أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
8428
التاريخ: 12-11-2019
1436
التاريخ: 28-1-2020
1326
التاريخ: 5-8-2020
2291
|
سر ولادة علي عليه السلام في الكعبة :
إننا قبل أن ندخل في الإجابة على السؤال المذكور ، نحب التذكير بأن بين النبوة والإمامة ، والنبي والإمام فرقا ، فيما يرتبط بترتيب الأحكام الظاهرية على من يؤمن بذلك وينكر ، ومن يتيقن ويشك ، ومن يحب ويبغض ..
فأما بالنسبة للنبوة والنبي «صلى الله عليه وآله» ، فإن أدنى شك أو شبهة بها ، وكذلك أدنى ريب في الرسول «صلى الله عليه وآله» يوجب الكفر ، كما أن بغض الرسول «صلى الله عليه وآله» بأي مرتبة كان ، يخرج الإنسان من الإسلام واقعا ، وتلحقه وتترتب عليه أحكام الكفر ، في مرحلة الظاهر أيضا ، فيحكم عليه بالنجاسة ، وبأنه لا يرث من المسلم وغير ذلك ..
وأما الإمامة والإمام «عليه السلام» ، فإن الحكمة والرحمة الإلهية ، وحب الله تعالى للناس ، ورفقه بهم ، قد اقتضى :
أن لا تترتب الأحكام الظاهرية على من أنكر الإمامة ، أو شك فيها ، أو في الإمام «عليه السلام» ، أو قصر في حبه .. ولكن بشرطين :
أحدهما : أن يكون ذلك الإنكار ، أو الشك ، أو التقصير ناشئا عن شبهة ، إذ مع عدم الشبهة في ثبوت النص أو في دلالته ، يكون المنكر أو الشاك مكذبا لرسول الله صلى الله عليه وآله ، رادا على الله سبحانه ، ومن كان كذلك فهو كافر جزما ..
الثاني : أن لا يكون معلنا ببغض الإمام ، ناصبا العداء له ، لأن الناصب حكمه حكم الكافر أيضا ..
.....
معالجة قضايا الروح والنفس :
وفي سياق آخر نقول أيضا :
إن معالجة قضايا الحب والبغض ، والرضا والغضب ، والإنفعالات النفسية ، تحتاج إلى اتصال بالروح ، وبالوجدان ، وإلى إيقاظ الضمير ، وإثارة العاطفة ، بالإضافة إلى زيادة البصيرة في الدين ، وترسيخ اليقين بحقائقه ..
وهذا بالذات هو ما يتراءى لنا في مفردات السياسة الإلهية ، في معالجة الأحقاد التي علم الله سبحانه أنها سوف تنشأ ، وقد نشأت بالفعل كنتيجة لجهاد الإمام علي «عليه السلام» ، في سبيل هذا الدين ..
ونحن نعتقد : أن قضية ولادة الإمام علي «عليه السلام» في جوف الكعبة ، واحدة من مفردات هذه السياسة الربانية ، الحكيمة ، والرائعة ..
ولادة علي عليه السّلام في الكعبة صنع الله :
ويمكن توضيح ذلك بأن نقول :
إن ولادته «عليه السلام» ، في الكعبة المشرفة ، إنما هي أمر صنعه الله تعالى له ، لأنه يريد أن تكون هذه الولادة رحمة للأمة ، وسببا من أسباب هدايتها .. وليست أمرا صنعه الإمام علي «عليه السلام» لنفسه ، ولا هي مما سعى إليه الآخرون ، ليمكن اتهامهم بأنهم يدبرون لأمر قد لا يكون لهم الحق به ، أو التأييد لمفهوم اعتقادي ، أو لواقع سياسي ، أو الانتصار لجهة أو لفريق بعينه ، في صراع ديني ، أو اجتماعي ، أو غيره ..
ويلاحظ : أن الله تعالى قد شق جدار الكعبة لوالدته «عليه السلام» حين دخلت ، وحين خرجت ، بعد أن وضعته في جوف الكعبة ، وقد جرى هذا الصنع الإلهي له حيث كان «عليه السلام» لا يزال في طور الخلق والنشوء في هذا العالم الجديد .. ليدل دلالة واضحة على اصطفائه له ، وعلى عنايته به ..
وذلك من شأنه أن يجعل أمر الاهتداء إلى نور ولايته أيسر ، وليكون الإنسان في إمامته أبصر ..
ويتأكد هذا الأمر بالنسبة لأولئك الذي سوف تترك لمسات ذباب سيفه «ذي الفقار» آثارها في المستكبرين والطغاة من إخوانهم ، وآبائهم ، وعشائرهم ، أو من لهم بهم أية صلة أو رابطة ..
الرصيد الوجداني آثار وسمات :
إن هذا الرصيد الوجداني الذي هيأ الله لهم أن يختزنوه في قلوبهم وعقولهم من خلال النصوص القرآنية والنبوية التي تؤكد فضله وإمامته ، ثم يأتي الواقع العلمي ليعطيها المزيد من الرسوخ والتجذر في قلوبهم وعقولهم من خلال مشاهداتهم ، ومعرفتهم بتلك الألطاف الإلهية به «عليه السلام» ، وإحساسهم بعمق وجدانهم بأنه وليد مبارك ، وبأنه من صفوة خلق الله ومن عباده المخلصين ، سيجعلهم يدركون :
أنه «عليه السلام» ، لا يريد بما بذله من جهد وجهاد في مسيرة الإسلام ، إلا رضا الله سبحانه ، وإلا حفظ مسيرة الحياة الإنسانية ، على حالة السلامة ، وفي خط الاعتدال .. لأنها مسيرة سيكون جميع الناس ـ بدون استثناء ـ عناصر فاعلة ومؤثرة فيها ، ومتأثرة بها ..
وبذلك يصبح الذين يريدون الكون في موقع المخاصم له «عليه السلام» ، أو المؤلب عليه ، أمام صراع مع النفس ومع الوجدان ، ومع الضمير ، وسيرون أنهم حين يحاربونه إنما يحاربون الله ورسوله .. ويسعون في هدم ما شيده للدين من أركان ، وما أقامه من أجل سعادتهم ، وسلامة حياتهم ، من بنيان ..
ولادة علي عليه السّلام في الكعبة لطف بالأمة :
فولادة الإمام علي «عليه السلام» في الكعبة المشرفة ، هي لطف بالأمة بأسرها ، حتى أولئك الذين وترهم الإسلام منها ، وسبيل هداية لهم ولها ، وهو سبب انضباط وجداني ، ومعدن خير وصلاح ، ينتج الإيمان ، والعمل الصالح ، ويكف من يستجيب لنداء الوجدان عن الامعان في الطغيان ، والعدوان ، وعن الانسياق وراء الأهواء ، والعواطف ، من دون تأمل وتدبر ..
وغني عن البيان ، أن مقام الإمام علي «عليه السلام» وفضله ، أعظم وأجل من أن تكون ولادته «عليه السلام» في الكعبة سببا أو منشأ لإعطاء المقام والشرف له .. بل الكعبة هي التي تتشرف به وتعتز ، وتزيد قداستها ، وتتأكد حرمتها بولادته فيها صلوات الله وسلامه عليه ..
وأما رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فإن معجزته الظاهرة ـ التي تهدي الناس إلى الله تعالى ، وصفاته ، وإلى النبوة والنبي ، وتدلهم عليه ، وتؤكد صدقه ، ولزوم الإيمان به ، وتأخذ بيدهم إلى الإيمان باليوم الآخر ـ.
إن هذه المعجزة هي هذا القرآن العظيم ، الذي يهدي إلى الرشد من أراده ، والذي لا بد أن يدخل هذه الحقائق إلى القلوب والعقول أولا ، من باب الاستدلال ، والانجذاب الفطري إلى الحق بما هو حق .. من دون تأثر بالعاطفة ، وبعيدا عن احتمالات الإنبهار بأية مؤثرات أخرى مهما كانت ..
إذ إن القضية هي قضية إيمان وكفر ، وحق وباطل ، لا بد لإدراكهما من الكون على حالة من الصفاء والنقاء ، وتفريغ القلب من أي داع آخر ، قد يكون سببا في التساهل في رصد الحقيقة ، أو في التعامل مع وسائل الحصول عليها ، والوصول إليها ..
فالله لا يريد أن تكون مظاهر الكرامة سببا في إعاقة العقل عن دوره الأصيل في إدراك الحق ، وفي تحديد حدوده ، وتلمّس دقائقه ، وحقائقه والتبيّن لها إلى حد تصير معه أوضح من الشمس ، وأبين من الأمس ..
ولذلك فإن الله تعالى لم يصنع لرسوله ما يدعوهم إلى تقديسه كشخص ، ولا ربط الناس به قبل بعثته بما هو فرد بعينه لا بد لهم من الخضوع والبخوع له ، وتمجيد مقامه ، لأن هذا قد لا يكون هو الأسلوب الأمثل ، ولا الطريقة الفضلى في سياسة الهداية إلى الأمور الإعتقادية ، التي هي أساس الدين ، والتي تحتاج إلى تفريغ النفس وإعطاء الدور ، كل الدور ، للدليل وللبرهان ، وللآيات والبينات ، وإلى أن يكون التعاطي مع الآيات والدلائل بسلامة تامة ، وبوعي كامل ، وتأمل عميق ، وملاحظة دقيقة ..
وهذا هو ما نلاحظه في إثارات الآيات القرآنية لقضايا الإيمان الكبرى ، خصوصا تلك التي نزلت في الفترة المكية للدعوة ، فإنها إثارات جاءت بالغة الدقة ، رائعة في دلالاتها وبياناتها ، التي تضع العقل والفطرة أمام الأمر الواقع الذي لا يمكن القفز عنه إلا بتعطيل دورهما ، وإسقاط سلطانهما ، لمصلحة سلطان الهوى ، ونزوات الشهوات ، والغرائز ..
وهذا الذي قلناه لا ينسحب ولا يشمل إظهار المعجزات والآيات الدالة على الرسولية ، وعلى النبوة ، فإنها آيات يستطيع العقل أن يتخذ منها وسائل وأدوات ترشده إلى الحق ، وتوصله إليه .. وتضع يده عليه .. وليست هي فوق العقل ، ولا هي من موجبات تعطيله ، أو إضعافه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|