. وقال فيما بعد : حيرني الهمداني. (11)
2 ـ قال أبو جعفر الحافظ ؛ سمعت أبا المعالي وسئل عن قوله : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه : 5] (12) فقال : كان الله ولا عرش. وجعل يتخبّط ، فقلت : هل عندك للضرورات من حيلة؟ فقال : ما معنى هذه الإشارة؟ قلت : ما قال عارف قط يا رباه إلاّ قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة ـ يقصد الفوق ـ فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة فتنبئنا نتخلص من الفوق والتحت؟ وبكيت وبكى الخلق ، فضرب بكمه على السرير وصاح بالحيرة ، ومزق ما كان عليه ، وصارت قيامة في المسجد ، ونزل يقول يا حبيبي الحيرة والحيرة والدهشة الدهشة. (13)
يعز على الأشاعرة أن يجهل إمام الحرمين ـ الذي يصفه ابن عساكر بأنّه « لم تر العيون مثله قبله ولا ترى بعده » (14) ـ بجواب هذا السؤال ، حتى يتخذه السائل سنداً لحلوله سبحانه في العرشوكينونته فيه.
وقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عنه وقيل له : ما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟
قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : « ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنّه عزّوجلّ أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنّه جعله معدن الرزق فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) حين قال : ارفعوا أيديكم إلى الله عزّوجلّ » (15) .
وفي الختام إنّ أبا المعالي أجاب دعوة ربّه في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة 478 ودفن في داره ، ثمّ نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين فدفن بجنب والده ، وغلقت الأسواق ، ورثي بقصائد ، وكان له نحو من أربعمائة تلميذ كسروا محابرهم وأقلامهم وأقاموا حولاً ، ووضعت المناديل عن الرؤوس عاماً بحيث ما اجترأ أحد على ستر رأسه ، وكان الطلبة يطوفون بالبلد نائحين عليه مبالغين في الصياح والجزع (16) .
وممّا قيل في وفاته :
قلوب العالمين على المقالي |
|
وأيام الورى شبه الليالي |
أيثمر غصن أهل الفضل يوماً |
|
وقد مات الإمام أبو المعالي (17) |
____________________
1 ـ وفيات الأعيان : 3/167 ـ 168برقم 378.
2 ـ الكامل في التاريخ : 10/31 ـ 33 ـ وقد مرّ بيان الحادثة في الأمر الأوّل من الخاتمة.
3 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية : 1/281 ـ 282.
4 ـ الأعلام للزركلي : 4/160 ؛ سير أعلام النبلاء : 18/475 ـ 476.
5 ـ سير أعلام النبلاء : 18/469و « أكلّه » : أعياه.
6 ـ نفس المصدر : 18/471.
7 ـ سير أعلام النبلاء : 18/473 ـ 474.
8 ـ التبيين : 278.
9 ـ سير أعلام النبلاء : 18/471.
10 ـ نفس المصدر : 18/474.
11 ـ نفس المصدر : 18/474 ـ 475.
12 ـ طه : 5.
13 ـ سير أعلام النبلاء : 18/476 ـ 477.
14 ـ التبيين : 278.
15 ـ التوحيد للصدوق : 248.
16 ـ سير أعلام النبلاء : 18/476.
17 ـ تبيين كذب المفتري : 285.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|