أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-12-2021
4883
التاريخ: 5-4-2016
3041
التاريخ: 30-11-2021
3365
التاريخ: 17/9/2022
2140
|
المال المادي هو كل شيء ملموس له قيمة مالية ووجود مستقل عن وجود الإنسان ويمكن حيازته وتملكه والتعامل والانتفاع به ماديا، والمال المادي يقسم إلى تقسيمات مختلفة، ولكننا سوف نقصر بحثنا على تقسيم الأموال المادية إلى (عقار ومنقول) و (أموال ذات طبيعة خاصة) وبيان القانون الواجب تطبيقه على النزاع المتولد من ذلك مبتدئين بالعقار.
أولا- القانون الذي يحكم العقار:
عرفت المادة (58) من القانون المدني الأردني العقار بأنه: (كل شيء مستقر بحيز ثابت لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير هيئته وكل ما عدا ذلك فهو منقول)، مثل الأرض وما يتصل بها من أشياء اتصال قرار وثبات من بنايات وجسور وسدود وغراس، ولذلك عندما يكون المال عقارا لا يمكن حصول أي خلاف بخصوص تحديد موقعه لأنه ثابت. و وتترتب على تقسيم الأشياء إلى منقول وعقار نتائج قانونية مهمة، أهمها خضوع العقار وأي تصرف فيه القانون وقضاء موقعه في تشريعات معظم الدول الأوروبية والعربية الاعتبارات سياسية وقومية واقتصادية وأمنية عديدة أهمها ما يلي:
أ- الأرض وما يتصل بها من عقارات جزء لا يتجزأ من التراب الوطني (الإقليم) الذي هو عنصر اساس من عناصر الدولة لاتصاله بصميم السيادة. فالأرض التي يتكون منها إقليم الدولة فيها مستقر لجماعتها على وجه الدوام وتستمد منها عناصر مقوماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية وتمارس سلطانها على الأشخاص والأموال فيها. فلا يمكن لأكثر من دولة واحدة أن تمارس السيادة على جزء من ارض واحدة، لأن ذلك يؤدي إلى إصدار أوامر وقرارات متناقضة إلى الأفراد، والفرد لا يمكن أن يطيع سوى أوامر دولته. وعليه لا مجال لتصور قبول أية دولة خضوع جزء من ترابها الوطني لقوانين أجنبية.
ب- خضوع العقار القانون موقعه يوفر الفائدة لجميع الناس من حيث الإشهار والعلنية فيكونون على بينة من القواعد القانونية المتعلقة به قبل إقدامهم على إبرام أي تصرف قانوني متعلق به.
ج- خضوع العقار القانون موقعه يؤمن استقرار المعاملات وتوحيد وتماثل الحلول والأحكام بين الدول المختلفة، لأنه يؤدي إلى تطبيق قاعدة واحدة عليه في جميع الدول.
د- خضوع العقار القانون موقعه يوفر الجهد والنفقات والوقت لأطراف النزاع عند التقاضي ويسهل على المحكمة المختصة تحقيق العدالة وسرعة إجراءات وضع اليد والكشف وتقدير القيمة في حسم النزاع بالنظر لقربها من العقار موضوع النزاع وتوافر كافة المعلومات عنه لديها. خضوع العقار القانون موقعه يؤمن للدولة حماية اقتصادها القومي والمحافظة على ثروتها الوطنية، لأن العقار يعتبر منذ أقدم العصور مالا نفيسا وعنصرا هاما من عناصر الثروة القومية والوطنية في الدولة، خاصة الأراضي الزراعية. وهذه الحماية لا يحققها إلا قانون موقعه باعتباره أقدر على تحقيق المصلحة القومية والوطنية وتأمين الاستقرار في اقتصاد الدولة وثباته والمحافظة عليه(1).
فلهذه الأسباب لا تقبل غالبية الدول إخضاع العقارات الكائنة في إقليمها لقوانين أجنبية وتعطي الاختصاص فيها القانون موقعها(2)، ومنها المملكة الأردنية الهاشمية، حيث تنص المادة (19) من القانون المدني على أن: (يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون الموقع فيما يختص بالعقار).
وتكييف طبيعة المال من حيث كونه منقولا أو غير منقول يخضع في القانون الأردني القانون موقع المال أيضا رغم عدم ورود استثناء بذلك في المادة (11) الأنف الذكر التي تعطي الاختصاص في التكييف للقانون الأردني، باعتبار أن إعطاء الاختصاص في وصف المال لتحديد ما إذا كان عقارا أو منقولا إلى قانون الدولة التي يوجد فيها هذا المال أصبح من المبادئ العامة والشائعة في القانون الدولي الخاص، وما شاع وانتشر دوليا يعمل به حتى في حالة عدم وجود نص تطبيقا لقاعدة الإسناد في المادة (25) من القانون المدني التي تنص على أن: (تتبع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لم يرد في شأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين).
تبقى هناك مسألة مهمة تثير المناقشة والتساؤل بصدد القانون المختص الذي يحكم الأهلية اللازمة للتصرف في العقار، هل هو قانون موقع العقار أم القانون الشخصي للمتصرف؟ فمثلا لو قام عراقي الجنسية ببيع عقار له موجود في الأردن هل تحدد أهلية هذا العراقي اللازمة لصحة البيع وفقا للقانون العراقي أم القانون الأردني؟.
و يذهب بعض القوانين، كالقانون الإنكليزي والأمريكي والتركي إلى أن أهلية الشخص للتصرف في العقار تحدد وفقا لقانون موقع العقار، بينما يذهب القانون الأردني والعراقي والمصري إلى تحديد الأهلية بصورة عامة وفقا لقانون الجنسية ما لم يوجد نص في قانون خاص أو معاهدة دولية نافذة تقضي بغير ذلك، وهذا ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون المدني الأردني بقولها: (يسري على الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم. ومع ذلك ففي التصرفات التي تعقد في المملكة الأردنية الهاشمية وتترتب آثارها فيها إذا كان أحد الطرفين اجنبيا ناقص الأهلية وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه، فإن هذا السبب لا يؤثر في أهليته).
ثانيا- القانون الذي يحكم الأموال المنقولة: من الأموال المنقولة هي التي يمكن نقلها من مكان إلى آخر دون تلف فيها أو تغيير في هيئتها، كالسيارة والمنضدة و الكرسي والقلم والكتاب، فلاي قانون يخضع التنازع الذي يحصل بسببها؟.
قبل كل شيء لا بد من الإشارة إلى أن قانون موقع المال هو الذي يبين كون المال منقولا او غير منقول. أما بصدد القانون الواجب تطبيقه على التنازع المتولد من التصرف في الأموال المنقولة، فقد اختلفت الآراء الفقهية وظهرت عدة نظريات بشأن ذلك كالآتي:
1- نظرية قانون مكان إبرام عقد التصرف في المنقول: وتذهب إلى أن أي نزاع في الأموال المنقولة يخضع لقانون البلد الذي أبرم فيه العقد المتعلق بموضوع النزاع. وقد ,انتقدت هذه النظرية على اساس انها تصلح لبعض الأموال المنقولة، مثل الأوراق التجارية ولا تصلح لبعض الأموال المنقولة الأخرى. فمثلا إذا وهب أردني ساعته إلى عراقي في بغداد، فهل من مبرر لتطبيق القانون العراقي على أي نزاع يثور بشأن هذه الهبة. ولذلك أخذ المشرع الأردني بهذه النظرية بالنسبة للأهلية اللازمة للالتزام بسند السحب فقط بقوله في الفقرة الثانية من المادة (130) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966: (يرجع في تحديد اهلية الشخص الملتزم بمقتضى سند السحب إلى قانون بلده، ومع ذلك إذا التزم شخص بمقتضى سند سحب وتوافرت فيه أهلية الالتزام به وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه هذا الالتزام كان التزامه صحيحا ولو كانت لا تتوافر
فيه هذه الأهلية وفقا لقانون بلده).
2- نظرية قانون الموطن: وتذهب إلى أن حقوق الشخص في الأموال المنقولة يجب أن يحكمها قانون الموطن، لأن المنقولات يفترض وجودها مع مالكها في محل إقامته المعتادة، وقد وصفت هذه النظرية بأنها غير عملية وتخالف العدالة وما يتوقعه الأطراف في معاملاتهم وتضر بحقوق الشخص الثالث. لأن المشكلة تكمن في اختيار قانون أي موطن؟ موطن المدعي او موطن المدعي عليه؟ وإذا طبق قانون موطن أحدهما، فإن الحكم سوف يختلف تبعا إلى من سعي أولا لرفع الدعوى، ولذلك عندما كان يؤخذ بهذه النظرية في إنكلترا وأمريكا قديما اقتصر تطبيقها على بعض الأمور المحددة، مثل الارث(3).
3- نظرية القانون الأكثر ملامة: وتذهب إلى ضرورة حكم الأموال المنقولة بالقانون الأنسب المتمثل في قانون الدولة الأكثر علاقة بهذه الأموال. وانتقدت هذه النظرية ايضا لصعوبة تحديد الدولة الأكثر علاقة بالمال المنقول بالنظر لقابلية انتقاله المفاجئ والسريع بين أقاليم الدول المختلفة.
4 - نظرية قانون مكان وجود المال: وتذهب إلى ضرورة حكم الأموال المنقولة بقانون محل وجودها. لأن هذا الحل يتفق مع توقعات كل شخص متوسط الحرص، حيث يتوقع الإنسان خضوع التصرف في المال المنقول القانون محل وجوده. فلو تنازع (احمد) و (محمد) على أموال منقولة موجودة في عمان ثم نقل (محمد) هذه الأموال إلى (حسن) في بيروت، فإن النزاع عليها بين (احمد) و (محمد) يحكمه القانون الأردني، والنزاع عليها بين (محمد) و (حسن) يحكمه القانون اللبناني.
وترجح هذه النظرية على غيرها خاصة عند اختلاف جنسية وموطن اطراف العلاقة، لأنها تؤمن الضمان والاطمئنان والاستقرار في المعاملات الدولية الخاصة بالأموال المنقولة، وقد أخذ بها القانون المدني الأردني في الشق الثاني من المادة (19) منه الذي ينص على أن: (... ويسري بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها)
فقانون المكان الذي يوجد فيه المال المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب علينه كسب حيازته أو ملكيته أو أية حقوق عينية أخرى فيه أو فقدها هو الواجب تطبيقه عليه، سواء أكان هذا القانون هو قانون القاضي ام قانون دولة أخرى، من حيث أسباب حيازته واكتساب ملكيته بالاستيلاء أو بالالتصاق أو بالعقد أو بحكم القانون، وهكذا الأمر بالنسبة الانقضاء ملكيته. إلا أنه إذا كان سبب الاكتساب هو الميراث أو الوصية، فإن مجال تطبيق قانون محل وجود المال ينحصر في الأثر الناقل لملكية الأموال الموجودة في التركة والأموال الموصى بها، أما الميراث والوصية ذاتهما، فيحكمهما من حيث الموضوع القانون الذي تحدده قاعدة الإسناد الخاصة بهما، أي قانون المورث أو الموصي وقت موته بمقتضی المادة (18/1 ) . أما الأهلية اللازمة في التصرف المتعلق بالمنقول، فيحكمها قانون الجنسية، ويخضع شكل التصرف فيه لقانون مكان إجراء التصرف(4).
وقد انتقدت نظرية قانون موقع المال المنقول ايضا على اساس انها لم تلتفت إلي الصعوبات التي قد تنشأ من جراء تغير مكان وجود المال المنقول عند تحديد القانون الإقليمي الذي يحكمه على وجه الدقة. إذ قد يتغير مكان وجود المال المنقول بصورة سريعة ومتعاقبة مما يؤدي إلى اختلاف الأحكام التي يجب تطبيقها عليه بحسب اختلاف القوانين من دولة إلى أخرى، فينشأ من ذلك التنازع بین قانون الموقع الأول للمال وقانون موقعه الثاني والثالث. فمثلا بمقتضى المادة (485/1) من القانون المدني الأردني تنتقل ملكية المبيع في المنقول إلى المشتري بمجرد تمام البيع بالتراضي ولو قبل تسليم المبيع ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك. بينما تشترط المادة (687) من القانون المدني التركي التسليم الانتقال ملكية المبيع في المال المنقول(5) .
فإذا قام شخص ببيع مال منقول له في تركيا وقبض ثمنه ولكنه لم يسلم المبيع وجاء به إلى الأردن وباعه لشخص أخر وقبض منه الثمن وسلمه المبيع، فهل يحق للمشتري الأول في تركيا أن يقيم دعوى استرداد المال المباع من المشتري الثاني في الأردن وبمقتضى أي قانون؟
يرى البعض وجوب تطبيق قانون القاضي المرفوع إليه النزاع، وآخرون يرون ضرورة تطبيق قانون المكان الذي اكتسب فيه الحق بترتب السبب الناقل للملكية. لأن تطبيقه يؤدي إلى احترام الحقوق المكتسبة، فلا يستطيع البائع التخلص من البيع الثاني محتجا بالبيع الأول الذي لا يعتبر صحيحا مستوفيا كل عناصره كحق مكتسب في القانون الدولي الخاص، لعدم تحقق شرط تسليم المبيع في عقد البيع وبالتالي لا يحق للمشتري الأول في تركيا مطالبة المشتري الثاني في الأردن باسترداد المال محل البيع لأن ملكيته قد انتقلت إلى المشتري الثاني في الأردن وفقا للقانون الأردني الذي يجب تطبيقه على النزاع باعتباره قانونا لأول مكان تحقق فيه السبب الناقل للملكية بصورة صحيحة واكتسب الحق بموجبه
ثالثا- القانون الذي يحكم الأموال ذات الطبيعة الخاصة:
هناك بعض الأموال المنقولة التي لها طبيعة خاصة وتتميز بالتنقل والحركة وارتفاع الثمن ولها أهمية اقتصادية خاصة في الدولة، فتثور الصعوبة في تحديد موقعها
عندما يراد إعطاء الاختصاص في نزاعها لقانون محل وجودها، مثل وسائط النقل من بواخر وطائرات وقطارات وبضائع عابرة مشحونة على متنها ... إلخ.
ولذلك لا بد من شرح أحكام هذه الأموال بشيء من الإفاضة مبتدئين بالسفينة.
أ- القانون الذي يحكم السفينة:
لو نظرنا إلى التعريف الذي أوردته المادة (58) من القانون المدني الأردني للمنال المنقول لوجدنا أن السفينة تعد مالا منقولا، لأنه يمكن نقلها من مكان إلى آخر دون تلفي فيها أو تغيير في هيئتها، ولكنها ذات طبيعة خاصة. لأنها معدة للسير في مياه قد تكون تابعة لسيادة دولة أجنبية أو تكون مياها حرة في أعالي البحار غير خاضعة لسيدة أية دولة، وتنقل الأشخاص والبضائع إلى البلدان المختلفة، وتعمل في أكثر الأوقات خارج إقليم دولة مالكها وبعيدا عن رقابته وإشرافه وسيطرته(6) فأي قانون يحكم التصرف في السفينة ذاتها والوقائع التي تقع على متنها؟
تخضع السفينة النظام الأموال الغير المنقولة من حيث طرق انتقال ملكيتها بالبيع والإرث والوصية والهبة ورهنها بالنظر إلى أهميتها الاقتصادية التي تضاهي الأهمية الاقتصادية للعقارات، فيكون القانون الواجب تطبيقه على التصرف فيها هو قانون دولة الميناء الذي تم تسجيلها فيه. أي قانون دولة التسجيل، وقد أخذ بهذا المبدا قانون معظم دول العالم وأقرته معاهدة بروكسل لسنة 1926م ومعاهدة جنيف لعام 1958م(7).
وترجيح تطبيق قانون دولة التسجيل يعود إلى أن السفينة عندما تسجل في ميناء دولة معينة فإنها تعتبر جزءا من إقليم تلك الدولة وتخضع لقانونها اينما وجدت، ولذلك تنص المادة (7/2-أ) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960م على أن: (تشمل أراضي المملكة طبقة الهواء التي تغطيها، والبحر الإقليمي إلى مسافة خمسة كيلومترات من الشاطئ، والمدى الجوي الذي يغطي البحر الإقليمي، والسفن والمركبات الهوائية الأردنية).
وهناك من يبرر تطبيق قانون دولة التسجيل على اعتبار أن البلد الذي تم تسجيل السفينة فيه والذي بموجبه رفعت علمه هو محل الوصول النهائي لها، أي المكان النهائي الذي تركن إليه وتستقر فيه هذه السفينة بعد طوافها في ارجاء العالم، فلذلك يجب أن تخضع القانون هذا المكان.
وهناك من يرى أن قانون البلد الذي تحمل السفينة علمه يمتد ويصبح واجب التطبيق على جميع التصرفات فيها.
وبالنسبة لتحديد الاختصاص التشريعي في الوقائع التي تظهر على ظهر السفينة، فإن قانون جنسيتها المتمثل في قانون دولة التسجيل هو الذي يحكمها أيضا على أساس أن السفينة جزء متنقل من إقليم الدولة التي تحمل جنسيتها طبقا للفقرة (2-أ) من المادة (7) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 التي تعد السفينة الأردنية جزءا من أراضي المملكة، والفقرة (2) من المادة (8) منه التي تعد السفينة الأجنبية جزءا من إقليم الدولة التي تتمتع بجنسيتها بقولها: (لا يسري القانون الأردني على الجرائم المقترفة في البحر الإقليمي الأردني او في المدى الجوي الذي يغطيه على متن سفينة او مركبة هوائية أجنبية إذا لم تتجاوز الجريمة شفير السفينة أو المركبة الهوائية).
. فبالنسبة لحل تنازع القوانين الذي يحصل بسبب استغلال السفينة وملاحتها والوقائع التي تقع على متنها والعقود العادية التي تبرم بداخلها تخضع لقانون الدولة التي تتمتع بجنسيتها، سواء أكانت موجودة في مياه حرة أو في مياه إقليمية لدولة أجنبية أو في مياه إقليمية لدولتها.
ويرى الدكتور مصطفى كمال طه بأن قانون العلم هو الذي يسري على عقد العمل البحري المبرم على السفينة، وعلى المنازعات المتعلقة بمباشرة حقوق الامتياز البحرية وانقضائها، وهو راي لا نؤيده وئری لزوم تطبيق قانون جنسية السفينة المتمثل في قانون بلد تسجيلها أيضا، لأن السفن قد ترفع في رحلاتها المستأجرة علم دولة غير الدولة التي تتمتع بجنسيتها(8).
ب- القانون الذي يحكم الطائرات
تعتبر الطائرة من الأموال المنقولة ذات الطبيعة الخاصة أيضا وتتميز کالسفينة عن الأموال المنقولة العادية بتمتعها بما يشبه الشخصية الحكمية وخضوعها لنظام الأموال غير المنقولة من حيث طرق انتقال ملكيتها ورهنها، ويحكمها في كل ذلك قانون الدولة التي تحمل جنسيتها. لأن تنظيم وترتيب الحقوق المتعلقة بالطائرات وتثبيتها والمحافظة عليها يتطلب تطبيق قانون واحد عليها في كل الأوقات وهذا لا يتحقق بتطبيق قانون الموقع الوقتي للطائرة، لأن هذا الموقع يتغير بتغير الاقاليم التي تمر بها في طيرانها السريع ورحلاتها المتعددة (9).
, فحسب الرأي الغالب والمرجح أن قانون الدولة التي تتمتع الطائرة بجنسيتها هو الواجب تطبيقه، لأنه يحقق الغرض المذكور للاعتبارات التي ذكرناها بشأن تطبيق قانون دولة التسجيل بالنسبة للسفينة. علما أن استغلال الطائرة في رحلاتها والقانون الواجب تطبيقه بشأن ذلك قد عالجته اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية شيكاغو واتفاقية توكيو واتفاقية مونتريال.
وكذلك يطبق قانون الدولة التي تتمتع الطائرة بجنسيتها على الأفعال الضارة التي تحصل على متنها أثناء طيرانها اينما وجدت. ويطبق قانون جنسية الطائرة أيضا على التصرفات القانونية التي تبرم بداخلها، إلا إذا كانت مبادئ القانون الدولي الخاص المسلم بها تقضي بغير ذلك أو إذا اختار أطراف النزاع تطبيق قانون أخر. لأن الطائرة تعتبر أيضا جزءا من إقليم الدولة التي تحمل جنسيتها كما يفهم من المادتين (7و 8) من قانون العقوبات الأردني.
أما وسائل النقل الأخرى كالسيارات والعربات، فالبعض يخضعها لقانون البلد الذي تم تسجيلها فيه، وإن لم تكن مسجلة في بلد معين، فهي تخضع لقانون موقعها الفعلي حينئذ. والبعض الآخر يخضعها بصورة عامة لقانون موقعها الفعلي إذا كان هذا الموقع محددا.
أما إذا لم يكن هذا الموقع محددا، فتخضع لقانون البلد الذي سينتهي المطاف إليه. أي قانون البلد الذي توجد فيه مؤسسة النقل التي تعود لها هذه الوسائط باعتبار أن محل وجود هذه المؤسسة هو محل الوصول النهائي لها، ونحن بدورنا نؤيد هذا الرأي أما السكك الحديدية فهي على الغالب تنظمها اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية برن السنة 1890 (10)
ج- القانون الذي يحكم البضائع المشحونة:
وهي البضائع المصدرة والمشحونة على ظهر واسطة نقل تركت محل بلد المنشأ متوجهة إلى البلد المرسلة إليه. فهذه البضائع قد يثور النزاع بشأنها أثناء الرحلة إلى بلد الوصول، مما يجب تحديد القانون الواجب تطبيقه على هذا النزاع. فلاي قانون يخضع مثل هذا النزاع؟ . لقد قيلت عدة آراء بشأن القانون الواجب تطبيقه كالآتي:
1- إذا كان محل البضاعة معلوما و محددا وقت حصول النزاع بشأنها، كان تكون البضاعة موجودة على أرصفة المحطة أو الميناء أو المطار أو داخل عربات السكك في المحطة أو في مبنى المطار في البلد المصدر قبل انطلاقها إلى البلد المستورد، فإن النزاع يخضع بطبيعة الحال لقانون موقعها المعلوم هذاأما إذا كانت قد تحركت من ميناء الشحن في طريقها إلى ميناء الوصول عبر أقاليم دولة متعددة، فإن النزاع فيها يخضع لقانون البلد المرسلة إليه، لأن هذا البلد يعتبر نهاية المطاف بالنسبة لهذه البضاعة وقانونه يعتبر قانون الموقع النهائي لها. ومما يلاحظ أن هذا القانون قابل للتغير عندما تؤمر الباخرة بتغيير اتجاهها أثناء النقل إلى دولة اخرى مثلا، بسبب طاری، كحوادث العطب في واسطة النقل واضطرار الناقل إلى تفريغ البضاعة المنقولة في محل حدوث العطب(11)
2- وذهب آخرون إلى إخضاعها لقانون البلد الذي تم تسجيل واسطة النقل فيه إن كانت . مسجلة وإخضاعها لقانون البلد المرسلة إليه إن كانت واسطة النقل غير مسجلة.
___________
1- نظر مؤلفنا - المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني - الطبعة الثالثة - مطبعة الروزانا- إربد / 1995 ص7 ومؤلفنا - القانون الدولي الخاص " الجنسية والمركز القانوني للأجانب وأحكامها في القانون العراقي " المرجع السابق ، ص 26 ومؤلفنا- مذكرات في مبادئ العلوم السياسية الجزء الأول " ص 47، وما بعدها والدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ – القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن - مطبعة الحكومة - بغداد / 1972 - ص 304 .
2- ولهذه الأسباب أيضا لا تبيح قوانين بعض الدول الأجنبي تملك العقارات فيها إلا ببعض القيود، كاشتراط مبدأ المقابلة بالمثل وتحديد المقدار المسموح تملكه وضرورة استحصال إذن مسبق بذلك، كما في العراق والسعودية والعويد. وهناك دول أخرى تمنع تملك الأجنبي لنوع معين من العقارات فيها محافظة على الثروة الوطنية والاقتصاد القومي، كالأراضي الزراعية في مصر والعراق ورومانيا والأردن.
3- النظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ - المرجع السابق - ص 308 .
4- انظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ - المرجع السابق - ص 309 ولدكتور حسن الهداوي و الدكتور غالب الداودي -القانون الدولي الخاص - القسم الثاني - تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية مطابع مديرية دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل / 1982 - ص 133.
5- وهذا ما أخذ به القانون المالي والسويسري (انظر 288 , Prof . Dr . Osman Berki , st
6- انظر مؤلقنا - المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني، الطبعة الثالثة المرجع السابق - ص 271 .
7- انظر الدكتور ثروت علي عبد الرحيم - القانون البحري العراقي الجزء الأول- مطبعة حداد - البصرة 1969 ص8 وما بعدها و 2 .
Dr . Omer Than Akipek , Devletler Hukuku Ilcinci Kitap Basi. Ankara/ 1965. sf. 40.
8- نظر الدكتور مصطفی کمال طه- مبادئ القانون البحري - الطبعة الثالثة - الدار الجامعية - ص 50 , ومؤلفنا - القانون الدولي الخاص الأردني - الكتاب الثاني في الجنسية - المرجع السابق - ص 174 وما بعدها.
9- النظر الدكتور مرتضى نصر الله - مبادى القانون الدولي الخاص التجاري - مطبعة النعمان النجف الأشرف / 1962- ص 190 .
10- المرجع السابق - ص 192
11- انظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ- المرجع السابق - ص 311 والدكتور مرتضى نصر الله " المرجع السابق - ص 187 والدكتور حسن الهداوي والدكتور غالب الداودي - المرجع السابق - ص 138
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|