أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-05-2015
1640
التاريخ: 25-4-2018
4887
التاريخ: 24-05-2015
1312
التاريخ: 24-05-2015
1095
|
ما قولكم دام فضلكم في رجل من أهل العلم هنا تظاهر باعتقاد جهة فوقية للّه سبحانه وتعالى ، ويدّعي أنّ ذلك مذهب السلف وتبعه على ذلك البعض القليل من الناس ، وجمهور أهل العلم ينكرون عليه ، والسبب في تظاهره بهذا المعتقد ـ كما عرض علي هو بنفسه ذلك ـ عثوره على كتاب لبعض علماء الهند نقل فيه صاحبه كلاماً كثيراً عن ابن تيمية في إثبات الجهة للباري سبحانه ، وليكن معلوماً أنّه يعتقد الفوقية الذاتية له جلّ ذكره ، يعني أنّ ذاته فوق العرش بمعنى ما قابل التحت مع التنزيه ، ويخطِّئ أبا البركات الدرديري ، في قوله في خريدته :
منزّه عن الحلول والجهة |
|
والاتصال والانفصال والسفة |
يخطّئه في موضعين من البيت :
قوله : « والجهة » وقوله : « والانفصال » ، ويخطِّئ الشيخ « اللقاني » في قوله :
ويستحيل ضد ذي الصفات |
|
في حقّه كالكون في الجهات |
وبالجملة فهو مخطِّئ لكلّ من يقول بنفي الجهة مهما كان قدره ـ إلى أن قال ـ : إنّ قول فضيلتكم لا سيما في مثل هذا الأمر هو الفصل.
فوافاه الجواب بالنحو التالي :
إلى حضرت الفاضل العلاّمة الشيخ أحمد علي بدر خادم العلم الشريف ببلصفورة :
قد أرسلتم بتاريخ 22محرم سنة 1325 مكتوباً مصحوباً بسؤال عن حكم من يعتقد ثبوت الجهة له تعالى ، فحررنا لكم الجواب الآتي وفيه الكفاية لمن اتّبع الحقّ وأنصف ، جزاكم اللّه عن المسلمين خيراً :
اعلم أيّدك اللّه بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه ، أنّ مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السنّيون : أنّ اللّه تعالى منزّه عن مشابهة الحوادث ، مخالف لها في جميع سمات الحدوث ، ومن ذلك تنزّهه عن الجهة والمكان ، كما دلّت على ذلك البراهين القطعية ، فإنّ كونه في جهة يستلزم قدم الجهة أو المكان وهما من العالم ، وهو ما سوى اللّه تعالى ، وقد قام البرهان القاطع على حدوث كلّ ما سوى اللّه تعالى بإجماع من أثبت الجهة ومن نفاها ، ولأنّ المتمكن يستحيل وجود ذاته بدون المكان مع أنّ المكان يمكن وجوده بدون المتمكن لجواز الخلاء ، فيلزم إمكان الواجب ووجوب الممكن وكلاهما باطل ، ولأنّه لو تحيز لكان جوهراً لاستحالة كونه عرضاً ، ولو كان جوهراً فإمّا أن ينقسم وإمّا أن لا ينقسم ، وكلاهما باطل ، فإنّ غير المنقسم هو الجزء الذي لا يتجزأ وهو أحقر الأشياء ، تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً. والمنقسم جسم وهو مركّب والتركيب ينافي الوجوب الذاتي ، فيكون المركّب ممكناً يحتاج إلى علّة مؤثرة ، وقد ثبت بالبرهان أنّه تعالى واجب الوجود لذاته ، غني عن كلّ ما سواه ، مفتقر إليه كلّ ما عداه ، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ....
هذا وقد خذل اللّه أقواماً أغواهم الشيطان وأزلّهم ، اتّبعوا أهواءهم وتمسّكوا بما لا يجدي فاعتقدوا ثبوت الجهة ، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً ، واتّفقوا على أنّها جهة فوق ، إلاّ أنّهم افترقوا ، فمنهم من اعتقد أنّه جسم مماس للسطح الأعلى من العرش ، وبه قال الكرامية واليهود ، وهؤلاء لا نزاع في كفرهم; ومنهم من أثبت الجهة مع التنزيه ، وأنّ كونه فيها ليس ككون الأجسام ، وهؤلاء ضلاّل فسّاق في عقيدتهم ، وإطلاقهم على اللّه ما لم يأذن به الشارع ، ولا مرية أنّ فاسق العقيدة أقبح وأشنع من فاسق الجارحة بكثير سيما من كان داعية أو مقتدى به.
وممّن نسب إليه القول بالجهة من المتأخرين ، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي من علماء القرن الثامن ، في ضمن أُمور نسبت إليه خالف الإجماع فيها عملاً برأيه ، وشنّع عليه معاصروه ، بل البعض منهم كفروه ، ولقي من الذل والهوان ما لقي ، وقد انتدب بعض تلامذته للذب عنه وتبرئته ممّا نسب إليه وساق له عبارات أوضح معناها ، وأبان غلط الناس في فهم مراده ، واستشهد بعبارات له أُخرى صريحة في دفع التهمة عنه ، وأنّه لم يخرج عمّا عليه الإجماع ، وذلك هو المظنون بالرجل لجلال قدره ورسوخ قدمه.
وما تمسك به المخالفون القائلون بالجهة أُمور واهية وهمية ، لا تصلح أدلّة عقلية ولا نقلية ، قد أبطلها العلماء بما لا مزيد عليه ، وما تمسكوا به ظواهر آيات وأحاديث موهمة كقوله تعالى : ( الرّحمنُ عَلى الْعَرشِ اسْتَوى ) وقوله : ( إِليهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَيِّب ) وقوله : ( تَعْرُجُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ إليهِ ) وقوله : ( أأمِنتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أن يَخْسَِفَ بِكُمُ الأرض ) وقوله : ( وَهُوَ القاهِرُ فوقَ عِبادِهِ ) وكحديث إنّه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كلّ ليلة ، وفي رواية : في كلّ ليلة جمعة ، فيقول هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ وكقوله للجارية الخرساء : « أين اللّه؟ فأشارت إلى السماء » حيث سأل بأين التي للمكان ولم ينكر عليها الإشارة إلى السماء ، بل قال إنّها مؤمنة.
ومثل هذه يجاب عنها بأنّها ظواهر ظنية لا تعارض الأدلّة القطعية اليقينيّة الدالّة على انتفاء المكان والجهة ، فيجب تأويلها وحملها على محامل صحيحة لا تأباها الدلائل والنصوص الشرعية ، إمّا تأويلاً إجمالياً بلا تعيين للمراد منها كما هو مذهب السلف ، وإمّا تأويلاً تفصيلياً بتعيين محاملها وما يراد منها كما هو رأي الخلف ، كقولهم : « إنّ الاستواء بمعنى الاستيلاء » كما في قول القائل :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
وصعود الكلم الطيب إليه قبوله إياه ورضاه به ، لأنّ الكلم عرض يستحيل صعوده وقوله : « من في السماء » أي أمره وسلطانه أو ملك من ملائكته موكل بالعذاب ، وعروج الملائكة والروح إليه صعودهم إلى مكان يتقرب إليه فيه. وقوله : « فوق عباده » أي بالقدرة والغلبة ، فإنّ كلّ من قهر غيره وغلبه فهو فوقه أي عال عليه بالقهر والغلبة ، كما يقال : أمر فلان فوق أمر فلان ، أي إنّه أقدر منه وأغلب. ونزوله إلى السماء محمول على لطفه ورحمته وعدم المعاملة بما يستدعيه علو رتبته وعظم شأنه على سبيل التمثيل ، وخصّ الليل لأنّه مظنّة الخلوة والخضوع وحضور القلب. وسؤاله للجارية « بأين » استكشاف لما يظن بها اعتقاده من أينية المعبود كما يعتقده الوثنيون ، فلمّا أشارت إلى السماء ، فهم أنّها أرادت خالق السماء فاستبان أنّها ليس وثنية ، وحكم بإيمانها.
وقد بسط العلماء في مطوّلاتهم تأويل كلّ ما ورد من أمثال ذلك ، عملاً بالقطعي وحملاً للظنّي عليه ، فجزاهم اللّه عن الدين وأهله خير الجزاء.
ومن العجيب أن يدع مسلم قول جماعة المسلمين وأئمّتهم ويتمشدق بترّهات المبتدعين وضلالتهم. أما سمع قول اللّه تعالى { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] فليتب إلى اللّه تعالى من تلطخ بشيء من هذه القاذورات ولا يتبع خطوات الشيطان فإنّه يأمر بالفحشاء والمنكر ، ولا يحملنه العناد على التمادي والإصرار عليه ، فإنّ الرجوع إلى الصواب عين الصواب والتمادي على الباطل يفضي إلى أشدّ العذاب { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } [الكهف : 17].
نسأل اللّه تعالى أن يهدينا جميعاً سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلّى اللّه تعالى وسلم على سيّدنا محمّد وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أملاه الفقير إليه سبحانه « سليم البشري » خادم العلم والسادة المالكية بالأزهر عفا عنه آمين آمين. (1)
__________________
1 ـ الفرقان للعلاّمة القضاعي المصري : ص72 ـ 76 ، وقد طبع مع كتاب « الأسماء والصفات » للبيهقي ، وتوفي المجيب عام 1335 وهو الذي قد جرت بينه وبين السيد شرف الدين مكاتبات طبعت باسم « المراجعات ».
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|