أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
1480
التاريخ: 20-10-2019
1459
التاريخ: 30-9-2020
2479
التاريخ: 26-1-2020
2973
|
خطب الامام علي عليه السلام واصحابه في المعركة
بعث معاوية إلى الامام علي عليه السلام حبيب بن مسلمة الفهري وشرحبيل بن السمط ومعن ابن يزيد بن الأخنس فدخلوا عليه
خطبة حبيب بن مسلمة
فحمد الله حبيب وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن عثمان بن عفان كان خليفة مهديا يعمل بكتاب الله عز وجل وينيب إلى أمر الله تعالى فاستثقلتم حياته واستبطأتم وفاته فعدوتم عليه فقتلتموه فادفع إلينا قتلة عثمان إن زعمت أنك لم تقتله نقتلهم به ثم اعتزل أمر الناس فيكون أمرهم شورى بينهم يولي الناس أمرهم من أجمع عليه رأيهم
فقال له علي بن أبي طالب عليه السلام وما أنت لا أم لك والعزل وهذا الأمر اسكت فإنك لست هناك ولا بأهل له
فقام وقال له والله لتريني بحيث تكره
فقال علي وما أنت لو أجلبت بخيلك ورجلك لا أبقى الله عليك إن أبقيت على أحقره وسوءا اذهب فصوب وصعد ما بدا لك
وقال شرحبيل بن السمط اني إن كلمتك فلعمري ما كلامي إلا مثل كلام صاحبي قبل فهل عندك جواب غير الذي أجبته به
فقال علي نعم لك ولصاحبك جواب غير الذي أجبته به
خطبة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام
فحمد لله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الله جل ثناؤه بعث محمدا بالحق فأنقذ به من الضلالة وانتاش به من الهلكة وجمع به من الفرقة ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه ثم استخلف الناس أبا بكر واستخلف أبو بكر عمر وقد وجدنا عليهما أن توليا علينا ونحن آل رسول الله فغفرنا ذلك لهما وولى عثمان فعمل بأشياء عابها الناس عليه فساروا إليه فقتلوه ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمورهم فقالوا لي بايع فأبيت عليهم فقالوا لي بايع فإن الأمة لا ترضى إلا بك وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس فبايعتهم فلم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعاني وخلاف معاوية الذي لم يجعل الله عز وجل له سابقة في الدين ولا سلف صدق في الإسلام طليق بن طليق حزب من هذه الأحزاب لم يزل لله عز وجل ولرسوله وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتى دخلا في الإسلام كارهين فلا غرو إلا خلافكم معه وانقيادكم له وتدعون آل نبيكم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحدا ألا إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه وأماتة الباطل وإحياء معالم الدين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة
فقالا اشهد أن عثمان قتل مظلوما
فقال لهما لا أقول إنه قتل مظلوما ولا إنه قتل ظالما
قالا فمن لم يزعم أن عثمان قتل مظلوما فنحن منه برآء ثم قاما فانصرفا
فقال عليه السلام إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون
خطبة الإمام علي عليه السلام
وخطب الإمام علي عليه السلام أصحابه متوكئا على قوسه وقد جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عنده فهم يلونه كأنه أحب أن يعلم الناس أن الصحابة متوافرون معه فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد فإن الخيلاء من التجبر وإن النخوة من التكبر وإن الشيطان عدو حاضر يعد كم الباطل ألا إن المسلم أخو المسلم فلا تنابذوا ولا تخاذلوا ألا إن شرائع الدين واحدة وسبله قاصدة من أخذ بها لحق ومن فارقها محق ومن تركها مرق ليس المسلم بالخائن إذا أؤتمن ولا بالمخلف إذا وعد ولا بالكذاب إذا نطق نحن أهل بيت الرحمة وقولنا الصدق وفعلنا الفضل ومنا خاتم النبيين وفينا قادة الإسلام وفينا حملة الكتاب ألا إنا ندعوكم إلى الله وإلى رسوله وإلى جهاد عدوه والشدة في أمره وابتغاء مرضاته وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان وتوفير الفئ على أهله ألا وإن من أعجب العجائب أن معاوية بن ابي سفيان الأموي وعمرو بن العاص السهمي أصبحا يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما ولقد علمتم أني لم أخالف رسول الله وآله قط ولم أعصه في أمر أقيه بنفسي في المواطن التي ينكص فيها الأبطال وترعد فيها الفرائض بنجدة أكرمني الله سبحانه بها وله الحمد ولقد قبض رسول الله وآله وإن رأسه لفي حجري ولقد وليت غسله بيدي وحدي تقلبه الملائكة المقربون معي وايم الله ما اختلفت أمة قط بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها إلا ما شاء الله خطبة أخرى له وروى أن الإمام عليا قال في هذه الليلة حتى متى لا نناهض القوم بأجمعنا فقام في الناس فقال الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض ولا ينقض ما أبرم لو شاء ما اختلف اثنان من هذه الأمة ولا من خلقه ولا تنازع البشر في شيء من أمره ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الأقدار حتى لفت بيننا في هذا الموضع ونحن من ربنا بمرأى ومسمع ولو شاء لعجل النقمة ولكان منه النصر حتى يكذب الله الظالم ويعلم المحق أين مصيره ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال والآخرة دار الجزاء والقرار ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ألا إنكم لاقو العدو غدا إن شاء الله فأطيلوا الليلة القيام وأكثروا تلاوة القرآن واسألوا الله الصبر والنصر والقوهم بالحد والحزم وكونوا صادقين
ومن كلام له عليه السلام كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين
معاشر المسلمين استشعروا الخشية وتجلببوا السكينة وعضوا على النواجذ فإنه أنبى للسيوف عن الهام وأكملوا اللأمة وقلقلوا السيوف فى أغمادها قبل سلها والحظوا الخزر واطعنوا الشزر ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا واعلموا أنكم بعين الله ومع ابن عم رسول الله وآله وسلم فعاودوا الكر واستحيوا من الفر فإنه عار في الأعقاب ونار يوم الحساب وطيبوا عن أنفسكم نفسا وامشوا إلى الموت مشيا سجحا وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنب فاضربوا ثبجه فإن الشيطان كامن في كسره قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا فصمدا صمدا حتى ينجلي لكم عمود الحق وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم
خطبة أخرى للإمام عليه السلام
وخطب عليه السلام ذلك اليوم أيضا فقال
أيها الناس إن الله تعالى ذكره قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب وتشفي بكم على الخير إيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيله وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر وأخبركم بالذي يحب فقال إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص وقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام وأربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة ورايتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم المانعي الذمار والصبر عند نزول الحقائق أهل الحفاط الذين يخفرون برايتكم ويكنفونها يضربون خلفها وأمامها ولا يضيعونها أجزأ كل امرئ مسلم قرنه وواسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكسب بذلك اللائمة ويأتي به دناءة أنى هذا وكيف يكون هذا هذا يقاتل أثنين وهذا ممسك يده قد خلى قرنه إلى أخيه هاربا منه أو قائما ينظر إليه من يفعل هذا مقته الله فلا تعرضوا لمقت الله فإنما مردكم إلى الله قال الله تعالى لقوم عابهم لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذن لا تمتعون إلا قليلا وايم الله إن فررتم من سيف الله العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة استعينوا بالصدق والصبر فإنه بعد الصبر ينزل النصر
خطبة للإمام علي عليه السلام
ومر الإمام علي عليه السلام على جماعة من أهل الشام فيها الوليد بن عقبة وهم يشتمونه فخبر بذلك فوقف فيمن يليهم من أصحابه فقال
انهدوا إليهم عليكم السكينة والوقار وقار الإسلام وسيمى الصالحين فوالله لأقرب قوم من الجهل قائدهم ومؤذنهم معاوية وابن النابغة وأبو الأعور السلمى وابن أبي معيط شارب الخمر المجلود حدا في الإسلام وهم أولى من يقومون فينقصونني ويجدبونني وقبل اليوم ما قاتلوني وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام الحمد لله قديما عاداني الفاسقون فعبدهم الله ألم يفنخوا إن هذا لهو الخطب الجليل إن فساقا كانوا غير مرضيين وعلى الإسلام وأهله متخوفين خدعوا شطر هذه الأمة وأشربوا قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان قد نصبوا لنا الحرب في إطفاء نور الله عز وجل اللهم فافضض خدمتهم وشتت كلمتهم وأبسلهم بخطاياهم فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت خطبة أخرى له ومر بأهل راية فرآهم لا يزولون عن موقفهم فحرض عليهم الناس وذكر أنهم غسان فقال إن هؤلاء لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منهم النسم وضرب يفلق منه الهام ويطيخ العظام وتسقط منه المعاصم والأكف وحتى يصدع جباههم بعمد الحديد وتنتشر حواجبهم على الصدور والأذقان أين أهل الصبر وطلاب الأجر.
خطبة عبد الله بن عباس
وخطب عبد الله بن عباس أهل العراق بصفين فقال
الحمد لله رب العالمين الذي دحا تحتنا سبعا وسمك فوقنا سبعا وخلق فيما بينهن خلقا وأنزل لنا منهن رزقا ثم جعل لكل شئ قدرا يبلى ويفنى غير وجهه الحي القيوم الذي يحيا ويبقى إن الله تعالى بعث أنبياء ورسلا فجعلهم حججا على عباده عذرا ونذرا لا يطاع الا بعلمه وإذنه يمن بالطاعة على من يشاء من عباده ثم يثيب عليها ويعصى بعلم منه فيعفو ويغفر بحلمه لا يقدر قدره ولا يبلغ شئ مكانه أحصى كل شئ عددا وأحاط بكل شئ علما وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام الهدى والنبي المصطفى وقد ساقنا قدر الله إلى ما ترون حتى كان مما اضطرب من حبل هذه الأمة وانتشر من أمرها أن معاوية بن أبي سفيان وجد من طغام الناس أعوانا على ابن عم رسول الله وصهره وأول ذكر صلى معه بدرى قد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله كل مشاهده التي فيها الفضل ومعاوية مشرك كان يعبد الأصنام والذي ملك الملك وحده وبان به وكان أهله لقد قاتل علي بن أبي طالب عليه السلام مع رسول الله وهو يقول صدق الله ورسوله ومعاوية يقول كذب الله ورسوله فعليكم بتقوى الله والجد والحزم والصبر والله إنا لنعلم إنكم لعلى حق وإن القوم لعلى باطل فلا يكونن أولى بالجد على باطلهم منكم في حقكم وإنا لنعلم أن الله سيعذبهم بأيديكم أو بأيدي غيركم اللهم أعنا ولا تخذلنا وانصرنا على عدونا ولا تحل عنا وافتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.
خطبة عبد الله بن بديل الخزاعي
وقام عبد الله بن بديل الخزاعي في أصحابه فخطبهم فقال إن معاوية ادعى ماليس له ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله وجادل بالباطل ليدحض به الحق وصال عليكم بالأعراب والأحزاب وزين لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنة ولبس عليهم الأمور وزادهم رجسا إلى رجسهم وأنتم والله على نور وبرهان قاتلوا الطغام الجفاة قاتلوهم ولا تخشوهم وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربكم ظاهر مبين قوله سبحانه أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين لقد قاتلتهم مع النبي وآله والله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبرأ انهضوا إلى عدو الله وعدوكم بارك الله عليكم
خطبة أبي الهيثم بن التيهان
وكان أبو الهيثم بن التيهان يسوي صفوف أهل العراق ويقول يا معشر أهل العراق إنه ليس بينكم وبين الفتح في العاجل والجنة في الاجل إلا ساعة من النهار فأرسوا أقدامكم وسووا صفوفكم أعيروا ربكم جماجمكم واستعينوا بالله إلهكم وجاهدوا عدو الله وعدوكم واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم واصبروا فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
خطبة للإمام علي عليه السلام
وخطب عليه السلام بصفين أيضا فقال
الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق من البر والفاجر وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعه منهم ومن عصاه إن يرحم فبفضله ومنه وإن عذب فبما كسبت أيديهم وإن الله ليس بظلام للعبيد أحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء وأستعينه على ما نابنا من أمر الدنيا والآخرة وأتوكل عليه وكفى بالله وكيلا ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ارتضاه لذلك وكان أهله واصطفاه لتبليغ رسالته وجعله رحمة منه على خلقه فكان علمه فيه رؤوفا رحيما أكرم خلق الله حسبا وأجملهم منظرا وأسخاهم نفسا وأبرهم لوالد وأوصلهم لرحم وأفضلهم علما وأثقلهم حلما وأوفاهم لعهد وآمنهم على عقد لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط بل كان يظلم فيغفر ويقدر فيصفح حتى مضى وآله مطيعا لله صابرا على ما اصابه مجاهدا في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين وآله فكان ذهابه أعظم المصيبة على أهل الأرض البر والفاجر ثم ترك فيكم كتاب الله يأمركم بطاعة الله وينهاكم عن معصيته وقد عهد إلى رسول الله عهدا فلست أحيد عنه وقد حضرتم عدوكم وعلمتم أن رئيسهم منافق يدعوهم إلى النار وابن عم نبيكم معكم وبين أظهركم يدعوكم إلى الجنة والى طاعة ربكم والعمل بسنة نبيكم ولا سواء من صلى قبل كل ذكر لا يسبقني بصلاة مع رسول الله أحد وأنا من أهل بدر ومعاوية طليق والله إنا على الحق وإنهم على الباطل فلا يجتمعن على باطلهم وتتفرقوا عن حقكم حتى يغلب باطلهم حقكم قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم فإن لم تفعلوا يعذبهم بأيدي غيركم
خطبة سعيد بن قيس
وقام سعيد بن قيس يخطب أصحابه بقناصرين فقال الحمد لله الذى هدانا لدينه وأورثنا كتابه وامتن علينا بنبيه فجعله رحمة للعالمين وسيد المرسلين وقائد المؤمنين وختاما للنبيين وحجة الله العظيم على الماضين والغابرين ثم كان مما قضى الله وقدره وله الحمد على ما أحببنا وكرهنا أن ضمنا وعدونا بقناصرين فلا يجمل بنا اليوم الحياص وليس هذا بأوان انصراف ولات حين مناص وقد خصنا الله بمنه برحمة لا نستطيع أداء شكرها ولا نقدر قدرها إن أصحاب محمد وآله المصطفين الأخيار معنا وفي حيزنا فوالله الذي هو بالعباد بصير أن لو كان قائدنا رجلا مخدوعا إلا أن معنا من البدريين سبعين رجلا لكان ينبغي لنا أن تحسن بصائرنا وتطيب أنفسنا فكيف وإنما رئيسنا ابن عم نبينا بدري صدق صلى صغيرا وجاهد مع نبيكم كثيرا ومعاوية طليق من وثاق الأسارى إلا أنه أخو جفاة فأوردهم النار وأورثهم العار والله محل بهم الذل والصغار ألا إنكم ستلقون عدوكم غدا فعليكم بتقوى الله من الجد والحزم والصدق والصبر فإن الله مع الصابرين ألا إنكم تفوزون بقتلهم ويشقون بقتلكم والله لا يقتل رجل منكم رجلا منهم إلا أدخل الله القاتل جنات عدن وأدخل المقتول نارا تلظى لا تفتر عنهم وهم فيها مبلسون عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وجعلنا وإياكم ممن أطاعه واتقاه واستغفر الله العظيم لي ولكم وللمؤمنين.
خطبة يزيد بن قيس الأرحبي
وحرض يزيد بن قيس الأرحبي أهل العراق بصفين فقال إن المسلم من سلم دينه وراية وإن هؤلاء القوم والله ما إن يقاتلوننا على إقامة دين رأونا ضيعناه ولا على إحياء حق رأونا أمتناه ولا يقاتلوننا إلا على هذه الدنيا ليكونوا فيها جبابرة وملوكا ولو ظهروا عليكم لا أراهم الله ظهورا ولا سرورا إذن لوليكم مثل سعيد والوليد عبد الله بن عامر السفيه يحدث أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ويأخذ مال الله ويقول لا إثم علي فيه كأنما أعطي تراثه من أبيه كيف إنما هو مال الله أفاءه علينا بأسيافنا ورماحنا قاتلوا عباد الله القوم الظالمين الحاكمين بغير ما أنزل الله ولا تأخذكم فيهم لومة لائم إنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا عليكم دينكم ودنياكم وهم من قد عرفتم وجربتم والله ما أرادوا باجتماعهم عليكم إلا شرا واستغفر الله العظيم لي ولكم
خطبة هاشم بن عتبة المرقال
وشد هاشم بن عتبة المرقال في عصابة من أصحابه على أهل الشأم مرار فليس من وجه يحمل عليه إلا صبر له وقاتل فيه قتالا شديدا فقال لأصحابه لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فوالله ما ترون فيهم إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها وإنهم لعلى الضلال وإنكم لعلى الحق يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا وامشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا ثم اثبتوا وتناصروا واذكروا الله ولا يسأل رجل أخاه ولا تكثروا الإلتفات واصمدوا صمدهم وجاهدوا محتسبين حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين
خطبة عمار بن ياسر
وقام عمار بن ياسر يوم صفين فقال انهضوا معي عباد الله إلى قوم يزعمون أنهم يطلبون بدم ظالم إنما قتله الصالحون المنكرون للعدوان الآمرون بالإحسان فقال هؤلاء الذين لا يبالون اذا سلمت لهم دنياهم ولو درس هذا الدين لم قتلتموه فقلنا لأحداثه فقالوا إنه لم يحدث شيئا وذلك لأنه مكهم من الدنيا فهم يأكلونها ويرعونها ولا يبالون لو انهدمت الجبال والله ما أظنهم يطلبون بدم ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحلوها واستمرءوها واعلموا أن صاحب الحق لو وليهم لحال بينهم وبين ما يأكلون ويرعون منها إن القوم لم يكن لهم سابقة في الإسلام يستحقون بها الطاعة والولاية فخدعوا أتباعهم بأن قالوا قتل إمامنا مظلوما ليكونوا بذلك جبابرة وملوكا تلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون ولولاها ما تابعهم من الناس رجل اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت وأن تجعل لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا لعبادك العذاب الأليم
خطبة الأشعث بن قيس
وخطب الأشعث بن قيس أصحابه من كندة ليلة الهرير بصفين فقال الحمد لله أحمده و أستعينه وأومن به وأتوكل عليه واستنصره وأستغفره وأستجيره وأستهديه وأستشيره وأستشهد به فإنه من هداه الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وآله ثم قال قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي وما قد فنى فيه من العرب فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قط ألا فليبلغ الشاهد الغائب أنا نحن إن تواقفنا غدا إنه لفنيت العرب وضيعت الحرمات أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحرب ولكني رجل مسن أخاف على النساء والذراري غدا إذا فنينا اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب والرأي يخطئ ويصيب وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.
فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فاغتنمها وبنى عليها تدبيره
خطبة الأشتر النخعي
فقام الأشتر يخطب الناس بقناصرين وهو يومئذ على فرس أدهم مثل حلك الغراب فقال الحمد لله الذي خلق السموات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى أحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء حمدا كثيرا بكرة وأصيلا من هداه الله فقد اهتدى ومن يضلل فقد غوى أرسل محمدا بالصواب والهدى فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون وآله ثم قد كان مما قضى الله سبحانه وقدر أن ساقتنا المقادير إلى أهل هذه البلدة من الأرض فلفت بيننا وبين عدو الله وعدونا فنحن بحمد الله ونعمه ومنه وفضله قريرة أعيننا طيبة أنفسنا نرجو بقتالهم حسن الثواب والأمن من العقاب معنا ابن عم نبينا وسيف من سيوف الله علي بن أبي طالب صلى مع رسول الله لم يسبقه إلى الصلاة ذكر حتى كان شيخا لم يكن له صبوة ولا نبوة ولا هفوة ولا سقطة فقيه في دين الله تعالى عالم بحدود الله ذو راي أصيل وصبر جميل وعفاف قديم فاتقوا الله وعليكم بالحزم والجد وأعلموا أنكم على الحق وأن القوم على الباطل إنما تقاتلون معاوية وانتم مع البدريين قريب من مائة بدري سوى من حولكم من أصحاب محمد أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله ومعاوية مع رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله فمن يشك في قتال هؤلاء إلا ميت القلب أنتم على إحدى الحسنيين إما الفتح وإما الشهادة عصمنا الله وإياكم بما عصم به من أطاعه واتقاه وألهمنا وإياكم طاعته وتقواه واستغفر الله لي ولكم
خطبة الأشتر في المنهزمين من الميمنة
ولما انهزمت ميمنة العراق قال له علي يا مالك قال لبيك قال إئت هؤلاء القوم فقل لهم أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لن تبقى لكم
فمضى فاستقبل الناس منهزمين فقال لهم هذه الكلمات وقال
إلي أيها الناس أنا مالك بن الحارث أنا مالك بن الحارث ثم ظن أنه بالأشتر أعرف في الناس فقال أنا الأشتر إلي أيها الناس فأقبلت إليه طائفة وذهبت عنه طائفة فنادى أيها الناس عضضتم بهن آباءكم ما أقبح ما قاتلتم منذ اليوم أيها الناس اخلصوا إلي مذحجا فأقبلت إليه مذحج فقال عضضتم بصتم الجندل ما أرضيتم ربكم ولا نصحتم له في عدوكم وكيف بذلك وأنتم أبناء الحروب وأصحاب الغارات وفتيان الصباح وفرسان الطراد وحتوف الأقران ومذحج الطعان والذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم ولا يعرفون في موطن بخسف وأنتم حد أهل مصركم وأعز حي في قومكم وما تفعلوا في هذا اليوم فإنه مأثور بعد اليوم فاتقوا مأثور الحديث في غد واصدقوا عدوكم اللقاء إن الله مع الصادقين والذي نفس مالك بيده ما من هؤلاء وأشار بيده إلى أهل الشأم رجل على مثال جناح بعوضة من محمد أنتم ما أحسنتم القراع اجلوا سواد وجهي يرجع في وجهي دمي عليكم بهذا السواد الأعظم فإن الله عز وجل لو قد فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر السبيل مقدمه قالوا خذ بنا حيث أحببت
خطبة أخرى له فيهم
وروى أنه لما اجتمع إليه عظم من كان انهزم عن الميمنة حرضهم ثم قال عضوا على النواجذ من الأضراس واستقبلوا القوم بهامكم وشدوا عليهم شدة قوم موتورين ثأرا بآبائهم وإخوانهم خناقا على عدوهم قد وطنوا على الموت أنفسهم كيلا يسبقوا بوتر ولا يلحقوا في الدنيا عارا وايم الله ما وتر قوم قط بشيء أشد عليهم من أن يوتروا دينهم وإن هؤلاء القوم لا يقاتلونكم إلا عن دينكم ليميتوا السنة ويحيوا البدعة ويعييدوكم في ضلالة قد أخرجكم الله عز وجل منها بحسن البصيرة فطيبوا عباد الله أنفسا بدمائكم دون دينكم فإن ثوابكم على الله والله عنده جنات النعيم وإن الفرار من الزحف فيه السلب للعز والغلبة على الفئ وذل المحيا والممات وعار الدنيا والآخرة وسخط الله وأليم عقابه
خطبة الامام علي عليه السلام فيهم وقد عادوا إلى مواقفهم
ولما رأى الإمام عليه السلام ميمنته قد عادت إلى مواقفها و مصافها وكشفت من بإزائها من عدوها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم أقبل حتى انتهى إليهم فقال إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم يحوزكم الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشأم وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره وكنتم من الهالكين ولكن هون وجدي وشفى بعض أحاح نفسي أني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم وأزلتموهم عن مصافكم كما أزالوكم تحسونهم بالسيوف تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطرودة الهيم فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم الله عز وجل عليه باليقين وليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه إن في الفرار موجدة الله عز وجل والذل اللازم له والعار الباقي واعتصار الفئ من يده وفساد العيش عليه وإن الفار لا يزيد الفرار في عمره ولا يرضي ربه فموت المرء محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها والإصرار عليه
خطبة خالد بن معمر
ولما ولى الإمام عليه السلام خالد بن معمر راية ربيعة وحمل عليها أهل الشأم حملة شديدة وانهزم ناس من قومه صاح بمن انهزم وقال يومئذ يا معشر ربيعة إن الله عز وجل قد أتى بكل رجل منكم من منبته ومسقط رأسه فجمعكم في هذا المكان جمعا لم يجمعكم مثله منذ نشركم في الأرض فإن تمسكوا أيديكم وتنكلوا عن عدوكم وتزولوا عن مصافكم لا يرض الله فعلكم ولا تعدموا من الناس معيرا يقول فضحت ربيعة الذمار وحاصت عن القتال وأتيت من قبلها العرب فإياكم أن تتشاءم بكم العرب والمسلمون اليوم وإنكم إن تمضوا مقبلين مقدمين وتصبروا محتسبين فإن الإقدام لكم عادة والصبر منكم سجية واصبروا ونيتكم أن تؤجروا فإن ثواب من نوى ما عند الله شرف الدنيا وكرامة الآخرة ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا
خطبة عقبة بن حديد النمري
وقال عقبة بن حديد النمري يوم صفين لأهله وأصحابه ألا إن مرعى الدنيا قد أصبح هشيما وأصبح شجرها خضيدا وجديدها سملا وحلوها مر المذاق ألا وإني أنبئكم نبأ امرئ صادق إني قد سئمت الدنيا وعزفت نفسي عنها وقد كنت أتمنى الشهادة وأتعرض لها في كل جيش وغارة فأبى الله عز وجل إلا أن يبلغني هذا اليوم ألا وإني متعرض لها من ساعتي هذه قد طمعت ألا أحرمها فما تنتظرون عباد الله بجهاد من عادى الله أخوفا من الموت القادم عليكم الذاهب بأنفسكم لا محالة أو من ضربة كف بالسيف أتستبدلون الدنيا بالنظر في وجه الله عز وجل ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في دار القرار ما هذا بالرأي السديد
ثم مضى فقال يا إخوتي إني قد بعت هذه الدار بالتي أمامها وهذا وجهي إليها لا تبرح وجوهكم ولا يقطع الله عز وجل رجاءكم فتبعه إخوته فقالوا لا نطلب رزق الدنيا بعدك فقبح الله العيش بعدك اللهم إنا نحتسب أنفسنا عندك فاستقدموا فقاتلوا حتى قتلوا
خطبة خنثر بن عبيدة بن خالد
وكان من محارب رجل يقال له خنثر بن عبيدة بن خالد وكان من أشجع الناس فلما اقتتل الناس يوم صفين جعل يرى أصحابه منهزمين فأخذ ينادي يا معشر قيس أطاعة الشيطان آثر عندكم من طاعة الرحمن ألا إن الفرار فيه معصية الله سبحانه وسخطه وإن الصبر فيه طاعة الله عز وجل ورضوانه أفتختارون سخط الله تعالى على رضوانه ومعصيته على طاعته ألا إنما الراحة بعد الموت لمن مات محاسبا نفسه ثم قال لا وألت نفس امرئ ولى الدبر أنا الذي لا ينثني ولا يفر ولا يرى مع المعازيل الغدر
ما خاطب به النعمان بن بشير قيس بن سعد في وقعة صفين
وقف النعمان بن بشير الأنصاري بين الصفين بصفين فقال يا قيس بن سعد أما أنصفكم من دعاكم إلى ما رضي لنفسه إنكم يا معشر الأنصار أخطأتم في خذل عثمان يوم الدار وقتلكم أنصاره يوم الجمل وإقحامكم على أهل الشأم بصفين فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتمعليا كان هذا بهذا ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس شعلتم الحرب ودعوتم إلى البراز فقد والله وجدتم رجال الحرب من أهل الشأم سراعا إلى برازكم غير أنكاس عن حربكم ثم لم ينزل بعلي أمر قط إلا هونتم عليه المصيبة ووعدتموه الظفر وقد والله أخلفتموه وهان علينا بأسكم وما كنتم لتخلوا به أنفسكم من شدتكم في الحرب وقدرتكم على عدوكم وقد أصبحتم أذلاء على أهل الشأم لا يرون حربكم شيئا وأنتم أكثر منهم عددا ومددا وقد والله كاثروكم بالقلة فكيف لو كانوا مثلكم في الكثرة والله لا تزالون أذلاء في الحرب بعدها أبدا إلا أن يكون معكم أهل الشأم وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم ونحن أحسن بقية وأقرب إلى الظفر فاتقوا الله في البقية
فضحك قيس وقال
جواب قيس بن سعد
والله ما كنت أراك يا نعمان تجترئ على هذا المقام أما المنصف المحق فلا ينصح أخاه من غش نفسه وأنت والله الغاش لنفسه المبطل فيما نصح غيره أما ذكر عثمان فإن كان الإيجاز يكفيك فخذه قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث وأما معاوية فلو اجتمعت العرب على بيعته لقاتلتهم الأنصار وأما قولك إنا لسنا كالناس فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله نلقى السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أعرابيا أو يمانيا مستدرجا وانظر أين المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ثم انظر هل ترى مع معاوية غيرك وصويحبك ولستما والله بدريين ولا عقبيين ولا لكما سابقة في الإسلام ولا آية في القران
خطبة ذى الكلاع
*- نصر ابن مزاحم المنقري، عمرو بن شمر، عن جابر عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان العبدى قال: سمعت زامل بن عمرو الجذامي يقول : طلب معاوية إلى ذى الكلاع أن يخطب الناس ويحرضهم على قتال على ومن معه من أهل العراق ، فعقد فرسه - وكان من أعظم أصحاب معاوية خطرا - ثم قال : الحمد لله حمدا كثيرا ، ناميا جزيلا ، واضحا منيرا ، بكرة وأصيلا . أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وكفى بالله وكيلا . ثم إنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالفرقان حين ظهرت المعاصي ودرست الطاعة ، وامتلأت الأرض جورا وضلالة ، واضطرمت الدنيا كلها نيرانا وفتنة ، وورك ([1]) عدو الله إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها ، واستولى بجميع أهلها ، فكان الذى أطفأ الله به نيرانها ، ونزع به أوتادها وأوهى به قوى إبليس ، وآيسه مما كان قد طمع فيه من ظفره بهم - رسول الله محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه ، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون . ثم كان مما قضى الله أن ضم بيننا وبين أهل ديننا بصفين، وإنا لنعلم أن فيهم قوما كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه سابقة ذات شأن وخطر، ولكني ضربت الأمر ظهرا وبطنا فلم أر يسعني أن يهذر دم عثمان صهر رسول الله صلى الله عليه نبينا ، الذى جهز جيش العسرة ، وألحق في مسجد رسول الله بيتا وبنى سقاية ، وبايع له نبى الله صلى الله عليه بيده اليمنى على اليسرى ، واختصه رسول الله بكريمتيه : أم كلثوم ورقية ، ابنتي رسول الله صلى الله عليه وآله . فإن كان أذنب ذنبا فقد أذنب من هو خير منه. وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) . وقتل موسى نفسا ثم استغفر الله فغفر له ، ولم يعر أحد من الذنوب ! وأنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبى طالب سابقة حسنة مع رسول الله ، فإن لم يكن مالا على قتل عثمان فقد خذله ، وإنه لأخوه في دينه وابن عمه ([2]) ، وسلفه ([3]) ، وابن عمته ([4]) . ثم قد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا في شامكم وبلادكم ، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل . فاستعينوا بالله واصبروا، فلقد ابتليتم أيتها الأمة والله . ولقد رأيت في منامي في ليلتى هذه ، لكأنا وأهل العراق اعتورنا مصحفا نضربه بسيوفنا ، ونحن في ذلك جميعا ننادى : ( ويحكم الله ) . ومع أنا والله ما نحن لنفارق العرصة ([5]) حتى نموت. فعليكم بتقوى الله، ولتكن النيات لله ([6])، فإنى سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت: رسول الله صلى الله عليه يقول: إنما يبعث المقتتلون على النيات ([7]))، أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وأعزلنا ولكم النصر، وكان لنا ولكم في كل أمر. وأستغفر الله لى ولكم. ([8])
خطبة الاشعث وتخذيله كنده وراي اصحاب الامام
* - عن الشعبي، عن صعصعة قال : قام الأشعث بن قيس الكندي ليلة الهرير في أصحابه من كندة فقال : الحمد لله ، أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وأستنصره وأستغفره ، وأستخيره وأستهديه ، وأستشيره وأستشهد به ، فإنه من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له . وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه . ثم قال : قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي ، وما قد فنى فيه من العرب ، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قط . ألا فليبلغ الشاهد الغائب، أنا إن نحن تواقفنا غدا إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات. أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحتف، ولكني رجل مسن أخاف على النساء و الذراري غدا إذا فنينا . اللهم إنك تعلم أنى قد نظرت لقومي ولأهل دينى فلم آل، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، والرأى يخطئ ويصيب ، وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا . أقول قولى هذا وأستغفر الله العظيم لى ولكم .
قال صعصعة: فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فقال: أصاب ورب الكعبة، لئن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا، ولتميلن أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم. وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى. اربطوا المصاحف على أطراف القنا .
قال صعصعة: فثار أهل الشام فنادوا في سواد الليل : يا أهل العراق ، من لذرارينا إن قتلتمونا ومن لذراريكم إن قتلناكم ؟ الله الله في البقية . فأصبح أهل الشام وقد رفعوا المصاحف على رءوس الرماح وقلدوها الخيل ، والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه ، ورفع مصحف دمشق الأعظم تحمله عشرة رجال على رءوس الرماح ، ونادوا : يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم .
وأقبل أبو الأعور السلمى على برذون أبيض وقد وضع المصحف على رأسه ينادى : يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم
وأقبل عدى بن حاتم فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كان أهل الباطل لا يقومون بأهل الحق فإنه لم يصب عصبة منا إلا وقد أصيب مثلها منهم ، وكل مقروح ، ولكنا أمثل بقية منهم . وقد جزع القوم وليس بعد الجزع إلا ما تحب ، فناجز القوم ، فقام الأشتر النخعي فقال : يا أمير المؤمنين ، إن معاوية لا خلف له من رجاله ، ولك بحمد الله الخلف ، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا بصرك ، فاقرع الحديد بالحديد ، واستعن بالله الحميد .
ثم قام عمرو بن الحمق فقال: يا أمير المؤمنين، إنا والله ما أجبناك ولا نصرناك عصبية على الباطل ولا أجبنا إلا الله عز وجل ، ولا طلبنا إلا الحق ، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لا ستشرى فيه اللجاج وطالت فيه النجوى ، وقد بلغ الحق مقطعه ، وليس لنا معك رأى .
فقام الأشعث بن قيس مغضبا فقال : يا أمير المؤمنين ، إنا لك اليوم على ما كنا عليه أمس ، وليس آخر أمرنا كأوله ، وما من القوم أحد أحنى على أهل العراق ولا أوتر لأهل الشام منى ، فأجب القوم إلى كتاب الله فإنك أحق به منهم . وقد أحب الناس البقاء وكرهوا القتال .
فقال على عليه السلام: إن هذا أمر ينظر فيه. وذكروا أن أهل الشام جزعوا فقالوا: يا معاوية ، ما نرى أهل العراق أجابوا إلى ما دعوناهم إليه ، فأعدها جذعة ([9]) ، فإنك قد غمرت بدعائك القوم وأطمعتهم فيك .
فدعا معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص، وأمره أن يكلم أهل العراق. فأقبل حتى إذا كان بين الصفين نادى : يا أهل العراق ، أنا عبد الله بن عمرو ابن العاص ، إنها قد كانت بيننا وبينكم أمور للدين والدنيا ، فإن تكن للدين فقد والله أعذرنا وأعذرتم ، وإن تكن للدنيا فقد والله أسرفنا وأسرفتم . وقد دعوناكم إلى أمر لو دعوتمونا إليه لأجبناكم ، فإن يجمعنا وإياكم الرضا فذلك من الله . فاغتنموا هذه الفرجة لعله أن يعيش فيها المحترف وينسى فيها القتيل . فإن بقاء المهلك بعد الهالك قليل .
فخرج سعيد بن قيس فقال: يا أهل الشام ، إنه قد كان بيننا وبينكم أمور حامينا فيها على الدين والدنيا ، سميتموها غدرا وسرفا ، وقد دعوتمونا اليوم إلى ما قاتلناكم عليه بالأمس ، ولم يكن ليرجع أهل العراق إلى عراقهم ، ولا أهل الشام إلى شامهم ، بأمر أجمل من أن يحكم بما أنزل الله . فالأمر في أيدينا دونكم ، وإلا فنحن نحن وأنتم أنتم .
وقام الناس إلى على فقالوا: أجب القوم إلى ما دعوك إليه فإنا قد فنينا .
ونادى إنسان من أهل الشام في سواد الليل بشعر سمعه الناس، وهو :
فقد بلغت غاية الشده
رءوس العراق أجيبوا الدعاء
وأهل الحفائظ والنجده
وقد أودت الحرب بالعالمين
ولا المجمعين على الرده
فلسنا ولستم من المشركين
لنا عدة ولهم عده
ولكن أناس لقوا مثلهم
يقحمه الجد والحده
فقاتل كل على وجهه
وأمن الفريقين والبلده
فإن تقبلوها ففيها البقاء
وكل بلاء إلى مده
وإن تدفعوها ففيها الفناء
ولا بد أن يخرج الزبده
وحتى متى مخض هذا السقاء
وإن يسكتوا تخمد الواقده
ثلاثة رهط هم أهلها
وذاك المسود من كنده ([10])
سعيد بن قيس وكبش العراق
خطبة لامير المؤمنين عليه السلام
*- عن أبى جعفر قال : قام على فخطب الناس بصفين يومئذ فقال : الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق من البر والفاجر ، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعه فيهم ومن عصاه . إن رحم فبفضله ومنه ، وإن عذب فبما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد . أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وأستعينه على ما نابنا من أمر دنيا أو آخرة ، وأومن به وأتوكل عليه وكفى بالله وكيلا . وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ، ارتضاه لذلك ، وكان أهله ، و اصطفاه على جميع العباد لتبليغ رسالته ، وجعله رحمة منه على خلقه ، فكان كعلمه فيه رؤوفا رحيما ، أكرم خلق الله حسبا ، وأجمله منظرا وأسخاه نفسا ، وأبره بوالد ، وأوصله لرحم ، وأفضله علما ، وأثقله حلما ، وأوفاه بعهد ، وآمنه على عقد ، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط ، بل كان يظلم فيغفر ، ويقدر فيصفح ويعفو ، حتى مضى صلى الله عليه مطيعا لله صابرا على ما أصابه ، مجاهدا في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، صلى الله عليه وآله فكان ذهابه أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض والبر والفاجر . ثم ترك كتاب الله فيكم يأمر بطاعة الله وينهى عن معصيته . وقد عهد إلى رسول الله صلى الله عليه عهدا فلست أحيد عنه ، وقد حضرتم عدوكم وقد علمتم من رئيسهم ، منافق ابن منافق يدعوهم إلى النار ، وابن عم نبيكم معكم بين أظهركم يدعوكم إلى الجنة وإلى طاعة ربكم ، ويعمل بسنة نبيكم صلى الله عليه . فلا سواء من صلى قبل كل ذكر . لم يسبقنى بصلاتي مع رسول الله صلى الله عليه حد ، وأنا من أهل بدر ، ومعاوية طليق ابن طليق . والله إنكم لعلى حق وإنهم لعلى باطل ، فلا يكونن القوم على باطلهم اجتمعوا عليه وتفرقون عن حقكم حتى يغلب باطلهم حقكم . (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) . فإن لم تفعلوا يعذبهم بأيدى غيركم ) فأجابه أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين ، انهض بنا إلى عدونا وعدوك إذا شئت ، فوالله ما نريد بك بدلا ، نموت معك ونحيا معك . فقام لهم على مجيبا لهم : والذى نفسي بيده لنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أضرب قدامه بسيفي فقال : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي . وقال : يا على ، أنت منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدى ، وموتك وحياتك يا علي معي. والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بى، وما نسيت ما عهد إلى، وإني لعلى بينة من ربى ، وإني لعلى الطريق الواضح . ألفظه لفظا. ثم نهض إلى القوم، فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق، وما كانت صلاة القوم إلا تكبيرا. ([11])
خطبة مالك بن الاشتر
*- عن جابر، عن الفضل بن أدهم قال: حدثني أبى أن الأشتر قام يخطب الناس بقناصرين ، وهو يومئذ على فرس أدهم مثل حلك الغراب([12]) ، فقال : الحمد لله الذى خلق السموات العلى ، (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ) . أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، حمدا كثيرا بكرة وأصيلا. من يهده الله فقد اهتدى ، ومن يظلل الله فقد غوى . أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالصواب والهدى ، وأظهره على الدين كله ولو كره المشركون . صلى الله عليه وسلم . ثم كان مما قضى الله وقدر أن ساقتنا المقادير إلى هذه البلدة من الأرض، ولف بيننا وبين عدونا ، فنحن بحمد الله ونعمته ومنه وفضله قريرة أعيننا ، طيبة أنفسنا ، ونرجو في قتالهم حسن الثواب ، والأمن من العقاب ، معنا ابن عم نبينا ، وسيف من سيوف الله ، على بن أبى طالب ، صلى مع رسول الله صلى الله عليه ، لم يسبقه بالصلاة ذكر حتى كان شيخا ، لم يكن له صبوة ولا نبوة ولا هفوة . فقيه في دين الله ، عالم بحدود الله ، ذو رأى أصيل ، وصبر جميل ، وعفاف قديم . فاتقوا الله ، وعليكم بالحزم والجد ، واعلموا أنكم على الحق ، وأن القوم على الباطل يقاتلون مع معاوية ، وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدرى ، ومن سوى ذلك من أصحاب محمد صلى الله عليه ، أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله صلى الله عليه ، ومع معاوية رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله صلى الله عليه . فما يشك في قتال هؤلاء إلا ميت القلب. فإنما أنتم على إحدى الحسنيين: إما الفتح، وإما الشهادة. عصمنا الله وإياكم بما عصم به من أطاعه واتقاه، وألهمنا وإياكم طاعته وتقواه. وأستغفر الله لى ولكم. ([13])
خطبة معاوية قبل الوقعة العظمى
*- عن جابر ، عن الشعبى قال : قام معاوية يخطب بصفين قبل الوقعة العظمى فقال : الحمد لله الذى علا في دنوه ، ودنا في علوه ، وظهر وبطن ، وارتفع فوق كل منظر ، أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، يقضى فيفصل ، ويقدر فيغفر ، ويفعل ما يشاء ، إذا أراد أمرا أمضاه ، وإذا عزم على أمر قضاه ، لا يؤامر أحدا فيما يملك ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون . والحمد لله رب العالمين على ما أحببنا وكرهنا . ثم كان فيما قضى الله أن ساقتنا المقادير إلى هذه البقعة من الأرض ، ولف بيننا وبين أهل العراق ، فنحن من الله بمنظر . وقد قال سبحانه: (وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) . انظروا يا معاشر أهل الشام فإنما تلقون غدا أهل العراق ، فكونوا على إحدى ثلاث أحوال : إما أن تكونوا قوما طلبتم ما عند الله في قتال قوم بغوا علكم فأقبلوا من بلادهم حتى نزلوا في بيضتكم ، وإما أن تكونوا قوما تطلبون بدم خليفتكم وصهر نبيكم صلى الله عليه ، وإما أن تكونوا قوما تذبون عن نسائكم وأبنائكم . فعليكم بتقوى الله والصبر الجميل. أسأل الله لنا ولكم النصر، وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.
فقام ذو الكلاع فقال: يا معاوية :
لا ننثني عند الخصام
إنا لنحن الصبر الكرام ([14])
ذوو النهى والأحلام
بنو الملوك العظام
لا يقربون الآثام
فلما سكت قال له معاوية : صدقت . ([15])
خطبة يزيد بن أسد البجل
*- عن جابر ، عن عامر ([16]) ، عن صعصعة العبدى عن أبرهة بن الصباح قال : قام يزيد بن أسد البجلى في أهل الشام يخطب الناس بصفين ، وعليه يومئذ قباء خز ، وعمامة سوداء ، آخذا بقائم سيفه ، واضعا نعل السيف ([17]) على الأرض متوكئا عليه . قال صعصعة : فذكر لى أبرهة ([18]) أنه كان يومئذ من أجمل العرب وأكرمه وأبلغه ([19]) فقال : الحمد لله الواحد القهار ، ذى الطول والجلال ، العزيز الجبار ، الحليم الغفار ، الكبير المتعال ، ذى العطاء والفعال ، والسخاء والنوال ، والبهاء والجمال ، والمن والإفضال . مالك اليوم الذى لا ينفع فيه بيع ولا خلال. أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وفي كل حالة من شدة أو رخاء. أحمده على نعمه التؤام ([20])، وآلائه العظام، حمدا قد استنار، بالليل والنهار. ثم إنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة النجاة في الحياة، وعند الوفاة، وفيها الخلاص، يوم القصاص. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، وإمام الهدى، صلى الله عليه وسلم كثيرا. ثم قد كان مما قضى الله أن جمعنا وأهل ديننا في هذه الرقعة من الأرض، والله يعلم أنى كنت لذلك كارها، ولكنهم لم يبلعونا ريقنا، ولم يتركونا نرتاد لأنفسنا، وننظر لمعادنا حتى نزلوا بين أظهرنا، وفي حريمنا وبيضتنا. وقد علمنا أن في القوم أحلاما وطغاما، فلسنا نأمن طغامهم على ذرارينا ونسائنا. وقد كنا نحب ألا نقاتل أهل ديننا، فأخرجونا حتى صارت الأمور إلى أن قاتلتاهم كراهية فإنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين. أما والله الذى بعث محمدا بالرسالة لوددت أنى مت منذ سنة، ولكن الله إذا أراد أمرا لم يستطع العباد رده. فنستعين بالله العظيم، وأستغفر الله لى ولكم. ثم انكفأ . ([21])
خطبة امير المؤمنين عليه السلام
*- عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : خطب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الناس بصفين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : أما بعد فقد جعل الله تعالى لي عليكم حقا بولاية أمركم ([22]) ومنزلتي التي أنزلني الله عز ذكره بها منكم ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم والحق أجمل الاشياء في التواصف وأوسعها في التناصف ([23]) لا يجري لاحد إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا جرى له ولو كان لاحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك لله عز وجل خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه ([24]) ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم ([25]) عليه بحسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا ، ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافي ([26]) في وجوهها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض ([27]) ، فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها الله عز وجل لكل على كل فجعلها نظام الفتهم وعزا لدينهم ([28]) وقواما لسنن الحق فيهم ، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية ، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم فقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن ([29]) فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الاعداء وإذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية اختلفت هنالك الكلمة وظهرت مطامع الجور وكثر الادغال في الدين وتركت معالم السنن ([30]) فعمل بالهواء وعطلت الآثار وكثرت علل النفوس ([31]) ولا يستوحش لجسيم حد عطل ولا لعظيم باطل اثل فهنالك تذل الابرار وتعز الاشرار وتخرب البلاد ([32]) وتعظم تبعات الله عز وجل عند العباد فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله عز وجل والقيام بعدله والوفاء بعهده والانصاف له في جميع حقه ، فإنه ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك وحسن التعاون عليه وليس أحد وإن اشتد على رضى الله حرصه وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله ولكن من واجب حقوق الله عز وجل على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم والتعاون على إقامة الحق فيهم ، ثم ليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما حمله الله عز وجل من حقه ولا لامرئ مع ذلك خسئت به الامور واقتحمته العيون ([33]) بدون ما أن يعين على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال وأهل النعم العظام أكثر في ذلك حاجة وكل في الحاجة إلى الله عز وجل شرع سواء ([34]) فأجابه رجل من عسكره لا يدرى من هو ويقال : إنه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم ولا بعده . فقام وأحسن الثناء على الله عز وجل بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم والاقرار ([35]) بكل ما ذكر من تصرف الحالات به وبهم. ثم قال: أنت أميرنا ونحن رعيتك بك أخرجنا الله عز وجل من الذل وباعزازك أطلق عباده من الغل ([36]). فاختر علينا وامض اختيارك وائتمر فأمض ائتمارك ([37]) فإنك القائل المصدق والحاكم الموفق والملك المخول، ([38]) لا نستحل في شئ معصيتك ولا نقيس علما بعلمك، يعظم عندنا في ذلك ([39]) خطرك ويجل عنه في أنفسنا فضلك. فأجابه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . فقال : إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من قبله أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه و لطف إحسانه إليه فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا زاد حق الله عليه عظما وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس ([40]) أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني احب الاطراء ([41]) واستماع الثناء ولست بحمد الله كذلك ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه ([42]عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء وربما استحلى الناس ([43] الثناء بعد البلاء ، فلا تثنوا علي بجميل ثناء لإخراجي نفسي إلى الله وإليكم ([44]) من البقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لا بد من إمضائها فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة([45]) ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ولا التماس إعظام لنفسي لما لا يصلح لي فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه فلا تكفوا عني مقالة بحق أو مشورة بعدل ، فإني لست في نفسي بفوق ما أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي ([46]) إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني ، ، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره ، يملك منا ما لا نملك من أنفسنا وأخرجنا مما كنا فيه ([47]) إلى ما صلحنا عليه فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى .
فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل. فقال : أنت أهل ما قلت والله والله فوق ما قلته فبلاؤه عندنا ما لا يكفر ([48]) وقد حملك الله تبارك وتعالى رعايتنا وولاك سياسة أمورنا ، فأصبحت علمنا الذي نهتدي به وإمامنا الذي نقتدي به وأمرك كله رشد وقولك كله أدب ، قد قرت بك في الحياة أعيننا و امتلاءت من سرور بك قلوبنا وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل ([49]) عقولنا ولسنا نقول لك : أيها الامام الصالح تزكية لك ولا نجاوز القصد في الثناء عليك ولم يكن ([50]) في أنفسنا طعن على يقينك أو غش في دينك فنتخوف أن تكون أحدثت بنعمة الله تبارك وتعالى تجبرا أو دخلك كبر ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله عز وجل بتوقيرك وتوسعا بتفضيلك وشكرا بإعظام أمرك ، فانطر لنفسك ولنا وآثر أمر الله على نفسك وعلينا ، فنحن طوع فيما أمرتنا ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا . فأجابه أمير المؤمنين (عليه السلام). فقال: وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من اموركم وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه والسؤال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا على بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا فإن الله عز وجل لا يخفى عليه خافية ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الامور. فأجابه الرجل ويقال: لم ير الرجل بعد كلامه هذا لامير المؤمنين (عليه السلام) فأجابه وقد عال الذي ([51]) في صدره فقال والبكاء يقطع منطقه وغصص الشجا تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته ووحشة من كون فجيعته ([52]). فحمد الله وأثنى عليه، ثم شكا إليه هول ما أشفى عليه ([53]) من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب حده ([54]) وانقطاع ما كان من دولته ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجيع وحسن الثناء فقال: يا رباني العباد ويا سكن البلاد ([55]) أين يقع قولنا من فضلك وأين يبلغ وصفنا من فعلك وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل بلائك فكيف وبك جرت نعم الله علينا وعلى يدك اتصلت أسباب الخير إلينا، ألم تكن لذل الذليل ملاذا وللعصاة الكفار إخوانا ([56])؟ فبمن إلا بأهل بيتك وبك أخرجنا الله عز وجل من فظاعة تلك الخطرات؟ أو بمن فرج عنا غمرات الكربات ؟ ([57]) وبمن ؟ إلا بكم أظهر الله معالم ديننا واستصلح ما كان فسد من دنيانا حتى استبان بعد الجور ذكرنا ([58]) وقرت من رخاء العيش أعيننا لماوليتنا بالاحسان جهدك ووفيت لنا بجميع وعدك وقمت لنا على جميع عهدك فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا وكنت عز ضعفائنا وثمال فقرائنا ([59]) وعماد عظمائنا ، يجمعنا في الامور عدلك ويتسع لنا في الحق تأنيك ([60]) ، فكنت لنا انسا إذا رأيناك وسكنا إذا ذكرناك ، فأي الخيرات لم تفعل ؟ وأي الصالحات لم تعمل ؟ ولو لا أن الامر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحويله جهدنا ([61]) وتقوي لمدافعته طاقتنا أو يجوز الفداء عنك وبمن نفديه بالنفوس من أبنائنا لقدمنا أنفسنا وأبناءنا قبلك ولاخطرناها ([62]) وقل خطرها دونك ولقمنا بجهدنا في محاولة من حاولك وفي مدافعة من ناواك ([63]) ولكنه سلطان لا يحاول وعز لا يزاول ([64]) ورب لا يغالب ، فإن يمنن علينا بعافيتك ويترحم علينا ببقائك ويتحنن علينا بتفريج ([65]) هذا من حالك إلى سلامة منك لنا وبقاء منك بين أظهرنا نحدث لله عز وجل بذلك شكرا نعظمه ، وذكرا نديمه ([66]) ونقسم أنصاف أموالنا صدقات وأنصاف رقيقنا عتقاء ([67]) ونحدث له تواضعا في أنفسنا ونخشع في جميع أمورنا وإن يمض بك إلى الجنان ويجري عليك حتم سبيله فغير متهم فيك قضاؤه ولا مدفوع عنك بلاؤه ولا مختلفة مع ذلك قلوبنا بأن اختياره لك ما عنده على ما كنت فيه ولكنا نبكي من غير إثم لعز هذا السلطان أن يعود ذليلا وللدين والدنيا فلا نرى لك خلفا نشكوا إليه ولا نظيرا نأمله ولا نقيمه ([68])
خطبة سعيد بن قيس في قناصرين
*- عن جابر، عن الشعبي، عن مالك بن قدامة الأرحبي ([69]) قال : قام سعيد بن قيس يخطب أصحابه بقناصرين ([70]) فقال : الحمد لله الذى هدانا لدينه ، وأورثنا كتابه ، وامتن علينا بنبيه صلى الله عليه فجعله رحمة للعالمين ، وسيدا للمسلمين ، وقائدا للمؤمنين ، وخاتم النبيين ، وحجة الله العظيم على الماضين والغابرين . وصلوات الله عليه ورحمة الله وبركاته . ثم كان مما قضى الله وقدره - والحمد لله على ما أحببنا وكرهنا - أن ضمنا وعدونا بقناصرين ، فلا يحمد بنا اليوم الحياص ([71]) . وليس هذا بأوان انصراف ، ولات حين مناص . وقد اختصنا الله منه بنعمة فلا نستطيع أداء شكرها ، ولا نقدر قدرها : أن أصحاب محمد المصطفين الأخيار معنا ، وفي حيزنا . فوالله الذى هو بالعباد بصير أن لو كان قائدنا حبشيا مجدعا ([72]) إلا أن معنا من البدريين سبعين رجلا ، لكان ينبغى لنا أن تحسن بصائرنا وتطيب أنفسنا . فكيف وإنما رئيسنا ابن عم نبينا ، بدرى صدق ، صلى صغيرا ، وجاهد مع نبيكم كبيرا . ومعاوية طليق من وثاق الإسار ، وابن طليق . ألا إنه أغوى جفاة فأوردهم النار ، وأورثهم العار ، والله محل بهم الذل والصغار . ألا إنكم ستلقون عدوكم غدا ، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم ، والصدق والصبر ، فإن الله مع الصابرين . ألا إنكم تفوزون بقتلهم ويشقون بقتلكم. والله لا يقتل رجل منكم رجلا منهم إلا أدخل الله القاتل جنات عدن، وأدخل المقتول نارا تلظى، (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ). عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه، وجعلنا وإياكم ممن أطاعه واتقاه، وأستغفر الله لنا ولكم وللمؤمنين. ثم قال الشعبي: لعمري لقد صدق بفعله ([73])، وبما قاله في خطبته ([74])
من خطبة لامير المؤمنين عليه السلام بصفين
*- أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ، فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الاَْشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ، لاَ يَجْرِي لاَِحَد إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ، وَلَوْ كَانَ لاَِحَد أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً لله سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ، وَلكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ. ([75]) ثُمَّ جَعَلَ ـ سُبْحَانَهُ ـ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْض، فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا، وَيُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَلاَ يُسْتَوْجَبُ بعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْض.
وَأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ ـ سُبْحَانَهُ ـ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ، عَلَى الْوَالِي، فَرِيضةً فَرَضَهَا اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ لِكُلّ عَلَى كُلّ، فَجَعَلَهَا نِظَاماً لاُِلْفَتِهِمْ، وَعِزّاً لِدِينِهِمْ، فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ. فَإِذا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ، وَأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ، وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ، وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الاَْعْدَاءِ. وَإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ، وَظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ، وَكَثُرَ الاِْدْغَالُ فِي الدِّينِ، وَتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ، فَعُمِلَ بِالْهَوَى، وَعُطِّلَتِ الاَْحْكَامُ، وَكَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ، فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ، وَلاَ لِعَظِيمِ بَاطِل فُعِلَ! فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الاَْبْرَارُ، وَتَعِزُّ الاَْشْرَارُ، وَتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللهِ عِنْدَ الْعِبَادِ. فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذلِكَ، وَحُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ ـ وَإنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَى اللهِ حِرْصُهُ، وَطَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ ـ بِبَالِغ حَقِيقَةَ مَا اللهُ سُبْحَانَهُ أَهْلُهُ مِنَ الطَّاعَةِ لَهُ، وَلكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللهِ عَلى العِبَادِ النَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى إقَامَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ. وَلَيْسَ امْرُؤٌ ـ وَإنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ، وَتَقَدَّمَتْ فِي الدِّينِ فَضِيلَتُهُ ـ بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اللهُ مِنْ حَقِّهِ. وَلاَ امْرُؤٌ ـ وَإِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ، وَاقْتَحَمَتْهُ الْعُيُونُ ـ بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلى ذلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْهِ.
فأجابه (عليه السلام) رجل من أصحابه بكلام طويل، يكثر فيه الثناء عليه، ويذكر سمعه وطاعته له.
فقال(عليه السلام): إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلاَلُ اللهِ فِي نَفْسِهِ، وَجَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ، أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ ـ لِعِظَمِ ذلِكَ ـ كُلُّ مَا سِوَاهُ، وَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، وَلَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَى أَحَد إِلاَّ ازْدَادَ حَقُّ اللهِ عَلَيْهِ عِظَماً، وَإِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاَتِ الْوُلاَةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ، أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ، وَيُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ. وَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الاِْطْرَاءَ، وَاسْتَِماعَ الثَّنَاءِ، وَلَسْتُ ـ بِحَمْدِ اللهِ ـ كَذلِكَ، وَلَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لله سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ. وَرُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلاَءِ، فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاء، لاِِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ فِي حُقُوق لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا، وَفَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضائِهَا، فَلاَ تُكَلِّمُونِي بَمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ، وَلاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ، وَلاَ تُخَالِطُونِي بالْمُصَانَعَةِ، وَلاَ تَظُنّوا بِيَ اسْتِثْقَالاً فِي حَقّ قِيلَ لِي، وَلاَ الِْتمَاسَ إِعْظَام لِنَفْسِي، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوْ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ. فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَال بِحَقّ، أَوْ مَشُورَة بِعَدْل، فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِىءَ، وَلاَ آمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اللهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، فَإنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُو كُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى، وَأَعْطَانَا الْبصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى.
___________________
([1]) ورك بالمكان وروكا : أقام
([2]) يعنى بذلك العمومة البعدى لا الدنيا، فإن عبد شمس جد عثمان الأعلى ، وهاشما جد على الأعلى - هما ولدا عبد مناف بن قصى بن كلاب .
([3]) السلفان: الرجلان يتزوجان بأختين ، كل منهما سلف صاحبه
([4]) أم عثمان هي أروى بنت كريز ، وأم أمه هي البيضاء بنت عبد المطلب
([5]) أي عرصة الحرب ، وهى ساحتها . وفي ششرح النهج 1 : 485 : ومع أنا والله لا نفارق العرصة
([6]) في شرح النهج 1 : 485 : وليكن الثبات لله
([7]) في شرح النهج : على الثبات. وانظر لسان الميزان 4 : 367 . والحديث رواه السيوطي في الجامع الصغير 1 : 351 من رواية ابن عساكر عن عمر . وروى السيوطي أيضا نظيرا لهذا الحديث وهو : ( إنما يبعث الناس على نياتهم) . رواه ابن ماجه عن أبى هريرة .
([8]) وقعة صفين ص 239 ، شرح نهج البلاغة ج 5 ص 191
([9]) أي ابدأها مرة أخرى. وفي اللسان: وإذا طفئت حرب بين قوم فقال بعضهم إن شئتم أعدناها جذعة، أي أول ما يبتدأ فيها
([10]) وقعة صفين ص 480
([11]) وقعة صفين ص 313 ، شرح نهج البلاغة ج 5 ص 247
([12]) حلك الغراب : شدة سواده
([13]) وقعة صفين ص 238 ، شرح نهج البلاغة ج 5 ص 190
([14]) كذا ورد هذا الشعر على ما به من اضطراب ظاهر في الوزن وهو أشبه ما يكون بالنثر والتسجيع.
([15]) وقعة صفين ص 295 ، شرح نهج البلاغة ج 5 ص 230
([16]) هو عامر بن شراحيل الشعبى
([17]) نعل السيف : حديدة في أسفل غمده . وفي شرح النهج : نصل السيف.
([18]) هو أبرهة بن الصباح الحبشى ، أو الحميرى . ذكره ابن حجر في الإصابة
([19]) أي من أجمل من وجد من العرب، فلذا وحد الضمير ذهابا إلى المعنى. انظر اللسان (18 : 221 س 21 - 25 . وفي شرح النهج : وأكرمها وأبلغها
([20]) التؤام ، كغراب : جمع توأم
([21]) وقعة صفين ص 241 ، شرح نهج البلاغة ج 5 ص 193
([22]) الذي له عليهم من الحق هو وجوب طاعته وامحاض نصيحته والذي لهم عليه من الحق هو وجوب معدلته فيهم .
([23]) التواصف أن يصف بعضهم لبعض والتناصف أن ينصف بعضهم بعضا وانما كان الحق أجمل الاشياء في التواصف لانه يوصف بالحسن والوجوب وكل جميل وانما كان أوسعها في التناصف لان الناس لو تناصفوا في الحقوق لما ضاق عليهم امر من الامور وفي النهج والحق أوسع الاشياء في التواصف واضيقها في التناصف وهو أوضع ومعناه أن الناس كلهم يصفون الحق ولكن لا ينصف بعضهم بعضا وفي بعض النسخ التراصف موضع التواصف
([24]) أي انواعة المتغيرة المتوالية وفي بعض النسخ صروف قضائه
([25])) انما سمى جزاؤه تعالى على الطاعة كفارة لانه يكفر ما يزعمونه من ان طاعتهم له تعالى حق لهم عليه يستوجبون به الثواب مع انه ليس كذلك لان الحق له عليهم حيث اقدرهم على الطاعة والهمهم إياها ولهذا سماه التفضل والتطول والتوسع بالانعام الذي هو للمزيد منه أهل لانه الكريم الذي لا تنفد خزائنه بالاعطاء والجود تعالى مجده وتقدس وفي نهج البلاغة :وجعل جزاءهم عليه وعلى هذا فلا يحتاج إلى التكليف .
([26])أي جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله ، فحق الوالي وهو الطاعة من الرعية مقابل بمثله وهو العدل فيهم وحسن السيرة
([27])كما أن الوالي إذا لم يعدل لم يستحق الطاعة
([28])فانها سبب اجتماعهم به ويقهرون اعدائهم ويعز دينهم . وقوله : ( قواما ) أي به يقوم جريان الحق فيهم وبينهم
([29])في القاموس : ذل الطريق - بالكسر - : محجته . وامور الله جارية اذلالها وعلى أذلالها أي مجاريها جمع ذل - بالكسر
([30])الادغال : بكسر الهمزة - وهو أن يدخل في الشئ ما ليس منه وهو الابداع والتلبيس أو - بفتحها - جمع الدغل - بالتحريك - : الفساد
([31])قال البحراني : علل النفوس امراضها بملكات السوء كالغل والحسد والعدوات ونحوها و قيل : عللها وجوه ارتكابها للمنكرات فتأتي في كل منكر بوجه ورأي فاسد
([32])التأثيل : التأصيل ومجد مؤثل أي مجموع ذو أصل وفي النهج ( فعل ) مكان أثل . والتبعة ما يتبع اعمال العباد من العقاب وسوء العاقبة .
([33]) ولا لامرئ: يعني مع عدم الاستغناء عن الاستعانة وقوله: (خسئت به الامور) يقال: خسئت والكلب خسا طردته وخسأ الكلب بنفسه يتعدى ولا يتعدى. وقد تعدى بالباء أي طردته الامور أو يكون بالباء للسببية أي بعدت بسببه الامور . وفي بعض النسخ ( حست ) بالمهملتين أي اختبرته . واقتحمه : احتقره . وفي النهج ( ولا امرؤ وإن صغرته النفوس واقتحمته العيون ) . وقوله: ( بدون ما أن يعين )أي بأقل من أن يستعان به ويعان والحاصل أن الشريف والوضيع جميعا محتاجون في أداء الحقوق إلى اعانة بعضهم بعضا واستعانة بعضهم ببعض وكل من كانت النعمة عليه أعظم فاحتياجه في ذلك اكثر لان الحقوق عليه أوفر لازدياد الحقوق بحسب ازدياد النعم
([34]) سواء : بيان لقوله : (شرع ) وتأكيد وانما ذكره ( عليه السلام ) ذلك لئلا يتوهم أنهم يستغنون باعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالى بل هو الموفق والمعين لهم في جميع امورهم ولا يستغنون بشئ عن الله تعالى وانما كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم ويثيبهم على ذلك واقتضت حكمته البالغة أن يجري الاشياء بأسبابها وهو المسبب لها والقادر على امضائها بلا سبب
([35]) ابلاهم: انعمهم. من واجب حقه يعني من حق أمير المؤمنين ( عليه السلام )
([36]) اشار به إلى قوله تعالى: ( ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم ) أي يخفف عنهم ما كانوا به من التكاليف الشاقة
([37])) من الايتمار بمعنى المشاورة
([38]) أي الملك الذي اعطاك الله للامرة علينا وجعلنا خدمك وتبعك .
([39]) أي في العلم بأن تكون كلمة ( في ) تعليلية ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما دل عليه الكلام من اطاعته ( عليه السلام ) . والخطر : القدر والمنزلة .
([40])السخف : رقة العيش ورقة العقل والسخافة رقة كل شئ أي أضعف احوال الولاة عند الرعية أن يكونوا متهمين عندهم بهذا الخصلة المذمومة
([41]) جال - بالجيم - من الجولان - بالواو -. والاطراء: مجاوزة الحد في الثناء .
([42]) أي تواضعا له تعالى وفي بعض النسخ القديمة: ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتناهيت له أغنانا الله وإياكم عن تناول ما هو أحق به من التعاظم وحسن الثناء والتناهي : قبول النهي و الضمير في ( له ) راجع إلى الله تعالى وفي النهج كما في النسخ المشهورة
([43]) يقال : استحلاه أي وجده حلوا قال ابن ميثم رحمه الله : هذا يجري مجرى تمهيد العذر لمن اثنى عليه ، فكأنه يقول : وانت معذور في ذلك حيث رأيتني أجاهد في الله وأحث الناس على ذلك ومن عادة الناس أن يستهل الثناء عند من يبلو بلاءا حسنا في جهاد أو غيره من سائر الطاعات ثم أجاب ان هذا العذر في نفسه بقوله : (ولا تثنوا علي بجميل ثناء ) اي لا تثنوا علي لاجل ما ترونه مني من طاعة الله فان ذلك إنما هو اخراج لنفسي إلى الله من حقوقه الباقية علي لم افرغ بعد من ادائها وهي حقوق نعمه وفرائضه التي لا بد من المضي فيها وكذلك إليكم من الحقوق التي اوجبها الله علي من النصيحة في الدين والارشاد إلى الطريق الافضل والتعليم لكيفية سلوكه .
([44]) اي لاعترافي بين يدي الله وبمحضر منكم، ان علي حقوقا في ايالتكم ورياستي عليكم لم اقم بها بعد وارجو من الله القيام بها وفي بعض النسخ (من التقية ) يعني من ان يتقوني في مطالبة حقوق لكم لم افرغ من ادائها وعلى هذا يكون المراد بمستحلى الثناء الذين يثنيهم الناس اتقاء شرهم وخوفا من بأسهم
([45]) أهل البادرة الملوك والسلاطين . والبادرة : الحدة والكلام الذي يسبق من الانسان في الغضب اي لا تثنوا علي كما يثنى على اهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم أو لا تحتشموا مني كما يحتشم من السلاطين والامراء كترك المسارة والحديث اجلالا وخوفا منهم وترك مشاورتهم أو إعلامهم ببعض الامور والقيام بين أيديهم . والمصانعة : الرشوة والمداراة
([46]) هذا من قبيل هضم النفس، ليس بنفي العصمة مع ان الاستثناء يكفينا مؤونة ذلك . وقال المجلسي - رحمه الله - هذا من الانقطاع إلى الله والتواضع الباعث لهم على الانبساط معه بقول الحق وعد نفسه من المقصرين في مقام العبودية والاقرار بأن عصمته من نعمه تعالى عليه
([47]) أي من الجهالة وعدم العلم والمعرفة والكمالات التي يسرها الله تعالى لنا ببعثة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قال ابن ابي الحديد : ليس هذا اشارة إلى خاص نفسه ( عليه السلام ) لانه لم يكن كافرا فاسلم ولكنه كلام يقوله ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم في افناء الناس فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسعا
([48]) أي نعمته عندنا وافرة بحيث لا نستطيع كفرها وسترها أو لا يجوز كفرانها وترك شكرها.
([49]) برع في الشئ فاق أقرانه فيه
([50]) قال المجلسي - رحمه الله - : ( لم يكن ) على بناء المجهول من كننت الشئ : سترته . أو - بفتح الياء وكسر الكاف - من وكنت الطائر بيضه يكنه إذا حضنه وفي بعض النسخ ( لم يكن ) وفي النسخة القديمة ( لن يكون )
([51]) عال بالمهملة إشتد وتفاقم وغلبه وثقل عليه واهمه
([52]) الغصة - بالضم - : ما اعترض في الحلق وكذا الشجا . والمرزئة : المصيبة وكذا الفجيعة والضميران راجعان إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام )
([53])أي أشرف عليه والضمير في قوله : ( إليه ) راجع إلى الله تعالى
([54])) الجد : البحث والتفجع والتضرع
([55]) السكن - بالتحريك - : كل ما يسكن إليه وفي بعض النسخ ( يا ساكن البلاد ) .
([56]) أي كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الاخوان شفقة منك عليهم أو المراد الشفقة على الكفار والعصاة والاهتمام في هدايتهم ويحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره وكان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع
([57]) الفظاعة: الشناعة. وفظاعة تلك الخطرات: شناعتها وشدتها والغمرات الشدائد والمزدحمات
([58]) قال الجوهري: نعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة . وفي بعض النسخ ( بعد الجور ) بالمعجمة
([59])الثمال - بالكسر - : الملجأ والغياث وقيل : هو المطعم في الشدة . ( النهاية )
([60])) أي صار مداراتك وتأنيك وعدم مبادرتك في الحكم علينا بما نستحقه سببا لوسعة الحق علينا وعدم تضيق الامور بنا
([61]) في بعض النسخ ( تحريكه ) أي تغييره وصرفه
([62]) أي جعلناها في معرض المخاطرة والهلاك أو صيرناها خطرا ورهنا وعوضا لك قال الجزري: فيه: الاهل مشمر للجنة فان الجنة لا خطر لها . أي لا عوض لها ولا مثل . والخطر - بالتحريك - في الاصل : الرهن وما يخاطر عليه ومثل الشئ وعدله ولا يقال الا في الشئ الذي له قدر ومزية
([63])حاولك : أي قصدك . و (ناواك ) أي عاداك . وقوله : ( ولكنه ) أي الرب تعالى
([64])أي ذو عز وغلبة . وزاوله أي حاوله وطالبه .
([65])في بعض النسخ (بتفريح )
([66])الضميران راجعان إلى الشكر والذكر
([67])الرقيق : المملوك
([68])الكافي ج 8 ص 352
([69])في شرح النهج : (الأزدي )
([70])في القاموس : ( قناصرين) بالضم : موضع بالشام
([71])الحياص : العدول والهرب وفي شرح النهج 1 : 483 : فلا يجمل بنا
([72])في شرح النهج : رجلا مخدوعا م . وهو إشارة إلى حديث أبى ذر ، قال : إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف . انظر صحيح مسلم 2 : 85
([73])في شرح النهج : صدق فعله ما قال في خطبته
([74])وقعة صفين ص 236 ، شرح نهج البلاغة ج 5 ص 188
([75])اورد هذا المقطع في ج 27 ص 251
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|