أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2016
7670
التاريخ: 18-6-2022
1434
التاريخ: 2024-10-07
231
التاريخ: 2024-10-17
324
|
نتناول في هذا الموضوع التعريف القانوني للمبدأ ، وموقف الفقه القانوني من المبدأ ، ومن ثم تقييم امكانية رد استقرار المعاملات الى كونه مبدأً قانونياً ، وهذا سيكون مضمون الفروع الثلاثة الاتية .
الفرع الاول
التعريف القانوني للمبدأ
لا يوجد اتفاق في الفقه القانوني على تحديد المقصود من المبادئ القانونية العامة بل ان بعض الفقه يتجنب بيان المقصود منها وهو بصدد شرح هذه المبادئ ويكتفي بذكر بعض الامثلة عليها (1) .
وقد بدت المبادئ القانونية العامة وكأنها تستعصي على التعريف والتحديد ، حتى ان رأيا قال بضرورة تحاشي تعريفها ، وهو يعتقد ان المبادئ العامة يمكن التعرف عليها لا تعريفها ، اذ يمكن التعرف عليها عندما تقع مخالفة لها ، فان كان من الصعب تعريف المبدأ الاساس في احترام الملكية الخاصة ، الا انه يمكن التعرف على هذا المبدأ عند مصادرة الملكية دون مقابل وبطريقة تحكمية (2).
ويذهب رأي في الفقه الى ان المقصود بالمبدأ هو القواعد العامة للقانون ، فالمبدأ العام هو قاعدة القواعد القانونية ، بمعنى قابليتها للانطباق على قواعد قانونية اخرى ، بحيث تعد القواعد المذكورة تطبيقاً للمبدأ العام ، واذا اخذنا المبادئ العامة على هذا المعنى فأنها تصبح فكرة فنية المقصود منها وضع بناء منطقي متماسك للقواعد القانونية (3) .
وان عدم الاتفاق على تعريفها لم يمنع البعض من ذلك ، اذ عرف المبدأ بانه " فكرة عامة تصلح ان تكون اساساً لمجموعة من الحلول القانونية " ، ومثالها مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، والمبدأ القانوني بهذا المعنى يختلف عن القاعدة القانونية ، اذ يمثل الاساس الذي تؤسس عليه الحلول التي تتضمنها مجموعة من القواعد القانونية ، فالقاعدة القانونية قد تمثل التطبيق العملي للمبدأ (4).
ويعرفها اتجاه ثاني بانها " مجموعة من المبادىء التي تستخدم في توجيه النظام القانوني من حيث تطبيقه وتنميته ولو لم يكن لها دقة القواعد القانونية الوضعية وانضباطها " (5).
ويذهب رأي ثالث الى تعريفها بانها " تلك المبادىء التي يقضي بها العقل الانساني " ، مثل مبدأ عدم جواز التكليف بمستحيل ، ومبدأ من التزم بالضمان امتنع عليه التعرض ، ومبدأ ان الباطل لا ينتج اثر (6) .
والمبادئ القانونية اما ان تكون مكتوبة او غير مكتوبة ، فالمبادئ القانونية المكتوبة هي التي ينص عليها المشرع في متن القانون ، في حين تستقر المبادئ غير المكتوبة في ذهن وضمير الجماعة ، ولا تحتاج الى نص يقررها وهي تستند على المنطق وطبيعة الاشياء ، او العدالة او قواعد الاخلاق ، وكثير منها تحولت الى مبادئ قانونية مكتوبة عندما يتبناها المشرع ، وهو بصدد وضع التشريعات المختلفة ، ولا تعتبر المبادئ القانونية غير المكتوبة من مصادر القانون الرسمية ، لانها لا تخلق قواعد قانونية وضعية ، بل تسبق في وجودها خلق هذه القواعد لتوحي للمشرع ما ينبغي تقريره عند صياغة القواعد القانونية (7) .
وهذه المبادئ القانونية ، قيم قانونية مرنة ، تهدي الى حلول عادلة اذا احسن الاهتداء بها ، وكفاءة القاضي او رجل الادارة هي التي تسمو بتلك القواعد من عدمه (8).
ويفرق بعض من الفقه القانوني بين المبدأ القانوني والقاعدة القانونية ، ذلك ان القاعدة وان كانت عامة كالمبدأ ، الا ان صفة العمومية تختلف في القاعدة عنها في المبدأ ، فالقاعدة تكون عامة بمعنى قابلية للانطباق على حالات غير متناهية وغير محددة من الوقائع والاشخاص ، بخلاف المبدأ العام ، فانه يكون عاماً بمعنى قابليته للانطباق على قواعد قانونية اخرى ، بحيث تعد القواعد المذكورة تطبيقاً للمبدأ العام (9) . والقواعد القانونية هي ارشاد محدد يتعلق بانماط محددة من السلوك ، اما المبادئ فهي ارشادات اكثر غموضاً تشير الى الاعتبارات العامة التي يجب الاخذ بها عند الحكم القضائي (10).
الفرع الثاني
موقف الفقه القانوني من المبدأ
ان فكرة المبادئ العامة هي فكرة فنية المقصود منها وضع بناء منطقي متماسك للقواعد ، وتعطي توجيهات هامة ومرنة (11) .
ويقدم المبدأ فكرة عامة مشتركة بين مجموعة قواعد ترتبط بنظام معين يحكمه منطق واحد وتتحد مصادر قواعده (12).
ويمكن اظهار المبدأ عبر اللجوء الى النصوص العامة التي تصوغ مبادئ عامة يمكن ان تستوعب بسطور معدودة حالات متنوعة وتغطي مجالاً واسعاً ، فأنها اقل تعرضاً لخطر القصور ، الا ان ذلك سيؤدي الى ضعف في التحديد والدقة ، وازدياد في المفاهيم المرنة (13) . وقد تتعارض المبادئ فيما بينها (14) .
ويذهب رأي في الفقه الى انه لكي تستخلص المبدأ العام محل الاعتبار ، فانه يجب القيام بعملية تحليل مجردة ، هدف هذه العملية هو تحليل مجموعة من القواعد ، بهدف استبعاد الخصوصيات المتعلقة بكل قاعدة وتفصيلاتها ، والابقاء على ما تحتويه هذه القواعد من افكار او فكرة عامة ، هذه الفكرة هي التي تشكل الاساس المشترك للحلول المعطاة من قبل هذه القواعد والتي تمثل المبدأ (15) .
الفرع الثالث
تقييم المبدأ القانوني
ان مدى امكانية تأسيس استقرار المعاملات المالية على كونه مبدأ قانوني محل نظر ، وهذا ما يمكن ملاحظته عند تحديد نطاق كلاً منهما ، اذ ان نطاق المبدأ يختلف عن نطاق استقرار المعاملات المالية ، لا نه وان كان المبدأ اوسع واكبر من القاعدة القانونية ، وانه قد يوازي النظرية القانونية ، الا انه لا يساويها ، فالنظرية تشتمل على تطبيقات ، كنظرية العقد بصورة عامة وتطبيقاتها من العقود الوردة على الملكية ، والعقود الواردة على الانتفاع بالشيء ، والعقود الواردة على العمل .
في حين ان المبدأ يمثل فكرة عامة ، لا تحتوي على تطبيقات ، كمبدأ حسن النية في العقود ، لان نطاق المبدأ ينحصر في تنظيم حالة قانونية معينة ، او فكرة قانونية ما ، فضلاً عن المبدأ قد يعد قاعدة القواعد القانونية ، او هو ما يقضي به العقل الانساني .
اما نطاق استقرار المعاملات المالية ، فانه اوسع من نطاق المبدأ ولا يتناسب معه البتة ، لان نطاق الاستقرار ينبسط على كل مفردات القانون ، لذا فان استقرار المعاملات المالية اوسع واكبر من المبدأ القانوني ، وبالنتيجة فلا يمكن تأسيس الاستقرار على كونه مبدأ قانوني .
__________
1 - ينظر د. مالك دوهان الحسن ، المدخل لدراسة القانون – النظرية العامة للقاعدة القانونية ، الجزء الاول ، مطبعة الجامعة المستنصرية ، بغداد – العراق ، 1972 ، ص 20 .
2- هذا الرأي للفقيه ريبير ومشار اليه لدى د. سمير عبد السيد تناغو ، النظرية العامة للقانون ، منشأة المعارف ، الاسكندرية – مصر ، 1984 ص 254 .
3- ينظر د. سمير عبد السيد تناغو ، المصدر السابق ، ص 246 .
4- ينظر د. مالك دوهان الحسن ، المدخل لدراسة القانون ، مصدر سابق ، ص 20 .
5- هذا التعريف للفقيه بيسكاتوري مشار اليه لدى د. عبد الحي حجازي ، موجز النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام ، الجزء الاول ، المطبعة العالمية ، مصر ، 1950 ، ص 493 .
6- ينظر د. عبد المجيد الحكيم ، الوسيط في نظرية العقد – انعقاد العقد – اركان العقد ، شركة الطبع والنشر الاهلية ، بغداد – العراق ، 1967 ، ص 476 وما بعدها .
7- ينظر د. سمير عبد السيد تناغو ، المصدر السابق ، ص 258 – 259 .
8-ينظر فارس حامد عبد الكريم العجرش ، فكرة المعيار في القانون وتطبيقاتها في القانون – دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير في القانون الخاص مقدمة الى كلية القانون - جامعة بغداد ، 2001 . د.محمد صديق محمد عبد الله ، موضوعية الارادة التعاقدية ، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق / جامعة الموصل ، 2010 ، ص 127
9- ينظر د. عبد الحي حجازي ، موجز النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام ، مصدر سابق ، ص 493 . وينظر كذلك د. سمير تناغو ، النظرية العامة للقانون ، مصدر سابق ، ص 246 .
10- ينظر د. محمد نور فرحات ، الفكر القانوني والواقع الاجتماعي ، القاهرة ، بدون دار نشر ، 1981 ، ص 170 .
11- ينظر د. عبد الحي حجازي ، موجز النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام ، مصدر سابق ، ص 147 .
12- ينظر د. نبيل اسماعيل عمر ، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية – مصر ، 1984 ، ص 147 .
13- ينظر د. منذر الشاوي ، فلسفة القانون ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان – الاردن ، 1999، ص 223 .
14 - من المبادىء المقبولة والتي قد تتعارض بعضها مع البعض الاخر ، فمبدأ ان الباطل لا اثر له او لا ينتج اثراً يعارضه مبدأ الاعتداد بالاثار التي لا يمكن محوها ، كاثار عقد الشركة الباطل الذي يولد شركة فعلية . لمزيد من التفصيل ينظر د. سمير عبد السيد تناغو ، المصدر السابق ، 246 – 247 .
15 - هذا الرأي للفقيه جيني ومشار اليه لدى د. نبيل اسماعيل عمر ، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية – مصر ، 1984 ، ص 150 – 151 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|