أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-9-2018
14578
التاريخ: 8-1-2023
1790
التاريخ: 7-6-2022
1956
التاريخ: 31-5-2022
1983
|
إن إعلان حالة الطوارئ نتيجة مرور الدول بظروف استثنائية خطيرة لها تأثيرها الكبير بمنح الجهة القائمة عليها سلطات لها أثرها السلبي الواضح على ممارسة حقوق وحريات الأفراد، تلك الحقوق التي لا تتطلب من الدولة سوى واجب الامتناع عن التدخل ، اي تفرض على الدول التزام سلبي بذلك ، والحقوق السياسية التي تتأثر بهذه الحالة كثيرة الا ان هناك بعضاً منها يتأثر بحالة الطوارئ أكثر من غيرها.
فعلى صعيد المشاركة في الحياة العامة عن طريق الانتخاب والترشيح والتصويت، تتعرض ممارسة هذه الحقوق لقيود شديدة في حالة الطوارئ من جانب الحكومات وخصوصاً الديكتاتورية منها ، إذ تلجأ هذه الحكومات إلى إلغاء جميع الأحزاب ، وتأسيس حزب واحد يساندها في ممارسة السلطة ويحاول أن يكسب تأييد الشعب ، وتقضي على اي معارضة او نقاش لا تتفق مع سيادتها ، وقد ينتهي الأمر بحل الهيئة التشريعية وتأجيل الانتخابات او إلغاءها(1)، وهي عندما تلجأ إلى ذلك تبرره بضرورة حماية الأمن الوطني او بدعوى التخفيف من حدة الخطر او التهديد بالخطر الذي يوجهها ابان حالات العنف ، والاضطرابات الداخلية ، او عدم الاستقرار السياسي ، ألا إن تأجيل الانتخابات العامة، او وقف إجراءها لأجل غير مسمى بدعوى وجود ظروف استثنائية ، أمر غير جائز خاصة إذا ما استطالت تلك الظروف وكانت بسبب غير الحرب ، لأن في ذلك خرق واضح لحق مهم من الحقوق التي كفلتها دساتير الدول، وهو الحق السياسي للفرد في المشاركة في إدارة الدولة (2).
لهذا نعتقد إن قانون الطوارئ العراقي (أمر الدفاع عن السلامة الوطنية لسنة 2004) كان موفقاً عندما نص على (عدم جواز استخدام أي مادة في هذا الأمر لتعطيل إجراء الانتخابات في المدة المحددة ويجب على الحكومة المؤقتة الالتزام بواجبها الأساسي بتهيئة الأجواء الأمنية المناسبة لإجراء الانتخابات في موعدها( (3).
أما في مجال ممارسة حرية الرأي والتعبير ، إذ تتعرض حرية الصحافة والمطبوعات ووسائل الإعلام في حالة الحروب والاضطرابات الداخلية ، إلى رقابة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة او اغراض الأمن القومي لتهدئة النفوس ولإعادة استتباب الأمن ، ويجيز قانون الطوارئ للسلطة التنفيذية في بعض الدول ، فرض الرقابة على الصحف والمطبوعات ومصادرتها وحبس الصحفيين ، وإصدار أحكام نهائية ، بحقهم ومحاكمة الصحفيين أمام المحاكم الاستثنائية بسبب ما ينشرونه من آراء ، ولكل ذلك أثره السلبي على الناحية الثقافية والعلمية في الدولة ، وعرقلة للنظام الديمقراطي الذي تسعى إليه الشعوب ، ومصادرة لحقوق الأفراد المصونة بموجب الدساتير والمواثيق الدولية(4).
وفيما يتعلق بحرية الاجتماع وتكوين الجمعيات ، نلاحظ ان قوانين الطوارئ في دول كثيرة تمنع تجمع الأشخاص في مكان واحد ، وتفرض رقابة على هذا التجمع(5).كما أنها تقوم بحل الجمعيات والنوادي والنقابات إذا ثبت أنها تعمل لصالح دولة أجنبية او تقوم ببث التفرقة بين صفوف الشعب وإثارة الفتن والعصيان في البلاد وكل ذلك يكون بدافع حماية النظام العام والمصلحة العامة للدولة(7).
وبناءً على ذلك ، يتضح ان ممارسة الحقوق السياسية يمكن ان تخضع في الظروف الاستثنائية للتقييد ، على ان مناط مشروعية هذا التقييد يتمثل بضرورة مراعاة أمور أربعة:.
١- أن تكون هذه القيود منصوصاً عليها في القانون.
٢- أن يكون فرض هذه القيود امراً ضروريا في كل مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن العام او النظام العام.
۳- أن لا تنطوي هذه القيود على التمييز بين الأفراد.
٤- أن لا يصل هذا التقييد إلى حد حرمان الفرد حرماناً تاماً من حقوقه(8).
إذن إن تقييد الحقوق والحريات يجب ان يكون فقط اذا كانت مصلحة البلاد كلها في خطر إذ لا يجوز التذرع بالأمن القومي او الأمن العام من قبل السلطة القائمة في بلد ما لغرض فرض القيود وإعلان حالة الطوارئ العامة لما يسببه من انتهاك لحقوق الإنسان وحرياته العامة .
من خلال ما تقدم ، تقتضي الإشارة إلى إن قيام حالة الطوارئ بكافة شروطها ، يترتب عليه إعطاء الدولة صلاحية تقييد ممارسة الحقوق السياسية كما رأينا بيد ان صلاحية التقييد هذه ليست مطلقة ، اذ تستثنى بعض الحقوق السياسية ، وتلزم الدولة بعدم المساس بها حتى في ظل إعلان حالة الطوارئ ، ومن هذه الحقوق السياسية حرية الفكر والدين والمعتقد(9).
وفي هذا الصدد يشير احد الأكاديميين إلى ( إن استثناء بعض الحقوق من أي تعطيل في اي ظرف يمثل خطوة متقدمة على طريق الحفاظ على بعض الحقوق في الأقل ، وهي تجسد أقصى ما يمكن ان يتوصل اليه المجتمع في هذه المرحلة من تطوره((10).
من العرض السابق يتضح لنا ان قوانين الطوارئ وضعت لمواجه ظروف استثنائية على درجة كبيرة من الخطورة من شانها تعريض مصالح البلاد العليا للخطر الا ان ما يتم ملاحظته هو أن العديد من أنظمة الدولة النامية تستخدم هذا القانون لقمع الشعب ، واضطهاده ، واستغلاله، لاغتيال الحريات والحقوق الأساسية للفرد . ومثال على ذلك ، ما يحدث في الدول التي تحكمها الأنظمة الدكتاتورية من استعمال قانون الطوارئ لسنوات طويلة ، حتى بعد زوال أسباب إعلان حالة الطوارئ ، اذ يلاحظ في مصر مثلاً إسراف الحكومة في إعلانها لحالة الطوارئ للقيام بتقييد الحقوق والتعدي عليها ، كان اخرها بعد اغتيال الرئيس السادات لعام 1981 ولاشك ان إعلانها في ذلك الوقت له ما يبرره ، غير ان استمرار العمل منذ ذلك التاريخ ، ومدها عام بعد عام بموافقة البرلمان لحين سقوط النظام السابق ، (نظام حسني مبارك) ليس له ما يبرره باي حال من الأحوال ، ويفقد الأساس القانوني لعدم وجود السبب المقرر لبقائها(11).
نتيجة لذلك ، أهدرت العديد من حقوق وحريات الأفراد ، إذ أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، بعض الأمثلة لممارسات استندت إلى قانون الطوارئ في مصر ، اهدرت فيه حقوق المواطنين السياسية وقيدت حرياتهم ، مثل التوسع في الاعتقالات التعسفية في قضايا الرأي، ومنح وزير الداخلية الصلاحيات الواسعة في مراقبة النشرات ، والصحف ، والمطبوعات، ووضع القيود على حرية الأشخاص في التجمع والتظاهر والقبض على المشتبه بهم(12).
مما سبق، نرى انه من اجل تفادي مساوئ الإعلان المستمر لحالة الطوارئ وما يترتب عليه من الانتقاص لحقوق المواطنين ، من ضرورة تطوير النصوص الدستورية التي تكفل الحقوق والحريات في الظروف الاستثنائية ، بالإضافة إلى عدم إعلان حالة الطوارئ الا في حالات الحرب ، او عند وقوع اضطراب جسيم يخل بالأمن اخلالاً خطيراً وخلال مدة زمنية محدودة جداً ، فضلاً عن تعزيز الضمانات اللازمة القانونية منها والسياسية لحماية الحقوق والحريات من تعسف السلطات العامة ، خصوصاً السلطة التنفيذية ، من خلال مراقبة الإجراءات المتخذة إثناء هذه الظروف وذلك عبر تعزيز استقلالية القضاء .
_____________
1- د. صالح جواد الكاظم ، د. علي غالب العاني ، الأنظمة السياسية ، بدون طبعة ، العاتك ، القاهرة ، ص1.
2- احمد علي حمزة الجنابي ، اثر الظروف الاستثنائية على حقوق الإنسان ، رسالة ماجستير، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2006 ، ص88،87.
3- المادة (12) من امر الدفاع عن السلامة الوطنية في العراق لسنة 2004.
4- المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حالة حقوق الإنسان في مصر ، مقال منشور على الموقع الاليكتروني:. www.eohr,org/ar/annual/2002-9-2-2005
5- اظين خالد عبد الرحمن ، ضمانات حقوق الانسان في ظل قانون الطورائ ، رسالة ماجستير، الطبعة الاولى ، دار الحامد ، عمان ، 2009 ، ص153.
6- عامر احمد المختار، تنظيم سلطة الضبط الإداري في العراق ، رسالة ماجستير، جامعة بغداد ، 1975، ص253
7- احمد حمزة الجنابي ، مصدر سبق ذكره ، ص88.
8- محمد احمد إبراهيم عبد الرسول ، ضمانات الأفراد في ظل الظروف الاستثنائية في المجالين الدولي والإداري(الداخلي) ، أطروحة دكتوراه ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص198.
9- احمد خنجر الخزاعي ، مصدر سبق ذكره ، ص147.
10- د. إبراهيم علي بدوي الشيخ ، نفاذ التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان في النظام القانوني المصري ، بدون طبعة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2003 ، ص311،310.
11- المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، حقوق الإنسان في الوطن العربي ، القاهرة ، 1989 ، ص141.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|